العنوان أدب: (582)
الكاتب مجلة المجتمع
تاريخ النشر الثلاثاء 10-أغسطس-1982
مشاهدات 51
نشر في العدد 582
نشر في الصفحة 40
الثلاثاء 10-أغسطس-1982
الجهاد ذروة سنام الإسلام
ما الدين إلا العدل يلزم راعيًا *** حكم الكتاب فلا يروغ ويغدر
ما الدين إلا وقفة لمجاهد *** في وجه سلطان يجور ويفجر
أو قول حق من رشيد ناصح *** عف عن الدنيا لها يستحقر
يثري الحياة بحجة تعنو لها *** أعناق أهل البغي مهما استكبروا
فإذا استحال على اللسان جهاده *** أفضى إلى قلب سليم ينكر
ما الدين إلا ما تمثل خالد *** إذ جاء والفرعون فيها أنور
في يوم زينته وبين جنوده *** والناس قد حشروا وسار العسكر
فأذاقه بالحق من كأس الردي *** شوبًا يعاجله الجحيم فتسعر
وأقال مصر وشعبها وتراثها *** من أن يهان وبالعمالة ينكر
لله درك خالد من فاقه *** للدين والإيمان فقهك يؤثر
لله درك إذ غدوت مجاهدًا *** في الله لا يخشى ولا يتعثر
يا للأباة الشم حولك بايعوا *** واستوثقوا ليقينهم وتطهروا
فمضوا لبيعتهم ضحى وتنافسوا *** في مشهد للبذل لا يتكرر
ويل الشيوخ ذوي العمام واللحى*** إذ يعلمون فيكتمون وقد دروا
إن الجهاد فريضة وبغيرها *** كل الفرائض بالنواقض تقبر
ويل لهم لم تبقى بعد ذريعة *** للقاعدين ولا جبان يعذر
إن الحياة وديعة أحرى بها *** أن تسترد لدفع باغ يقهر
الدمرداش زكي العقالي مستشار هيئة التحقيق والتأديب بالرياض
قصة قصيرة
جرائد الصباح
كانت فرحة الأصحاب الأربعة بغير حدود، فها هم أولًا، يلتقون بعد ما يزيد على السنة جلسوا يتسامرون بهمس في ظل السور الحجري المرتفع، والزنازين تمتد أمامهم بلا عد وجنود الحراسة يرصدون من بعيد حركاتهم وسكناتهم. سألهم أبو همام:
- إيه. يا شباب. ما أخباركم؟
فرد أبو صهيب وابتسامته لا تفارق شفتيه:
- مثل أخبارك..
وهمس أبو إقبال: الحمد لله على كل حال. المهم إنهم كفوا عن تعذيبنا واستجوابنا فالتفت إليه أبو همام وسأله: صحيح؟! ومنذ متى؟
أجابه أبو إقبال: والله لا أدري. لقد فقدت الإحساس بالزمن في علبة الكبريت تلك. ضحكوا جميعًا. وقال أبو سعيد وهو يرى الشحوب مطوقًا وجه أبي همام:
- مالك يا دكتور؟ تبدو مهمومًا. وليس هذا من عادتك!
فالتفت إليه أبو همام مع ابتسامة حاول أن يخفي بها حزنه وتعبه وقال:
- لا لا شيء يا أخي فأنا والحمد لله في أحسن حال.
- بل أنت تعبان! هل مازالوا يعذبونك؟
حول أبو همام وجهه نحو الأفق، وحار بم يجيب، فهم لم يكفوا عن استجوابه وضربه رغم هذه الأشهر الطويلة. ثم قال:
ربما كان هذا من أثر السهر. فأنا أحاول إنهاء كتابة الكتاب الذي حدثتك عنه في العام الفائت.
وقاطعه أبو سعيد: - تكتب في السجن! ومن أين لك بالورق؟
أجاب: - سوف تضحكون.. لقد حصلت على قلم رصاص من أحد العساكر، وأنا أكتب على الجدار..
ضحكوا معًا. وقال أبو صهيب وهو يداري ابتسامته بكفه:
- ولكنك تعرف يا أبا همام أن الحيطان دفاتر..
- أعرف يا أخي. الحيطان دفاتر المجانين.. وهل ما تعيشه البلاد إلا الجنون بعينه؟!
وسأله زميله الدكتور أبو صهيب:
- هل أنت جاد فيما تقول؟
- طبعًا.
