; المجتمع الأسري (1399) | مجلة المجتمع

العنوان المجتمع الأسري (1399)

الكاتب مجلة المجتمع

تاريخ النشر الثلاثاء 09-مايو-2000

مشاهدات 20

نشر في العدد 1399

نشر في الصفحة 61

الثلاثاء 09-مايو-2000

■ للمرأة على المجتمع: حق الأمومة

• من يكافئ المرأة التي تفرغ نفسها لتربية أبنائها ماديا ومعنويا؟

• فرض عمر حظا من بيت المال لكل مولود في الإسلام فلماذا لا نعامل المرأة كذلك؟

بقلم: د. عبد المجيد البيانوني(*)

لا يزال الجدل العقيم يثار بدون توقف عن عمل المرأة ودورها في المجتمع، ولا تزال الموازين المختلفة تقدم هنا وهناك، عما يجب أن تكون عليه المرأة، وما يطلب منها، وتكثر الأعباء المطلوبة، وتطول قائمة المسؤوليات، وتقف المسلمة حائرة، وهي الحريصة على مرضاة ربها وأداء واجباتها، والاضطلاع بمسؤولياتها، تتجاذبها التيارات المتصارعة، لا تدري بم تبدأ؟ وأين تضع أقدامها؟ وتعظم المسألة عندما نجد كتابات ملتزمة بمنطلقات الإسلام وهديه، تلفها الضبابية في الفهم والتصور، والشطط في تقدير المطالب والمسؤوليات، والخلل في تحليل الواقع، وتقويمه، ويترتب على ذلك شتى المفاسد التي أخطرها ما يتصل بشعور المرأة المسلمة أن وظيفتها الفطرية الحيوية، إن هي إلا وظيفة ثانوية، لا قيمة لها أمام بهارج الأعمال الاجتماعية وسلسلتها الطويلة، التي تشارك الرجال وتنافسهم.

لعل نقطة البدء في معالجة هذه المشكلات هي تحديد الأولويات في حياة كل من الرجل والمرأة، هذه الأولويات التي تحكمها الفطرة، وتشهدها سنن الحياة، وتؤيدها الوقائع والأحداث.

وعندما يخرج الرجل عن أولوياتها، وتخرج المرأة عن أولوياتها، تضيع الحقوق، وتختل الموازين، وتظهر التشوهات والاضطرابات في تركيبة المجتمع وعلاقاته، ويبتدئ ذلك من معاكسة الفطرة ومعاندتها، ولن يئول حال الناس بذلك إلى رشد أو سداد.

وأكبر الأولويات وأكبرها في حياة الرجل: العمل الاجتماعي خارج البيت بكل جوانبه ومضامينه، ومسؤولياته ومتاعبه، وعلاقاته، وروابطه.

وأكبر الأولويات وأهمها في حياة المرأة المسلمة: رعاية الأولاد في مملكتها الصغيرة، حصن المجتمع الداخلي: ألا وهي الأسرة، تربية صالحة للأولاد، وحسن تنشئته، وقياما بحق الزوج على أحسن وجه، وتنمية إيمانية وتربوية لنفسها بما يخدم هذه الأهداف، ويحققها، وعندما لا يكتب للمرأة الزواج أو الإنجاب فمن الممكن عندئذ أن تتوجه إلى بعض الوظائف الاجتماعية التي تتلاءم مع فطرتها ولا تتعارض، وتلتقي مع أنوثتها ولا تتناقض.

ولا يخفى أن أولويات كل من الرجل أو المرأة لها متطلباتها الخاصة التي تتلاءم مع طبيعتها، وتمكنها من أداء رسالتها بصورة مثلى، فمن أهم متطلبات وظيفة المرأة الفطرية الشعور بالسكن النفسي والعاطفي، والهدوء الجسمي، والبعد عن الإرهاق.

وليس معنى ذلك أن المرأة لا تستطيع الجمع بين وظيفتها الفطرية رأي نشاط اجتماعي أو فكري، أو إبداع أدبي، وإنما حديثنا هنا عن الأولوية الأولى في حياتها، وألا ننتقص من دورها الأول فيها إن لم تقم بغيرها وألا نقدم أو نفضل تلك المواهب والأنشطة عليها.

