; الدور الأمريكي في التطبيع بين العـرب واليهود في الولايات المتحدة | مجلة المجتمع

العنوان الدور الأمريكي في التطبيع بين العـرب واليهود في الولايات المتحدة

الكاتب محمد دلبح

تاريخ النشر الثلاثاء 11-يناير-1994

مشاهدات 9

نشر في العدد 1083

نشر في الصفحة 42

الثلاثاء 11-يناير-1994

في أعقاب توقيع اتفاق الحكم الذاتي المحدود بين منظمة التحرير الفلسطينية والكيان الإسرائيلي يوم ١٣ سبتمبر الماضي بدأت الجماعات والمنظمات اليهودية الأمريكية بعقد لقاءات منتظمة مع الجمعيات والمنظمات العربية الأمريكية بغرض التخطيط والتنسيق وتأمين الدعم لذلك الاتفاق وينظر محللون ومراقبون الى هذه التحركات كخطوة نحو تحالف عربي إسرائيلي في الولايات المتحدة لتعزيز القوى المؤيدة لتسوية سلمية للصراع العربي الإسرائيلي، وقد أسرعت إدارة الرئيس الأمريكي إلى اقتناص الفرصة التاريخية التي وفرها ذلك الاتفاق لوضع حد لحالة الصراع التي سادت لعقود بين الجاليتين العربية واليهودية في الولايات المتحدة، إذ لم ينقض يوم ١٣ سبتمبر الماضي حتى اجتمع نائب الرئيس البرت غور مع زعماء المنظمات العربية واليهودية الأمريكية الذين حضروا حفل توقيع الاتفاق حثهم في خطاب ألقاه أمامهم على توحيد جهودهم لدعم الاتفاق الإسرائيلي–الفلسطيني ، وقد أظهر الحاضرون تجاوبًا وتحمسًا مع دعوة غور. بعد أسبوع من ذلك أعلن كل من رئيس المؤتمر اليهودي الأمريكي روبرت ليفتون ورئيس الجمعية الوطنية للأمريكيين العرب جورج سالم أنهما سيعملان معًا لجمع المال والتبرعات الأخرى لإرسالها الى الضفة الغربية وقطاع غزة المحتلين.

ديمقراطيون أمريكيون

يلعب الحزب الديمقراطي دورًا في تنسيق العمل والتعاون بين أعضائه العرب واليهود الأمريكيين، إذ زودت اجتماعات اللجنة القومية للحزب الديمقراطي الشهر الماضي في واشنطن اليهود الديمقراطيين بصيغة لأخذ زمام المبادرة في الجهود الرامية إلى تعميق اتفاق السلام بين منظمة التحرير الفلسطينية وإسرائيل، وقال المدير التنفيذي للمجلس القومي اليهودي الديمقراطي ستيف غوتو أن اتفاق السلام

يسمح لليهود والعرب الأمريكيين النظر لبعضهم البعض كبشر وليس كشياطين فيما قال آخرون أن غالبية اليهود والعرب الأمريكيين هم ديمقراطيون، وأن الجاليتين العربية واليهودية كامليتين في أمريكا لديهما الكثير من القضايا المشتركة، وكان سبق تلك الاجتماعات قيام ممثلين عن المجلس اليهودي الأمريكي والجمعية الوطنية للأمريكيين العرب بغرس شجرة في حديقة الكونجرس الأمريكي حيث أعرب عدد من أعضاء الكونجرس عن أملهم بتحقيق تعاون في المستقبل بين اليهود والعرب في أمريكا والشرق الأوسط. وكان ۱۸ من رؤساء المنظمات اليهودية في نيويورك تعهدوا في اجتماع عقدوه قبيل اتفاق ١٣ سبتمبر دعم الاتفاق، وكان من بينهم رئيس منظمة إيباك اللوبي الإسرائيلي، ستيف غروسمان وتمتلك «إيباك» نفوذًا قويًا في الكونجرس الأمريكي، ولكن بما يتفق في النهاية مع المصالح الأمريكية الاستراتيجية في المنطقة العربية ويقول غروسمان: «إننا متأثرون جدًا وينبغي علينا التمسك بهذه الفرصة المعروضة والمضي قدما ونحن في «إيباك» نؤيد بشكل مطلق هذه الاتفاقية».

وقال ناطق باسم «إيباك» إنهم سيترجمون تأييدهم بأعمال ملموسة، وأضاف: سندعم الرئيس كلينتون وجهوده لجمع الأموال لمساعدة الأراضي المحتلة من الدول المختلفة.

