العنوان العالم الحر. . الذي فقدناه!!
الكاتب مجلة المجتمع
تاريخ النشر الثلاثاء 14-مايو-1974
مشاهدات 21
نشر في العدد 200
نشر في الصفحة 15
الثلاثاء 14-مايو-1974
سكت.. أخيرا- صوت طالما دوى بكلمة الحق في أقطار وديار، وتعطل قلم كان المسلمون والمنصفون من كل دين يرصدون ما يكتب كما نرصد هلال الصيام، ويحرصون على قراءة ما كتب الشيخ محمد أبو زهرة- نضر الله وجهه- .. في هذه المجلة أو تلك الجريدة، ثقة منهم بأنهم يقرأون خفق فؤاد ونبض قلب لا يتحركان إلا للإسلام وبالإسلام، ولا يستهدفان إلا الحق والصدق ورضوان الله- .. ولقد كانت آخر زياراته لدولة الكويت مبعث محنة فكرية واجهها الرجل بثبات المؤمن وعزة العلماء.. فلقد أعرب -رحمه الله- في هذه الزيارة عن وجهة نظر الإسلام في مسائل معاصرة، كتلك التي يسمونها قضية المرأة من تحديد النسل. إلى تعدد الزوجات إلى عمل المرأة، وقضايا الربا والتأمين.. والرجل لم يقل يومئذ جديدا، فالحق لا يتعدد، ولا يختلف من زمن إلى زمن وفي بلد بعد بلد.. ولكن الذين يضيقون ذرعا بمثل جهر أبي زهرة بالحق وجرأته على الاستعلان بالصواب، ضاعفوا من محنة طلاب علمه وشداه ثقافته حين منعوا الرجل من أن يكتب أو يخطب، فلا كتاب له يصدر، ولا مقال ينشر، ولا حديث يذاع، ولا محاضرة تلقى، لكن الله الذي بيده الموت والحياة، والذي يدافع عن الذين آمنوا أتاح لأبي زهرة فرجا، وهيأ له من معتكفه مخرجا فغادر داره، وأستقبل زواره، وتابع محاضراته، وحبر مقالاته، وشهد ندوة «لواء الإسلام» وواصل كتابة التفسير فيها وكان قد بلغ منه سورة الأنعام التي وفق الله الأستاذ الغزالي فكتب في سورة الأنعام ما نفع وأفاد..
.. كان أبو زهرة -رحمه الله- خلفا من سلف، ثقة في دينه وعلمه، وغضبه لله، ومواقفه في ذلك كثيرة في أقطار وعواصم، وأن الموقف الواحد منها ليرجح بفضائل غيره من أولي الفضل. . ولعل الأستاذ أحمد حمزة صاحب مجلة لواء الإسلام القاهرية يتيح فرصة نشر مقالات أبي زهرة فهي شهادة إباء الرجل للضيم، وثورته على الباطل، وقدرته على أن يضيء بهداية الإسلام ما بدد الظلام الذي كان يبعد آفاقه ويبسط رواقه أصحاب الأهواء وعبيد ذواتهم. . وكان أنصار الباطل ينعون على الشيخ حدته وانفعاله، وإن كان أبو زهرة مع طلابه وزواره أرق من الهواء وأندى من الماء. وليس عجيبا أن يكون في الرجل انفعال وحدة والحق معه ويراد للباطل أن يستنسر، وللضلال أن ينتشر!! أنها أحدى فضائل أبي زهرة -رحمه الله- ورحم الذي قال:
إذا محاسن اللائي أدل بهـا
كانت ذنوبا فقل لي كيف أعتذر ؟!
.. عرفت الفقيد الكريم منذ كنت طالبا في السنة الأولى بكلية أصول الدين يدرس لنا الخطابة والملل والنحل، ثم زرته عام ١٩٦٠ لأهدي إليه كتابي «الإسلام والأسرة» وكنت يومئذ مبعوث الأزهر للتدريس والوعظ في بيروت، وسألني: لعلك لم تحدد «النسل» ورجوته أن يقرأ ما كتبت في ذلك ثم لقيته بعد ذلك مرات ومرات في ندوة «لواء الإسلام» وفي محاضرات الجمعية العامة للمحافظة على القرآن الكريم في القاهرة، وسافرت إلى الرياض مزودا بتوجيهاته وتمنياته ثم صعقني منذ ليال نبأ وفاته.. لا لأن الموت يصيب أول ما يصيب كبار الرجال ولكن للشعور بأننا سيطول تلفتنا إلى من يملأ فراغ أبي زهرة في علمه وفضله، في قوة شخصيته وجرأته في الحق، وغضبة الله، وسخائه وصدقه في توجيه طلابه وأبنائه. .
