; القاعدة الانتخابية في الكويت ما السبيل إلى توسعتها؟ | مجلة المجتمع

العنوان القاعدة الانتخابية في الكويت ما السبيل إلى توسعتها؟

الكاتب عبدالمجيد محمد

تاريخ النشر الثلاثاء 15-أكتوبر-1985

مشاهدات 21

نشر في العدد 737

نشر في الصفحة 10

الثلاثاء 15-أكتوبر-1985

كل مجتمع يجب أن يمر بمراحل من التطور والنمو.. والكويت هي من إحدى المجتمعات التي شقت طريقها للتغيير الحضاري ومواكبة المجتمعات المتقدمة الأخرى.. ولا شك أن الديمقراطية ووجود المجلس النيابي هي صورة متفوقة من ضمن الصور الحضارية في بلدنا الحبيب.. ولكن هذه الصورة المشرقة -الديمقراطية- لم يتم نضوجها بعد، رغم أنها فتيَّة حيث مرَّ عليها ٢٢ سنة منذ انتخابات المجلس عام ١٩٦٣م.. وظهرت بعض العوائق التي من الممكن أن تؤثر على سلامة المسيرة الديمقراطية وتهددها، وقد تحدثت «المجتمع» عن بعض المعوقات التي برزت خلال انتخابات مجلس ١٩٨٥م في ملف خاص نشر في العدد (۷۰۲)، ومن تلك المعوقات كانت: شراء الأصوات، إجراءات تسجيل الناخبين، تشتيت الأصوات، الإشاعات، الانتخابات الفرعية.

 

إلا أن هناك أمرًا أشمل وأعمّ من تلك المعوقات الجزئية.. إلا وهو ضيق القاعدة الانتخابية في الكويت.. ولكن لماذا هو عائق؟

 

أهمية توسعة القاعدة الانتخابية:

 

 من المعلوم أن قانون الانتخاب قصر الانتخاب على فئة ضيِّقة منتخبة من المجتمع الكويتي حيث قرر في مادته الأولى على إعطاء حق الانتخاب لكل كويتي من الذكور بالغ من العمر (۲۱) سنة ميلادية كاملة.. واستثنى المتجنس من هذا الحق إلا من مضى على تجنسه (۲۰) سنة ميلادية كاملة، وواضح من ذلك أن الإناث الكويتيات والذكور الكويتيين البالغين الذين أعمارهم ما بين (۱۸) - (۲۱) سنة والمتجنسين لا يحق لهم الانتخاب.

 

وتدل الإحصائيات الرسمية لعام ١٩٨٥ أن عدد سكان الكويت بلغ (١٢٨ ٦٩٥ ,١) نسمة...

 

وعدد الكويتيين بلغ (٦٧٩,٦٠١) نسمة منهم (٣٣٧,٢٤٣) من الذكور، و(٣٤٢,٣٥٨) من الإناث.. أما بالنسبة لعدد الناخبين الكلِّي الذين يحق لهم التصويت خلال انتخابات المجلس عام ١٩٨٥م فقد بلغ (٥٦٨٤٨) ناخبًا.. اقترع منهم فقط (٤٨٣٦٨) مقترعًا.

 

ويتضح من تلك الأرقام أن نسبة الناخبين (القاعدة الانتخابية) إلى عدد الكويتيين تبلغ (%8) فقط، أما نسبتهم إلى سكان الكويت فتبلغ (۳%) فقط.

 

ونسبة المقترعين الحقيقيين إلى عدد الكويتيين تبلغ (٧%) ولا شك أن هذه النسب ضئيلة جدًّا تعطي الانطباع أن نواب مجلس الأمة لا يمثلون سوى (7%) من الشعب الكويتي.. وأنهم يشرعون لسكان الكويت قوانين حياتهم بتزكية (3%) من سكان الكويت.

