; التقدم العلمي ينسج.. علاقات دولية جديدة «نظرة.. على الاتفاقيات الروسية-الأمريكية» | مجلة المجتمع

العنوان التقدم العلمي ينسج.. علاقات دولية جديدة «نظرة.. على الاتفاقيات الروسية-الأمريكية»

الكاتب مجلة المجتمع

تاريخ النشر الثلاثاء 30-مايو-1972

مشاهدات 22

نشر في العدد 102

نشر في الصفحة 3

الثلاثاء 30-مايو-1972

التقدم العلمي ينسج.. علاقات دولية جديدة

«نظرة.. على الاتفاقيات الروسية-الأمريكية»

  لكي نخرج من الدوامة

·       المصالح الرئيسية قبل «الثانوية»  

·       صعوبة الحرب العالمية في صالح صراعنا مع اليهود  

·       الوزن الدولي «نهضة علمية» وليس تھریجًا

حين كانت الحرب دائرة بين الفرس والروم نزل الوحي بآيات مفصلات ﴿الم، غُلِبَتِ الرُّومُ، فِي أَدْنَى الْأَرْضِ وَهُم مِّن بَعْدِ غَلَبِهِمْ سَيَغْلِبُونَ، فِي بِضْعِ سِنِينَ ۗ لِلَّهِ الْأَمْرُ مِن قَبْلُ وَمِن بَعْدُ﴾ (سورة الروم:1-2-3-4).

فما هي دلالات هذا الموقف؟

إذا تجاوزنا أسباب النزول، والموقف العالمي وقرب معسكراته وبعدها عن الإسلام يومئذ، فإن الحقيقة التي ينبغي أن يعيها المسلمون من هذه الآية هي: الاهتمام بالقضايا العالمية.

إن تكوين «إحساس إسلامي» يتابع ما يجري في العالم ويهتم بالقضايا العالمية، اهتمام صاحب الدعوة العالمية، الشاهد على الناس، الحاضر الوجود أبدًا في كل موقف وقضية، هذه المعاني مقوم أساسي من مقومات التربية الإسلامية ولبنة ضرورية في بناء الشخصية المسلمة الإيجابية.

تواردت هذه المعاني ونحن نتابع أنباء زيارة نكسون لروسيا وأنباء الاتفاقيات التي تمت بين الطرفين وآثار ذلك في مستقبل العالم وفي قضايانا.

صحيح أن الاستنتاج التلقائي لدى المراقبين العالميين ولدى العالم الثالث بالذات يقرر في هدوء: أن الدول الكبرى مشت خطوات أخرى في طريق اقتسام العالم، وتوزيع المواقع الاستراتيجية والاقتصادية طبقًا للمصالح الأمريكية والروسية في الأساس، ومع التسليم بهذا الاستنتاج فإن هناك اعتبارات أخرى تحتاج إلى التحليل والمعرفة، إن التقاء الروس والأمريكان وتوصلهم إلى اتفاقيات جوهرية فاقت كل حسابات وتقديرات المحللين العالميين، إنما هو وضع جديد -على الأقل بالنسبة لكشفه وإعلانه- يستحق التأمل والنظرة العميقة.

·       سابقًا كانت الاتفاقيات الجوهرية والكبيرة لا تبرم بين الدول الكبرى إلا في

أعقاب حروب دامية تغير خرائط العالم وتنقل مراكز النفوذ وتبدل المواقع الاستراتيجية عن طريق القصف الوحشي برًا وجوًا وبحرًا.

حدث هذا في الحروب القديمة وفي أعقاب الحربين العالميتين الأولى والثانية، أما اليوم فإن الروس والأمريكان يبرمون اتفاقيات كبيرة في أثناء زيارة مريحة قام بها نكسون لموسكو.

والشيء الجديد الذي غير أرض الاتفاقيات وجوها العام هو التطور العلمي المستمر في صناعة الأسلحة الرهيبة ومن ثم رأينا الاتفاقيات بين الروس والأمريكان تركز على:

ـ التعاون في برامج الفضاء- وهذا التعاون تفادى بطريقة واضحة- أي احتكاك ذي طابع عسكري في الفضاء يؤدي إلى تدمير العالم كله.

ـ تقليص إنتاج الأسلحة النووية.

ـ اتقاء التحرش بين أساطيل الدولتين في التحرك البحري.

معنى ذلك أن للتقدم العلمي أثره الواضح والقوي في تنظيم العلاقات الدولية وتحديد طبيعتها ومساحتها.

فلم تعد السياسة تهريجًا ولم يعد النفوذ الدولي عنتريات جاهلة تريد أن تصعد إلى القمر على ظهر بعير! وإذا لم يسارع المسلمون إلى التوغل -غير المتحفظ- في دنيا العلم والمعرفة فإن نصيبهم في العالم سيتضاءل يومًا بعد يوم.

إن «الوزن الدولي» في عالمنا هذا مشروط بما تحرزه دولة ما أو أمة ما من أنصبة وافية في التقدم العلمي.

·        ومن دلالات التقاء الروس والأمريكان على «سلام» طويل الأجل، إخلاص الروس والأمريكان لبلادهم.

فهناك ما يسمى بالمصالح «الحيوية» أو الرئيسية.

وبالمصالح «الثانوية» والمخلص لبلده وأمته هو الذي يؤثر المصالح الحيوية على المصالح الثانوية وفق ترتيب عقلي واع للأسبقيات.

والمصلحة الحيوية والكبرى بالنسبة للأمريكان والروس معا هي: حماية حضاراتهم من التدمير النووي وحين تتوفر هذه الحماية تصبح المشكلات الثانوية في حجمها الحقيقي.

ممکن أن يختلف الطرفان على بعض مناطق النفوذ أو على السباق في احتواء الصين أو التأثير على مستقبل اليابان ولكن هذا الاختلاف قمع الآن من أجل الوصول إلـى الهدف الأكبر وهو اتقـاء التدمير الحضاري الشامل لحضارة البلدين.

فهل يعقل الزعماء عندنا هذه الحقيقة فيوصى بعضهـم بعضًا بدفن الخلافات الصغيرة من أجل الأهداف الكبرى وفي مقدمتها هدف حماية حضارتنا من خطر الوجود الإسرائيلي.

·       ومن دلالات «الالتحام» الروسي الأمريكي الجديد تناقص احتمالات نشوب حرب عالمية إلى درجة تكاد تجعلنا نقول: إن هذه الحرب تبدو مستحيلة بالنسبة للأحداث المتطورة.

واستحالة نشوب حرب عالمية عامل مهم في صراعنا مع اليهود ذلك أنه كان كلما ارتفع صوت ينادي بإخلاص بتحرير أرضنا من الغزاة اليهود ارتفعت أصوات تخوفنا بنشوب حرب عالمية كنتيجة لتصاعد الصراع المسلح في هذه المنطقة.

إن الظروف العالمية والمحلية مهيأة لعمل شيء جدي والسؤال هو: أين العقلية المستنيرة التي تستثمر هذه الظروف وأين الإخلاص الذي يقود أصحابه إلى تصديق قناعاتهم العقلية بالعمل الإيجابي الحاسم؟     

الرابط المختصر :