العنوان الحركة الإسلامية في كشمير.. خمسون عامًا من الجهاد المتواصل
الكاتب جمال الراشد
تاريخ النشر الثلاثاء 20-أكتوبر-1970
مشاهدات 9
نشر في العدد 32
نشر في الصفحة 32
الثلاثاء 20-أكتوبر-1970
- 9 ملايين من المسلمين في كشمير يطالبون بحق تقرير المصير والتخلص من الاحتلال الهندي
- نهرو يخدع الإسلاميين ويؤدي إلى انقسامهم وبوتو يطاردهم ويعمل على تصفيتهم
- الحركة الإسلامية في كشمير راسخة الجذور وفي تطور مستمر رغم كل التحديات
- نهرو... الانتخابات التي لم تتم!
كان اسمها الرسمي دولة «جامو وكشمير» تبلغ مساحتها 86,024 ميلًا مربعًا، ويقدر عدد سكانها بحوالي تسعة ملايين نسمة، 90 % منهم مسلمون، والباقي من الهندوس.
تحاذي حدودها الشمالية الصين وتقع شمالي الهند، وعندما قسمت شبه الجزيرة الهندية إلى الهند وباكستان، واستقلتا عن الحكم البريطاني اختلفت الدولتان على كشمير، إذ أعلن حاكم كشمير ضمها إلى الهند، ولكن شعبها رفض ذلك، وأصبحت البلاد مسرحًا لقتال ضارٍ بين قوات الهند وباكستان، وتمكنت الهند من الاستيلاء على الجزء الأكبر من الولاية -حوالي ثلثي كشمير- وضمها إليها عام 1957م كجمهورية ذات استقلال ذاتي، بينما ضمت باكستان الجزء الباقي.
وفي 22/8/1965م نشب نزاع مسلح بين الهنود وباكستان حول كشمير، ذهب ضحيته حوالي 20000 قتيل، انتهى بمؤتمر بين رئيس الوزراء الهندي «لال بها دور شاستري» و«محمد أیوب خان» رئيس جمهورية باكستان في مدينة طشقند.
ويمتد تاريخ كشمير إلى ما قبل خمسة آلاف سنة، نشأت فيها قبل الإسلام مذاهب وعقائد مختلفة، وحكمها أصحاب ديانات متنوعة، وتأخر الفتح الإسلامي لها عن غيرها من المناطق الهندية التي فتحها «محمد غزنوي» وذلك لوعورة أراضيها الجبلية.
ويعتبر الشاعر الإسلامي العظيم الدكتور «محمد إقبال» أحد أبناء كشمير، الذي كان لفلسفته دور كبير في بعث روح الإيمان والتضحية والنزوع إلى الحرية لدى أبناء كشمير المسلمين، وكان من نتيجة ذلك أن دارت أول معركة بين مسلمي كشمير وبين الاستعمار الهندوسي في 13/7/1931م في مدينة «سرينغر» سقط فيها آلاف من المسلمين بين قتلى وجرحى.
وعندئذ تنادى المسلمون لعقد أول «مؤتمر لمسلمي جامو وكشمير» وكان هذا المؤتمر نواة الحركة الإسلامية التي تجاهد- حتى الآن- لتخليص كشمير من الاحتلال، وإنشاء نظام إسلامي، وكان أول رئيس لهذه الحركة الشيخ محمد عبد الله، وأول أمين عام لها هو الشيخ غلام عباس خان، وانضم المسلمون أفواجًا إلى هذه الحركة، بعد أن دبت في نفوسهم روح الإيمان والشهادة.
