; المؤامرة الكبرى على القرآن الكريم | مجلة المجتمع

العنوان المؤامرة الكبرى على القرآن الكريم

الكاتب أبو هالة

تاريخ النشر الثلاثاء 29-ديسمبر-1970

مشاهدات 25

نشر في العدد 41

نشر في الصفحة 24

الثلاثاء 29-ديسمبر-1970

المؤامرة الكبرى على القرآن الكريم

الحلقة الثالثة والأخيرة

إيضاح حتمي

·       إذا كان من حق أي صاحب دين أن يدافع عنه وأن ينتهز كل فرصة لنشره والدعوة إليه، فإنه ليس من حقه أن يكذب على الآخرين، ويزوّر الحقائق، ويفتري بالباطل، ومن ثم فقد وجب أن يوصد الباب دون الكذابين والمفترين، دفعًا للفتنة وإسكاتًا لأبواقها.

·       وإذا كان القائمون على أمر «دار الهلال» قد استغلوا مراكزهم ليدفعوا بأمثال الأنبا شنودة ليطعن في «دين الدولة الرسمي» ألا وهو الإسلام، ويدّعي جهالة الثمانمائة مليون مسلم بقرآنهم حتى جاء هو ليصحح فهمهم له، تنفيذًا لنفس المخطط الذي دعا إليه الكاتب الأول «رجاء النقاش»؛ فإن من دواعي رفض الفكرة الأساسية التي يدعون إليها، ومن أدلة سوء القصد والنية، أن يأتوا بأحد أعداء الملة، برجل مسيحي، ليقف داعية بين المسلمين لفهم قرآنهم على حقيقته التي يراها.

الإهانة المقصودة

- لو فكر مسئولو «دار الهلال» أن يدّعوا حسن النية، وأنهم يجارون تيارًا فكريًّا بين المسلمين ينادي بالعرض الحديث للدعوة الإسلامية، فإنهم لا يستطيعون أن يبرئوا أنفسهم جملة من الرسام إلى المحرر إلى المخرج إلى رئيس التحرير، في أن يرسموا صفحة ۲۰ الهلال بجوار الصليب، لكنهم حينما رسموا القرآن الكريم في صفحات ثلاث هي ٢٢، ٢٤، ٢٦ رسموا الصورة بحيث يعلو الصليب القرآن الكريم وكتبوا تحتها (القرآن والمسيحية).

وفي صفحة ٦٠ وضعوا كذلك صورة متخيلة لأبي الأنبياء إبراهيم عليه السلام.

كذب الأنبا شنودة

أولًا: ادّعى أن القرآن لم ينسخ التوراة والإنجيل، ونحن نؤمن بعالمية الرسالة المحمدية وأن الله أرسل محمدًا للناس كافة بشيرًا ونذيرًا، وحسبنا قوله تعالى ﴿يَٰٓأَيُّهَا ٱلنَّاسُ (لجميع الخلق) قَدۡ جَآءَكُمُ ٱلرَّسُولُ بِٱلۡحَقِّ مِن رَّبِّكُمۡ فَ‍َٔامِنُواْ خَيۡرٗا لَّكُمۡۚ وَإِن تَكۡفُرُواْ فَإِنَّ لِلَّهِ مَا فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلۡأَرۡضِۚ وَكَانَ ٱللَّهُ عَلِيمًا حَكِيمٗا﴾ (النساء: 170)، ﴿يَٰٓأَهۡلَ ٱلۡكِتَٰبِ لَا تَغۡلُواْ فِي دِينِكُمۡ وَلَا تَقُولُواْ عَلَى ٱللَّهِ إِلَّا ٱلۡحَقَّۚ﴾ (النساء: 171)، ثم قوله تعالى ﴿يَٰٓأَهۡلَ ٱلۡكِتَٰبِ قَدۡ جَآءَكُمۡ رَسُولُنَا يُبَيِّنُ لَكُمۡ كَثِيرٗا مِّمَّا كُنتُمۡ تُخۡفُونَ مِنَ ٱلۡكِتَٰبِ وَيَعۡفُواْ عَن كَثِيرٖۚ قَدۡ جَآءَكُم مِّنَ ٱللَّهِ نُورٞ وَكِتَٰبٞ مُّبِينٞ﴾ (المائدة: 15).

ثم قوله تعالى ﴿يَٰٓأَهۡلَ ٱلۡكِتَٰبِ قَدۡ جَآءَكُمۡ رَسُولُنَا يُبَيِّنُ لَكُمۡ عَلَىٰ فَتۡرَةٖ مِّنَ ٱلرُّسُلِ أَن تَقُولُواْ مَا جَآءَنَا مِنۢ بَشِيرٖ وَلَا نَذِيرٖ﴾ (المائدة: 19).. ثم ختامًا كان الإقرار بأن لا دين سواه ﴿إِنَّ ٱلدِّينَ عِندَ ٱللَّهِ ٱلۡإِسۡلَٰمُۗ﴾ (آل عمران: 19)، ﴿وَمَن يَبۡتَغِ غَيۡرَ ٱلۡإِسۡلَٰمِ دِينٗا فَلَن يُقۡبَلَ مِنۡهُ﴾ (آل عمران: 85).

