; الحاخام الأكبر يزور شيخ الأزهر | مجلة المجتمع

العنوان الحاخام الأكبر يزور شيخ الأزهر

الكاتب محمد الجاهوش

تاريخ النشر الثلاثاء 30-ديسمبر-1997

مشاهدات 8

نشر في العدد 1282

نشر في الصفحة 46

الثلاثاء 30-ديسمبر-1997

• الحاخام يدعو إلى تحريف مبادئ الإسلام وتعاليمه على أيدي مفكري الأمة ومثقفيها! 

لم يعد مستغربًا لدى الكثير زيارة الشخصيات أو الوفود اليهودية إلى كثير من بلاد المسلمين بعد أن أصبح لهم سفارات مفتوحة وأعلام مرفوعة في عدة بلدان عربية وإسلامية، وتأتي زيارة الحاخام الأكبر إلى الأزهر الشريف ضمن المخطط الصهيوني الرامي إلى تدجين الشعوب، وحملها على السير في عملية الاستسلام ولقد كان الحاخام من الجرأة- بل الوقاحة- بمكان كبير، حيث دعا صراحة إلى تحريف مبادئ الإسلام وتعاليمه، وأن يتم ذلك على أيدي علماء الأمة ومفكريها، وصفوة المثقفين من أبنائها، وكانت مطالب الحاخام حسبما نشرت جريدة الرأي العام الكويتية:

١- يجب أن يتحدث رجال الدين الإسلامي عن السلام، وأن يدينوا الإرهاب بكل صوره.

٢- وأن تتأقلم مراحل التعليم مع السلام. 

٣- وأن تتبنى وسائل الإعلام وجهات النظر المختلفة في شأن العملية السلمية. وقال: إنه لم يسمع عن رجل دين إسرائيلي يدعو إلى الإرهاب.

ولما سئل: عما إذا كان يؤيد قيام دولة فلسطينية، تفادى الإجابة، وقال: إنه رجل دين، وليس رجل سياسة! ثم لوى الحوار إلى وجهة مغايرة فقال: لا بد أن نحارب الإرهاب والمجاعة، والإيدز، والسرطان والجهل، وكل أنواع الأسلحة النووية.. انتهى. والناظر في كلام الحاخام الأكبر يرى العجب العجاب، فهو يطلب من علماء الأمة الإسلامية أن يكونوا أبواقًا لعملية السلام التي تعطي المغتصب شرعية وتمنحه حقًا ليس له، وأن يدينوا الإرهاب ومعلوم أن الذي يعنيه إنما هو الجهاد في أرض الإسراء والمعراج، وحماية الأقصى المبارك، والدفاع عن مهد عيسى، ومسرى محمد، ومثوى الخليل عليهم جميعًا الصلاة والسلام. 

إن هذا الجهاد- في منطق الحاخام الأكبر- إرهاب يجب محاربته، أما احتلال الأرض وتدنيس المقدسات وإحراق الأقصى، وقتل المصلين في المساجد، وتكسير زنود الشباب بالحجارة، وإيداع آلاف الرجال والنساء في السجون والمعتقلات، وتمزيق المصحف، والاعتداء على شخص الرسول محمد صلى الله عليه وسلم، أما هذا وغيره كثير، وكثير جدًا، فهو في نظر الحاخام أمر مشروع لأن الذي يمارسه هو شعب الله المختار. كما يطالب بمسخ مناهج التعليم، بحيث تشوه حقائق العقيدة الإسلامية، وثوابت التاريخ الإسلامي، إنه بصراحة يريد ألّا نُطلع أجيالنا على شيء من نصوص القرآن الكريم ولا السنة النبوية مما يبين عقائد اليهود، وطبائعهم وخلائقهم وغدرهم وخيانتهم وحقدهم، وتآمرهم وما جبلوا عليه من صفات الخسة والنذالة واحتقار الشعوب، واستباحة الدماء، والأموال والحرمات ﴿ذلِكَ بِأَنَّهُمْ قَالُوا لَيْسَ عَلَيْنَا فِي الْأُمِّيِّينَ سَبِيلٌ وَيَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ وَهُمْ يَعْلَمُونَ (آل عمران: ٧٥). ولم يقتنع الحاخام بما تحقق من مسخ وتهجين في مناهج التعليم ولا أن ما يطالب به قد حقق أهل السلام الكثير منه، لكنه يريد المزيد حتى ينشأ جيل لا يربطه بالإسلام رابط ولا يشده إليه وجدان ولا عاطفة. وتأتي ثالثة الأثافي.. إنه يريد من وسائل الإعلام تبني الدعوة إلى العملية السلمية، وتسويقها للجماهير المسلمة. يطالب الحاخام أبناء الأمة وحكامها أن يتبنوا آراء اليهود، وأن يغذوها بأفكارهم، ويمولوها بأموالهم، ويقدموها هدية لشعب الله المختار. 

كل حديث الحاخام كذب ومغالطة، ولكنه يزداد سوءً عندما يقول إنه لم يسمع بزعيم ديني إسرائيلي يدعو إلى الإرهاب. اللهم الطف بنا وبعقولنا.. كيف نستطيع سماع هذا الكلام فضلًا عن تصديقه؟ أنسي الحاخام أن وجوده وأمثاله في أرض فلسطين هو الإرهاب بعينه وبجميع مسمياته؟ إن لم يكن وجودهم وأفعالهم الإرهاب الأكيد، فليس في الدنيا ثمة إرهاب قط. 

