; الطاقة ومؤتمر الدول الصناعية في طوكيو | مجلة المجتمع

العنوان الطاقة ومؤتمر الدول الصناعية في طوكيو

الكاتب مجلة المجتمع

تاريخ النشر الثلاثاء 10-يوليو-1979

مشاهدات 15

نشر في العدد 453

نشر في الصفحة 8

الثلاثاء 10-يوليو-1979

 لماذا يفتعل الغربيون وجود الأزمة النفطية؟

في اليوم الثاني من شهر يونيو المنصرم ... وعلى هامش ما تتناقله الأخبار من التصريحات المتضاربة حول أزمة الطاقة في العالم ... قال «أولف لانتزك» المدير التنفيذي لوكالة الطاقة الدولية:

«إن سقوط الشاه قد بدأ مسلسلًا من التفاعلات السياسية والاقتصادية ستخلق مشاكل نفطية أخطر مما حدث عام 1974» ... وهنا أضاف «أولف لانتزك»: «نحن نعرف ما يجب فعله ... وقد آن الأوان ليحل العمل محل القول».

إذن فقد آن الأوان ليحل العمل محل القول بالنسبة للغرب -أو للعالم الصناعي- ومن أجل هذا عقد -على ما يبدو- مؤتمر الدول السبع الصناعية في طوكيو.

وإذا كانت معلومات الشهور السابقة تشير إلى أن التخطيط لهذا المؤتمر الأممي الكبير لم يكن لمناقشة مسألة الطاقة بقدر ما كان سيعقد لمناقشة الحلول المطروحة للأزمات العالمية الطافية على السطح السياسي، فإن التطورات التي جعلت مؤتمر طوكيو يكرس نفسه من أجل مشكلة الطاقة ...

وإذا أردنا إلقاء الأضواء الكاشفة على الأيديولوجية التي برزت في مؤتمر قمة الدول الصناعية، فإنه لا بد من وضع بعض الملاحظات فيما يلي:

1- إن مؤتمر طوكيو يحمل الصفة الأممية العالمية، حيث ضم سبعة من كبار الزعماء في العالم شملت القارات الثلاث «آسيا- أوربا- أمريكا» ومؤتمر مثل هذا على مستوى القمة إنما هو مؤتمر يوضع في قائمة مؤتمرات الأحداث العالمية الضخمة.

2- مؤتمر طوكيو مسبوق بمؤتمرات قمة فرعية، لعل أقربها إليه اجتماع القمة بين الرئيس الأمريكي كارتر والرئيس بريجينيف، ومؤتمر قمة السوق الأوروبية المشتركة واجتماع القمة بين الرئيس الفرنسي فاليري جيسكار ديستان ورئيس الاتحاد السوفياتي بريجينيف.

3- توقيت انعقاد المؤتمر يصادف اختتام اجتماعات وزراء النفط في دول الأوبيك والذي عقد في الفترة الأخيرة في جنيف.

بعد هذه السلسلة من المؤتمرات والاجتماعات يأتي مؤتمر طوكيو ليضم اجتماع زعماء الدول الصناعية السبع، معتمدًا عدم إدخال أي دولة من دول الجانب الشيوعي في هذا المؤتمر، ليصبغ بعد ذلك المؤتمر بصبغة الأيديولوجية الغربية الرأسمالية العالمية.

ماذا يريد العالم الصناعي؟

يستطيع الإنسان بعد معرفة الظروف التي عقد فيها المؤتمر أن يستشم حقيقة الرغبة التي يسعى إليها قادة الدول الصناعية الغنية، فقد لوحظ أن بعض الدول -ولا سيما تلك التي تسير في الخط الأمريكي- حاولت:

أولًا: افتعال وجود أزمة نفطية عالمية:

حيث أصر قادة الغرب الصناعي على أن «الحالة النفطية» تهدد استقرار العالم كله، فوزير مالية الولايات المتحدة أعلن في اجتماع منظمة التعاون والتنمية في الدول المتقدمة -وهي منظمة تجمع 24 دولة- أن النفط هو أخطر مشكلة يواجهها العالم المتحضر، وإذا لم تنجح الدول المتقدمة في حل هذه المشكلة فلن يفيد أي جهد في تحقيق الاستقرار لهذا العالم.

ثانيًا: إطلاق التهديدات العلنية بالسيطرة على منابع النفط:

ولعله لم يمر يوم واحد خلال شهر يونيو الماضي ولم يطلق فيه أحد كبار القياديين السياسيين أو المسؤولين العسكريين في العالم الغربي تهديدات دولته باحتلال منابع النفط أو الإعلان عن حمايتها أو تأمين المنافذ الموصلة إليها، وقد اشتركت فرنسا في مثل هذه التهديدات العنجهية لأول مرة منذ عدة سنوات، فقد ورد فيما نقلته بعض صحف فرنسا أن وزارة الدفاع أعدت فرقة مدربة لأحداث الطوارئ قوامها أربعة آلاف جندي مستعدين للنزول في الخليج.

