العنوان المجتمع الثقافي (1060)
الكاتب مجلة المجتمع
تاريخ النشر الثلاثاء 03-أغسطس-1993
مشاهدات 15
نشر في العدد 1060
نشر في الصفحة 50
الثلاثاء 03-أغسطس-1993
إعداد: مبارك عبد الله
اللسان العربي
اقتحام العقبة
عبد الوارث سعيد
بات من المسلمات أن للغة - أي لغة - دورًا أساسيًا وفعالًا في حياة كل أمة. وإن للعربية - بسبب ارتباطها الوثيق بالقرآن وبحضارة الإسلام - لدور أعظم خطرًا وأثرًا. من هنا كانت العربية هدفًا ثمينًا لسهام أعداء الإسلام والمسلمين. لقد تآمروا عليها بخبث لتغييبها من حياة المسلمين عامة. وكان العرب -أهل اللغة وحماتها- محل تركيز خاص في هذه الحرب.
ونجح الأعداء - بفضل غفلتنا وجهلنا وخيانة بعض منا للأمانة - في تهوين أمر اللسان العربي في نظرنا وإيهامنا أنه صعب وغير صالح للحياة المعاصرة، وزينوا لنا بدائل - من لغاتهم الأجنبية أو من العاميات واللهجات - ليقطعونا عن سر وجودنا ومنبع وحدتنا وقوتنا القرآن والسنة وتراث الإسلام. وتولت أنظمة التعليم العلمانية تثبيت تلك الأفكار فقامت بين العربي ولغته الفصحى حواجز وعقبات ضخام تمنعه من الاقتراب منها والتعرف عليها والتمكن من أنظمتها والإحساس بعظمتها وجمالها، فرضى أن يعيش حياته لا يتقن إلا العامية، وقد يتقن معها لغة أجنبية أو أكثر. أما الفصحى - لغته الأم، ولغة دينه وحضارته - فمتروك أمرها للظروف، ولا يقلقه أو يخجله ألا يستقيم بها لسانه أو قلمه، بل ألا يحسن قراءة كتاب الله، دعك من تذوقه وإدراك إعجازه، وإن دعاه أحد إلى تعلم لغته ونفض هذا العار عن نفسه تخوف وتهيب واعتقد أن الأمر ليس في وسعه خاصة إن جاوز سن الشباب. فما مدى صحة هذا الظن والتخوف؟!
إن هذه المشكلة النفسية ليست سوى تراكم لمفتريات الغزو الفكري الخبيث طيلة نحو قرن من الزمان وعبر وسائل عديدة. وتجاوز هذه العقبة والتخلص من العقدة يحتاج إلى نظرة صادقة إلى قضية اللسان العربي ومكانته، وإلى عزمة قوية تعيد الأمر إلى نصابه، وتضع القدم على أول الطريق الصحيح.
أما صعوبة العربية، فهذه خرافة من دس الأعداء واللغويين - من أبناء الأمم التي تحارب العربية - يرفضون فكرة أن لغة أصعب أو أسهل من لغة أخرى. فها هم أطفال كل الشعوب يتعلمون لغاتهم الأم بالسرعة ذاتها ودون شكوى. بل منهم من يتلقى عن أسرته لغتين معًا ويتقنهما، ويسمى «ثنائي اللغة» «Bilingual» وها هم البالغون يتعلمون ويتقنون مختلف اللغات الأجنبية في معاهد الدرس.
وما يكون من شكوى لدى بعضهم أو صعوبة مردها إلى الظروف المحيطة وطرق التدريس وليس إلى اللغة ذاتها. أما العربية خاصة، فقد أتقنتها الشعوب المختلفة حين اعتنقت الإسلام ونافسوا العرب في حبها وإتقانها، بل تفوقوا عليهم أحيانًا، وسيبويه «الفارسي الأصل» - صاحب أول وأعظم كتاب في قواعد العربية - ليس سوى مثال واحد من عشرات ومئات برزوا في العربية وعلومها، وعرفوا بــ «الموالي».