صدق وهو كذوب:

نعم قد يصدق الإنسان الكذوب في بعض قوله صدقًا ظاهرًا وينطق بكلمة حق، يريد من ورائها ترويج باطل ومنكر كبيرين. قال الحاخام: لا بد أن نحارب الإرهاب والمجاعة والإيدز، والسرطان، والجهل، وكل أنواع الأسلحة النووية. كلمات براقة يخدع بها الساذجين، أما العقلاء فإنهم مدركون تمامًا أنها كلمة حق أريد بها باطل؛ ذلك أن أدنى تأمل يكشف لنا أن اليهود في مشارق الأرض ومغاربها هم المروج الرئيسي لهذه العلل والآفات وهم الممول الرئيسي- كذلك- لترويجها ونشرها بين الناس:

 أ- فالإرهاب هم منشئوه، وهم حماته وهم ممارسوه، وممولوه جهارًا نهارًا تحت سمع الدنيا وبصرها، وما محاولة اغتيال خالد مشعل عنا ببعيد وغيره كثير. 

ب- وأما المجاعة: فالتاريخ يشهد- على امتداد القرون- أن اليهود هم سبب جل الأزمات الاقتصادية، فهم أكلة الربا، وهم المحتكرون وهم الذين يكنزون الذهب والفضة، ويقرضون بفوائد تزيد- أحيانًا- في جملتها على رأس المال. وأحوال المخيمات في الضفة والقطاع خير شاهد على إجاعة إسرائيل للألوف المؤلفة من أبنائها.

 ج- وأما الإيدز: وما أدراك ما هذا المرض! فهل يجهل الحاخام أنه قد أصبح سلاحًا من أسلحة دولته المسخ؟ وأن بنات جنسه من اللواتي يصدرنه إلى البلاد العربية والإسلامية؟ وأن مخابرات دولته تمول ترويجه وتنفق على بائعات الهوى حتى ينشطن في هذا المجال؟ 

 د- والعجب العجاب أن يطالب الحاخام بمحاربة الأسلحة النووية، فهل حقًا أن الحاخام مغيب في صومعته أو بيعته لا يعلم ما يجري حوله؟ ولم يقرأ أن دولته هي الوحيدة في المنطقة التي لم توقع على معاهدة حظر الأسلحة النووية؟ وأنها تملك وسائل تصنيعها ولديها مفاعل نووي معروف، بل مفاعلات؟ 

إن ما سبق طرحه من الحاخام الأكبر ليس غريبًا ولا مفاجئًا، ولكن الغريب والمفاجئ أن يمضي كلامه دون أن يعقب عليه من سمعه أو نشره، ودون أن يفنده ويبين زيفه وعواره أحد، والأعجب والأغرب أن يوصف من انتقد زيارة الحاخام- وهم من صفوة علماء الأزهر- بأنهم ممن يتهمون بالتشدد والتزمت.

وبعد أخي المسلم:

إننا كشعوب مطالبون بأمور عدة ننقلها ملخصة من الكراس الذي كتبه الشيخ عبد الرحمن عبد الخالق:

١- أن نعتقد ببطلان هذه المعاهدة السلمية المزعومة.

٢- أن نعتقد أنها لا تلزم فردًا في هذه الأمة، ولا يجوز تنفيذ شيء منها. 

 ٣- العمل على إسقاطها، وشأنها في ذلك شأن كل منكر، يجب إزالته بالضوابط الشرعية من غير أن يؤدي إلى منكر أكبر منه.

٤- نعتقد أنه يجب محاربة اليهود ومقاومتهم ما ظلوا على مسلكهم في حرب الإسلام والعدوان على المسلمين.

٥- السعي- وجوبًا- لتوحيد الأمة نحو هدف القضاء على علو اليهود في الأرض وبطشهم بالمسلمين وأسرهم لمسرى رسول الله صلى الله عليه وسلم والمسجد الأقصى.

6- الاعتقاد أن اليهود ما تمكنوا وعلوا في الأرض على هذا النحو إلا بعد أن نُحّي الإسلام من الدساتير والتشريعات- إلا ما رحم الله- وحلت الدعوات القومية واللادينية محل الإسلام.

٧- الواجب السابع، وهو واجب مهم للغاية إذ النصر فعلًا من عند الله- دعاء الله- سبحانه وتعالى ليلا ونهارًا أن يجمع كلمة أهل الإسلام وأن يردهم إلى دينهم وأن يهيئ لهم أسباب النصر على عدو الله وعدوهم.

إنها أمور سهلة ميسورة لا يعفى أحد إن هو تركها وأعرض عنها، إنها تربي حس المسلم ووجدانه، وتحرك عواطفه ومشاعره وطاقته ليبقى كل ذلك حيًا في نفسه، ويربط مصيره بمصير أمته. ومصير أمته بمصير دينها وعقيدتها، فإن الأمة التي تخسر دينها وعقيدتها فقد خسرت كل شيء ولن تجني ثمرة أي عمل من الأعمال.

[*] كاتب سوري.

الرابط المختصر :