; البيرة مشروب غير صحي مسكر محرم | مجلة المجتمع

العنوان البيرة مشروب غير صحي مسكر محرم

الكاتب مجلة المجتمع

تاريخ النشر الثلاثاء 22-سبتمبر-1970

مشاهدات 18

نشر في العدد 28

نشر في الصفحة 22

الثلاثاء 22-سبتمبر-1970

(ملخص لمقالة الدكتور محمود ناظم نسيمي التي نشرت في مجلة حضارة الإسلام)

 

 

إجماع الآراء على أضرار البيرة بالصحة والنفس.

حتى رجال السياسة والقانون يعترضون على شرب البيرة.

 

يَدَّعي كثيرون ممن يشربون البيرة أنها مشروب صحي تفيد في مداواة وطرح الرمال الكلوية بإدرار البول الذي تحدثه، ويَدَّعي آخرون أن البيرة مشروب غير ضار ولا محرم؛ لأنها لا تسكر بالكأس أو الكأسين. ولقد انتشر استعمال البيرة كثيرًا في البلاد الأوروبية والأمريكية، حتى أضحى تجرعها جزءًا من الحياة اليومية، تُرْتَشَفُ بدل الماء مع كل طعام، وتطْلَب في النزهات، وتؤخذ بدون مناسبات، ولقد سرت تلك العادة الذميمة في بقية بلاد العالم، ومنها بلادنا العربية والإسلامية!

صنع البيرة وتركيبها:

يُتْرَكُ الشعير أولًا في مكان رطب طَلق الهواء، حرارته بين (18- 34) درجة؛ لينتعش وتحصل فيه خميرة خاصة تقنن نشاه، أي: تقلبه إلى نشوين وسكر الشعير وكلاهما منحل في الماء، وبعد نحو ثمانية أيام يوقف هذا الإنتاش بالحرارة (بدرجة 80)، ويكون هذا الشعير مهيَّأ لصنع البيرة، فيجرش وينقع في ماء درجته (60) لتنحل خمائره وتفعل في النشوين وسكر الشعير وتقلبهما إلى سكر العنب الذي يمكن اختماره اختمارًا غوليًا، ثم تغلي هذه النقاعة ويضاف إليها شيء من حشيشة الدينا لتعطير البيرة. وعندئذ تترك للاختمار الغولي بواسطة خميرة البيرة وغيرها، فتقلب سكر العنب إلى غول أه تيلي وحمض الفحم.

البيرة مسكرة، ولا توجد بيرة بدون غول:

البيرة الخفيفة تحتوي على 2- 3 % من الغول، والبيرة القوية تحتوي على 6 لـ 7%، والخمر الطبيعية تحتوي على مقدار من الغول يتراوح بين 8- 10 % ولا يزيد على 17 %، فكأس من الخمر يعادلها تقريبًا كأس ونصف من البيرة القوية. وبهذا يتضح أنه لا توجد بيرة بدون غول.

أضرار البيرة بصحة الإنسان:

1- تأثير الغول إذا أُخِذَ بمقدار قليل أن الغول في أية حال كان، أي: في الخمر أو البيرة أو غيرهما مؤثر في جهاز الهضم، ينبه الإفراز، ويحرض على الهضم إذا أُخِذَ على الجوع بمقدار قليل، أما إن أُخِذَ بعد الشبع كان مانعًا لسير الهضم، وخاصة إذا كان شديد الكثافة.

أما عن تأثيره في الجملة العصبية، فإن الغول مادة مخدرة إذا ما استقرت في الجملة العصبية، وأنها كذلك مخرشة كاوية، كما أن للغول الضار تأثيرًا واضحًا في أعمال العقل والتفكير، وكذلك في الحالات النفسية، فإن الشخص المدمن يصبح كثير التخدش، ضيق الخلق، ويظهر فيه حب المشاحنة والاعتداء.

2- ما يثبت في الطب ولعلماء الصحة وأضرار البيرة بالذات، يقول الدكتور أحمد الخياط: إن الجعة «البيرة» لا تروي ظمأ، مثقلة للروح، وقد تؤدي بمن يستعملها كثيرًا إلى التهاب المثانة، وتوسع المعدة، والنقرس، والسمن، ثم التهاب الكلى. وتُغَشُّ الجعة بإضافة بعض النباتات المرة الكثيرة الأنواع بدل حشيشة الدينا، كالجوز المقئ والصبر والحنظل والسورنجان أو اللحلاح وبعض المواد الكيماوية المرة. وقد أدركت إنجلترا وأمريكا مقدار الضرر البالغ الذي يسببه تعاطي الناس للبيرة، فارتفعت صيحات المصلحين والصحف تحارب هذا الخطر، مؤكدين أن أضرار البيرة فاقت غيرها من الأضرار، فشرب البيرة وغيرها من المشروبات الغولية تؤذي كبد الإنسان، وينتهي الإدمان عليها بإصابة وظائف الكبد إصابة جسيمة تنتهي بتسمم الكبد عاجلًا أم آجلًا، ولا يمكن أن تكون صحة المرء سليمة إذا كانت الكبد سقيمة، وشرب البيرة يؤدي إلى احتقانها وانسدادها.