كذلك فإن اللغة ليست ركامًا من الفوضى، وإنما هي «نظام» محكم له منطقه على كل المستويات، وإلا لما أمكن للناس أن يتفاهموا بها.
ونحن في عصر «نظم المعلومات» وتتعلم العلوم ونحسن استخدام الآلات والأجهزة ما دمنا نفهم نظامها. ولهذا «اللسان العربي» من خصائص «النظام» والمنطق حظ أوفر من حظ لغات أخرى.
ومن المبشرات بسهولة اجتياز هذه العقبة أننا نعرف الكثير من قواعد العربية وأنظمتها، سواء عن طريق ما درسناه في مراحل التعليم، أو ما ترسب في ذاكرتنا من خلال تعرضنا الطويل لنصوصها، كل ذلك مخزون يمكن بالممارسة أن ينشط ويستعاد إلى منطقة الوعي، ويحول من حالة الكمون والسلبية إلى الحركة والإيجابية.
أضف إلى ذلك أن للعامية - التي نتقنها ونمارسها صباح مساء - قواعد في الأصوات والمفردات والنحو، وحتى البلاغة، تلتقي في مساحة كبيرة مع قواعد الفصحى في تلك المستويات، ولا عجب فهما مستويان من أصل واحد، فإذا أردنا تعلم الفصحى أو ممارستها استمددنا الكثير من تلك الذخيرة اللغوية التي نمتلكها ونحن لا ندري.
إن كل ما نحتاجه لاجتياز هذه العقبة وقفة صادقة مع النفس وعزمة قوية على التغيير وكسر حاجز الخوف، واستشارة لأهل الذكر عن كيفية البدء والتحرك وأنسب الكتب التي توصلنا إلى الغاية المرجوة والله – تعالى - لا يضيع أجر من أحسن عملًا. فهل آن الأوان أن نتخذ هذا القرار الحكيم؟!
وسوف نحاول - في الحلقة القادمة - أن نبدأ معًا «الدرس الأول» على طريق إيقاظ الذخيرة الخاملة من معارفنا عن اللغة العربية أملًا في انطلاقة مستمرة بهدف أن نتقن هذا اللسان المبين.
إصدارات
من أجل تحرير حقيقي للمرأة
لفترة من الزمن كان شعار تحرير المرأة يستهوي بعض نسائنا وكثير من الشعارات كانت تسوق إلينا ضمن خطة ترويج البضائع الأجنبية، إلا أن هذا الشعار لا يمس الجانب الاقتصادي بقدر ما يؤثر على الحالة الاجتماعية والتركيبة الأسرية.
كانت الدعاية المصاحبة للشعار تصور المرأة في بلاد النصارى وكأنها حققت كل ما تتطلع إليه من أهداف ومكاسب، وما على المرأة المسلمة إلا أن تقلدها وتحذو حذوها حتى تتحرر وتتقدم وترتفع.
وانطلت الحيلة على قطاع من النساء وأخذن يرددن الشعار ويتباكين على حقوقهن المهضومة، ويخترعن الشواهد ويصطنعن المبررات لتأكيد دعواهن، وما درين - ولعلهن الآن أدركن - أن المسألة مصطنعة من أساسها، وأنها ما هي إلا جزء من الهجمة الثقافية التي كان الاستعمار يمثل صورتها العسكرية البشعة، والتي تهدف إلى إفقادنا مقومات وجودنا الحضاري وهويتنا الثقافية، ليسهل عليهم السيطرة علينا أكبر مدة ممكنة.
وبعد أن برزت صيحات الاستغاثة من نساء الغرب المسيحي وضج علماء الاجتماع عندهم يعلنون النذر والتحذيرات لإنقاذ المرأة من الوحوش المستغلة والقاسية من أزواج وأرباب عمل وغيرهم.
وصرح كثيرون منهم ممن اطلع على وضع المرأة في المجتمع الإسلامي والشريعة الإسلامية بأن الإسلام فقط هو الذي أنصف المرأة.