.. ويا فقيدنا العزيز إنني لم أذكرك ببعض ما ينبغي لك، وعزاء الجميع فيك ثقتنا بما أعد الله لك في جواره ﴿مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِم مِّنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ وَالصَّالِحِينَ ۚ وَحَسُنَ أُولَٰئِكَ رَفِيقًا﴾ (سورة النساء: 69)
هذه إجابة على سؤال مفتوح وجهته «المجتمع» على صفحاتها إلى علماء الإسلام. بيان حكم الشرع الإسلامي فيمن أتهم القرآن الكريم بالتناقض. وأتهم المسلمين بتأليه الرسول محمد -صلى الله عليه وسلم-.
فقد بادر فضيلة الشيخ عبد الله بن حميد الرئيس العام للإشراف الديني على المسجد الحرام بهذا الجواب على سؤال «المجتمع». والشيخ بن حميد من العلماء الأفاضل الذين عرفوا بالعلم والفضل والتثبت وسداد الرأي.
وفي جوابه على سؤال المجتمع. قطع الشيخ بن حميد بكفر من أتهم القرآن بالتناقض. وأنكر بعضه وأن حكمه في ذلك حكم المرتد.
ونقدم هذه الفتوى الدينية لحكام المسلمين ومفكريهم ومثقفيهم وعامتهم حتى يجددوا موقفهم بوضوح تام من الذين يهزأون بكتاب الله -عز وجل-. ويؤذون النبي -صلى الله عليه وسلم- بكلام خارج مارق.
هذا وكانت مجلة الشهاب اللبنانية، وجريدة الصباح التونسية قد نشرتا كلاما للرئيس التونسي بورقيبة أتهم فيه القرآن الكريم بالتناقض وبأن المسلمين يؤلهون الرسول عليه الصلاة والسلام.
طالع تصریحات بورقيبة بجوار هذه الكلمة.
الشيخ عبد الله بن حميد.. يجيب على سؤال «المجتمع»
ليس مسلما.. من يتهم القرآن بالتناقض
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آلة وأصحابه ومن والاه وبعد فبناء على ما نشر في مجلة المجتمع الغراء عدد ۱۹۸ وتاريخ ۸ ربيع الآخر ١٣٩٤ هـ ٣٠ إبريل ١٩٧٤م من طلبها الجواب عن حكم الشرع الإسلامي فيمن اتهم القرآن بالتناقض وأنه لا يقبله العقل.
وأن المسلمين يؤلهون محمدا- صلى الله عليهم وسلم- إلخ.
الجواب: لا شك أن القرآن كلام الله حقيقة ليس فيه تناقض ولا ما يرده العقل ولم يزل أهل الفضل والعقل يعرفون من شرف القرآن وعلو منزلته ما يوجبه الحق والإنصاف والديانة وينفون عنه قول المبطلين وتمويه الملحدين وتحريف الزائفين ومن قال فيه بالتناقض أو إن فيه خرافة فقد زاغ عن الملة وهجم على الأمة بما يحاول به إبطال الشريعة التي لا يزال الله يؤيدها ويثبت أسسها وينمي فرعها ويحرسها من معايب أولي الجنف ومكايد أهل العداوة والكفر.
قال الإمام القرطبي -رحمه الله- والقرآن الذي جمعه عثمان بموافقة الصحابة له لو أنكر بعضه منكر كان كافرا حكمه حكم المرتد يستتاب فإن تاب وإلا ضربت عنقه.
وقال شيخ الإسلام بن تیمیه -رحمه الله- من قال عن القرآن الذي يقرأه المسلمون ليس هو كلام الله أو هو كلام غيره فهو ملحد مبتدع ضال اهـ.
وقد أجمع المسلمون على أن من كذب القرآن أو كذب آية منه فهو مكذب لله كافر حلال الدم والمال.
