العنوان الخلق.. أولًا
الكاتب ا. د. عماد الدين خليل
تاريخ النشر السبت 18-مايو-2013
مشاهدات 10
نشر في العدد 2053
نشر في الصفحة 66
السبت 18-مايو-2013
لو تأملنا الفارق بين صنع الله سبحانه وصناعة العبيد لوجدناه فارقًا في النوع وليس في الدرجة فارقًا حاسمًا لا ينطوي على أي مقاربة بين قدرات الخالق والمخاليق.
إن كل ما يفعله هؤلاء هو أنهم يلجؤون إلى المادة الأساس، أو الأولويات التي وضعها الله سبحانه بين أيديهم، فيبدلون في نسبها وأحجامها، أو يسوون نتوءاتها وتعاريجها لكي تكون أكثر ملاءمة لوضعهم البشري، أو أنهم يكشفون عنها النقاب بينما هي موجودة ابتداء، حاضرة في فطرة الكون والناس والأشياء.
إن كل ما فعله هؤلاء في حقول العلوم الصرفة أنهم كشفوا النقاب عن السنن والنواميس التي وضعها الله سبحانه في تكوين العالم، وفي العلوم التطبيقية وظفوا ما أعطاهم الله إياه من سنن ومواد خام.
لم يستطع أي واحد منهم، ولن يستطيع، أن يخلق خلية أو حجيرة واحدة من العدم لن يستطيع أن يهب الحياة للجمادات ويمنحها الحركة إنهم يجيئون إلى عالم أحكم الله سبحانه صنعه، وأغدق على خلقه بنعمه وخيراته، فهم لا يفعلون بأكثر من التغيير والتبديل في النسب والأبعاد، ولا يصنعون بأكثر من أن يكشفوا النقاب عن السنن التي شاءت إرادة الله سبحانه أن تكون مغطاة من أجل تحفيز الإنسان على البحث والكشف والتنقيب والفاعلية والتحضر.
إن الأشياء الكبيرة يصنعها الله سبحانه، والبشر لا ينجزون سوى الأشياء الصغيرة، ولا يقومون - إذا صح التعبير - سوى بالأمور التكميلية: ﴿يَا أَيُّهَا النَّاسُ ضُرِبَ مَثَلٌ فَاسْتَمِعُوا لَهُ إِنَّ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِن دُونِ اللَّهِ لَن يَخْلُقُوا ذُبَابًا وَلَوِ اجْتَمَعُوا لَهُ وَإِن يَسْلُبْهُمُ الذَّبَابُ شَيْئًا لا يَسْتَقذُوهُ مِنْهُ ضَعُفَ الطالب والمطلوب﴾ (الحج:73).
﴿وَمَا قَدَرُوا اللهَ حَقَّ قَدْره وَالأَرْضُ جَمِيعًا قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَالسَّمَوَاتُ مَطْوِيَاتٌ بِيَمِينه سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ﴾ (الزمر:67)، ﴿هُوَ الذي خَلَقَ لَكُم مَّا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاءِ فَسَواهُنَّ سَبْعَ سَمَوَات وَهُوَ بكلّ شَيْء عَليمٌ﴾ (البقرة:29).
﴿الْحَمْدُ لله الذي خَلَقَ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضَ وَجَعَلَ الظُّلُمَاتِ وَالنُّورَ ثُمَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِرَبِّهِمْ يَعْدِلُونَ﴾ (الأنعام:1)، ﴿وَخَلَقَ كُلَّ شَيْءٍ وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ﴾ (الأنعام:101).
﴿أَوَ لَمْ يَنظُرُوا في مَلَكُوت السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا خَلَقَ اللَّهُ مِن شَيْءٍ وَأَنْ عَسَى أَن يَكُونَ قَدِ اقْتَرَبَ أَجَلُهُمْ فَبِأَي حَدِيث بَعْدَهُ يُؤْمِنُونَ﴾ (الأعراف:185).
﴿وهُوَ الذِي خَلَقَ الْليْل والنَهارَ وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ كُلِّ فِي فَلَك يَسْبَحُونَ﴾ (الأنبياء:33)، ﴿وخَلَقَ كُلّ شَيْء فَقَدْرَهُ تَقْدِيرًا﴾ (الفرقان:2).
﴿هَذَا خَلَقَ اللهِ فَأَرُونِي مَاذَا خَلَقَ الَّذِينَ مِن دُونِهِ بَل الظَّالِمُونَ فِي ضَلالٍ مُبِينِ﴾ (لقمان:11)، ﴿أَوَلَيْسَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضَ بقادر على أن يَخْلُقَ مِثْلَهُم بَلَى وَهُوَ الخَلاقُ العليم﴾ (يس:81)، ﴿أَلَمْ تَرَوْا كَيْفَ خَلَقَ اللَّهُ سَبْعَ سَمَوَات طَبَاقًا﴾ (نوح:15). ﴿وَاللهُ خَلَقَكُم من تُرَابٍ ثُم من نُطْفَة ثُمَّ جَعَلَكُمْ أَزْوَاجًا﴾ (فاطر: ۱۱).
﴿أَو لَمْ يَرَوْا أَنَا خَلَقْنَا لَهُم ما عَمِلَتْ أَيْدِينَا أَنْعَامًا فَهُمْ لَهَا مَالكونَ﴾ (يس:71).
﴿وَمِن كُلِّ شَيْءٍ خَلَقْنَا زَوْجَيْنِ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ﴾ (الذاريات:49).
