العنوان المجتمع التربوي (1057)
الكاتب د.عبدالحميد البلالي
تاريخ النشر الثلاثاء 13-يوليو-1993
مشاهدات 10
نشر في العدد 1057
نشر في الصفحة 46
 
                                    
                                الثلاثاء 13-يوليو-1993
•وقفة تربوية:
•انتقام الله لأوليائه:
يقول تعالى في كتابه الكريم ﴿إِنَّ اللَّهَ يُدَافِعُ عَنِ الَّذِينَ آمَنُوا﴾ (الحج: 38) ويقول الرسول صلى الله عليه وسلم في حديث البخاري «من عادى لي وليًّا فقد آذنته بالحرب» الحديث والآيات والأحاديث كثيرة في هذا الباب، وكلها تصب في معنى واحد، وهو انتقام الله لأوليائه الصالحين من الذين يظلمونهم بغير حق.
يحكي أن رجلًا أخذ رداء الشيخ أبي بكر الكتاني في حال صلاته، ولم يشعر بذلك لانشغال قلبه بالله تعالى، فلما باع السابق، وأراد أن يسلم الرداء إلى المشتري يبست يده فرجع بالرداء إلى أبي بكر الكتاني ويده شلال يابسة، فأخبر الشيخ بذلك، فدعا وقال: إلهي عبدك رد إلي ما أخذ مني فاردد عليه ما أخذت منه. فعادت يده سليمه كما كانت هذه صورة من صور الانتقام، ولكنها ليست الصورة الوحيدة، فربما تكون العقوبة غير مرئية للآخرين كأن يسلب النوم، أو يصاب بالضيق والقلق والخوف والرعب، ولأن هذا اللون من العقوبة غير مرئية للدعاة ، يدخل الشيطان في نفوس بعضهم بأن الله قد أهمل ذلك الظالم، ويستبطنون عقابه، فلذلك تأتي الآيات المطمئنة لهذا الصنف من الدعاة ليتأكدوا من معنى سنة الله تعالى في الظالمين فيقول: ﴿ وَلَا تَهِنُوا فِي ابْتِغَاءِ الْقَوْمِ ۖ إِن تَكُونُوا تَأْلَمُونَ فَإِنَّهُمْ يَأْلَمُونَ كَمَا تَأْلَمُونَ ۖ وَتَرْجُونَ مِنَ اللَّهِ مَا لَا يَرْجُونَ ﴾ (النساء: 104) ﴿وَلَا تَحْسَبَنَّ اللَّهَ غَافِلًا عَمَّا يَعْمَلُ الظَّالِمُونَ ۚ إِنَّمَا يُؤَخِّرُهُمْ لِيَوْمٍ تَشْخَصُ فِيهِ الْأَبْصَارُ مُهْطِعِينَ مُقْنِعِي رُءُوسِهِمْ لَا يَرْتَدُّ إِلَيْهِمْ طَرْفُهُمْ ۖ وَأَفْئِدَتُهُمْ هَوَاءٌ﴾ (إبراهيم: 42:43).
وفي هذه الآية يلفت أنظار المؤمنين إلى أن الانتقام قد لا يكون في الدنيا، بل في الآخرة على هذه الصورة التي ذكر ويؤكد هذا الأمر في آية أخرى بقوله: ﴿ فَإِمَّا نَذْهَبَنَّ بِكَ فَإِنَّا مِنْهُم مُّنتَقِمُونَ أَوْ نُرِيَنَّكَ الَّذِي وَعَدْنَاهُمْ فَإِنَّا عَلَيْهِم مُّقْتَدِرُونَ﴾ (الزخرف: 41:42).
ويقول تعالى: ﴿وَإِمَّا نُرِيَنَّكَ بَعْضَ الَّذِي نَعِدُهُمْ أَوْ نَتَوَفَّيَنَّكَ فَإِلَيْنَا مَرْجِعُهُمْ ثُمَّ اللَّهُ شَهِيدٌ عَلَى مَا يَفْعَلُونَ﴾ ( يونس: 46 ).
وكل هذه الآيات ردًّا على وساوس الشيطان التي يلقيها في نفوس أوليائه من الدعاة ليثبطهم في مسيرتهم لنصرة دين الله. ومن هذه الآيات يتأكد لنا بأن انتقام الله الظالمين سنة ماضية لا تتبدل، وأن صور الانتقام متعددة، فقد تكون مرئية أمام الناس جميعًا وقد تكون غير مرئية، وقد تكون في حياة الدعاة أو قد تكون بعد مماتهم، وقد تكون يوم القيامة. فلا يقلق الدعاة في هذا الأمر وليتركوا قضية الانتقام لربهم القادر على كل شيء ، ولينشغلوا في أمر هذه الدعوة ونشرها بين الناس.
أبو بلال
•وقفات مع........ آيات التفكر