وإذا جاز لنا أن نستعمل المصطلح الشائع «تحرير المرأة» فما هي الصورة الحقيقية لتحرير المرأة؟
الإجابة يقدمها مفصلة ومبرهنة محمد رشيد العويد في كتابه «من أجل تحرير حقيقي للمرأة» الذي صدر عن «حواء» للنشر والتوزيع ت 641671 ص ب 334 - السالمية 2204 - الكويت.
تاج العروس
صدر عن قسم التراث العربي بوزارة الإعلام بدولة الكويت ضمن سلسلة «التراث العربي» الجزء الثامن والعشرون من معجم «تاج العروس من جواهر القاموس» تأليف السيد محمد مرتضى الحسيني الزبيدي وتحقيق الدكتور محمود محمد الطناحي.
وقد راجعه: عبد السلام محمد هارون ولجنة فنية من وزارة الإعلام.
ونحن إذ نشيد بجهود وزارة الإعلام لهذه الخطوة الطيبة نأمل أن تتابع طريقها لنفض الغبار عن ذخائر تاريخنا الحافل بالروائع والجواهر الثمينة.
مع دعائنا لها بالتوفيق في عملها المشكور…
للمتزوجات فقط
المودة والرحمة من أهم أسس الحياة الزوجية التي أقرها الإسلام وهدم ما عداها من علاقات بين الرجل والمرأة.
والمرأة الصالحة خير متاع الدنيا، لذلك فالزوجة عليها واجبات كما أن لها حقوق تبعًا لهذه العلاقة المميزة والرباط الوثيق، وبما أن المؤلفة أمل محمد زكريا الأنصاري خصصت كتابها «للمتزوجات فقط» وبثت نجواها لهن بسرية تامة، فإني أحيل قرائي إلى صفحات الكتاب المذكور ففيه الكثير من الفوائد والحكم والطرائف التي لا يستغنى عنها المتزوجون من النساء والرجال.
الكتاب توزعه مكتبة الصحوة - ص.ب 3122 – الرمز البريدي 32032 حولي – الكويت – ت: 2611006.
شعر
رسالة إلى مجلس الأمن
شعر: عبد الرحمن بن صالح العشماوي
الرياض - الازدهار
قل ما تشاء، فلم يعد يعنينا منك الحديث، ولم يعد يشجينا
قل ما تشاء فأنت أكبر كذبة جعلت من الغث الردى سمينا
قل ما تشاء فأنت مجلس أمنهم ترضي أعادينا ولا ترضينا
إني أراك بمقلة مجلوة فأراك وجها، قبحه يؤذينا
يا مجلس الأمن المخيف عجبت أمن يخيف الآمن المسكينا
وعجبت من دعواك أنك عادل وأراك ترسل رمحك المسنونا
وأراك ترسم كل يوم خطة فيها رأينا للجنون فنونا
أعلنت في الصومال موقف حازم وعلى سراييفو بقيت ضنينا؟!!!
يا مجلس الأمن المخيف أدر على ما تشتهي دولابك المأفونا
كنا نحذر قومنا، لكنهم ظلوا بفعلك يحسنون ظنونا
فلكم رفعنا الصوت نرشد قومنا لكنهم خدعوا، فما سمعونا
حتى إذا كشرت عن ناب الهوى وجعلت يسرى الظالمين يمينا
وكشفت أقنعة الدعاوي معلنا بعد التخفي سرك المكنونا
وفتحت للصرب الطريق فأفرغوا حقدا على المستضعفين دفينا
وتركت إسرائيل تملأ كأسها بدمائنا وتواصل التوطينا
بهتت عقول القوم حتى أصبحوا في لجة الأوهام يصطرخونا
خدعوا بمظهرك الأنيق وإنما يغتر من لا يعرف المضمونا
قالوا لنا: ماذ تسمي ما جرى في مجلس الأهواء، قلت: جنونا
قالوا لنا والغرب؟ قلت صناعة وسياحة ومظاهر تغرينا
لكنه خاو من الإيمان لا يرعى ضعيفا أو يسر حزينا
الغرب مقبرة المبادئ لم يزل يرمي بسهم المغريات الدينا
الغرب مقبرة العدالة، كلما رفعت يد أبدى لها السكينا
الغرب يكفر بالسلام، وإنما بسلامه المزعوم يستهوينا
الغرب يحمل خنجرا ورصاصة فعلام يحمل قومنا الزيتونا؟!!