ثانيًا: ادّعى بأن القرآن لم يسمهم كافرين بينما الآية فيه صريحة ﴿لَّقَدۡ كَفَرَ ٱلَّذِينَ قَالُوٓاْ إِنَّ ٱللَّهَ ثَالِثُ ثَلَٰثَةٖۘ﴾ (المائدة: 73)، وليخلص القس شنودة من هذا المأزق قال إن الذين يؤمنون بذلك طائفة مبتدعة تحاربها المسيحية وتناسى قرار المجامع المسكونية القديمة للنصارى الذي جاء فيه «نؤمن بإله واحد، ضابط الكل، خالق السموات والأرض، كل ما يرى وما لا يرى وبرب واحد يسوع المسيح ابن الله الوحيد، المولود من الأب قبل كل الدهور، نور من نور إله حق، مولود غير مخلوق مساو للأب في الجوهر، الذي من أجلنا نحن، ومن أجل خلاصنا نزل من السماء، وتجسد من روح القدس، ومن مريم العذراء، وتأنس وصلب على عهد "بيلاطس النبطي" وتألم وقبر وقام في اليوم الثالث كما في الكتب، وصعد إلى السماء وجلس عن يمين الأب، وسيأتي بمجده ليدين الأحياء والأموات، الذي لا فناء لملكه، وبروح القدس، الرب المحيي المميت المنبثق من الأب المتحد مع الأب والابن المسجود له.. إلخ».

ثالثًا: ادّعى أن التوراة والإنجيل لم يُحرّفا بينما قرآننا يقول فيهم ﴿يُحَرِّفُونَ ٱلۡكَلِمَ عَن مَّوَاضِعِهِ﴾ ۦ (المائدة: 13)، ويقول ﴿فَوَيۡلٞ لِّلَّذِينَ يَكۡتُبُونَ ٱلۡكِتَٰبَ بِأَيۡدِيهِمۡ ثُمَّ يَقُولُونَ هَٰذَا مِنۡ عِندِ ٱللَّهِ﴾ (البقرة: 79)، وحسبنا في هذا المرور السريع أن نذكر ما كتبه «استادان» ونقله الشيخ محمد الغزالي «أن كافة إنجيل «يوحنا» تصنيف طالب من (جامعة الإسكندرية) ووافقه «برطشنید» وزاد على ذلك أيضًا رسائل (يوحنا).

رابعًا: أنكر القس شنودة «إنجیل برنابا» الذي وردت فيه الإشارة إلى بعثة الرسول محمد صلى الله عليه وسلم ليخلص من ذلك إلى تكذيب القرآن الكريم فيما ورد فيه على لسان عيسي عليه السلام ﴿وَمُبَشِّرَۢا بِرَسُولٖ يَأۡتِي مِنۢ بَعۡدِي ٱسۡمُهُۥٓ أَحۡمَدُۖ﴾.. (الصف: 6).

ونحن المسلمين لا يعنينا أن ينكر إنجيله أو يكفر به، فتلك عادتهم وحسبنا وجود كتابنا وإيماننا بما جاء فيه.

خامسًا: حول تبرير عقيدتهم في الثالوث ليخرج بنتيجة أن ما ذكره القرآن الكريم عنهم في هذه العقيدة غير صحيح فقال في صفحة ۲۷ «أما ثالوث المسيحية فغير هذا كله نقول فيه «بسم الأب والابن والروح القدس إله واحد آمين»، فالله هو جوهر إلهي أو ذات إلهية، له عقل وله روح والثلاثة واحد» ﴿وَتَعَٰلَىٰ عَمَّا يَقُولُونَ عُلُوّٗا كَبِيرٗا﴾ (الإسراء: 43)، وبذلك لم يزد كفره إلا كفرًا فنحن نؤمن بأن الله سبحانه قال ﴿لَيۡسَ كَمِثۡلِهِۦ شَيۡءٞۖ وَهُوَ ٱلسَّمِيعُ ٱلۡبَصِيرُ﴾ (الشورى: 11)، ثم قال إننا نختلف مع المسلمين في أمور كثيرة حددها إلى أن قال «ومنها القرآن نفسه».

·       وهكذا بعد أن فتحت «دار الهلال» أبوابها لمثل هذا (القس) أن يهاجم المسلمين في قرآنهم ويّدعي أن الخلافات التي ذكرها عن ألوهية المسيح وبنوته.. إلخ غير حقيقية ويشكك في حقيقة الكتاب الكريم نفسه، تريد بعد ذلك «ثورة لوثرية» في صفوف المسلمين.

