العنوان المجتمع التربوي العدد 1948
الكاتب د.عبدالحميد البلالي
تاريخ النشر الثلاثاء 04-مايو-1993
مشاهدات 8
نشر في العدد 1048
نشر في الصفحة 44
الثلاثاء 04-مايو-1993
وقفة تربوية
ضعف الإخاء :
«كان الحسن إذا فقد الرجل من إخوانه أتى منزله فإن كان غائبًا وصل أهله وعياله، وإن كان شاهدًا سأله عن أمره وحاله، ثم دعا بعض ولده من الأصاغر فأعطاهم الدراهم، ووهب لهم، وقال: يا أبا فلان، إن الصبيان يفرحون بهذا» (۱)
وعن الحسن أيضًا قال «إن كان الرجل ليخلف أخاه في أهله بعد موته أربعين سنة» (٢)
أين نحن من هذا اللون من الإخاء؟؟
أخوتنا أصبحت في الخطب والمحاضرات والمقالات، ولا تتجاوز في معظم حالاتها ذلك.
*إن الأخ ليمرض الأيام الطوال والأسابيع ولا يعلم عنه أحد.
*وأن الأخ ليموت أقرب الأقرباء منه ولا يعلم كثير من إخوانه به.
*وإن الأخ ليعيش الزمان الطويل وهو في ضائقة دون أن يعلم أو يتحسس بحاله أحد.
*وإن الخلاف ينشب بين أخوين لأتفه المسائل، والضيق بالرأي المخالف هو الأساس في علاقاتنا.
*وآخر شيء نفكر فيه متابعة أهل بعض الإخوة الذين يتوفاهم الله أو عياله من بعده.
*وإن كثيرًا من الإخوة يفضل السلفة من بنك على ما فيها من المحاذير الشرعية خوفًا من التعرض لمواقف الذل عند طلبه من أحد إخوانه.
هذا إذا كان الإخوان في مجموعة واحدة، أما إن كان كل أخ في مجموعة فالأحقاد وسوء الظن، والغيبة والحسد والاستهزاء واللمز والغمز وعدم التماس العذر وغيرها من الآداب الفاسدة هي الأصل في العلاقة.
هذا هو الغالب في علاقة بعضنا ببعض والله المستعان.
أبو بلال
كيف تبحث عن الراحلة؟!
الراحلة في طريق الدعوة
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم «إنما الناس كإبل مائة لا تكاد تجد فيها راحلة» (1)
ونحن في الحركة الإسلامية اليوم بحاجة إلى تلك الراحلة، والسعي إلى اكتشافها حتى نهيئ لها الفرص والمناسبات لقيادة الناس إلى الخير، وأما قول النبي صلى الله عليه وسلم «لا تكاد تجد فيها راحلة» أي مرحولة وهي النجيبة المختارة ويقال هي من الإبل المركوب المدرب الحسن الفعال القوي على الحمل والسفر يطلق على الذكر والأنثى والتاء فيه للمبالغة وكذلك نحن نريد الداعي النجيب والداعية النجيبة.
الحركة تشكو :
والحركة الإسلامية اليوم تشكو من قلة الرواحل سواء كانت تلك الراحلة من الرجال أو من النساء، ولهذا قال الشاعر:
ولم أر أمثال الرجال تفاوت *** لدى المجد حتى عد ألف بواحد
فالنسبة إذن عظيمة، والأمر جد خطير، يحتاج من الدعاة إلى إنشاء دوريات خاصة للبحث عن الراحلة ومحاولة كسبها لصف الدعوة ولهذا كان النبي صلى الله عليه وسلم يدعو الله أن يعز الإسلام بأحد العمرين.. وعندما أسلم عمر بن الخطاب- رضي الله عنه- غير تاريخ الدعوة ومسارها..
قلة التخطيط :
وحتى لو وجدت الراحلة في صف الحركة اليوم فإنما تكون بعفوية حركية لا تخطيطية وإنما ينبغي أن تكثف الجهود، ويحكم التخطيط لكسب الراحلة بعد تحديدها، فلو تعبت الحركة تخطيطًا وكسبت راحلة فإنها ستوفر على نفسها الجهود والأوقات بعد انضمام الراحلة إلى صف الدعوة.
صفات الراحلة :
ينبغي أن تتوفر في الراحلة أربع صفات وهي:
- سرعة البداهة: ونعني بها البداهة القولية والفعلية.
- حسن التفكير: ونعني به صحة الزاوية التي ينظر منها، وكيفية علاجه للمشاكل والتفكير في حلها.
- التكيف مع الظروف: ونعني بها أن تتكيف الراحلة مع الظروف الحياتية باختلاف أوقاتها وأشكالها تتكيف مع الواقع المرير والحياة الجميلة، تتكيف في السفر والحضر، تتكيف في السراء والضراء، تتكيف في الأزمات والرخاء.