 

إذن فالقاعدة الانتخابية ضيقة جدًا، ولا تصلح ليستمر وضعها هكذا حتى تعبر عن تطلعات كل الشعب الكويتي وآرائه وطموحاته.. ومشاركة المواطن تتأكد وتتأصل بمقدار زيادة عدد المشاركين في الانتخابات، وهو ما ينتج عنه صدق التعبير والتمثيل عند نائب مجلس الأمة.. إذ لا يكفي للنائب أن يحصل على نسبة (3%) من الأصوات في دائرة انتخابية عدد الناخبين فيها يقارب (۱۲۰۰) صوت فيكون ممثلًا حقيقيًا للشعب الكويتي بخاصة وسكان الكويت بعامة.

 

وعلى هذا الأساس متى ما توسعت القاعدة الانتخابية وجد التوافق بين أفكار الشعب وبين أفكار ممثليه داخل المجلس.

 

وقد حازت هذه القضية اهتمام كثير من المرشحين في ندواتهم الانتخابية خلال الحملة الانتخابية للمجلس الحالي.. ومنهم من فاز فيها ونذكر بعضهم على سبيل المثال: د. عبد الله النفيسي، ود. يعقوب حياتي، ود. مصطفى معرفي، وعدنان عبد الصمد وهؤلاء لهم آراء قيِّمة في هذا الموضوع، مما يؤكد ذلك على أهمية توسعة القاعدة الانتخابية وضرورته.

 

سبل توسيع القاعدة الانتخابية:

 

 إن السبيل إلى توسيع القاعدة الانتخابية الكويتية له ثلاثة محاور رئيسية تكثف من عدد الناخبين بصورة كبيرة وسريعة وهي: تخفيض سن الناخب إلى (۱۸) سنة، وإعطاء المرأة حق الانتخاب ومساواة المتجنسين بالاكتساب مع المتجنسين بالتأسيس في حق الانتخاب والترشيح.

 

كما أن هناك محاور فرعية لزيادة عدد الناخبين على المدى الطويل وهي فتح باب تسجيل الناخبين طوال شهور السنة السماح القانوني، بتوكيل المواطنين لبعضهم في عملية التسجيل وتسهيل عملية التسجيل والدعوة الإعلامية المكثفة إليها.. وسنتعرض لهذه المحاور بالتفصيل.

 

تخفيض سن الناخب إلى (۱۸) سنة:

 

حددت معظم القوانين المعمولة في الكويت سن الرشد بـ (۱۸) سنة.. ولم يشذ عن ذلك سوی قانوني التجارة والانتخاب حيث حددا سن (۲۱) سنة كسن الرشد، فالقاعدة إذن في القوانين هي (۱۸) سنة والاستثناء هو (۲۱) سنة.. وما جرى عليه الاستثناء فهو مراعاة لأحكام الضرورة فنجد قانون التجارة جعل المشرع سن الرشد (۲۱) سنة واختلف في ذلك مع القانون المدني الذي حدد (۱۸) سنة، کَسِنِّ الرشد لأن العقود الخاصة بالقانون التجاري تحتاج إلى توثيق من الجهات الرسمية أي الحكومة بينما لا تحتاج العقود المدنية أو الخاصة بالقانون المدني إلى توثيق من الجهات الرسمية، فبالتالي يجب أن تزداد المسؤولية الذاتية لدى الشخص مما دعًا المشرع إلى رفع سن الرشد إلى (۲۱) سنة.

 

ونجد كذلك أن قوانين الجزاء والجنسية والتجنيد وغيرها حددت سن الرشد (۱۸) سنة مما يعني أن الشخص عندما يبلغ (۱۸) سنة، تتقرر له حقوق وواجبات قانونية ويعتبر كامل الأهلية.