كفر وإسلام، فأنى يلتقي هذا بذلك أيها اللاهونا؟؟!!
أنا لا ألوم الغرب في تخطيطه لكن ألوم المسلم المفتونا
وألوم أمتنا التي رحلت على درب الخضوع ترافق التنينا
وألوم فينا غفلة صرنا بها نستمري التخذيل والتدجينا
وألوم فينا نخوة لم تنتفض إلا لتضربنا على أيدينا
يا مجلس الأمن المخيف إلى متى تبقى لتجار الحروب رهينا
وإلى متى ترضى بسلب حقوقنا منا، وتطلبنا ولا تعطينا
لعبت بك الدول الكبار فصرت في ميدانهن اللاعب الميمونا
شكرًا، لقد أبرزت وجه حضارة غربية، لبس القناع سنينا
شكرًا لقد نبهت غافل قومنا وجعلت شك الواهمين يقينا
وكشفت للمستغربين حقيقة كانوا على أوهامها يبنونا
يا مجلسا في جسم عالمنا غدا مرضا خفيا يشبه الطاعونا
تشكو رفوفك من قضايانا التي لم تلق فيك على الحقوق أمينا
يتعوذ الإهمال منك ويشتكي منك الخداع، ويعلن التأبينا
يا سالب الطفل الأمان إلى متى تسقيه من بعد الأنين أنينا؟؟
وإلى متى يبقى الهوى لك سيدا وتظل للظلم الرهيب قرينا؟؟!
يا مجلس الأمن انتظر إسلامنا سيريك ميزان الهدى ويرينا
إني أراك على شفير نهاية ستصير تحت ركامها مدفونا
إن كنت في شك فسل فرعون عن غرق، وسل عن خسفه قارونا
الشاعر الإسلامي «تاج الدين نوفل» للمجتمع
رسالة الأدب الإسلامي هي الوصول بقلب المسلم إلى حقيقته
الحداثة بمفهومها الغربي فقاعة ولدت لتنفجر وتموت
الكتابة للأطفال.. أصعب أنواع التعبير الأدبي
حاوره في القاهرة - محمود خليل
الشاعر الإسلامي «تاج الدين نوفل» رجل يقطر هدوءًا وعذوبة، ويفيض إبداعًا زكيًا نضيرًا، ولأننا ونحن ننادي بالأدب الإسلامي رسالة عالمية، تطرح المشروع الإسلامي في جانب من أهم جوانبه، جانب الكلمة الجميلة المسؤولة، إنما نبحث في هذا الطريق الميمون عن أصحاب المواهب الصادقة، والإبداعات الأصيلة التي تحمل هذا الأدب المنشود إلى واقع المزاحمة والمدافعة، في عالم يضج بجاهلية الفنون المتردية المرذولة.
ومحاورنا «38 سنة» له رصيد إبداعي طيب على طريق الشعر الإسلامي، فقد صدر له دواوين «لؤلؤة ومرجان» و«عدالة عمر» و«الملكة سوسينا»، ثم الأجزاء الثانية من هذه الدواوين التي تعالج التجارب الشعرية بشتى أنواعها وتحتوي الوجدان المسلم بسلاسة وإشراق وإمتاع.. وكان لـ«المجتمع» معه هذا اللقاء.
المجتمع: ما هو مفهوم الأدب الإسلامي من وجهة نظركم؟
تاج الدين: الأدب الإسلامي هو الأدب البليغ الرفيع البديع، السهل الممتنع، الذي ينساب إلى القلب، فيحدث تأثيره المبتغى، وهو يهتم بالهدف وحسبه لتحقيق هذا الهدف وسيلة مشروعة وهو أوسع جدًا مما يتصور البعض.
ويعجبني في هذا المقام تعريف الشاعر المسلم الكبير محمد الحسناوي للأدب الإسلامي بأنه «التعبير الموحى عن قيم الإسلام الحية التي ينفعل بها المسلم، وتنبثق عن تصور إسلامي صحيح للحياة والارتباطات فيها بين المسلم والله تعالى، وبين الإنسان والكون، وبين بعض الإنسان وبعض».
