العنوان الطريق إلى النهضة
الكاتب محمد عامر عبدالحميد مظاهري
تاريخ النشر السبت 05-مايو-2001
مشاهدات 11
نشر في العدد 1449
نشر في الصفحة 40
السبت 05-مايو-2001
لكي نقود الإنسانية قيادة الربان للسفينة إلى بر الأمان، فإن علينا التآسي بقائدنا الأعظم ومرشدنا الأول محمد بن عبد الله -صلى الله عليه وسلم-، وعلينا أيضًا أن نحدد بوضوح الهدف الذي نسعى من أجل تحقيقه، وهو الذي نطلق عليه اسم «الغاية الكبرى»، ثم نرسم الطريق الذي يوصلنا إلى هذه الغاية وهو طريق طويل لا يمكن قطعة في مرحلة واحدة، إذن علينا أن نقسم هذا الطريق إلى مراحل تنفيذية، تبدأ كل مرحلة بممارسات محددة وتنتهي بتحقق هدف معين.
ويجب أن نقدر لعامل الوقت قيمته الحقيقية دون إفراط أو تفريط، ونتحاشى الوقوع في العجلة والتهور، إذ المهم هو التقيد بأداء المستلزمات الخاصة بكل مرحلة حتى يتحقق الهدف المرسوم لها، فلا تحملنا الظروف المستجدة والمشكلات الطارئة والمعارضات المدروسة على استعجال النتائج أو اختلاط الأوراق أو الاغترار بالواقع المتحقق، فلا نبدأ في المرحلة الثانية إلا بعد تحقق الهدف المرسوم للمرحلة الأولى، ولا ندخل في تنفيذ المرحلة الثالثة إلا بعد التأكد من استيفاء المرحلة الثانية... وهكذا.
وهذه هي عين سنة نبينا -صلى الله عليه وسلم-، فقد لبث في مكة المكرمة سنوات لم يحمل السلاح البتة على الرغم من محاولات الخصوم لجره إلى ذلك مرارًا، وذلك لأن الهدف المرسوم للمرحلة المكية لم يكن قد تحقق، فلم يكن هناك أي مجال لخلط الأوراق واستعجال النتائج والدخول في تنفيذ متطلبات المرحلة التالية.
إن الكثيرين من الأوفياء لهذا الدين يعتقدون أن إصلاح الوضع الراهن يحتاج إلى تغيير الأنظمة السياسية القائمة، ويحاولون جاهدين تنفيذ هذا الاعتقاد وترجمته إلى واقع فعلي من خلال تغيير رؤوس الأنظمة في البلاد الإسلامية نفسها، وهؤلاء الأوفياء يحاولون -بذلك- خلق معجزة ليس لهم أن يأتوا بها، ويريقون في سبيلها دماء إخوانهم في الملة ويعرضون حرماتهم للانتهاك، فهم -مع إصابتهم في تعيين الغاية الكبرى- لم يحسنوا رسم خطة ملائمة للوصول إلى تحقيقها، فبدؤوا بالصعود من آخر السلم فظلوا يحاولون عن غير جدوى.
إن السبيل الرئيس الذي ينبغي أن يسلكه كل مصلح لعالم اليوم ليس إصلاح الأنظمة السياسية فحسب، بل ينبغي أيضًا إصلاح الأنظمة الاقتصادية القائمة على مبادئ عارية من الأخلاق، وفي جميع الأحوال يجب ألا يغيب عن البال لحظة واحدة أن المطلوب هو الإصلاح وليس الانقلاب.
فمحاولة قلب نظام سياسي -ولا سيما في البلاد الإسلامية- محظورة حتى من وجهة نظر شرعية، فضلًا عن عواقبها الوخيمة التي يتحدث عنها التاريخ القديم والحديث، فهذه المحاولة لا تورث إلا انشقاقات داخلية وخسائر بشرية ووهنًا اقتصاديًا، وفتح الباب للدخلاء، كما تساعد على طمس صور الشخصيات القيادية المخلصة بتهم الطمع في السلطة واستغلال الدين لتحقيق الأهداف السياسية.
ولكن الإصلاح بالحكمة والموعظة الحسنة هو المطلوب، بدءًا بإصلاح المصلح نفسه، وانتهاء بإصلاح رؤوس الأنظمة السياسية والاقتصادية بالنصح والإرشاد.
وحري بحملة راية الهداية والإصلاح ألا تقتصر جهودهم على رؤوس الأنظمة السياسية في البلاد الإسلامية، بل عليهم أن يجربوا حظوظهم في المروج الخصبة الأخرى التي هي أحوج إلى السقاية والرعاية، فلعل التاريخ يعيد نفسه ويخرج من صلب جنكيز خان وهولاكو أمثال تيمور وعالمكير.
ولو أن كل داعية ومصلح ركز جهده في ميدان واحد يفني حياته لتحقيق هدفه المرسوم من غير تصادم مع زملائه ومن غير الحرص على تتبع عوارتهم لبرأ ذمته وأدى أمانته ولساهم في استعادة عجلة القيادة إلى أمته.
اللهم أهدنا معشر الدعاة إلى الإخلاص في القصد والعمل، وأجمع كلمة المسلمين، إنك على كل شيء قدير.
موضوعات متعلقة
مشاهدة الكل