 

فإذا رجعنا إلى قانون الانتخاب يتبين أنه لا داعي لتحديد سن الرشد السياسي بـ (۲۱) سنة مساواة بما تقرر عليه في أغلب القوانين الأخرى.. فالأمر يحتاج إلى تشريع لتخفيض سن الناخب إلى (۱۸) سنة، كما أن التطور الثقافي والتعليمي الذي تعيشه البلد بالإضافة إلى الوعي السياسي المتفشي بين مختلف أبناء الشعب يدعونا إلى المطالبة بتخفيض سن الناخب إلى ١٨ سنة، خاصة إذا علمنا أن أعمار أبناء الحركة الطلابية تتراوح ما بين ۱۸ - ٢٢ سنة.. وهم الذين يمثلون قوة سياسية واعية وفعّالة في خدمة البلد وتطوره، فلماذا نمنعهم من حق الانتخاب وهم في سن يؤهلهم لذلك؟!

 

إعطاء المرأة حق الانتخاب:

 

وهذه القضية شغلت اهتمام الكثيرين من أبناء البلد والتيارات السياسية الموجودة على الساحة بالإضافة إلى الجمعيات النسائية بمختلف راياتها.

 

وأهمية الموضوع تنطلق سياسيًّا على أساس زيادة القاعدة الانتخابية والتي قد يشكل العنصر النسائي نسبة كبيرة منها فتتبلور بذلك تطلعات مختلف أبناء الشعب وتتجسد بصورة حقيقية بما يمثلهم من النواب.

 

ويكفي أن نعلم أن نسبة الإناث الكويتيات إلى عدد الكويتيين بناء على الأرقام السالفة تبلغ (٣٨ ,٥٠%) وهي نسبة أكثر من النصف.. ودور هذا الجزء الكبير من المجتمع الكويتي مُهْمَل وغير فعال في اتخاذ القرار أو حتى المشاركة فيه.. فإلى متى يلغى دور هذا القطاع الواسع وتمنع حقوقه؟ والوضع النسائي الآن مؤهل لكي يأخذ دوره ليسهم في بناء القرار السياسي.. فقد ازداد الوعي.. وانتشر التعليم في صفوف الفتيات.. وأصبحت المرأة في الكويت تشارك في انتخابات الجمعيات النقابية كالاتحادات الطلابية واتحاد العمال.. كما تشارك بانتخابات الجمعيات المهنية كالصحفيين والمهندسين والأطباء والمحامين وغيرها بالإضافة إلى أن حقها في الانتخاب مقرر في الجمعيات التعاونية.. ونستطيع القول إن توجه المرأة خلال انتخابات الجهات التي ذكرناها محافظ وملتزم بالأخلاقيات الشرعية وليس توجُّها ليبراليًّا متحررًا من القيم والأعراف الإسلامية.. فلماذا لا ينطبق هذا الأمر على الانتخابات التشريعية التي تحدد مستقبل البلد؟

 

إعطاء المتجنسين بالتجنس حق الانتخاب والترشيح:

 

خولت المادة السادسة من قانون الجنسية المتجنس بالاكتساب- الجنسية الثانية- حق الانتخاب في أي هيئة نيابية بشرط انقضاء فترة (۲۰) سنة على تاريخ منحه الجنسية الكويتية.. وعمل بهذا القانون من تاريخ 1966/7/10م حيث إن من حصل على الجنسية بالاكتساب قبل هذا التاريخ تسري عليه المدة بداية من 66/7/10م أي أن في 1986/7/10 يتقرر قانونًا حق الانتخاب للمتجنس.

 

ويلاحظ من هذا القانون أن المتجنس يحرم من حق الانتخاب طيلة ٢٠ سنة ويمنع حق الترشيح نهائيًّا لأي هيئة نيابية.