من هنا يستطيع الإنسان أن يحدد رغبة العالم الآخر، عالم الحضارة الصناعية القائمة على مبدأ الاستغلال والعنجهية وذلك في نقطتين:

الأولى:

رغبة الدول الصناعية -وهي دول استعمارية- بجعل المنطقة النفطية بقرة حلوبًا لمطامعهم ... بحيث تستطيع هذه الدول استغلال الطاقة النفطية بالأسعار التي تحددها هي، والتي لا تتجاوز سعر تكلفة استخراج النفط إلا بالشيء الزهيد.

الثانية:

- الاستعداد للمواجهة العسكرية -أو بالأحرى السيطرة العسكرية على منابع النفط- وهذا واضح في جميع التصريحات الصادرة عن القيادات الغربية، وما تصريح وزير الدفاع الأمريكي هارولد براون يوم الجمعة الفائت بشأن تعزيز القوات الأمريكية في منطقة الخليج إلا من هذا القبيل.

إن رغبة الدول الصناعية الاستعمارية التي حددناها في النقطتين السابقتين وهما «الاستغلال أو الاحتلال» تبرز أن في الهدف الذي صرح عنه المسؤول الياباني المتحدث باسم مؤتمر الدول الصناعية السبعة الذي عقد في طوكيو حيث قال:

«إن هدف المؤتمر هو تشكيل جهاز دولي لتنظيم أسعار النفط والحد من الطلب».

وقال أيضًا:

«إن ما يقلق الدول المشتركة في مؤتمر طوكيو هو الخوف من احتمال مواجهة مع دول الأوبك».

لكن ... هل حقق المؤتمرون ما يريدون؟

يبدو أن ذلك قد حصل جزئيًا ... فالأسعار التي حددت في اجتماع دول الأوبك لم تكن تلك الأسعار التي تعادل ثمن برميل النفط في السوق الحر، فقد وصل سعر البرميل إلى 35 دولارًا بحسب ما أعلن عنه في الولايات المتحدة، لذا فقد جاءت أسعار الأوبك مطمئنة ومحققة للرغبة الغربية.

وبقي الحوار مفتوحًا حول إمكانية السيطرة على آبار النفط، ذلك أن الموقف الفرنسي الذي أعلنه الرئيس ديستان في المؤتمر -والذي اعتبره بعض المراقبين مفاجأة- حد من شأن التسليط الأمريكي.

□ فالأمريكان الذين اتقنوا لعبة المحاور السياسية فوجئوا هذه المرة بخروج الرئيس الفرنسي عن محورهم الاقتصادي، الأمر الذي أعطى بعض دول الأوبك بعض القوة فرفعت من قيمة عملاتها المحلية وقد شهدت بعض الدول الخليجية هذا الإجراء في الشهر الماضي.

□ والتهديدات الأمريكية بغزو منابع النفط وجدت حذرًا عند بعض القوى العالمية، الأمر الذي دعا تلك القوى إلى إطلاق تصريحات مشابهة، ولا سيما الاتحاد السوفياتي الذي اعتبر انعقاد مؤتمر الدول الصناعية العالمي في اليابان بمعزل عنه عبارة عن حلف اقتصادي يعتمد على استراتيجية غربية معادية له.

ويبقى هنا سؤال:

ترى لماذا استمر الأمريكان بتحريض الشعب الأمريكي على دول المنطقة العربية بالذات؟

إن التحريض يتم هناك بوسيلتين:

1- الإعلان بأن الدول العربية هي السبب في الأزمة الاقتصادية العالمية الخانقة.

2- إجبار المواطن الأمريكي على التقنين في استخدامه للوقود.

وتأتي الإجابة بأن الطاقة هي الوسيلة الوحيدة للتحريض.

أما السبب الحقيقي للموقف العدائي عند الأمريكان، فهو بروز المتغيرات الدولية في المنطقة الإسلامية والتي تدعو النزعة الاستعمارية الأمريكية إلى احتلال عسكري جديد يعيد سيرة الاستعمار في النصف الأول من هذا القرن.

الرابط المختصر :

موضوعات متعلقة

مشاهدة الكل

البترول العربي وقضَايا المصير

نشر في العدد 2

115

الثلاثاء 24-مارس-1970

مجلس الأمة - عدد 7

نشر في العدد 7

32

الثلاثاء 28-أبريل-1970