- أتتابع الكتابة في رسالة الدكتوراه التي بدأتها في مستشفى المواساة في العام الماضي؟
- أجل. إنني أتابع البحث عن موضوع «الألم» وقد أضفت إليه أشياء، كثيرة من تجاربي هنا. لقد علمتني العزلة والتعذيب صنوفًا جديدة من الألم ما كنت لأجيد الكتابة فيها بغير هذه التجربة..
عندئذ نظر إليه أبو صهيب نظرة ودودة، وسأله:
- تعني أنك سعيد بهذه التجربة؟!
فتنهد أبو همام بارتياح، ونقل بصره بين وجوه أصحابه. وقال مع ابتسامة رقيقة:
- أنا سعيد بكم يا إخواني. إن هذه اللحظات معكم لكافية أن تنسيني آلام الدنيا كلها.
ثم التفت إلى أبي سعيد وهو يشد على عضده وقال له:
- مالك يا أبا سعيد؟ أرى صحتك قد تغيرت لعلك توقفت عن الرياضة!؟
- الرياضة في هذه القبور؟!
- أجل يا أخي. بعض التمارين عقب كل صلاة تكفي لأن تحافظ على صحتك.
- سأفعل إن شاء الله غير أني الآن مشغول بحفظ القرآن الكريم.
- الحمد لله. ولكن! من أين لك بالقرآن يا أبا سعيد؟
- والله لا أدري. إلا أنه جاءني في طبق الأرز
- طبق الأرز؟!
- أجل. لقد ألححت كثيرًا في طلبه. وعذبوني لذلك ثم وجدته يومًا مدفونًا في صحن الأرز
- بارك الله فيك يا أبا سعيد هذه رحمة من الله عز وجل.
- أرجو ذلك.
وقطع حديثهم صوت أجش ينادي عند باب الإدارة:
- الدكتور عبد الودود.. الدكتور عبد الودود.
وجم الأصحاب الأربعة ونظر بعضهم إلى بعض، فيما هم أبو همام بنهوض.. تنهد بعمق وابتسم ابتسامة أودعها كل محبته، وقال:
- شدوا حيلكم يا شباب. وتوكلوا على الله السلام عليكم وقام نحو باب الإدارة يلبي النداء.
قابله الضابط «سلمان» ببشاشة لم يألفها منه فأوجس في نفسه خيفة. مد سلمان يده يصافحه على غير عادته. وقال:
- أهلًا دكتور تفضل.
لكن الدهشة لم تسمح له بالجلوس.
- كم أنا سعيد من أجلك يا دكتور عبد الودود. فالتقارير عنك جاءت بيضاء. وكم نحن آسفون يا دكتور فقد طال بقاؤك عندنا. ولكن أنت أدرى بحال البلد.. وأولاد الحرام الذين يحاولون تعكير صفو الأمن. ثم اقترب منه وهمس في أذنه:
- أنت تعلم أن الأوامر مشددة.
ووالله.. والله.. أنا مثلك. عبد مأمور
ظل أبو همام صامتًا واقفًا.. أذهله تبدل المواقف بين عشية وضحاها، وعادت به الذاكرة الى ليلة أمس الأول حين قطع الضابط سلمان عليه الصلاة بركلة عل ظهره، وصرخ فيه:
- يا بن الحرام... أما منعتك من الصلاة؟!
وحين أفاق من ذهوله. سلم من صلاته. ووقف ليقول شيئًا. فعاجله الضابط بركلة أخرى وسأله حانقًا.
- ماذا تكتب على الحائط؟
أحس بالدوار فاستند إلى الجدار. وحاول أن يتماسك. ثم قال:
- اقرأ حضرتك وتعرف ما أكتب.
- أنا أقرأ يا بن الـ..؟ سأعود بعد ساعة لأرى الحائط نظيفًا هل تفهم هذا؟
استعاد أبو همام تلك اللحظات فأحس بالدم يغلي في عروقه. وتمنى لو يطال شيئًا يحطم به رأس هذا الوغد. وعندما رآه الضابط صامتًا. قام إليه. وقال بمودة عجيبة:
- دع عنك الهم يا دكتور. خذ. خذ. وناوله صرة. وتابع:
- هذه هي أماناتك خذها وادخل إلى تلك الغرفة وبدل ثيابك سوف تخرج اليوم وتذهب إلى أهلك.
تناول الصرة في حيرة وتتالت دقات قلبه عنيفة.. ما الذي يجري؟ أهو حلم أم.. ماذا يا رب! ثم لم يزد على أن قال:
- شكرًا
وانصرف يبدل ألبسته. عند الباب وقف الضابط سلمان يودعه وفي عينيه فرحة مخاتلة..