المنافع المنسوبة إلى البيرة موجودة في كثير من المباحات:

إن فائدة إدرار البول التي يَتَسَتَّرُ بها بعض شاربي البيرة موجودة، بشكل كبير في كثير من المباحات التي لا تؤذي متناولها بل تفيده وتنفعه، منها: عرق السوس ومناقيع أجزاء النبات المحتوية على أملاح البوتاس المنبهة لخلايا الكبب الكلوية، كمنقوع أذناب الكرز، ومنقوع جذامير النجيل، ومنقوع مياسم الذرة، ومنقوع جذور الهليون والشمر، والبقدونس، والكرفس، والبهشية. وهناك سكريات مدرة، مثل: عصير العنب، ومحلول العسل المُنَقَّى 5غ في 20 سم.

البيرة محرمة شرعًا بمقدارها القليل والكثير: -

١ - أدلة تحريم كل مسكر:
 حرم الله الخمر تحريمًا قاطعًا بقوله: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنصَابُ وَالْأَزْلَامُ رِجْسٌ مِّنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ﴾ (المائدة: ٩).

ثم مضت السنة المطهرة على تحريم كل مشروب له خاصة الإسكار، فعن عائشة -رضي الله عنها- قالت: «سئل رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عن البتع وعن نبيذ العسل، فقال: كل شراب أسكر فهو حرام».

وعن ابن عمر -رضي الله عنهما- أنه قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- : «كل مسكر خمر، وكل مسكر حرام، ومن شرب الخمر في الدنيا فمات وهو يدمنها لم يتب، لم يشربها في الآخرة».

وهناك أحاديث كثيرة في هذا الباب.

٢ - أدلة تحريم القليل مما يسكر كثيره:

نهى الرسول -صلى الله عليه وسلم- عن قليل ما أسكر كثيره في عدة أحاديث منها:

فعن جابر بن عبد الله قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- : «ما أسكر كثيره فقليله حرام »، وروت السيدة عائشة -رضي الله عنها- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم -قال : «كل مسكر حرام، وما أسكر الفرق، فملء الكف منه حرام »، (الفرق: الوعاء الكبير).

إن هذه الأحاديث تثبت أن البيرة -وهي من المسكرات- محرمة حتى بمقدارها القليل، كتحريم أنواع المسكرات أو الخمور.

٣ - النصوص الخاصة بتحريم البيرة:

 بعد أن ثبت تحريم البيرة كمسكر بكميتها القليلة والكثيرة، أورد النصوص التالية:

١ - فعن أبي موسى الأشعري -رضي الله عنه- قال: بعثني النبي -صلى الله عليه- وسلم أنا ومعاذ بن جبل إلى اليمن، فقلت: يا رسول الله إن شرابًا يصنع بأرضنا يقال له: المزر من الشعير، وشرابًا يقال له البتع من العسل، فقال: «كل مسكر حرام»، كان المسكر المتخذ من الشعير أو من الحبوب الأخرى كالذرة أو من غيره، ويفيد بأن كل ما من شأنه أو من خواصه الإسكار فهو: محرم.

٢ - وعن جابر بن عبد الله -رضي الله عنه-: أن رجلًا قَدِمَ من حبيشان -وحبيشان من اليمن- فسأل النبي -صلى الله عليه وسلم- عن شراب يشربونه بأرضهم من الذرة يقال له المزر، فقال النبي -صلى الله عليه وسلم-: «أو مسكر هو؟»، قال: نعم، قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: «كل مسكر حرام، إن على الله عهدًا لمن يشرب المسكر أن يسقيه من طينة الخبال»، قالوا: وما طينة الخبال يا رسول الله؟ قال: «عرق أهل النار أو عصارة أهل النار». فالبيرة اليوم هي المزر أيام الجاهلية عند أهل اليمن، فتغير الاسم لا يغير الحكم ولا يحل محرمًا.

على أن البيرة اليوم تحتوي -بحسب تطور طريقة تحضيرها- على كمية من الغول «الكحول»، أكبر مما ينتج بالطريقة البدائية التي كان يحضر بها العرب المشروب المسكر المتخذ من الشعير.

الرابط المختصر :