العنوان الشركة
الكاتب مجلة المجتمع
تاريخ النشر الثلاثاء 18-يوليو-1972
مشاهدات 17
نشر في العدد 109
نشر في الصفحة 30
الثلاثاء 18-يوليو-1972
تبسيط الفقه
الشركة
تحدثنا في العدد الماضي عن الشركة في فقه المعاملات الإسلامي، وتعرضنا للنوع الأول من أنواعها وهو «شركة العنان»، ونواصل اليوم عرض أنواع أخرى من الشركات التي وضع لها فقهاء التشريع الإسلامي أحكامًا وقانونًا.
شركة الوجوه
ومعناها: أن يشترك اثنان أو أكثر ليس لهما رأس مال إلا جاههما وثقة التجار بهما، في ربح ما يشتريان من الناس في ذمتهما، سواء أعين أحدهما لصاحبه ما يشتريه أو قال: ما اشتريت من شيء فهو بيننا مشاركة.
ويكون الملك والربح كما شرطا من تساوٍ أو تفاضل لحديث: «المؤمنون عند شروطهم» ولأن أحدهما قد يكون أوثق عند التجار، وأبصر بالتجارة من الآخر، فكان على ما شرطا... كشركة العنان. والخسارة على قدر الملك، فمن له فيه الثلثان فعليه ثلثا الخسارة، ومن له الثلث عليه ثلثها، سواء أكان الربح بينهما كذلك أم لا، لأن الخسارة نقص رأس المال. وهو مختص بملاكه، فيوزع بينهم على قدر الحصص. ومبنى هذه الشركة على الوكالة والكفالة، فكل منهما وكيل لصاحبه وكفيل عنه.
وحكمها فيما يجوز لكل منهما أو يمنع منه كشركة العنان.
شركة المضاربة
تعريفها:
أن يدفع إنسان ماله إلى آخر ليتجر فيه، ويكون الربح بينهما بحسب ما يتفقان عليه. فهي شركة بين رأس المال من جانب وبين العمل والخبرة من جانب آخر، وسمیت مضاربة لأنها مشتقة من الضرب في الأرض - أي السفر فيها للتجارة ـ قال الله تعالى: ﴿إِنَّ رَبَّكَ يَعْلَمُ أَنَّكَ تَقُومُ أَدْنَىٰ مِن ثُلُثَيِ اللَّيْلِ وَنِصْفَهُ وَثُلُثَهُ وَطَائِفَةٌ مِّنَ الَّذِينَ مَعَكَ ۚ وَاللَّهُ يُقَدِّرُ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ ۚ عَلِمَ أَن لَّن تُحْصُوهُ فَتَابَ عَلَيْكُمْ ۖ فَاقْرَءُوا مَا تَيَسَّرَ مِنَ الْقُرْآنِ ۚ عَلِمَ أَن سَيَكُونُ مِنكُم مَّرْضَىٰ ۙ وَآخَرُونَ يَضْرِبُونَ فِي الْأَرْضِ يَبْتَغُونَ مِن فَضْلِ اللَّهِ ۙ وَآخَرُونَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ ۖ فَاقْرَءُوا مَا تَيَسَّرَ مِنْهُ ۚ وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَأَقْرِضُوا اللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا ۚ وَمَا تُقَدِّمُوا لِأَنفُسِكُم مِّنْ خَيْرٍ تَجِدُوهُ عِندَ اللَّهِ هُوَ خَيْرًا وَأَعْظَمَ أَجْرًا ۚ وَاسْتَغْفِرُوا اللَّهَ ۖ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ﴾. (المزمل : ٢٠).
حكمها :
وهي جائزة. وقد بعث النبي- صلى الله عليه وسلم- والناس يتعاملون بها، فلم ينكرها، كما رويت إباحتها عن جماعة من الصحابة كعمر، وعثمان وعلي وابن مسعود وحكيم بن حزام رضي الله عنهم، ولم يعرف لهم مخالف فيكون إجماعًا.
حكمة إباحتها:
والحكمة تقتضي إباحتها، لأن بالناس حاجة إليها، فإن النقود لا تنمى إلا بالتجارة والاستغلال وليس كل من يملكها يحسن التجارة، ولا كل من يحسنها له مال، فشرعت لدفع حاجة الناس، وليتعاون رأس المال والعمل فيما يجلب النفع لأربابهما وللأمة كلها.