لنقف وقفات مع أنفسنا لنتفكر في عظمة مخلوقات الباري عز وجل ودقتها، لحظات ايمانية تجعلنا نعيش ونسبح في ملكوت الله.. وكيف رفع السماء بغير عمد.. وكيف بسط الأرض وجعل الجبال أوتادًا لها ،﴿ وَٱلسَّمَآءَ رَفَعَهَا وَوَضَعَ ٱلۡمِيزَانَ ﴾ ( الرحمن:7) ومتى ترك الإنسان العنان ليتفكر في عجائب خلق الله وفي الاء الله.. كلما ازداد من الله قربًا وعلا ترمومتر الإيمان عنده وزادت خشيته لله تعالى ،﴿إِنَّمَا يَخۡشَى ٱللَّهَ مِنۡ عِبَادِهِ ٱلۡعُلَمَٰٓؤُاْۗ إِنَّ ٱللَّهَ عَزِيزٌ غَفُورٌ ﴾ (فاطر: 28) . وحديث الصادق المصدوق صلوات ربي وسلامه عليه خير برهان لنا في هذا المجال عندما يخبر تفكروا في آلاء الله ولا تفكروا في ذاته فتهلكوا فالتفكر يكون في آلاء الله ومخلوقات وعجائب تكوين هذا الكون ولا يكون التفكر في ذات الله تعالى "والعياذ بالله" وإلا ففي هذا الطريق الهلكة، والقرآن الكريم يبصرنا بآيات الإعجاز في مواضع شتى فيخبر الله تعالى عن دقة تكوين الجنين في بطن أمه في سورة المؤمنون ﴿ وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنسَانَ مِن سُلَالَةٍ مِّن طِينٍ ثُمَّ جَعَلْنَاهُ نُطْفَةً فِي قَرَارٍ مَّكِينٍثُمَّ خَلَقْنَا النُّطْفَةَ عَلَقَةً فَخَلَقْنَا الْعَلَقَةَ مُضْغَةً فَخَلَقْنَا الْمُضْغَةَ عِظَامًا فَكَسَوْنَا الْعِظَامَ لَحْمًا ثُمَّ أَنشَأْنَاهُ خَلْقًا آخَرَ ۚ فَتَبَارَكَ اللَّهُ أَحْسَنُ الْخَالِقِينَ﴾ (المؤمنون: 12:14) فيا سبحان الله ما أعظمه من تصوير دقيق لمراحل تكوين الإنسان ذلك المخلوق الفاني. حيث يصور لنا القرآن الكريم مراحله منذ أن كان نطفة حتى اكتماله وخروجه من الظلمات الثلاث إلى نور الحياة الدنيا.
لحظات يعيشها الإنسان ويرتقي بها في إيمانه.. وكلما تمعن في كتاب الله تعالى أكثر كلما ازداد قربًا لله وإذا انتقلنا إلى أية أخرى من آيات الإعجاز كذلك .. يخبر الله تعالى في سورة الحج الآية (۷۳) فيقول جل وعلا: ﴿يَا أَيُّهَا النَّاسُ ضُرِبَ مَثَلٌ فَاسْتَمِعُوا لَهُ ۚ إِنَّ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِن دُونِ اللَّهِ لَن يَخْلُقُوا ذُبَابًا وَلَوِ اجْتَمَعُوا لَهُ ۖ وَإِن يَسْلُبْهُمُ الذُّبَابُ شَيْئًا لَّا يَسْتَنقِذُوهُ مِنْهُ ۚ ضَعُفَ الطَّالِبُ وَالْمَطْلُوبُ﴾ صورة بليغة تبين عجز البشر.. بل جميع البشر على أن يخلقوا حشرة صغيرة لا تذكر ألا وهي الذبابة حتى لو اجتمع البشر كلهم أجمعون .. وتكملة لهذا الإعجاز القرآني يبين تعالى أن هذه الحشرة لو سلبت من البشر شيئًا فمن الصعب بل من المستحيل أن يرجعوه فيختم الآية بقوله: ﴿ضَعُفَ الطَّالِبُ وَالْمَطْلُوبُ﴾(الحج: ٧٣) أية عظيمة تبين ضعف هذا المخلوق أمام ملكوت الباري عز وجل كضعف هذه الحشرة البسيطة قمة في التصور ودقة في التعبير وجمال في الإيضاح ومع هذا البيان ينكر الجاحدون كل هذه النعم؛
هل في عيون الملحدين عماء، أم في عقول الملحدين غباء
أيجوز عقلًا، أن عقلًا مبدعًا، قد أوجدته طبيعة بلهاء
فإذا الطبيعة أدركت وتصرفت، قلنا الطبيعة والإله سواء
الله أحيا الكائنات بسره، ويسره تتفاعل الأشياء
ثم يكمل في نهاية أبياته فيقول:
الله ربي لا أريد سواه هل في الوجود حقيقة إلا هو
الحوت قدسه والوحش مجده والطير عظمة والكل ناداه
والنمل تحت الصخور الصم قدسه والنحل يهتف حمدًا في خلاياه
والناس يعصونه جهرًا ويسترهم والعبد ينسى وربي ليس ينساه
وفقنا الله وإياكم إلى الخير وإلى التفكر والعيش مع آيات الله تعالى تقربا وطاعة هو ولي ذلك والقادر عليه.
والحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات.
• خالد مال الله
موضوعات متعلقة
مشاهدة الكل 
         
         
         
                