وبعد استقلال الهند وكشمير عام 1947م أدرك الهنود أنهم سيخسرون كشمير ذات الأغلبية الإسلامية، وذات الموقع الاستراتيجي، ولعب «جواهر لال نهرو» رئيس وزراء الهند وقتئذ لعبته الخبيثة، حيث استطاع أن يغرر بالشيخ «محمد عبد الله» رئيس الحركة الذي أعلن عن رفضه الاستقلال على أساس إسلامي، وأنه يفضل الشكل الوطني القومي، وعندئذ انقسمت الحركة إلى فئتين:
- الفئة الأولى متمسكة بمبادئ الإسلام، متخذة الجهاد الإسلامي طريقًا للاستقلال بلا مهادنة ولا مساومة، ويرأس هذه الفئة «الشيخ غلام خان عباس».
- الفئة الأخرى تؤيد ما ذهب إليه الشيخ محمد عبد الله من اتجاه قومي، وحملت اسم «المؤتمر القومي لجامو وكشمير».
وفي عام 1947م دخلت القوات الهندية كشمير، واعتقلت «الشيخ غلام عباس» ومجموعة من معاونيه، وقتلت كثيرًا من أنصاره وأشعلت النار في البيوت لإشاعة الإرهاب والذعر بين المسلمين، وكان من نتيجة ذلك أن شرد كثير من المسلمين إلى مناطق باكستان المجاورة، وحظرت الحكومة الهندية أي نشاط تقوم به الحركة الإسلامية لتحرير كشمير.
وعندئذ بدأت الحركة الإسلامية لتحرير كشمير بقيادة الشيخ «سردار عبد القيوم خان» مرحلة جديدة حاسمة، فاستطاع المسلمون بروحهم الجهادية تحرير منطقة لا تقل عن 40 % في شمال كشمير دون أي سلاح غير سلاح الإيمان، وأعلنوا عن قيام دولة مستقلة باسم «كشمير الحرة» «آزاد كشمير» وعاصمتها «مظفر آباد» تقع في الشمال الغربي من كشمير، وأصبحت هذه الدولة تمثل مسلمي كشمير، لها جيشها الوطني وحكومتها المحلية الواحدة ما عدا أربع وزارات تتبع الحكومة الباكستانية إداريِا وهي: الخارجية والدفاع والمالية والمواصلات.
ومن الجدير بالذكر أن القوات الإسلامية الكشميرية عندما وصلت إلى (سرينغر) عاصمة كشمیر صدر عن الأمم المتحدة قرار بإجراء استفتاء عام لمسلمي الولاية التي يحتلها الهنود، وكان هذا القرار خدعة كبرى ومؤامرة خبيثة خدع بها المسلمون، وتوقفوا عن الزحف لتحرير باقي أجزاء كشمير في انتظار تنفيذ وعود هندية قطعتها أمام الأمم المتحدة، لإجراء استفتاء في كشمير ولكن هذه الوعود لم تنفذ ولا تزال الهند تحتل أجزاء كبيرة من كشمير.
ولعل دور الأمم المتحدة في التواطؤ مع الدول الكبرى التي تعادي الإسلام والمسلمين واضح، وقضية فلسطين وقضية أفغانستان شاهدتان على ذلك، إذ أن هذه الهيئة الدولية ألعوبة في يد الكبار تسيرها كما تشاء.
وفي عام 1965م استأنف المسلمون في كشمير جهادهم ضد الاحتلال الهندي وعندما أوشك المجاهدون على السيطرة على الجزء المحتل من كشمير، قامت الهند بهجومها الشامل على الأراضي الباكستانية، ثم توقفت الحرب بعد سبعة عشر يومًا بقرار من الأمم المتحدة، ومن ثم تجمدت المشكلة الكشميرية.
وبالرغم من كل المؤامرات التي حيكت ضد الحركة الإسلامية إلا أن «الشيخ غلام عباس» ومن معه استطاعوا أن يصمدوا أمام تلك المحاولات، لكي تبقى الحركة الإسلامية حتى تقيم الدولة الإسلامية.
وفي عام 1967م توفي الشيخ غلام عباس- رحمه الله- فانتخب «الشيخ سردار عبد القيوم» بالإجماع رئيسًا للحركة الإسلامية في كشمير.
