; التميز.. قيمة إيمانية رفيعة يبرز بها المؤمن «1 من 2» | مجلة المجتمع

العنوان التميز.. قيمة إيمانية رفيعة يبرز بها المؤمن «1 من 2»

الكاتب شوقي محمود الأسطل

تاريخ النشر الثلاثاء 21-مارس-1995

مشاهدات 9

نشر في العدد 1142

نشر في الصفحة 53

الثلاثاء 21-مارس-1995


يريد الإسلام لمعتنقه أن يكون نسيجًا متميزًا يشار إليه بالبنان لا إمعة خاملًا يعيش على هامش الحياة عبئا عليها مقلدًا لغيره معطلًا لعقله منجرفًا مع التيار الأقوى وإن كان على غير الجادة وتأمل معي وصية المربى الأعظم صلى الله عليه وسلم لتلميذه النجيب عبد الله بن عمرو حيث يقول: قال لي رسول الله: كيف أنت إذا بقيت في حثالة من الناس؟ قال قلت يا رسول الله كيف ذلك؟ قال: إذا مرجت عهودهم وأماناتهم قلت: ما أصنع يا رسول الله؟ قال: اتق الله- عز وجل- وخذ ما تعرف ودع ما تنكر، وعليك بخاصتك وإياك وعوامهم» (رواه أحمد).
ويؤكد عليه الصلاة والسلام على نفس المعنى عبر وصيته لصاحب السر حذيفة بن اليمان -رضي الله عنه- يقول حذيفة: «كان الناس يسألون رسول الله، عن الخير وأسأله عن الشر وعرفت أن الخير لن يسبقني قلت: يا رسول الله أبعد هذا الخير شر؟ قال: يا حذيفة تعلم كتاب الله واتبع ما فيه ثلاث مرات، قلت يا رسول الله أبعد هذا الشر خير؟ قال هدنة على دخن، وجماعة على أقذاء، قلت يا رسول الله الهدنة على دخن ما هي؟ قال: فتنة عمياء عليها دعاة على أبواب النار وإن تموت يا حذيفة وأنت عاض على جذل خير لك من أن تتبع أحدا منهم» (رواه أحمد وأبو داود).
فشأن المؤمن هو الثبات على الحق والتمسك بأهدابه والصبر على تكاليفه، وإن عز الرجال وأظلمت الدنيا بالشر من حوله فهو أرفع قدرا وأعظم شأنًا من أن يهبط إلى درك من قال فيهم ﴿وَمِنَ ٱلنَّاسِ مَن یَعۡبُدُ ٱللَّهَ عَلَىٰ حَرۡفࣲۖ فَإِنۡ أَصَابَهُۥ خَیۡرٌ ٱطۡمَأَنَّ بِهِۦۖ وَإِنۡ أَصَابَتۡهُ فِتۡنَةٌ ٱنقَلَبَ عَلَىٰ وَجۡهِهِۦ خَسِرَ ٱلدُّنۡیَا وَٱلۡـَٔاخِرَةَۚ ذَ ٰ⁠لِكَ هُوَ ٱلۡخُسۡرَانُ ٱلۡمُبِینُ﴾ (الحج: 11).
قيمة العقيدة في حياة المؤمن
يقول الشهيد سيد قطب، أثناء حديثه عن هذه الآية: هذه قيمة العقيدة في حياة المؤمن ومن ثم يجب أن يستوي عليها متمكنا منها واثقا بها لا يتلجلج فيها، ولا ينتظر عليها جزاء فهي في ذاتها جزاء ذلك إنها الحمى الذي يلجأ إليه، والسند الذي يستند عليه، أجل هي في ذاتها جزاء على تفتح القلب للنور وطلبه للهدى، ومن ثم يهبه الله العقيدة ليأوي إليها ويطمئن بها هى فى ذاتها جزاء يدرك المؤمن قيمته حين يرى الحيارى الشاردين من حوله تتجاذبهم الرياح ويستبد بهم القلق، بينما هو بعقيدته مطمئن القلب ثابت القدم، هادئ البال موصول بالله مطمئن بهذا الاتصال. 
أما ذلك الصنف الذي يتحدث عنه السياق فيجعل العقيدة صفقة في سوق التجارة.. إن حساب الربح والخسارة يصلح للتجارة ولكنه لا يصلح للعقيدة، فالعقيدة حق يعتنق لذاته بانفعال القلب المتلقي للنور والهدى الذى لا يملك إلا أن ينفعل بما يتلقى. 
والذي ينقلب على وجهه عند مس الفتنة يخسر الخسارة التي لا شبهة فيها ولا ريب ذلك هو الخسران المبين يخسر الطمأنينة والثقة والهدوء والرضى إلى جوار خسارة المال أو الولد أو الصحة، أو أعراض الحياة الأخرى التي يفتن الله بها عباده، ويبتلي بها ثقتهم فيه. وصبرهم على بلائه، وإخلاصهم أنفسهم له واستعدادهم لقبول قضائه وقدره، ويخسر الآخرة وما فيها من نعيم وقربى ورضوان فيا له من خسران (في ظلال القرآن ج 4 سورة الحج).
شوقي محمود الأسطل

الرابط المختصر :

موضوعات متعلقة

مشاهدة الكل