مصباح الحقيقة

·       وفي ثنايا الظلام والدس باسم التفسير العصري التاريخي الاجتماعي... إلخ نجد الدكتور عبد المحسن صالح يرفع لهم مصباح الحقيقة في صفحة ٢٩ ليقول «ومع إنني لست من الذين يميلون إلى ربط القرآن بالنظريات أو الكشوف العلمية، ولا من الذين يحاولون أن "يفصلوا" لبعض الآيات القرآنية ثوبًا من الاختراعات الحديثة حتى يدللوا بها على عظمة القرآن» إلى أن قال مؤكدًا التخصص في علوم القرآن «ليس من حقي أن أتعرض لما ليس لي به علم» إلى أن قال «والقرآن كتاب دين وعقيدة في المقام الأول».

·       ويتبعه الشيخ محمد الغزالي في صفحة ٤١ ليقول:

لم يزعم أحد أن تفسير القرآن الكريم حكر على عصر من العصور، ولا وقف على طائفة من الناس، ولكن الذي قيل: إن الاخصائيين في شأن ما هم الذين يسألون عنه ويتحدثون فيه، ولخص الشروط في ثلاثة:

١- المعرفة باللغة العربية وفنونها.

٢- المعرفة بتواريخ نزول الآيات والسور وأسباب نزولها.

٣- المعرفة بأحاديث الرسول صلى الله عليه وسلم... إلخ.

هل الأنبياء شخصيات ضبابية؟

- وإذا كان عبد الحميد جودة السحار في مقالة الداعي إلى إخراج تاريخ الدعوة الإسلامية في أفلام سينمائية أو عروض مسرحية قد جنح به التعبير إلى الخطأ فقال:

أرى أن نترك النبي صلى الله عليه وسلم في قدسيته «فإننا نتساءل عما يقصده بقوله» فالأنبياء شخصيات «ضبابية» يتخيلها كل منا بصورة تختلف عن الآخر»؟

- فيا ترى هل يقصد الضباب الذي يسد مسالك الطرق يغشى أبصار السائرين بسياراتهم مثلًا فيصطدمون ببعضهم البعض؟ أو يضيئون من عندهم نورًا مصنوعًا يكتشفون به مسارهم؟

أليس الضباب هو تجمع لذرات تجارية مائية صنعتها عمليات التبخير لمياه البحار والأنهار سرعان ما تسطع عليها الشمس ويأتيها الهواء فتذهب أدراج الرياح بلا أثر إلا توقف الحركة فترة من الزمن؟

- ألا يشتم من هذا التشبيه غير الموفق فيه أن الأنبياء والمرسلين حجبوا الرؤية الصادقة عن عقول البشر، وأوجدوا صدامًا بين الناس أدى إلى الحوادث المؤسفة والدماء المهراقة؟

أم أنهم كالضباب في مكثه ساعات ثم ينتهي أثرهم على مدار الأيام، والأشعة الفكرية الصادرة من عقول البشر؟

ماذا دهاك يا «سحار» حتى تعطي منابع الإلحاد ومستنقعات الفكر رفدًا آخر یتزودون به قولتهم المأثورة بأن «الدين أفيون الجماهير»، لعله «سحر» مؤسسة السينما والمسرح التي رأستها فترة من الزمن قد أصابك، نرجو أن يفك سحرك وتعود لإيمانك، فإن قسوة العتاب عليك من وحي تاريخك ككاتب إسلامي لا ينبغي أن يتورط، وحرصًا عليك في حسابك بين يدي ربك.

نداء

كلمة أخيرة

بعد هذا الاستعراض السريع للون من ألوان الحرب المعلنة على الإسلام بكل سلاح، والتي يمتطي فيها شياطين الكفر والإلحاد حميرًا من عندنا يحملون أسفارًا من الشهادات والثقافات، لا يدركون إلى أين يقودهم ركابهم، والتي يستغل الخبثاء صيحات التحديد في العرض وحسن الأداء لينعقوا بباطلهم ويستعينوا بكل حاقد ودخيل.

نود أن نذكر أنفسنا والعاملين في الحقل الإسلامي بأن السلبية وطول الرقاد قد مكنت للأعداء أن يتسلطوا على مراكز التوجيه في عالمنا، مستغلين ظروف الانتكاسات المتتالية، وضعف الحركات الإسلامية.

لذلك أرى إن لم يتكاتف المسلمون في إنشاء وكالة أنباء إسلامية، وصحافة تأخذ بإمكانيات العلم الحديث، ودور للنشر متخصصة، وتجمع حركي يربي هذا الجيل على الزاد الذي تربى به الأولون، ويتصل بجميع أولياء الأمور في بلداننا يبصرهم الهاوية التي تنحدر إليها ولن ينجو منها أحد، وحسبنا من التاريخ الحديث درس قدمه مؤمن واحد استطاع أن يقنع الملك البوذي في الفلبين بالإسلام فأسلم جميع الناس من الرعية.

وإلا فسيكون الردى، وتحمل وزر أنفسنا ووزر أولادنا ﴿وَلَتَعۡلَمُنَّ نَبَأَهُۥ بَعۡدَ حِينِۢ﴾. (ص: 88).

أبو هالة

الرابط المختصر :