وقال شيخ الإسلام أيضا ومن أعظم ما أنعم الله به على المسلمين اعتصامهم بالكتاب والسنة فكان من الأصول المتفق عليها بين الصحابة والتابعين لهم بإحسان أنه لا يقبل من أحد قط أن يعارض القرآن لا برأيه ولا ذوقه ولا معقولة ولا قياسه ولا وجده فقد ثبت بالبراهين القطعيات والآيات البينات أن الرسول جاء بالهدى ودين الحق وأن القرآن يهدي للتي هي أقوم. فيه نبأ من قبلهم وخبر ما بعدهم وحكم ما بينهم هو الفصل ليس بالهزل من تركه من جبار قصمه الله ومن ابتغى الهدى في غيره أضله الله هو حبل الله المتين وهو الذكر الحكيم وهو الصراط المستقيم وهو الذي لا تزيغ به الأهواء ولا تلتبس به الألسن فلا يستطيع أن يزيفه إلى هواه ولا يحرف به لسانه ولا يخلق عن كثرة الترداد فإذا ردد مرة بعد مرة لم يخلق ولم يمل كغيره من الكلام ولا تنقضي عجائبه ولا تشبع منه العلماء من قال به صدق ومن عمل به أجر ومن حكم به عدل ومن دعا إليه هدي إلى صراط مستقیم اهـ .
وما ضعف المسلمون وزال ما كان لهم من الملك الواسع إلا بإعراضهم عن هداية القرآن وأنه لا يعود إليهم شيء مما فقدوا من العز والسيادة والكرامة إلا بالرجوع إلى هدايته والاعتصام بحبله.
وقد عرف أعداء القرآن من عظمة القرآن وجلالته واشتماله على كل خير ومصلحة ما لم يعرفه بعض بني الإسلام:
يقول الدكتور موريس الفرنسي:
إن القرآن أفضل كتاب أخرجته العناية الأزلية لبني البشر وأنه كتاب لا ريب فيه.
ويقول هنري دي كاستري: إن القرآن يستولي على الأفكار ويأخذ بمجامع القلوب ولقد نزل على محمد دليلا على صدق رسالته:
ويقول ألكس لوازون خلف محمد للعالم كتابا هو آية البلاغة وسجل الأخلاق وهو كتاب مقدس وليس بين المسائل العلمية المكتشفة حديثا أو المكتشفات الحديثة مسألة تتعارض مع الأسس الإسلامية فالانسجام تام بين تعاليم القرآن والقوانين الطبيعية
ويقول ليون: حسب القرآن جلالة ومجدا أن الأربعة عشر قرنا التي مرت عليه لم تستطع أن تخفف ولو بعض الشيء من أسلوبه الذي لا يزال غضا كأن عهده بالوجود أمس.
وكلامهم في هذا كثير. مناقب شهد العدو بفضلها.
والفضل ما شهدت به الأعداء والمسلمون لم يؤلهوا محمدا ولم يتخذوه إلها بل الألوهية لله وحده.
ومحمد -صلى الله عليه وسلم - سيد الخلق وإمام المرسلين وخاتم النبيين أمرنا بطاعته وإتباع ما جاء به والانتهاء عما نهى عنه. وهذا هو تحقيق شهادة أن محمدا رسول الله.
وأستبعد أن أحدا من المسلمين يقول إن القرآن متناقض وفيه ما يخالف العقل وأن المسلمين مؤلهون لمحمد: والله الموفق والهادي إلى سواء السبيل.
قال بورقيبة:
١- إن في القرآن تناقضا لم يعد يقبله العقل، بين ﴿ قُل لَّن يُصِيبَنَا إِلَّا مَا كَتَبَ اللَّهُ لَنَا.﴾ ( سورة التوبة: 51 ) ﴿ إِنَّ اللَّهَ لَا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّىٰ يُغَيِّرُوا مَا بِأَنفُسِهِمْ ﴾ (سورة الرعد: 11).
٢- الرسول محمد كان إنسانا بسيطا يسافر كثيرا عبر الصحراء العربية ويستمع إلى الخرافات البسيطة السائدة في ذلك الوقت.
وقد نقل تلك الخرافات إلى القرآن مثال ذلك: عصا موسى، وهذا شيء لا يقبله العقل بعد اكتشاف باستور، وقصة أهل الكهف.
٣- إن المسلمين وصلوا إلى تأليه الرسول محمد، فهم دائما يكررون محمد -صلى الله عليه وسلم-.. الله يصلي على محمد.. وهذا تأليه لمحمد!!
موضوعات متعلقة
مشاهدة الكل