المرأة الغربية: وعلى الرغم من كل ما فعلته الحضارة الغربية بالمرأة من إفساد لحياتها، وتدمير لكيانها، فإنها لم تستطع أن تغلب قوة الفطرة التي تأبى على المرأة أن تزاحم الرجل في أولوياته، وتدانيه في كفايته فيها، وعندما يحتج بعض المفتونين ببعض النماذج من النساء اللاتي زاحمن الرجال في مجالات الحياة، فإن تلك الحجة تساق عليهم لا لهم، إذ ليس المطلوب لنصدق دعاواهم أن نرى امرأة أو اثنتين أو عشرا أو عشرين.. يعملن في هذا المجال أو ذاك، وإنما المطلوب أن نرى نسبة النساء العاملات تتناسب مع نسبة النساء في المجتمع، ثم لا يقع الخلل في حياة الناس الاجتماعية أو الاقتصادية، أو في أي جانب من جوانبها، والواقع يشهد أنه لم يكن هذا الأمر، ولا ذاك.

فقد نشرت مجلة المجتمع في عددها رقم 1387 بتاريخ 4 من ذي القعدة 1420هـ - 8/2/2000م «أن دراسة أوروبية حديثة أثبتت أن المواقع القيادية بالمؤسسات الأوروبية لا تزال مقصورة على الرجال، فقد أكدت دراسة تضمنت استطلاعا لواقع 1500 شركة أوروبية حقيقة غياب المرأة في أعلى السلم الإداري للمؤسسات».

«وتبين أن أكثر من نصف الشركات الألمانية ليس لديها أي امرأة في مواقعها القيادية العليا بينما لم تحز سوى امرأة واحدة موقعا إداريا رفيعا في 25% من الشركات، حسب الدراسة التي تمت لحساب شركة «يو بي إس» لخدمات نقل الطرود في مدينة نويس الألمانية».

واجب المجتمع: وعلى ضوء ما سبق، وكيلا تبخس الأم التي تحبس نفسها على رعاية أبنائها حقها، فإني أقترح- اعترافا بحق المرأة التي تحفظ على أبنائنا فطرتهم، وترعى لهم نشأتهم-: أن تقرر لهم النظم الاجتماعية والدول حقا ماديا أسميه: «حق الأمومة»، هذا الحق تُعطاه خالصا لها عن كل طفل تنجبه، وتحبس نفسها على تربيته ورعايته، ولو كانت غنية مقتدرة، اعترافا لها من المجتمع بعظم الواجب الذي تقوم به، وكيلا يظن ظانٌّ أن ما هي فيه هين يسير، أو هو أقل شأنا، وأدنى حظا من المرأة المعلمة أو الأديبة، أو الكاتبة أو الباحثة، أو الطبيبة أو الداعية.

وحق الأمومة هذا لا يقتصر على عناية الأم بجسد طفلها منذ الولادة إلى سن الثالثة أو الرابعة مثلا، إذ تشتد حاجته إلى مثل هذه العناية.. وإنما تشمل إلى جانب ذلك: العناية النفسية العاطفية، والعناية العقلية الفكرية، وتمتد إلى سن التاسعة أو العاشرة، لتطمئن على خروج الطفل من محضن الأمومة سويا في كل جانب من جوانب فطرته وكيانه.

سوابق تاريخية: وليس هذا الاقتراح بدعا على منطق الإسلام وروح تشريعه، والسوابق التاريخية في عمل الخلفاء الراشدين، وما سنوه من سنن حسنة، لتحقيق الرعاية الاجتماعية لأبناء الأمة بصورة مثالية، تعد قمة من القمم السامقة في تقدير المسؤولية، والقيام بها حق القيام، فقد ثبت أن عمر بن الخطاب t فرض لكل مولود في الإسلام حظا من بيت مال المسلمين، فلم لا يفرض لأمه التي تقوم بحق الأمومة من التربية، والرعاية وحسن التنشئة حظ في بيت مال المسلمين لتشجيعها على القيام بهذه المهمة على أكمل وجه؟

والمرأة لا تستحق ذلك إلا إذا اجتازت دورة تربوية متكاملة، منظمة بعناية، ترفع مستواها العلمي والعملي والتربوي، وتؤهلها للقيام بمسؤولياتها وعملها على خير وجه.

وبعد: فلن ننسى أبدا أن المرأة المسلمة التي تقوم بحف الفطرة حق القيام- هي أم المفكرين والعلماء وأم الدعاة والهداة... وأم القادة والشهداء.. وأم المبدعين والنبغاء.. وزوجة هؤلاء أيضا.. وملهمتهم كل خير وعطاء.

