العنوان الخمر بين الطب والفقه (الحلقة الأخيرة)
الكاتب د. محمد علي البار
تاريخ النشر الثلاثاء 21-أكتوبر-1975
مشاهدات 43
نشر في العدد 271
نشر في الصفحة 34
الثلاثاء 21-أكتوبر-1975
الخمر بين الطب والفقه (الحلقة الأخيرة)
وتتوقف عملية التخثر Serum على وجود:
1- الصفائح Platlets التي تفرز مادة الترميوجين -مولد الجلطة.
2- مولد الليفين Filorinogen وهي مادة بروتينية تصنعها الكبد.
3- عدة مواد وخمائر أخرى يصنع معظمها الكبد نذكر منها عامل خمسة وسبعة وعشرة ومادة للبروثرمبين. Prothrombin
4- وجود الكالسيوم بالدم، ولذا فإن إصابة الكبد بالتليف عند شاربي الخمور يؤدي إلى نقص المواد اللازمة للتخثر وأهمها مولد الليفين والخمائر المهمة كمعامل خمسة وسبعة التي تصنعها الكبد.
فإذا نقصت هذه المواد أدى أي خدش بسيط إلى نزيف مستمر وخاصة من المريء نتيجة وجود دوالي المريء Oesphageal Varices والشرح حيث البواسير ويكون من العسير إيقاف هذا النزيف وقد يودي بحياة المريض.
وهكذا يصاب مدمن الخمر بالنزف المتكرر نتيجة عدة عوامل:
1- وجود دوالي المريء والبواسير.
2- نقص الصفائح.
3- نقص المواد المهمة لمنع النزيف مثل مواد الليفيين Fibrinogen والبروثرمبين Prothrombin وعامل خمسة وسبعة وأحد عشر وكلها تصنعها الكبد.
وهكذا تتضافر هذه العوامل جميعًا فيتكرر النزف لدى مدمن الخمر ويصاب نتيجة لذلك بفقر دم وتكون كرات الدم الحمراء في هذه الحالة في حجمها الطبيعي في معظم الأحيان وهو ما يعرف Normocytic Anaemia أي فقر دم ذي الخلايا العادية، وأحيانًا ينتج عن ذلك فقر دم خلايا صغيرة.
كرات الدم البيضاء:
وتعتبر كرات الدم البيضاء أحد أهم وسائل الدفاع بالجسم، وهي على أنواع وكل نوع منها متخصص في وظيفة معينة من وظائف الدفاع عن الجسم ضد الأجسام والميكروبات الغازية.
ويتراوح عددها في الدم ما بين أربعة إلى عشرة آلاف كرة دم بيضاء في كل مليلتر من الدم، وهو عدد أقل بكثير من عدد كرات الدم الحمراء التي تبلغ خمسة ملايين. وينتج معظم خلايا الدم البيضاء النخاع وما تبقى منها نتيجة الغدد اللمفاوية والطحال ولا تبقى هذه الخلايا بالدم كثيرًا وإنما تذهب إلى الأنسجة ومواقع المعارك في الجسم حيث تشترك اشتراكًا فعليًّا في التهام العدو أو على الاقل إيقاف نشاطه المعادي ويهلك الكثير منها أثناء هذه العمليات الدفاعية المجيدة، ولم يحدث أن فرَّت قط من معركة بل تقاتل حتى الموت، ما الصديد والقبح إلا جثث هذه الخلايا التي قتلها هجوم العدو.
فماذا تفعل بهذه الخلايا؟
أن أهم وظيفة لهذه الخلايا البيضاء هي قدرتها على الحركة والتوجه فورا إلى ميدان المعركة فهي أدوات قتالية متحركة لا تنتظر حتى يهجم عليها العدو بل تسارع إلى مواقعه بعد تلقيها الإشارة من مكان الإصابة أو مواقع هجوم العدو على الجسم فتغادر مسرعة الدم إلى تلك البقاع ولكن الخمر تسكر هذه الخلايا وتفقدها قدرتها على الانطلاق والاندفاع والحركة نحو الأهداف المطلوبة فتبقى مترنحة في مسرى الدم دون أن تقوم بوظيفتها الأساسية، وليس هذا الكلام تشبيه أدبي وإنما هو الواقع الفعلي الذي تقوم به الخمر وهو ما يعرف بالإنجليزي Immobilisation أي فقدان القدرة على الحركة والتوجه.
وهكذا تفقد كرات الدم البيضاء قدرتها على التوجه السريع لميدان المعارك لمواجهة القوى الغازية المعتدية عند مدمني الخمور، فماذا تكون النتيجة؟
لا يحتاج القارئ إلى كثير من الخيال ليتصور تلك النتيجة المرعبة لهجوم الأعداء على الجسم الإنساني وأهم وسائل دفاعه مشلولة.
فتجد الميكروبات والقوى الغازية نفسها دون مقاومة تذكر فتشدد من هجومها ولا تجد من يصدها فيقع الجسم فريسة لها، وهكذا تعتور الأمراض مدمن الخمر ولا يقتصر الهجوم على جهاز دون جهاز وإنما يشملها كلها، ولكن أهم الأجهزة التي تصاب بالإنتانات infection الناتجة عن الهجمات الميكروبية هو الجهاز التنفسي فتكثر الالتهابات وفي كثير من الأحيان تكون مميتة.
ليس ذلك فقط، بل تقوم المخلوقات الموجودة في أجسامنا والتي بعيش معنا في وئام وسلام symbiosi -تقوم- هذه المخلوقات التي نضيفها في أجسامنا دون علمنا بهجوم ساحق ماحق عندما ترى الضعف يستولى علينا، وعندما تعلم أن أجهزة الدفاع وأهمها كرات الدم البيضاء مشلولة نتيجة لشرب الخمور.
وهكذا نرى المخلوقات الصغيرة تهاجم أجسام مدمني الخمور من كل حدب وصوب حتى تلك التي يستضيفها الجسم عادة دون أن تؤذيه.
تلك نبذة موجزة عما تفعله الخمر بالجهاز الدموي ولسنا نريد الإطالة ففيما ذكرنا الكفاية لمن أراد أن يرعوي وينتهي وإلا فهي نفسه وجسمه وعقله يحطمه ويرديه ويورده حتفه.
ولسنا نملك له سوى الدعوة بالحكمة والموعظة الحسنة والله الهادي إلى سواء السبيل.
الرابط المختصر :
موضوعات متعلقة
مشاهدة الكل