وقال له:
- نحن في الخدمة يا دكتور إذا تعرضت لأي مشكلة تعال إلينا.
ابتسم أبو همام بغير رضى، وصافح الضابط وهم أن يذهب لكنه تذكر شيئًا وبعد تردد قال:
- أريد منك خدمة صغيرة إن سمحت.
- قل. قل. ماذا تريد؟
- هل أستطيع أن آتي غدًا لأنقل ما كتبته على الحائط. إنه موضوع علمي ويهمني كثيرًا.
- طبعًا طبعًا يا دكتور عد متى تشاء وأنا في خدمتك.
غمرته الفرحة. ومشى كأنه في حلم حتى اجتاز بوابة المكان ثم وقف عند الرصيف يستنشق الهواء النقي.
رأى الدنيا من جديد ورأى الناس يروحون ويجيئون قرب المكان غير مبالين بما فيه. فتمتم في سره:
- لا حول ولا قوة إلا بالله.
ومضى حتى لفه تيار البشر المتدفق في الشارع سوف تفاجأ أم همام به لن تصدق إنها تراه وأمه، الله يعلم ما فعلت بها هذه الأحداث سيذهب إلى أمه أولًا ثم يرسل إلى زوجته من يبشرها وفكر هل أسافر؟ أليس الأولى لي أن أسافر وأغادر البلد؟ إن العيش هنا لم يعد يطاق لن يدعونني بعد الآن. وسوف يستدعونني كلما حدث طارئ. وإن سلمت الجرة هذه المرة فلن تسلم في المرات التالية. ولكن لا! فمن يبقى بالبلد إن غادرتها وذهب كل هؤلاء الشباب، لن نترك بلدنا للضابط سلمان وأمثاله، لا بد من إصلاح كل شيء. ولئن أخفقنا هذه المرة فلن نخفق مرة أخرى.
في تلك اللحظة خرق سمعه صوت عجلات تزعق على أسفلت الشارع وسيارة تقف ثم دوى صوت رصاصات في فضاء المدينة! وفي اليوم التالي قرأ بعض الناس في جرائد الصباح «الدكتور عبد الودود أحد قيادات التنظيم المعارض يهرب من السجن وقوات الأمن تنجح في مطاردته وتقتله!!!
د. أحمد محمد كنعان
رسالة قارئ
يقترح الأخ أبو حمزة من سدير بالسعودية على المجلة أن تخصص:
- نبذة لشاعر إسلامي مع قصيدة من شعره.
- قصة قصيرة هادفة.
- نبذة عن مذهب هدام.
وفي الواقع أن المجلة حرصت على تقديم شاعر إسلامي مع نموذج من شعره في أعداد سابقة وذلك في زاوية «تحت الراية» وقد حالت وفرة المواد الأدبية بمناسبة الأحداث في حماة ولبنان والضفة الغربية وأفغانستان دون متابعة الزاوية وسنعود إليها إن شاء الله.
وكذلك تحاول المجلة جاهدة تقديم قصة قصيرة في كل عدد. ولكننا نصطدم دائمًا بأن ما يرسله الأخوة طويل يتجاوز الحد ولذلك نوصي دائمًا بالاختصار مع الإجادة. ويبقى أن نقدم تعريفًا بالمذاهب الهدامة مع أصحابها، وهي دعوة إلى الأخوة القراء ليشاركوا في ذلك ونحن بالانتظار.
ويتمنى الأخ الكريم في ختام رسالته أن نرسل له كتابًا في الأناشيد الإسلامية ويؤسفنا أن نقول إن ذلك خارج اختصاصنا. ولكننا نبشره بأن مجموعة جديدة من الأناشيد الإسلامية قد صدرت بجهود الأخوين أحمد الجدع وحسني جرار ونظنها متوفرة في الأسواق وقد عرفنا بها قبل عدة أعداد.
نرحب بك دائما يا أبا حمزة.. والسلام.
أخوك
- صفة العارفين:
سئلت فاطمة بنت عبد الملك زوجة عمر بن عبد العزيز بعد وفاته عن عمله. فقالت: والله ما كان بأكثر الناس صلاة ولا بأكثرهم صيامًا، ولكن والله ما رأيت أحدًا أخوف لله من عمر. لقد كان يذكر الله في فراشه فينتفض انتفاض العصفور من شدة الخوف حتى نقول ليصبحن الناس ولا خليفة لهم.
موضوعات متعلقة
مشاهدة الكل