المجتمع: من الملاحظ على إبداعاتكم الرقة الغالبة والغزل في كثير منها، فهل يتسع الشعر الإسلامي الملتزم لهذه الضروب في العلاقة بين الرجل والمرأة؟
تاج الدين: كل ما أكتبه وما كتبته من غزل، هو شعر صحيح مائة بالمائة.. ولكن السؤال: كيف يكون الغزل شعرًا إسلاميًا؟ أجيبك بأنه لا بد للشاعر والأديب المسلم أن ينطلق من مناخ إسلامي متكامل وتصور شامل لمقاصد إسلامنا الحنيف.. ليس بالضرورة أن يكون فقيهًا، ولكن تكفيه سلامة النظرة وصحة التصور وسموق الموهبة وحدتها، وأنا شخصيًا أفردت ديوان «الملكة سوسينا» بجزئيه لزوجتي وشريكة حياتي.. هذه المرأة المسلمة التي نرجوها في كل بيت وخلف كل أخ مسلم تشد أزره وتعينه على تبعات الطريق الصعب.. طريق الدعوة.
ولكن يبقى أن أقول إنني أتكلم عن المرأة العفيفة المصونة، أتحدث عنها خلقيًا ومعنويًا، ولا أعني إلا بالجوانب التي أمرنا الله تبارك وتعالى أن نعني بها ونثني عليها، وأعرض عما أمرنا الله بالإعراض عنه.
المجتمع: ولكن هذه النظرة «المنضبطة» ألا تضيق عليكم دائرة الإبداع؟
تاج الدين: أبدًا لم يحدث أن ضاقت أمامي تجربة ما، فأنا عندما أكتب الكلمة التي ستصير «لي» هذه سعة، أما الضيق كل الضيق، أن أكتب الكلمة التي تضل من بعدي من يقرأها.. ومن أراد «الحلال» وسع الله عليه وفتح له ألف باب ومن أراد «الحرام» وسع الله عليه وفتح على نفسه ألف باب ﴿كُلًّا نُّمِدُّ هَٰؤُلَاءِ وَهَٰؤُلَاءِ مِنْ عَطَاءِ رَبِّكَ ۚ وَمَا كَانَ عَطَاءُ رَبِّكَ مَحْظُورًا﴾ (سورة الإسراء: 20) وهؤلاء الذين يضيقون على أنفسهم ويجدون لذة الحرام في الانطلاقة العشوائية البهيمية ليسوا من الإسلام في شيء، إنما الإسلام انضباط، لأنه مقيد بالحلال والحرام والثواب والعقاب، وهنا تكمن مسئولية الرسالة.
المجتمع: إذن.. ما هي الرسالة التي تريدون إبلاغها من خلال الأدب الإسلامي؟
تاج الدين: هو أن نصل بقلب المسلم إلى حقيقته.
حرب شعواء على المبدعين
المجتمع: إلى أي مدى ترى أن رسالة الأدب الإسلامي قد حققت أهدافها؟
تاج الدين: لم يتحقق منها إلا أقل القليل.. وهذا راجع إلى عدة أمور.. منها فساد التصور عند كثير من المبدعين، والحرب الشعواء على الأدب الإسلامي ومبدعيه، في إطار الحرب المعلنة على كل ما هو إسلامي، هذا يجعل النشء الجديد يهرب من هذا الميدان الصعب.. هذا بالإضافة إلى أننا نعاني من الفقر في ميدان التربية.. خاصة تربية المواهب واحتضانها ورعايتها.
ونحمد الله أننا في الفترة الأخيرة، قد كسبنا بعض الأصوات من كبار المبدعين، ممن رأوا في المسيرة الإسلامية خير طريق لهم.. ولكن لا يجب أن يظل الأدب الإسلامي معتمدًا على «الفلتات» الفردية.. فهو جناح لا يقل أبدًا عن بقية أجنحة الصحوة الإسلامية الفتية.
