العنوان الفقه والمجتمع (العدد 1090)
الكاتب أ.د. عجيل جاسم النشمي
تاريخ النشر الثلاثاء 01-مارس-1994
مشاهدات 17
نشر في العدد 1090
نشر في الصفحة 60
الثلاثاء 01-مارس-1994
أحكام الاعتكاف
السؤال: هل للاعتكاف وقت محدد في رمضان أو في الأيام العادية أو العشر الأواخر؟ وما هي مدته وما هي أركانه وهل يمكن الخروج والعودة؟ وهل يكون في المسجد فقط أو يمكن أن يكون في المنزل أو في مكة؟
الجواب: كان النبي صلى الله عليه وسلم يعتكف العشر الأواخر من رمضان حتى قبضه الله عز وجل» (أخرجه أحمد والترمذي، وقال حسن صحيح). فالاعتكاف سنة في العشر الأواخر من رمضان... لكن إن نذره المسلم أصبح واجبا ويمكن أن يعتكف المسلم في رمضان وهو الأفضل من غيره.
وأقل مدة الاعتكاف لحظة عند الجمهور وهم الحنفية والشافعية والحنابلة، فإذا دخل المسلم المسجد لصلاة الفريضة أو صلاة نافلة ونوى الاعتكاف حصل له ثواب ما مكثه من مدة ولا حد لأكثر وقت الاعتكاف والإمام مالك عنده أقل الاعتكاف المندوب يوم وليلة وأكثره شهر.
وأما عن مكان الاعتكاف فيشترط أن يكون في المسجد، وبعض الفقهاء وهم الحنفية وأحمد قالوا في مسجد تقام فيه الجماعة، ومالك قال يصح الاعتكاف في كل مسجد ولو لم يكن جامعا إلا إن كانت الجمعة تجب على هذا المعتكف وتدخل في أيام اعتكافه.
ولا يجوز الاعتكاف للرجل في غير المسجد. لكن بالنسبة للمرأة قال الحنفية يجوز لها أن تعتكف في مسجد بيتها وهو الأفضل؛ لأن صلاتها فيه أفضل، والمراد بمسجد بيتها المكان الذي خصصته لتصلي فيه صلواتها. وأما جمهور الفقهاء وهم المالكية والشافعية والحنابلة فلم يجوزوا لها أن تعتكف في مسجد بيتها وإنما لها الاعتكاف في المسجد فحسب.
وأما أركانه فركنان: الأول: المكث في المسجد ولو لحظة... وثانيهما: النية.
وأما شروط الاعتكاف فالإسلام والتمييز والطهارة من الحدث الأكبر وهو الجنابة والحيض والنفاس وامتناع مباشرة زوجته.
ويجوز للمعتكف أن ينظف نفسه ويغتسل ويحلق ويتطيب وما إلى ذلك من أموره الخاصة.
ما يقال عند الدخول للحمام
السؤال: هل يجوز أن نذكر اسم الله فنقول «بسم الله الرحمن الرحيم» ونحن نريد دخول الحمام؟
الجواب: نعم، يجوز بل هو المطلوب وهو المستحب أن نذكر اسم الله ثم نستعيذ بالله من الشيطان قبل دخول الحمام، وأما بعد دخول الحمام فلا يجوز أن يذكر اسم الله.
وهناك صيغ مأثورة عند دخول الحمام والخروج منه مثل قولنا عند الدخول: «بسم الله، اللهم إني أعوذ بك من الخبث والخبائث» (البخاري ومسلم، الجامع للأصول 1/91).
التوبة وشروطها
السؤال: هل للتوبة شروط وإذا تبت من ذنب وتماديت في فعل ذنب آخر؛ فهل تقبل توبتي من الذنب الذي تبت منه توبة نصوحًا؟
الجواب: اشترط الفقهاء لقبول التوبة من ذنب أربعة شروط:
الأول: الإقلاع عن المعصية حالًا.
والثاني: الندم على فعل المعصية.
والثالث: العزم على عدم العودة إلى المعصية مرة ثانية.
والرابع: إذا كانت المعصية تتعلق بحق شخص فيجب رد ما أخذ منه إن كان شيئًا ماديًّا وإن كان غير ذلك فيجب أن يتسامح منه ويحوز على رضاه. وحقوق الله مثل الزكوات والكفارات والنذور لا تسقط بالتوبة بل يجب أداؤها.
وأما ما ذكرته من توبتك من معصية أو ذنب مع استمرارك في معصية أخرى، فإن جمهور الفقهاء قالوا: إن كل ذنب له توبة تخصه، ولا يتعلق ذنب بذنب آخر، وذهب بعض الفقهاء إلى عدم قبول التوبة من ذنب مع الإصرار على غيره.
