العنوان الزواج في الإسلام
الكاتب مجلة المجتمع
تاريخ النشر الثلاثاء 17-نوفمبر-1970
مشاهدات 88
نشر في العدد 36
نشر في الصفحة 28
الثلاثاء 17-نوفمبر-1970
الأُسْرَة
الزواج في الإسلام
لم يكن للمرأة شأن يُذكر في عهود اليونان والفرس والرومان، وكانت تعد كمتاع في المنزل، واختلف في تعريفها هل هي شيطان أم روح، وثم باعت نفسها وتعرت، وكان ذلك بداية النهاية؛ إذ بعد سنوات من هذا الفساد قضى على تلك الدول حين اتجه الجنود إلى النساء والخمر وأهملوا الحرب، وكان الزواج في ذلك العهد من أيسر الأمور فلم يعد لعقد الزواج عندهم معنى سوى أنه عقد مدني فحسب يتوقف بقاؤه ومضيه على إرضاء المتعاقدين، وأصبحوا لا يهتمون بتبعات العلاقة الزوجية إلا قليلًا، وسهلوا أيضًا من أمر الطلاق تسهيلًا جعله شيئًا عاديًا يلجأ إليه لأتفه الأسباب، فهذا سينكا الفيلسوف الروماني الشهير بندب كثرة الطلاق ويشكو تفاقم خطبه بين بني جلدته فيقول: «إنه لم يعد الطلاق اليوم شيئًا يندم عليه أو يستحيى منه في بلاد الرومان، وقد بلغ من كثرته وذيوع أمره أن جعلت النساء يعدون أعمارهن بأعداد أزواجهن» هذه هي الحالة التي كانت سائدة في العصور القديمة، الزواج شيء تافه وتعدد الزوجات إلى حد كبير شيء عادي، هذه حالة اليونان والفرس والروم فإلى جانب الحروب المتصلة والغزوات ووأد البنات كانت الدعارة متفشية في ذلك الوقت يصور ذلك حديث عائشة رضي الله عنها «أن النكاح في الجاهلية كان على أربعة أنحاء: فنكاح منها نكاح الناس اليوم - يخطب الرجل إلى الرجل وليته أو ابنته فيصدقها ثم ينكحها، والنكاح الآخر كان نكاح الرجل يقول لامرأته إذا طهرت من طمثها أرسلي إلى فلان فاستبضعي منه ويعتزلها زوجها ولا يمسها أبدًا حتى يتبين حملها من ذلك الرجل الذي تستبضع منه فإذا تبين حملها أصابها زوجها إذا أحب وإنما يفعل ذلك رغبة في نجابة الولد.
فكان هذا النكاح نكاح الاستبضاع..
ونكاح آخر يجتمع الرهط مادون المعاشرة فيدخلون على المرأة كلهم يصيبها فإذا حملت ووضعته ومر عليها ليال بعد أن تضع حملها أرسلت إليهم فلم يستطع رجل منهم أن يمتنع حتى يجتمعوا عندها تقول لهم: قد عرفتم الذي كان من أمركم وقد ولدت فهو ابنك يا فلان تسمي من أحبت باسمه فيلحق به ولدها ولا يستطيع أن يمتنع به الرجل
والنكاح الرابع: يجتمع الناس الكثير فيدخلون على المرأة لا تمتنع ممن جاءها وهن البغايا كن ينصبن لهن رايات تكن علمًا فمن أرادهن دخل عليهن، فإذا حملت إحداهن ووضعت حملها جمعوا لها ودعوا لهم القافة، ثم الحقوا ولدها بالذي يرون فالتاطه ودعي ابنه لا يمتنع عن ذلك.
