العنوان الحجارة المتدحدلة «!»
الكاتب أحد القراء
تاريخ النشر الثلاثاء 11-يوليو-1972
مشاهدات 14
نشر في العدد 108
نشر في الصفحة 24
الثلاثاء 11-يوليو-1972
الحجارة المتدحدلة «!»
في لحظة من لحظات فراغي جلست أتأمل وأفكر، وفجأة خطر ببالي اسم لإحدى الفرق الموسيقية المشهورة في الغرب، لا أعرف ما السبب، ولا كيف كان ذلك، ولكن المهم أنني ركزت تفكيري في تلك الفرقة أردت أن اترجم اسمها للعربية وإذا أفاجأ بأن اسمها «الحجارة المتدحدلة»!! ضحكت ملء فمي، وعاودت النظر في اسمها، قلت لعل الفعل «تدحدل» فعل عامي! ولما كنت من أنصار الفصحى بدأت ابحث عن فعل آخر يحل محله وجدت أن أحسن فعل هو الفعل «تدحرج»، أصبح الأمر هينًا إذًا، فالاسم يصبح «الحجارة المتدحرجة» قلت في نفسي، وكيف يمكن أن تكون للحجارة موسيقى؟! لعلي أخطأت في قراءة الاسم أو في فهمه؟. ولكن بعد التمحيص وجدت أنني مصيب.
قررت أن أرى بأم عيني كيف تتدحرج الحجارة؟ فلعلي أجد حجارة الغرب تتدحرج بطريقة أخرى غير حجارتنا في الشرق!
توقعت أن أرى سيلًا عارمًا يجرف الصخور الكبيرة التي تتدحرج في المجرى وتقفز من شلال إلى شلال حتى ينتهي الأمر بها إما أن تتفتت كلية، وإما أن تصل مهشمة إلى مصب السيل وفي أحد الأيام وبينما كنت في الدانيمارك، وقفت انظر في الجريدة برنامج التلفاز وإذا به يخصص خمسًا وأربعين دقيقة «للحجارة المتدحرجة» فوجدت أنها فرصة لا تفوت وقررت أن أرى ذلك البرنامج.
وبدأ البرنامج وبدأت «الموسيقى»! وما أحسبها بموسيقى وإنما هي في الحقيقة ضوضاء تجمعت في مكبرات الصوت!! سلطت الأضواء على الحجر الأول، كان في نظري ليس بحجر وإنما هو كتلة من طين الفخار غير المتشكل!!
فالحجر يحفظ شكلًا ثابتًا، والذي رأيته كان هلامي الشكل يتمايل كطين الفخار!! وجدت أن حجارة الغرب تختلف في صلابتها عن حجارة الشرق!
ولكن بأي حال قبلت تسميتها بالحجارة!، بدأ الحجر يتدحرج حتى اصطدم بالميكرفون، فتبعته الحجارة الأخرى حتى تجمعت جميعًا في نفس المكان، وإذا بصوت مدو ينتج عن ذلك الملتقى! تفحصت جيدًا المنظر قلت لعل ذلك ناتج عن اصطدام الحجارة بعضها ببعض؟ ولكنها «حجارة» رخوة، لينة، لا يمكن أن تنتج هذا الصوت! زادت حيرتي لهذا الصوت ومن أين يصدر.
أدرت عيني يمنة ويسرة علني أجد شيئا آخر أنسب له الصوت تعذر على الحال! قلت: لعل انفجارًا قد حدث؟ فربما وضع بعض الناس إحدى القنابل اليدوية، أو لغمًا، أو ديناميتًا لتفجير هذه الحجارة وتسخيرها في أشياء مفيدة؟!
زاد الأمر يقينًا في نفسي عندما رأيت الغبار المتصاعد من مكان الاصطدام، وما هي إلا لحظات حتى انتهى ذلك الدوي المصر للأذان، وإذا بالكاميرا تدور نحو المتفرجين، سمعت الأصوات تضج وتصرخ، والأيدي تلوح، كاد الأمر أن يكون يقينًا في نفسي، فهؤلاء الناس أصابتهم بعض أجزاء الحجارة المتطايرة، فمنهم الصارخ المتألم، ومنهم المحتج والمعترض، ومنهم الشاتم، ومنهم الباكي...
عندها تذكرت لعل من بين هؤلاء الناس بعض الخنافس؟
أمعنت النظر وإذا بالخنافس قد تسربت إلى المسرح، ولما كانت ضعيفة البنية هشة الجسم، فإن جل الضرر قد أصابها، فإذا بها قد فقدت الوعي وأخذت تهتز وتتمايل على موسيقى «الاهتزاز والدحرجة»
أخذتني الشفقة على هذه الكائنات المسكينة، ووددت لو أنني أستطيع تخليص أشلائها من تحت هذه الحجارة، ولكن المنية قد عاجلتها، فهي لا تعمر كثيرًا، فقد أصابها داء سام قاتل نخر عظامها، وأنهـك أجسامها، ذلك هو داء المخدرات.
ع. ص بلنسيا - إسبانيا
موضوعات متعلقة
مشاهدة الكل