العنوان الرئيس ريغان بين الأمس واليوم
الكاتب الأستاذ يوسف العظم
تاريخ النشر الثلاثاء 20-أكتوبر-1981
مشاهدات 14
نشر في العدد 547
نشر في الصفحة 32
الثلاثاء 20-أكتوبر-1981
لا نريد أن نخوض في جدل ونقاش حول قيمة العمل الذي يؤديه الممثل المحترف والمستوى الذي ارتضاه لنفسه باحتراف التمثيل سواء على خشبة المسرح أم أمام أضواء الكاميرا وعدسات التصوير.. ولكني أحب أن أقرر أن جانبا كبيرا من حياته وجزءا من عمره يمضيه بعيدًا عن حقيقة حياته الطبيعية التي يحياها ليؤدي الدور المعطى له سواء كان ذلك في «ملهاة» تثير الضحك أو «مأساة» تستدر الدموع.. ويبقى له من عمله واحترافه نصيب كبير يتسلل في حياته الخاصة ويسيطر على كثير من تصرفاته وممارساته اليومية! ولا نريد كذلك أن نحكم على المستوى الفكري أو الحضاري لدى الشعب الأمريكي الذي اختار ممثلًا محترفًا عجوزًا أمضى جل وقته أمام الكاميرات يؤدي الدور المعطى له على ظهور الجياد ومع قطعات الأبقار وفي يده حبل وسوط وبندقية ليكون اليوم رئيسا لأكبر دولة في العالم يقودها في شتى ميادين السياسة والاقتصاد والحرب!
ولكني أريد أن أبحث الأثر النفسي العميق الذي يمكن أن تتركه مهنة الرجل الأولى في حياته الجديدة والشعب الأمريكي في مقدمة الشعوب التي تهتم كثيرًا بعلم النفس وقد تبنى مؤسسته السياسة كثيرًا من علاقاتها مع الأفراد والشعوب على أسس من «علم النفس» هذا ولكن في إطار التحليل الماكر و«البحث الخبيث» لإيقاع الأذى بعباد الله والسيطرة على مقدرات الناس أرضا وجوا وبحرا وأجسادا وأنفسا وأرصدة مالية وحقول نفط.. المهم أن يحسن المحلل النفسي استغلال الشعوذة وأن يتمكن من أداء دوره في احتواء العالم كله بين يديه وأموال الدنيا جميعا في «خزنته» و «جرابه».. فكيف إذا كان هذا المحلل النفسي والباحث الاجتماعي في خدمة قائد لم يكن يومًا مربيًا ولا سياسيًا ولا رجل اقتصاد أو جندية وإنما ممثلا يؤدي دوره... على ظهور الجياد في يده سوط وبندقية وانشوطة حبل كما قلنا وصحراء الأريزونا وهضاب تكساس تعج من حوله بقطعات البقر وما تثيره من غبار وساقيات رمال!
إذن لابد أن يبقى في حياة الرجل العجوز ملامح من «الصيحات» و«العنجهيات» و «العنتريات» التكساسية... ولا بد أن يبقى في نفسية الرجل العجوز رواسب من الرغبة في «القتل والاستيلاء على حق الآخرين بالقوة و«سوق» قطعانهم بالسوط لتستقر في النهاية في حظيرته أو مزرعة سيده الذي لا يستبعد أن يكون في عالم التمثيل بالأمس كما هو في عالم السياسة اليوم يهوديًا مرابيًا يمثله صاحب مزرعة في تكساس أو محتل أرض في فلسطين؟
إن كثيرا من التصريحات السياسية أو الممارسات العسكرية للإدارة الأمريكية الجديدة لا تختلف كثيرا إلا في التسميات الشكلية عن صيحات رعاة الأبقار وقطاع الطريق في أفلام «الكاوبوي» التي عرفت بها السينما الأمريكية.. وإن ما نلمسه من إصرار «ریجان» وإدارته في إشعال فتيل الحرب هنا وهناك وذبح شعب فلسطين ولبنان بآلة الحرب المدمرة لتؤكد لنا هذه النظرية التي نقول بها بأن للرئيس ريجان من مهنته السابقة واحترافه في الماضي أكبر نصيب.
وإذا أحب البعض أن يذكرنا بالدور البشع الذي أداه الرئيس السابق كارتر ومن سبقه من وقوف في صف اليهود ودعم لبقاء إسرائيل وعدوانها واحتلالها لفلسطين فنحن لا ننسى أبدا أن الرئاسة الأمريكي وكرسيها باتت مرهونة لدى «بيوتات» المال ووسائل الإعلام اليهودية في واشنطن ونيويورك وأن أمريكا مازالت بحاجة إلى رجل أو مجموعة من الرجال يحررونها من «النفوذ اليهودي» و «السيطرة الصهيونية» قبل أن تتبجح أمريكا بأنها تعمل على تحرير شعوب العالم الثالث.. ولكنا نثير القضية الآن ونذكرها لأن صنعة ريجان السابقة وصنعته الحالية وممارسته في الماضي والحاضر بينهما تطابق كبير.. إلى حد مذهل يكاد يكون امتدادا واستمرارية يمارس الرجل فيها عمله.. الذي كان يؤديه احترافا واليوم يؤديه هواية محببة، ولكن بدل رعي البقر.. ذبح البشر وتدمير الشعوب.
موضوعات متعلقة
مشاهدة الكل