﴿إِن كُنتُمْ فِي رَيْبٍ مَنَ الْبَعْثِ فَإِنَّا خَلَقْنَاكُم مَن تُرَابِ﴾ (الحج: ٥).
﴿أَوَلا يَذْكُرُ الإِنسَانُ أَنَا خَلَقْنَاهُ مِن قَبْلُ وَلَمْ يَكُ شَيْئًا﴾ (مريم:67).
﴿إنّا كُلّ شَيْء خَلَقْنَاهُ بِقَدَر﴾ (القمر:49).
﴿الَّذِيأَحْسَنَ كُلَّ شَيْءٍ خَلَقَهُ ۖ وَبَدَأَ خَلْقَ الْإِنسَانِ مِن طِينٍ﴾ (السجدة:7).
﴿أَرُونِي مَاذَا خَلَقُوا مِنَ الْأَرْضِ أَمْ لَهُمْ شِرْكٌ فِي السَّمَاوَاتِ﴾ (فاطر: ٤٠).
﴿قُلْ أَرَأَيْتُم مَّا تَدْعُونَ مِن دُونِ اللَّهِ أَرُونِي مَاذَا خَلَقُوا مِنَ الْأَرْضِ﴾ (الأحقاف: ٤).
﴿أَأَنتُمْ تَخْلُقُونَهُ أَمْ نَحْنُ الْخَالِقُونَ نَحْنُ قَدَّرْنَا بَيْنَكُمُ الْمَوْتَ وَمَا نَحْنُ بِمَسْبُوقِينَ﴾(الواقعة:59-60)، ﴿أَفَمَن يَخْلُقُ كَمَن لَّا يَخْلُقُ ۗ أَفَلَا تَذَكَّرُونَ﴾ (النحل:17).
﴿وَالَّذِينَ يَدْعُونَ مِن دُونِ اللَّهِ لَا يَخْلُقُونَ شَيْئًا وَهُمْ يُخْلَقُونَ﴾ (النحل:20).
﴿أَمْ خُلِقُوا مِنْ غَيْرِ شَيْءٍ أَمْ هُمُ الْخَالِقُونَ﴾ (الطور:35).
﴿ذَلِكُمُ اللهُ رَبُّكُمْ لَا إِلَهَ إِلا هُوَ خَالِقَ كُلَّ شَيْءٍ فَاعْبُدُوهُ﴾ (الأنعام: ۱۰۲).
على مدى خمسين عامًا والعلماء السوفييت - بأمر من الدولة - يعملون في مختبراتهم ومعاملهم لتخليق الحياة من المادة الميتة.. والهدف واضح أن تتأكد علميًا معطيات المادية الديالكتيكية التي أصبحت عقيدة الحزب الشيوعي والدولة السوفييتية والتي ألغت الله سبحانه من الصيرورة الكونية، وجعلت المادة تخلق نفسها بنفسها، وفق وهم المتغيرات الكمية التي تتحول بقدرة قادر إلى متغيرات نوعية!
خمسون عامًا أعلن العلماء في نهايتها عن عجزهم المطلق عن تحقيق المطلوب، وألقوا السلاح أمام معجزة الحياة.
في إنجلترا عام ۱۹۸۲م قام البروفيسور البريطاني المعروف «ألفريد هويل» بمعاونة أستاذ هندي ببحث مجهد استغرق السنين الطوال عن احتمالات تخلق الحياة من الوحل الأول «Primeval Soup».
كان الاحتمال القائم يومذاك هو بنسبة ١ إلى ١٠، فإذا بالباحثين المذكورين يتوصلان بعد حسابات رياضية معقدة وطويلة ودقيقة إلى أن الاحتمال لا يزيد بحال عن واحد إلى عشرة أمامها أربعون ألف صفر؛ مما يعني أنه لا تكاد توجد فرصة لظهور الحياة عن طريق التوالد التلقائي من هذا الطين وبالتالي فإن الحياة لا يمكن أن تكون قد نشأت عن طريق الصدفة البحتة، وأنه لابد من وجود عقل مدبر يغير ويبدل لهدف معين وغاية محددة، وعلى الرغم من اعتراف الباحثين الصريح بإلحادهما، فإنهما لم يجدا أمامهما مفرًا من أن يضعا الفصل الأخير من كتابهما «Evolution From Space» تحت عنوان «الله» «God».
العبرة بالخلق الأول من الموات كما أكد عليها القرآن الكريم، وبإعادة الحياة للموات مرة أخرى كما أكد القرآن الكريم أيضا، وليس ببناء تشكيلات وإقامة منظومات إبداعية من المادة الحية التي لم يكن لأحد من البشر أي دور في بعثها على الإطلاق: ﴿كَيْفَ تكفُرُونَ بالله وكنتُمْ أَمْوَاتًا فَأَحْيَاكُمْ ثُمَّ يُمِيتُكُمْ ثُمَّ يُحْيِيكُمْ ثُمَّ إِلَيْهِ تُرْجَعُونَ﴾ (البقرة:28).
موضوعات متعلقة
مشاهدة الكلالرفاق العرب والرفاق اليهود يلتقيان.. ولا داعي للتورط مع اليهود!
نشر في العدد 25
26
الثلاثاء 01-سبتمبر-1970
ماذا يتم في المطبخ الدولي؟ الخيوط التي تربط بين تمزيق السودان إلى شمالي وجنوبي.. والباكستان إلى شرقية وغربية!
نشر في العدد 39
934
الثلاثاء 15-ديسمبر-1970