- القيادة بدون تميز: وهذه من أهم الصفات بأن تقود الراحلة من حيث لا يشعر بها أحد.
من المسؤول عن تهيئة الراحلة؟
المربي هو المسؤول عن إيجاد الراحلة، فكم من شخص موهوب قيادي لم يهيأ له الجو المناسب، ولم يلق العناية المناسبة، ضاعت مواهبه وقدراته، وانخرط في الحياة وبعد عن صف الدعوة، لأنه لم يلق العناية ولم يستطع أن يجد ذاته
قد هيأوك لأمر أو فطنت له *** فاربأ بنفسك أن ترعى مع الهمل
ولهذا فإن من الأساليب التي تهيئ الراحلة:
أولًا: أن نجعل للمدعو فرصة للمشاركة في البرنامج أو النشاط أو حتى التخطيط.
ثانيًا: أن نتقبل اقتراحاته وانتقاداته ونتفاعل معها.
ثالثًا: أن يكون له دور إيجابي في الحركة، يرضى عنه ويتفاعل له ويتكبر من أجله.
مهتمك صعبة :
نحن لا نريد الراحلة الرياضية فقط ولكن نريد الراحلة في كل جانب وهذا حبيبنا محمد صلى الله عليه وسلم يقول لفلان: لا تغضب، ولفلان: إن فيك خصلتين، ولفلان: لا تولين على اثنين.. ويعطي أبو دجانة السيف، ويولي خالد المعارك ويقول نعم الرجل عبد الله لو كان يقيم الليل، فالمهمة إذن صعبة والانتقاء أصعب، وأصعب من ذلك كله كيفية التذليل والتوجيه ولكن مع الدعاء والاستعانة بالله يتذلل كل صعب ويتيسر كل عسير.
محذورات :
لا ينبغي للداعية القناص أن يحكم على المدعو من تجربة واحدة، ولا أن يكلفه في نواحٍ هو قليل القدرات بها فيظن أنه غير كفؤ، كما أن المدعو لابد أن يجد من الداعية القناص التعامل القلبي والنفسي والاهتمام به، قبل الرسميات والمهام وهذر الكلام، وبعد ذلك المحاسبة والتدقيق والتأنيب ولابد من معايشة مفهوم الذلة الشرعية بينهما فالابتسامة والحب والثناء من أكبر مسببات اندفاع الراحلة للعمل.
وأخيرًا :
نسأل الله تعالى أن يكثر في صف الحركة من الرواحل وأن يوفقنا إلى اكتشافهم.. هو ولي ذلك والقادر عليه.
وقفات مع آيات.. الصبر
للإنسان وقفات مع كتاب الله تبارك وتعالى يتزود من آياته ويتربى من عظاته.. فلنا وقفة مع قوله تعالى:
﴿إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُم بِغَيْرِ حِسَابٍ﴾ (الزمر:10) آية تتجلى بها صفة من صفات الأنبياء والرسل.. إنها كالبلسم الشافي لأصل البلاء.. وهي كالنور المضيء لأصل الشقاء.. أضاءت الطريق لذي النون فخرج من بطن الحوت» (الأنبياء 87، 88) وأبصر بها يعقوب ابنه يوسف بعد فراق فانساقت عبراته آيات تتلى إلى يوم القيامة ﴿قَالَ بَلْ سَوَّلَتْ لَكُمْ أَنفُسُكُمْ أَمْرًا ۖ فَصَبْرٌ جَمِيلٌ ۖ وَاللَّهُ الْمُسْتَعَانُ عَلَىٰ مَا تَصِفُونَ﴾ (يوسف:18).
وهي التي ثبتت قلب أم موسى بعدما قذفته في اليم وهي لا تدري أينجو من بطش فرعون أم ما هو مصيره ﴿وَأَصْبَحَ فُؤَادُ أُمِّ مُوسَىٰ فَارِغًا ۖ إِن كَادَتْ لَتُبْدِي بِهِ لَوْلَا أَن رَّبَطْنَا عَلَىٰ قَلْبِهَا لِتَكُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ﴾ (القصص:10)، وهي التي أوصلت لنا هذا الدين إلى يومنا هذا بعدما قاسى المصطفى صلوات الله وسلامه عليه ما قاسى مع كفار قريش عندما كان هذا الدين ضعيفًا ولم يكن معه إلا قلة قليلة من أولئك المؤمنين.. فذهب إلى أهل الطائف يدعوهم لهذا الدين فأرسلوا خلفه العبيد والصبيان ليشتموه ويرموه بالحجارة حتى أدموا قدميه الشريفتين فنزل عليه جبريل عليه السلام وقال له: أأمرني يا رسول الله فأخبر ملك الجبال ليطبق عليهم الأخشبين «جبال الطائف» فقال له المصطفى صلوات الله وسلامه عليه تصبرًا وحلمًا: اتركهم لعل الله يخرج من أصلابهم من يوحد الله.