في خضم هذه الجاهلية العمياء جاء رسول الله صلى الله عليه وسلم بالإسلام الذي أنار الطريق أمام الجاهليين فساروا على هديه فصلح المجتمع، جاء الإسلام بالزواج مع مما جاء به من التعاليم الأخرى، ووضع له الحدود والقوانين مما يكفل إقامة حياة زوجية هادئة سعيدة، ولم يكتف بذلك فقط بل جاء بتعاليم تحيط هذا الزواج بالرعاية وتمنع جميع الدعائيات التي تفسده وتقضي عليه، فمثلًا حرم خروج المرأة دون حجاب، وحرم عليها معصية زوجها، وحث على الزواج يتمثل ذلك في قول رسول الله صلى الله عليه وسلم «يا معشر الشباب من استطاع منكم الباءة فليتزوج فإنه أغض للبصر وأحصن للفرج ومن لم يستطع فعليه بالصوم فإنه له وجاء».
ولا يحل للمسلم أن يعرض عن الزواج مع المقدرة عليه كما في حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقال بعض العلماء إن الزواج فريضة على كل مسلم لا يحل له ترکه ما دام قادرًا عليه وخاصة في هذا العصر الذي أحاط المسلم بالشهوات وألهب غريزته فليس له ملجأ إلا الزواج، وما الطريق الأفضل لتجنب الفساد إلا الزواج، ويبين رسول الله -صلى الله عليه وسلم للمسلم الزوجة وصفاتها التي إن توفرت سعد الإنسان في حياته الزوجية، وبيَّن من هي الزوجة الصالحة فقال صلى الله عليه وسلم «تُنكح المرأة لأربع: لمالها، ولحسبها ولجمالها، ولدينها، فأظفر بذات الدين تربت يداك»، والرسول صلى الله عليه وسلم في بيته ومع زوجاته مثل المسلمين الأعلى يرون كيف كان يحيا مع أزواجه، وكيف كان يعاملهم فيسيرون حذوه ويتبعون طريقته، وما أعمال الرسول صلى الله عليه وسلم إلا قدوة يقتدى بها «ولكم في رسول الله أسوة حسنة»، وهنا نأتي إلى نقطة هامة اتخذها أعداء الإسلام وخاصة المستشرقون منهم دعاية ضد الإسلام، وادعاء بأن الإسلام دين لا يصلح لهذه الحياة لأنه ناقص، وادعاؤهم هو أن الإسلام حلل الزواج بأكثر من واحدة والرد على مثل هذا الادعاء الباطل هو أن الإسلام ما أجاز هذا الأمر إلا لحكمة أرادها الله سبحانه وتعالى هي خير للمسلمين.
فالإسلام جعل للتعدد شروطًا وهي ثقة المسلم من أنه سوف يعدل بين زوجاته في المأكل والملبس والمشرب فمن لم يثق بنفسه القدرة على العدل فيحرم عليه الزواج بأكثر من واحدة ﴿فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تَعْدِلُوا فَوَاحِدَةً﴾ وقال عليه الصلاة والسلام: «من كانت له امرأتان يميل لإحداهما على الأخرى جاء يوم القيامة يجر أحد شقيه ساقطًا أو مائلًا».
والحكمة في تعدد الزوجات السبب فيها أن بعضًا من الناس من يكون قوي الرغبة في النسل ولكنه رزق بزوجة لا تنجب لعقم أو مرض أو غيره أفلا يكون أكرم لها وأفضل له أن يتزوج عليها من تحقق له رغبته مع بقاء الأولى وضمان حقوقها، ومن الرجال من يكون قوى الغريزة ثائر الشهوة ولكنه رزق بزوجة قليلة الرغبة في الرجال أو ذات مرض أو تطول عندها فترة الحيض والرجل لا يستطيع الصبر كثيرًا عن النساء أفلا يباح له أن يتزوج بأخرى، وقد يكون عدد النساء أكثر من عدد الرجال وخاصة في أعقاب الحروب، وهناك تكون مصلحة المجتمع ومصلحة النساء أنفسهن أن يكن ضرائر لا أن يعشن العمر كله عوانس، هذه بعض أمور الإسلام في الزواج وهناك نقاط سيكون لها موضوع منفصل إن شاء الله.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.