 

■ صناعة الزوجات

• الزواج الواعي يتفهم الاحتياجات النفسية لزوجته ويشبعها في حنان ومقدرة

ماجدة شحاتة

ربما يكون العنوان غريبا بعض الشيء، لكن الحقيقة أننا بحاجة إلى مثل هذه الصناعة

التي يغفل عنها الكثير من الأزواج.

فكثير من الأزواج في الحقل الإسلامي يتعامل مع الزوجات بشكل تلقائي دون استكناه نفوس الزوجات، أو الوقوف على ما وراء بعض السلوكيات من نفسيات ربما كانت مبتئسة، أو مضطربة فهي في حاجة إلى يد حانية، وعقلية واعية للتعامل معها برفق خروجا بها من دائرة الضيق والهم.

إن الوعي الذي يفترض أن يكون عليه الزوج هو رب أسرة، أن يجنب مملكته كل ما يكدر صفوها، وانتظام حالها، واستواء أمرها، من خلال تحسس الحاجات النفسية لكل فرد في الأسرة، لإشباع هذه الحاجات متى كانت متسقة مع الحق، لا شذوذ فيها، ولا مغالاة.

وإن الزوجة في أمس ما تكون الحاجة إلى هذا التحسس والتلمس، فالزوجة حيث يضعها الزوج الواعي الذي يجب أن يضع في اعتباره أثر بعض الترسبات النفسية الخارجة عن إرادة الزوجة، نتيجة البيئة غير الصحية التي نشأت فيها، أو نتيجة لتراكمات تربوية، ومغالطات غير واعية في مراحل حياتها.

وتدرك الزوجة المسلمة من خلال ما تقرأ وتسمع ما لها وما عليها من واجبات، لكنها في ظل كثرة هذه الحقوق تجاه الزوج، والولد، والبيت، والعائلة وضغط متطلبات كل حق قد تقع في شيء من التقصير، وربما تكرر منها التقصير هنا أو هناك، وليس معنى ذلك أنها تتعمده أو تندفع إليه، بل هي تدفع إليه دفعا، ولأننا دائما أجرأ في طلب الحق منه في أداء الواجب، هنا تجد الزوجة كثيرا من العناء، فالحياة لا تتوقف وكذلك الحاجات، في مثل هذه الحالة يبرز دور الزوج الواعي، إذ يتفقد هذه الزوجة المتعبة، يشاركها ما تجد وتحاذر.. يفتح معها باب محاورة عن نفسها وبيتها، يغرس فيها الثقة بقدرتها على الوفاء بواجباتها، يشعرها بكثير من الإكبار والتقدير لما تبذل من جهد وعناء، يعدها خيرا في الدنيا والآخرة، يجدد معها العهد على تحمل المسؤولية تجاه غرس زواج إسلامي يرجى إتيان ثماره يانعة، يتغاضى عن الهفوة، ولا يبالي ببعض جفوة فيعفو ويصفح، في حنان ومقدرة، لا يلقي باللوم على زوجة تكابد معه معترك الحياة يقوم الأمت في صبر غير معجز، ويصحح الخطأ في وعي غير مهدر لطاقات وقدرات زوجة ألف منها إقبالا على تحمل التبعة في صبر وأناة غير متململة أو متضجرة.

كن أهلا لهذا الفن

إن الزوج الذي لا يصبر على خطأ زوجته، زوج يخطئ في حق نفسه، وأهله، ذلك أن رسولنا صلى الله عليه وسلم عملنا: «خيركم خيركم لأهله»، وكيف تتحقق هذه الخيرية والأخ الزوج خارج بيته، على غير ما هو داخله، من الصبر على الأذى، والحلم عن جهل الآخرين.

من هنا كانت بيوتنا في حاجة إلى صناعة الزوجات، وهي فن لن يحسنه إلا داعية يدرك أبعاد قوله تعالى: ﴿قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا﴾ (التحريم: 6)، داعية لا يكون رأيه من أول موقف، أو لأول تصرف، قد يراه خطأ، ولا يشفع لها عنده أنه ربما لم تكن لها خبرات منظمة في كثير من الأمور الحياتية، وهو لا يكرر على مسامعها الأخطاء السابقة، ولا يذكرها بمواقف سابقة، ولا يقف في رأيه في زوجته عند هذه الحدود، بل يرقب سيرها، وتحسن استقامة خطها فيعلي ذلك فيهها ويكبره، ويشعرها بنجاحها في تلافي الأخطاء السابقة، ومن ثم تمضي قدما على عين منه، ولا تتراجع ولا تنكث عما قصدت إلى تحسينه من نفسها، وخلقها.