أهم شروطها:
۱ ـ أن يكون رأس المال معلومًا، لأن الشركة قد تفسخ ولا بد من الرجوع إلى رأس المال، ليعلم الربح، ولا يمكن ذلك مع الجهل.
۲ - أن يشترط للعامل نسبة معلومة من الربح ٥٠٪ أو ۳۰٪ حسب التراضي، كما عامل النبي- صلى الله عليه وسلم- أهل خيبر بشطر ما يخرج من الأرض والنخيل، والمضاربة في معناها.
لا يجوز اشتراط نقود معينة لأحدهما أو كليهما:
ولا يجوز في المضاربة أن يشترطا لأحدهما أو كليهما نقودًا معلومة من الربح کخمسين دينارًا مثلًا، أو ربح جزء معين من رأس المال، لما سبق أن ذكرناه في شركة العنان: لأن الشركة قد لا تربح غير هذا المبلغ، أو لا تربح أصلًا، فينفرد الأخر بالغرم أو تربح شيئًا كثيرًا، فيتضرر المشروط له.
والدليل على عدم جواز هذا الشرط: ما صح عن النبي، صلى الله عليه وسلم، من نهيه في المزارعة أن يشرط لرب الأرض ثمرة رقعة معينة أو مقدار معين من الخارج، فقد لا تخرج الأرض إلا هذا المشروط أو لا تخرج شيئًا.
وإذا اختلَّ أحد هذين الشرطين فسدت الشركة، واعتبر العامل موظفًا عند رب المال، فيستحق أجره مثله عرفًا، لأن بذل جهده وخبرته بعوض لم يسلم له، والتصرف صحيح، لأنه بإذن رب المال.
الخسارة على المال:
وإذا صح كان الربح بينهما- بحسب الاتفاق- فإن الخسارة على صاحب المال وحده لأنها تابعة للمال، وإن كان رب المال يخسر ماله، فإن العامل يخسر جهده وعمله، فالعدل قائم.
نفقة العامل حسب الشرط أو العرف
ولا نفقة للعامل من مال الشركة، ونعني بالنفقة: المأكل والمشرب والكسوة، لأنه دخل على العمل بجزء مسمى من الربح، فلا يستحق كالمزارع والمساق. إلا أن يشرط ذلك في العقد، فله ذلك، لحديث النبي صلى الله عليه وسلم: «المؤمنون عند شروطهم» أو يكون هذا هو الجاري في العرف والعادة، فإن العادة محكمة.
ويستحب تقديرها، لأنه أبعد عن الضرر واحتمال النزاع. وإذا اختلفا فله نفقة مثله عرفا من طعام وكسوة.
شركة الأبدان
ولهذه الشركة صورتان:
الأولى - أن يشتركا فيما يمتلكان بأبدانهما من الأشياء المتاحة، كاصطياد السمك والحيوان واستخراج اللؤلؤ والمعدن ونحو ذلك.
الثانية- أن يشتركا فيما يتقبلان في ذمتهما من العمل، كاثنين من أهل المهن افتتحا محلًا مشترکًا کمهندسین أو محاميين أو نجارين. ولا يشترط أن تكون مهنتهما واحدة.
فإن عمل أحدهما دون صاحبه فالكسب بينهما على ما شرطا.
وما يحصل لهما من مباح تملكاه أو تملكه أحدهما، أو من أجره عمل تقبلاه أو تقبله أحدهما، يوزع على ما شرطا من تساوٍ أو تفاضل، لأن الربح مستحق بالعمل ويجوز تفاضلهما فيه.
شركة المفاوضة
وهي جائزة، لأنها لا تخرج عن أنواع الشركة التي تقدمت والأصل في العقود والمعاملات هو الإباحة، إلا ما نص الشارع على منعه. وعلى هذا فإن ما استحدثه الناس من أنواع الشركات في عصرنا كالشركات المساهمة لا بأس بها ولا حرج فيها ما لم تشتمل على محرم؛ كالربا والقمار، وغير ذلك من أنواع المظالم.
موضوعات متعلقة
مشاهدة الكل