الله أكبر.. ما أعظمها من صفة تحلى بها الأولون والآخرون فبالصبر معانٍ وعظات وعبر كثيرة.. ولا يخفى علينا صبر وثبات أيوب عليه السلام حتى ضرب المثل بقصته ﴿وَأَيُّوبَ إِذْ نَادَىٰ رَبَّهُ أَنِّي مَسَّنِيَ الضُّرُّ وَأَنتَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ﴾ (الأنبياء: 83)، وكما أنجى الله تعالى إبراهيم من النار ﴿قُلْنَا يَا نَارُ كُونِي بَرْدًا وَسَلَامًا عَلَىٰ إِبْرَاهِيمَ﴾ (الأنبياء:69).
فبالصبر استطاع أهلنا المرابطون المكوث رغم شظف العيش والقهر والقسر وظلم المعتدي.. وبالصبر استطاع أهلنا المهاجرون تحمل آلام الضربة وحراسة الفراق.
وبالبصبر تلقت أم الشهيد نبأ رحيل ابنها للباري عز وجل.. وبالصبر تترقب أم الأسير ابنها المفقود بين فينة وأخرى.
وهي كما يقول الشاعر:
اصبر لكل مصيبة وتجلد |
| واعلم بأن المرء غير مخلد |
وفقنا الله لطاعته وللتأسي بصفة الأنبياء والرسل والصالحين؛ نبهني الله وإياكم من نومة الغافلين.. وهداني وإياكم صراطه المستقيم والحمد لله رب العالمين.
أخوكم/ خالد حسن مال الله
بيان- الكويت
الحرب المعلنة
يقول رب العزة: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَذَرُوا مَا بَقِيَ مِنَ الرِّبَا إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ فَإِن لَّمْ تَفْعَلُوا فَأْذَنُوا بِحَرْبٍ مِّنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ ۖ وَإِن تُبْتُمْ فَلَكُمْ رُءُوسُ أَمْوَالِكُمْ لَا تَظْلِمُونَ وَلَا تُظْلَمُونَ﴾ (البقرة:278- 279).
وكتاب الله الخالد لا تنقضي عجائبه والأمر الذي أصبح واضحًا ملموسًا أنها حرب فعلًا حرب على الأعصاب والقلوب حرب على البركة والرخاء حرب على السعادة والطمأنينة والقلق وأخيرًا حرب السلام بين الأمم والجيوش والدول، إنها الحرب الساحقة التي تقوم وتنشأ من جراء النظام والعمل بالربا وهي قائمة تأكل الأخضر واليابس في حياة البشرية الضالة والبشرية الغافلة.
يقول المصطفى صلى الله عليه وسلم «درهم ربا يأكله الرجل وهو يعلم أشد عند الله من ستة وثلاثين زنية، الربا ثلاثة وسبعون بابًا أيسرها مثل أن ينكح الرجل أمة، وإن أدنى الربا ثلاثة وسبعون بابًا أيسرها مثل أن ينكح الرجل أمة، وإن أدنى الربا عرض الرجل المسلم.
ولعن رسول الله صلى الله عليه وسلم آكل الربا وموكله وكاتبيه وشاهديه وقال هم سواء، «أما في الآخرة فيقول رب العزة جلت عظمته ﴿الَّذِينَ يَأْكُلُونَ الرِّبَا لَا يَقُومُونَ إِلَّا كَمَا يَقُومُ الَّذِي يَتَخَبَّطُهُ الشَّيْطَانُ مِنَ الْمَسِّ﴾ (البقرة: 275).
والإسلام ليس كلمة باللسان أو مظهرًا باللباس، إنما هو نظام حياة ومنهج عمل وإنكار جزء منه كإنكار الكل، والخسف الذي حاق ببني إسرائيل أنهم كانوا يؤمنون ببعض الكتاب ويكفرون ببعض، ﴿فَمَا جَزَاءُ مَن يَفْعَلُ ذَٰلِكَ مِنكُمْ إِلَّا خِزْيٌ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا﴾ (البقرة:85).
فكم من أديب تتزين بحضوره المجالس والمحافل ويكون له مكانته في الإكرام والتفضيل والاحترام ولكنه لا يساوي عند الله جناح بعوضة.
وكم من شجف متغطرس معجب بنفسه بلغ به العجب أن يفرض نفسه على الناس وهو يظن أن رأيه هو الصواب وأن غيره غارق في الجهل والضلال.
وصدق الشاعر:
إن كنت لا تدري فتلك مصيبة *** وإن كنت تدري فالمصيبة أعظم
محمد أبو سيدو
موضوعات متعلقة
مشاهدة الكل