والذي نراه في هذه المسألة هو قول وسط قال به الإمام ابن القيم، وهو أن التوبة لا تصح من ذنب مع الإصرار على غيره من نوعه، وأما التوبة من ذنب مع مباشرة ذنب آخر لا تعلق له به، ولا هو من نوعه فتصح، كما إذا تاب من الربا، ولم يتب من شرب خمر مثلًا، فإن توبته من الربا صحيحة، وأما إذا تاب من ربا الفضل، ولم يتب من ربا النسيئة أو بالعكس، أو تاب من تناول حشيشة وأصر على شرب الخمر، فهذا لا تصح توبته (مدارج السالكين 1/ 275 عن الموسوعة الفقهية 4/123).
قضاء الصوم عن الميت
السؤال: من مات وعليه أيام قضاء من رمضان هل يصوم أهله عنه بعد موته؟
الجواب: اختلف العلماء في هذه المسألة: فذهب الحنفية إلى أنه لا يصام عن الميت مطلقاً، ولكن يُطعم عنه وليه إذا أوصى بالطعام قبل موته، ويكون الطعام عن كل يوم نصف صاع من بر أو دقيق أو صاعا من تمر أو شعير، ويجوز عندهم إخراج قيمة ذلك.
وذهب بعض العلماء وهم المحدثون والشافعي في القديم والليث بن سعد والزهري إلى أنه يجوز الصوم عن الميت مطلقًا واستدلوا بحديث عائشة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «من مات وعليه صيام صام عنه وليه».
وحجة الذين منعوا الصوم عن الميت هو أن الصوم كالصلاة كلاهما عبادة بدنية والعلماء أجمعوا على أنه لا يصلي أحد عن غيره فمثله الصوم.
وهؤلاء الذين قالوا لا يصح الصوم وتجب الفدية، هذا إذا وصى بالفدية، أما إذا لم يوص بها فلا يلزم الورثة إخراجها. لكن إن تبرع بها الورثة عن مورثهم فيصح التبرع وينتفع به الميت، هذا عند الشافعية والحنابلة، وقال الحنفية ومالك أن هذا تبرع لا يسقط الواجب عن الميت باعتبار أن إسقاط الواجب يحتاج إلى نية وهذا لم يتحقق من الميت.
حكم فدية الصوم
السؤال: مريض أباح له الطبيب أن يفطر، فهل يجوز له أن يرسل فدية الصوم إلى بلد آخر؟
الجواب: إذا قرر الطبيب المسلم الموثوق أو غلب على ظنه أن هذا المريض يضره الصوم أو يخشى أن يزيد مرضه أو حتى يتأخر شفاؤه، فيجوز له الفطر بناءً على ذلك.
وأما الفدية فليست مشروعة في حق المريض مرضًا عاديًّا أو طارئًا، وإنما عليه القضاء في وقت شفائه وصحته، لقوله تعالى: ﴿وَمَن كَانَ مَرِيضًا أَوۡ عَلَىٰ سَفَرٖ فَعِدَّةٞ مِّنۡ أَيَّامٍ أُخَرَۗ﴾ (البقرة: 185).
والفدية مشروعة للمريض مرضًا مزمنًا فيخرج الفدية، وكذلك كبير السن والمرأة العجوز إذا كان الصوم يلحق بهما مشقة، فإنهما يفطران، فدية طعام مسكين قال ابن عباس: «هي للشيخ الكبير والمرأة الكبيرة لا يستطيعان أن يصوما فيطعمان مكان كل يوم مسكينًا» (رواه البخاري).
وكذلك الفدية مشروعة للحامل والمرضع، على تفصيل عند الفقهاء في الجمع بين القضاء والفدية، أو القضاء فقط، أو الفدية فقط، والفدية هي عبارة عن إطعام مسكين واحد عن كل يوم من أيام رمضان بما يكفي فطوره وسحوره من غالب قوت البلد الذي هو فيه، وله أن يودي إليه قيمة ذلك من الدراهم أو الدنانير. وعلى هذا، إن حكم السائل، إذا كان مريضًا مرضًا مزمنًا، فإنه يخرج الفدية التي ذكرناها.
وأما بشأن نقلها إلى بلد آخر، فإنه يجوز له ذلك مع التنبيه على أنه إن لم تكن هناك حاجة في نقلها، أو كان من هم في بلد وجوبها على المريض أحوج من غيرهم، فعليه أن يخرجها في بلده الذي هو فيه.
حكم قطع نية الصوم
السؤال: شخص كان صائمًا في رمضان وفي أحد الأيام اشتد جوعه، فنوى أن يفطر، واعتبر نفسه مفطرًا ما عنده شك في هذا، ولكنه لم يأكل شيئًا ولم يشرب حتى انتهى اليوم، فهل نيته هذه تبطل صومه وماذا عليه أن يفعل؟
الجواب: لقد قرر كثير من الفقهاء أن قطع نية الصوم يبطل الصوم، فإذا نويت أن تقطع الصوم واتجهت نيتك لذلك، فإن صوم هذا اليوم يبطل ولو لم تأكل أو تشرب شيئًا. وبعض الفقهاء قالوا: إن قطع نية الصوم لا يبطل الصوم إلا إذا فعل ما يبطل الصوم من الأكل أو الشرب أو غيرهما، والرأي الأول أقوى من القول الثاني.
موضوعات متعلقة
مشاهدة الكل