 

والمبرر وراء هذا الإجراء المجحف بحق جزء كبير من الكويتيين يبدو هو تخوف السلطات من ولاء بعض الأفراد الكويتيين لغير الكويت أو لمناطق هاجروا منها تحمل صبغة ثورية ومذهبية.. فالقضية إذن هي قضية ولاء لا أكثر وهو أمر مهم بلا شك.. إلا أن السؤال هل هو الولاء حقيقة أم هو مبرر مصطنع ومتكلف فيه؟! كما أن التفرقة بين الكويتيين وأصحاب الجنسية الأولى والثانية في الحقوق السياسية غير منطقية ومرفوضة أساسًا خاصة أنها تخالف الدستور نصًّا، الذي يقرر بأن الكويتيين متساوون في الحقوق والواجبات.. ويمكن أن تؤدي التفرقة إلى إشاعة البغضاء وروح الشقاق والفتن بين أبناء البلد الواحد، وهو أمر خطير على استقرار الكويت وأمنها؛ فلذلك إعطاء المتجنسين حقيّ الانتخاب والترشيح أسوة بالكويتيين بالتأسيس من شأنه أن يزيل المخاطر الأمنية ويوحد البلد ويزيد من القاعدة الانتخابية بشكل كبير من أجل استقرار هذا البلد.

 

سبل أخرى:

 

وهي ثلاثة أمور تساعد على توسعة القاعدة الانتخابية:

 

الأمر الأول: فتح باب تسجيل الناخبين طوال أيام السنة وعدم الاقتصار على شهر واحد وهو شهر فبراير أقصر شهور السنة وقد جاء هذا الأمر كاقتراح وجيه من قبل دراسة من أساتذة كلية الحقوق قدمت إلى إدارة الانتخابات بوزارة الداخلية، حيث أعلن ذلك د. عادل الطبطبائي في ندوة انتخابية بتاريخ 85/1/29م في مقر د. يعقوب حياتي، عندما سئل عن إمكانية فتح تسجيل الناخبين طوال فترات السَّنَة.. وجاء في كلامه أن هذا الاقتراح معمول به في كثير من دول العالم وهو أن تتولى وزارة الصحة إبلاغ وزارة الداخلية بأعمار الكويتيين الذين يبلغون سن (۲۱) سنة ويُدرج تلقائيًّا اسم الناخب في جداول الانتخاب ومن يسقط اسمه لأي سبب يمكن إضافته في الجداول».

 

فهل تأخذ وزارة الداخلية بهذا الاقتراح والاقتراحات الأخرى أم يبادر أعضاء المجلس بذلك؟!

 

الأمر الثاني: السماح القانوني بتوكيل المواطنين لبعضهم في عملية التسجيل.. وذلك لزيادة عدد الناخبين من المرضى والعاجزين بالإضافة إلى الموجودين بالخارج بصفة مستمرة ممن لا تسمح ظروفهم العملية أو الدراسية من التسجيل ضمن جداول الانتخاب.

 

الأمر الثالث: تسهيل عملية التسجيل وقيد الناخبين وإيقاف العراقيل التي توضع من قبل مختاري المناطق وبث الدعاية الإعلامية المركزة للتسجيل من خلال وسائل الإعلام الرسمية وغير الرسمية.

 

هل توسعة القاعدة الانتخابية.. مشكلة؟!

 

قد يكون توسعة القاعدة الانتخابية مشكلة لبعض المسؤولين والمتنفذين في السلطة أو لا تجد الترحيب الكافي من قِبَلهم.. لأن التأثير على العدد الصغير أسهل منه على العدد الكبير.. وفي حالة محدودية الناخبين أو ضيق القاعدة الانتخابية يمكن التحكم بمسارات العملية الانتخابية من قِبَل بعض المسؤولين وترجيح كفة دون كفة.. إلا أننا بمنطلق وطني وشعبي ندعو إلى زيادة القاعدة الانتخابية وتوسعتها لتمثيل الإرادة الشعبية كاملة.. ولكيلا تتحكم القلة بالكثرة وتوضع الأمور في نصابها. فمتى يتم ذلك؟

الرابط المختصر :

موضوعات متعلقة

مشاهدة الكل

نشر في العدد 3

863

الثلاثاء 31-مارس-1970

نشر في العدد 3

52

الثلاثاء 31-مارس-1970