المجتمع: نريد أن نتعرف على الجيل الذي تنتمي إليه؟
تاج الدين: هو جيل أراد له أعداء الله أن يكون جيلًا محزبًا ولكن جمعه الله بحوله وقوته على الإسلام، ولكن بعض البقايا من أرباب الاشتراكية البالية ما زالوا يشنون علينا كثيرًا من الهجمات.. وللأسف البالغ في الفترة الأخيرة، قد سلمت لهم كل المراكز الثقافية على مستوى الدولة «تسليم مفتاح».. وأرجو أن تعفيني من ذكر الأسماء حتى لا أقع في حرج أو مظلمة لأحد، ولكن -والحمد لله- هناك جيل واعد مطمئن والمستقبل لنا بإذن الله تعالى.
المجتمع: ماذا تمثل هذه الكلمة لك: «الشاعر الإسلامي»؟
تاج الدين: تمثل لي ما مثلته لـ«شوقي» قديمًا حين قال: «لئن أكون «شاعر الإسلام» خير لي من أن أكون أميرًا للشعراء» والشاعر الإسلامي هو من عاش للإسلام وبالإسلام، وسخر لذلك كل مواهبه وقدراته.
المجتمع: ترى!! ما هي نظرة الشاعر المسلم لبقية الفنون خاصة وأن دراستكم حتى الدكتوراه كانت في «الديكور» ضمن الفنون الجميلة؟
تاج الدين: كنت.. وأنا صغير أحب الموسيقى والرسم والخطوط وأصبحت بالدراسة متخصصًا في الديكور.. ولكن وجدت أخيرًا، أن الشعر يجمع لي كل الفنون التي أحببتها فاكتفيت به رسالة شاملة، تجمع بين يدي كل الفنون في فن واحد حلال مؤثر.
المجتمع: ولكن بقية الفنون.. كيف تنظرون إليها؟
تاج الدين: هناك فنون لسنا بحاجة لها كمسلمين كالباليه، والرسم التجريدي، والنحت، أو بقية الفنون التي تعد جنونًا في صالات العرض أو جنونًا على الورق، فليس في الإسلام «فن للفن» ولكن هناك «فن» للدنيا والآخرة، فأنا عندي قصيدة «عمر المختار» لشوقي أجمل من فيلم «عمر المختار».
ضوابط وعبث
المجتمع: والحداثة.. ما رأيك فيها؟
تاج الدين: الحداثة بمعناها اللغوي أهلًا بها ومرحبًا ونحن أول من ينادي بالحداثة في كل شيء في ظل تراثنا الإسلامي الأصيل، أما الحداثة بمعناها «التخريبي» «الغربي» الذي ينادي بالثورة على الأصول وتحطيم «المقدس» فهي نوع من العبث، وهي غبار سوف يزاح عن الساحة قريبًا، ولن يطول به المقام شأن كل فقاعة فارغة، لا بد وأن تنفجر بعد لحظات من ولادتها.. وكل فن له ضوابط وموازين والتهوين من شأن الضوابط في أي شيء يجعل الميدان مفتوحًا لكل من «هب ودب» وهذا عبث لا يرتضيه أحد.
المجتمع: هل سبق لكم الكتابة للأطفال؟
تاج الدين: نعم حاولت، ولكن الكتابة للأطفال هي أشق أنواع الكتابة.. وأنا أحاول أن أصيغ بعض المواقف شعرًا للأطفال، وقد سبقني في هذا المضمار كثيرون من شعراء الإسلام.
المجتمع: تذكر لنا أحد النماذج؟
تاج الدين: من ديوان عدالة عمر مثلًا.. هذا النموذج للطفل المسلم:
دخل القادم يسعى وسط مدينة أحمد
كان الحر شديدا وبه العرق تفصد
ومضى يسأل عنه أين تراه تمدد
أبقصر يلقاه أم بأريكة عسجد
كان القادم يعلم من هو عمر الأمجد
كانت أرض الروم تبرق منه وترعد
وكذا ملك الفرس يوشك أن يتبدد
ومضى القادم يسعى بخيال يتجدد
***
حاكم هذي الدنيا عمر بن الخطاب
هبني صرت لقصره وطرقت الأبواب
كيف سأصل إليه لو رفض الحجاب
ومضى القادم يحلم بسراب وضباب
***
يسأل من يلقاه عن عمر المقدام
فاقتادوه لظلٍ وبه العادل نام
كان النائم يرقد في أمن وسلام
لا يخشى مظلوما كجميع الظلام
فإذا القادم يهتف تحت الشجرة نام!!