وفي عام 1970م جرت أول انتخابات في تاريخ كشمير الحرة «الجزء المحرر من كشمير» وكانت المنافسة بين الشيخ سردار عبد القيوم خان وبين «خورشيد حسن»، وكان الفوز لممثل الحركة الإسلامية الشيخ سردار عبد القيوم الذي أصبح أول رئيس لكشمير الحرة.
وفي عام 1971م جاء ذو الفقار على بوتو إلى حكم باكستان، حاملًا معه الفكر الاشتراكي، فكان لا بد من المواجهة بينه وبين الشيخ عبد القيوم الذي يدعو إلى النظام الإسلامي، ولكن بوتو الذي كان في حاجة إلى تثبيت حكمه لم يستطع مواجهة عبد القيوم من البداية، وفي هذه الأثناء عقد مؤتمر إسلامي برئاسة عبد القيوم كان من نتائجه:
1- إصدار فتوى بتكفير جماعة القاديانيين.
2- تطبيق القوانين الإسلامية في شارب الخمر والزاني والسارق، وكذلك تطبيق قوانين الزكاة.
3- كرم «الشيخ عبد القيوم» العلماء المسلمين في كشمير بأن جعلهم القضاة في المحاكم، والمفتين في القضايا الإسلامية، معطيهم بذلك صلاحيات كبيرة وأنشئت المدارس والمعاهد والكليات الإسلامية والمساجد وتوفرت الكتب الإسلامية.
4- أصبحت العطلة الأسبوعية يوم الجمعة، بعد أن كانت يوم الأحد، وأصبح يوم الخميس يومًا لتدارس القرآن الكريم.
5- أصبحت هناك محطتان للإذاعة تبث البرامج الإسلامية بصورة مركزة.
6- وأخيرًا فقد انتصر «الشيخ عبد القيوم» على منافسيه من اشتراكيين وقاديانيين.
ولذلك زاد حقد بوتو على الحركة الإسلامية «المؤتمر الإسلامي» فاعتقل الشيخ عبد القيوم وألقى به في السجن.
وعندما أطيح بعلى بوتو أفرج عن عبد القيوم بعد سنتين من اعتقاله، ومع مجيء الحكم العسكري ليحكم في كشمير، تتركز جهود الحركة الإسلامية الآن على إعادة الحياة إلى سابق عهدها في كشمير الحرة، وفي نفس الوقت تعمل على عودة الحياة الطبيعية فروع «مؤتمر مسلمي جامو وكشمي» المرتبطة بالمركز الرئيسي للحركة الإسلامية ومن تلك الخدمات:
- إصدار خمس صحف لنشر الوعي الإسلامي بين الناس.
- إنشاء فروع نسائية لإعداد المرأة الإسلامي إعدادًاً إسلامياً صحيحًا.
- مساندة نشاطات الشباب الإسلامي «الندوة الكشميرية للشباب الإسلامي» وطلاب الجامعة والكليات «حزب الطلاب المسلمين».
والشيخ عبد القيوم خان وجه معروف في المؤتمرات والمحافل الدولية وعضو في رابطة العالم الإسلامي.
وهكذا... وبعد مرور خمسين عامًا على تأسيس الحركة الإسلامية في كشمير فإن هذه الحركة لم تهن ولم تخضع، وظلت ترفع راية الجهاد، شعارها في ذلك قوله تعالى: ﴿وَمَا النَّصْرُ إِلَّا مِنْ عِندِ اللَّهِ﴾ (سورة الأنفال: 10).
﴿إِن تَنصُرُوا اللَّهَ يَنصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ﴾ (سورة محمد: 7).
ملاحظة: زودنا بالمعلومات عن الحركة الإسلامية الأخ «زاهد أمين كاشف» وبالصورة والخريطة الأخ «محمد عاشق خان» وكلاهما من كشمير.
موضوعات متعلقة
مشاهدة الكل