وقد برز من بين مسئولي الجمعيات والمنظمات العربية الأمريكية الذين يبذلون جهودًا كبيرة للترويج للتعاون مع الكيان الإسرائيلي والتنسيق مع اللوبي اليهودي بواشنطن خليل جهشان المدير التنفيذي للجمعية الوطنية

للعرب الأمريكيين وجيمس زغبي المدير التنفيذي للمعهد العربي الأمريكي، وكان جهشان استضاف الشهر الماضي وزير الاستيطان الإسرائيلي بنيامين بن اليعازر في واشنطن إستجابة لطلب من «إيباك» حيث أعد له لقاء مع بعض أعضاء الجمعية أظهر خلاله احتفاء نادرًا به مما دفع بالوزير الإسرائيلي للتصريح لصحيفة إسرائيلية بأنه لأول مرة يجري دعوة وزير إسرائيلي للحديث أمام ما أسماه «اللوبي العربي» بواشنطن. وقد زاد جهشان من تقربه من المسئولين الإسرائيليين

واللوبي اليهودي حيث دعا كلا من وزير الصحة الإسرائيلي حاييم رامون والسفير الإسرائيلي بواشنطن ايتمار رابينو فيتش للتحدث إلى الجالية العربية الأمريكية في المؤتمر النسوي للجمعية الذي انعقد في واشنطن يومي ٢٩، ٣٠ أكتوبر الماضي إضافة إلى أن كافة المتحدثين هم من المدافعين عن اتفاق ١٣ سبتمبر ومن بينهم عدد من الإعلاميين الأمريكيين اليهود المعروفين بعدائهم للقضايا العربية والإسلامية أمثال: ستيفن روزنفيلد مما دفع بعدد من المثقفين العرب الأمريكيين الذين طلب منهم المشاركة إلى الاعتذار. أما زغبي فلم يجد ما يسمح به ماضيه سوى أن يدعو في مقال كتبه مؤخرًا في صحيفة كريستيان ساینس مونيتور بضرورة مواصلة الولايات المتحدة تقديم المساعدات المالية إلى إسرائيل لأن ذلك في نظره يخدم قضية السلام في المنطقة.

استطلاعات الرأي

واستنادًا إلى استطلاع للرأي اللجنة أجرته اللجنة اليهودية الأمريكية فإن ٨٤ بالمائة يؤيدون الاتفاق فيما أعرب 9 بالمائة فقط عن معارضتهم، أما فيما يتعلق بالقدس فإن ٦٢ بالمائة ذكروا أنهم يعارضون أي تسوية بشأنها.

ونظرًا للعلاقة الخاصة جدًا بين إسرائيل واليهود الأمريكيين فقد شكل وزير الخارجية الإسرائيلي شمعون بيريز لجنة لاختبار كيف يمكن التعامل مع التغيرات التي طرأت في أعقاب اتفاق ١٣ سبتمبر على العلاقات بين الجانبين، وقد اعترف بيريز بحدوث تحول محدود في هذه العلاقات، وقال أمام اجتماع لزعماء أمريكيين يهود «إن الجيل الذي عاش رعب الهولوكوست وشهدوا إقامة إسرائيل أصبحوا الآن يتقدمون في العمر». وأضاف أنه في الوقت نفسه «أن هذه الجاليات اليهودية تزداد التصاقًا بمشاكلها الخاصة» وأشار مؤكدًا على أن المجتمع الإسرائيلي ينأى بنفسه عن يهود الشتات.

استثمار السلام

من جهة أخرى شجعت إدارة كلينتون رجال الأعمال اليهود الأمريكيين للانخراط في مشاريع استثمارية واقتصادية في المنطقة التي توفرها فرص السلام في الشرق الأوسط، وقد اجتمع في السفارة الإسرائيلية بواشنطن يوم ۲۰ أكتوبر لشئون الشرق الأوسط إدوارد جيرجيان الذي لعب دور البائع حيث أبلغهم بأن الحكومة الأمريكية لوحدها لا تستطيع توفير السلام في المنطقة دون مشاركة من رجال أعمال يوفرون احتمالات تتوافق مع جهود الحكومة الأمريكية، ودعاهم إلى الاستثمار في المنطقة وخاصة في مجال الطاقة والنقل والاتصالات وكان وفد من رجال الأعمال اليهود الأمريكيين برئاسة المدير التنفيذي للمؤتمر اليهودي الأمريكي هنري سيغمان قام بجولة في المنطقة العربية زار خلالها مصر والأردن وفلسطين المحتلة لبحث إمكانيات الاستثمار والاستفادة من أموال الدعم التي ستقدمها الدول المانحة والتي تقدر بنحو ملياري دولار وقد عقد على هامش المؤتمر السنوي لمعهد واشنطن لسياسات الشرق الأدنى أواخر الشهر الماضي «ويمثل المعهد المؤسسة الفكرية للوبي اليهودي في واشنطن» اجتماع اقتصادي لمناقشة الاستثمار في الأراضي المحتلة وكان من بين المشاركين ممثلون عن شركة «كور» للصناعات الإسرائيلية وهي مؤسسة حكومية حيث ناقش المجتمعون صيغة التوزيع الاستثمارات في الأراضي المحتلة بحيث تحصل كور على ٢٥ بالمائة منها وتحصل الشركات الأمريكية ٥٠ بالمائة بينما يوزع الباقي على من سيرغب في الاستثمار مع ملاحظة أن حصة المستثمرين الفلسطينيين قد قلصت وفق الصيغة بحيث لا تزيد عن اثنين بالمائة.

(*) باحث في المؤسسة المتحدة للدراسات والبحوث.

الرابط المختصر :