هذا حاكم عدل حكم فعدل فنام
المجتمع: وبماذا تنصح إخوانك من الأدباء المسلمين الشبان؟
نوفل: أنصح ألا نتناول موضوعًا نهى عنه الشرع وألا نتناول في موضوع ما نهي الشرع عنه.
قبضة من حروف:
«التنصير إذاعيًا»
بقلم: يحيى بشير حاج يحيى
من المستهدف؟ ولمن تبث مئات الإذاعات التنصيرية بمختلف اللغات واللهجات؟ وقد مضى على إنشاء أول اذاعة تنصيرية أكثر من سبعين عامًا؟!
أجاب على هذا السؤال وعلى غيره الدكتور كرم شلبي في كتابه القيم «الإذاعات التنصيرية الموجهة إلى المسلمين العرب» من أن تلك الإذاعات تستهدف غير المسيحيين من الذين لا دين لهم، أو الذين يعتنقون ديانات أخرى، ويأتي المسلمون في مقدمتهم، أما أنها لم تكن تستهدف المسيحيين في المقام الأول، فذلك لأن هؤلاء يمكن أن تقوم الكنيسة والمدرسة والأسرة في تنشئتهم وتربيتهم الدينية فضلًا عن المؤسسات الأخرى التي تعمل في هذا المجال؟!
وإذا كان الإسلام والمسلمون هم في طليعة المستهدفين بهذا النشاط فإن تلك الحقيقة يؤكدها الواقع حيث إن تلك الإذاعات جميعها تزين المسيحية وتحقر ما عداها من أديان وعقائد، وتخص الإسلام بالهجوم تلميحًا مرة، وتصريحًا أكثر من مرة، وبلغ من كيدها وتلبيسها على المستمعين أنها تقدم تلاوة مشابهة لتلاوة القرآن ليست بقرآن!!
كما يؤكد هذه الحقيقة ما يصدر من تصريحات ونشرات تشير إلى ذلك. تقول نشرة معهد زويمر «إن المسلمين يعرفون الله ويحبونه، ولكنهم لا يعرفون المسيح، وإقناع المسلمين بالمسيحية ليس مستحيلًا، إنه يحدث اليوم، وإن ما بالحقول قد طاب وحان قطافه»!!
وتقول نشرة وكالة فرونتيرز: هدفنا أن نرى 200 منصر فعال يزرعون كنيسة بين كل مائتين من المسلمين في العشرين سنة القادمة؟!
إن كثيرًا من طموحاتهم - مع الأسف الشديد، يتحول إلى واقع ملموس، لأنها لا تقوم على الأماني ولكنها تعتمد على التخطيط والمتابعة؟!
لقد رفعوا منذ سنوات شعار «أفريقية نصرانية في عام ألفين» فكم عدد الإذاعات الإسلامية في تلك القارة الواسعة التي تموج بمختلف العقائد واللغات؟ وما مستوى الإعداد لمواجهة التنصير فيها - وهو ينصب على أبناء المسلمين وليس على الوثنيين وحدهم؟
بعض الإذاعات يعمل على استحياء وتعثر، وبعضها يستأجر وبعضها يطلب التبرعات حتى لا تتوقف، ونحن نملك المليارات فلا نرد ولا نسمع ونريد أن يكون الإسلام بخير؟!! ثم تلاه شعار آخر وهو الاحتفال بتنصير إندونيسيا كاملة عام 2000م أي مع بداية القرن الحادي والعشرين.
فأين إذاعات المسلمين، وصوت الحق إذا جلجل لا يعلو عليه صوت؟