وهكذا يمكنك- أخي الزوج- أن تستخرج ما في زوجك من خير، وتستخلصها لك في استسلام وقناعة إذا أنت أحسنت صناعتها، فكن أهلا لهذه الصناعة، وكن مقتدرا على فنها يرزقك الله الخير الكثير.

 

■ كيف نغرس حب القراءة في نفوس أطفالنا؟

نحن في حاجة ماسة إلى تحبيب الكتاب إلى أطفالنا ولا سيما في هذا العصر الذي أصبحت فيه القراءة من ضرورات الحياة، وهذا سيجعلهم فيما بعد ليسوا مثقفين فحسب، بل من الذين لا يستطيعون الابتعاد عن القراءة بل ويعشقونها.

والأمر هكذا: حاولت -بجهد متواضع- أن أتحرى أمورا مهمة يمكن أن تبعث في نفس الطفل الميل إلى الكتاب، ومن ثم التشوق إلى قراءته، فوجدتها تتلخص في خمسة أمور:

وهذه الأمور كما يلي:

  1. أن يقدم الكتاب على شكل لعبة، فإن الثقافة تبدأ أول ما تبدأ بتعريف الطفل بالكتاب، ومن الأفضل «أن تقترب الكتب من الألعاب، وأن تسهم الحواس المختلفة بالتعريف عليها، ومن الأحسن أن تكون هذه الكتب مصنوعة من القماش أو الورق المقوى حتى تتحمل عبث الأطفال»([1]).

  2.  أن يقرأ الوالد أو الوالدة بعض القصص المشوقة على أطفالهم «فإن الألفة بين الطفل والكتاب لا يمكن أن تتغلغل إلا عن طريق قراءة الوالدين لأطفالهم بعض القصص المشوقة، أو اطلاعهم على بعض الصور والأشكال واللوحات([2]).

  3.  إعطاء القدوة الحسنة وذلك بالإكثار من القراءة أمامه، فإن الطفل- بطبعه- يميل إلى التقليد، ثم إن من الواجب علينا «توفير البيئة المشجعة على القراءة بتوفير القصص والمجلات الجذابة والمناسبة، وتشجيع الطفل على الاطلاع عليها»([3]).

  4. لا بد من أن تستغل الفرص فـ «عندما يبادر طفلك بسحب كتاب أو مجلة وتقليب صفحاتها سارعي بمساعدته، ولا مانع من قيامك بدور القارئ»([4]).

  5. يمكنك أيضا إنشاء مكتبة صغيرة في ركن من أركان المنزل، وتعلنين أنها خاصة بالأطفال، واطلبي منهم -من حين لآخر- تنظيم ما بها من كتب وترتيبها والعناية بنظافتها»([5]).

هذه مع إعلامهم أنها ملك لهم لأن الأطفال- بفطرتهم- يحبون التملك، والادخار، والاقتناء.

هذه تقريبا أهم الأمور التي يمكن أن تجعل الطفل يقترب من الكتاب، ويميل إلى القراءة بحيث يصبح فيما بعد إنسانا قارئا يتمتع بالوعي التام، والإدراك المميز، والحس المرهف.

منصور عبد الله المشوح

----------------------------------

الهوامش
 

 (*) دكتوراه في الشريعة -عضو رابطة الأدب الإسلامي العالمية.

([1]) أدب الأطفال العربي ص37.

([2]) المرجع نفسه ص29.

([3]) المرجع نفسه ص38.

([4]) مشكلات تعلم القراءة والكتابة عند الأطفال ص 19

([5]) المرجع نفسه ص19.

الرابط المختصر :

موضوعات متعلقة

مشاهدة الكل

الأسرة.. وحزيران

نشر في العدد 3

825

الثلاثاء 31-مارس-1970

عودة إلى الشباب المتهم

نشر في العدد 7

26

الثلاثاء 28-أبريل-1970

الأسرة

نشر في العدد 3

19

الثلاثاء 31-مارس-1970