العنوان المجتمع المحلي (1373)
الكاتب مجلة المجتمع
تاريخ النشر الثلاثاء 26-أكتوبر-1999
مشاهدات 14
نشر في العدد 1373
نشر في الصفحة 10
الثلاثاء 26-أكتوبر-1999
وعادت أيام «الأمة».. الأمير يفتتح دور الانعقاد الثاني اليوم
يفتتح أمير البلاد الشيخ جابر الأحمد الجابر الصباح - اليوم الثلاثاء - دور الانعقاد الثاني للفصل التشريعي التاسع لمجلس الأمة.
وتتضمن مراسيم الافتتاح - الذي يحضره ولي العهد رئيس مجلس الوزراء الشيخ سعد العبد الله السالم الصباح بعد عودته من إجازته الخاصة - استقبالًا للأمير، يتقدم الحضور فيه رئيس مجلس الأمة جاسم الخرافي، ونائبه مشاري العنجري، والنائب سامي المنيس باعتباره أكبر الأعضاء سنًا.
ويذكر أن مراسيم الافتتاح تنتهي بعد إلقاء ولي العهد رئيس مجلس الوزراء الخطاب الأميري، لتجرى بعد ذلك انتخابات اللجان.
الشاهين: أهمية التحرك الحكومي السريع لحفظ دين الدولة وثوابتها
أكد عيسى ماجد الشاهين - الناطق باسم الحركة الدستورية الإسلامية - أهمية تحرك الحكومة السريع لحفظ دين الدولة وقيمها وثوابتها في إطار الدستور والقوانين، مثل تحركها السريع في صون ذوات الرؤساء والعلاقات مع الدول الأجنبية.
وطالب الشاهين بنزع أساليب السخرية، والاستهزاء، والتطاول، والكذب، والتقول، وسوء الظن، والتحريض من لغة الحوار بين الأفراد والجماعات في المجتمع، ليرقى الحوار، وتتحقق الأهداف الخيرة من ورائه، وذلك مع النأي بالشؤون الكويتية الداخلية عن الدوائر الخارجية وتأثيراتها وضغوطها حماية لسيادة الدولة وكرامتها.
وشدد الناطق باسم الحركة الدستورية الإسلامية على ضرورة احترام القضاء الكويتي النزيه، وعدم المساس به تصريحًا أو تلميحًا، ودعمه بكل السبل لتأدية رسالته على أكمل وجه، وتفعيل لجوء الأفراد والجماعات له في كل ما يحقق العدل، ويحفظ الحقوق، ويرفع الظلم والتشويه والتشهير.
وأضاف - في تصريح حول العفو الأميري الصادر عن الدكتور أحمد البغدادي -: «إن العفو الأميري حق دستوري مصان، وغير منازع، ولا يحق التعقيب أو التعليق على نصه، ولا محاولة تفسيره أو تجييره، هو يصدر طبقًا لتقدير وتقييم رئيس الدولة أمير البلاد ووالد الجميع حفظه الله»، مشيرًا إلى أن ما لا يجب أن يفوتنا في هذه المناسبة هو التذكر والالتفاف حول مجموعة من الحقائق من أجل تحقيق الاستقرار والأمن والوحدة الوطنية في المجتمع ومنها: «أن الدين الإسلامي وأركانه وتعاليمه من أولى ثوابت المجتمع التي لا يجب التعرض لها أو المساس بها بأي حال من الأحوال أو تحت أي ذريعة من الذرائع».
وأوضح أن من هذه الحقائق أيضًا: «أن المجتمع الكويتي مجتمع متدين محافظ، يرفض المساس بدينه أو قيمه أو أخلاقه، وأن هذا المجتمع يحرص على الحريات العامة وخاصة حرية الرأي والتعبير في إطار الدين والدستور والقوانين، وضمن الحدود المقرة والمتفق عليها، مع رفضه المطلق للحريات المنفلتة المطلقة ودعاتها».
البغدادي طليقًا..
بعد أن أمضى 12 يومًا في السجن، وذاق من كأس الحرمان الذي سخر قلمه للمناداة به للإسلاميين كي تجف منابعهم، وتستأصل شأفتهم، ها هو الدكتور أحمد البغدادي حر طليق، بعفو أميري من بقية مدة العقوبة التي بلغت شهرًا واحدًا.
لعل البغدادي يتعظ.. وأن تكون الرسالة وصلته، ونقول له: «عليك أن ترعى حمى الدين، وحرمة مكانة النبي صلى الله عليه وسلم في قلوب أبناء الكويت والمسلمين أجمع.. اتق الله فيما تكتب، كن مفتاحًا للخير.. مغلاقًا للشر.. هدانا الله وإياك.. ووقانا شر المزالق.. وختم لنا بالتوبة جميعًا».
مقرها الكويت وتبحث فتح مكتب لها في لندن
لجنة إسلامية تطالب بالتعويض لضحايا الحرب في البلقان
أكد خبير كويتي في القانون الدولي أن عددًا من الحقوقيين سيقومون بمشروع المطالبة في المحاكم المحلية والدولية بتعويضات لضحايا الحرب في كوسوفا، وللمؤسسات الإسلامية التي تعرضت ممتلكاتها للتدمير هناك.
وقال أمين اللجنة الإسلامية العالمية لحقوق الإنسان «مقرها الكويت» المحامي مبارك سعدون المطوع: إن اللجنة تنوي أن يكون هذا العمل نواة لمشروع دائم للدفاع عن الوجود الإسلامي في الأقاليم التي لا يشكل المسلمون أغلبية سكانها.
وأضاف أن حق التعويض مبدأ قانوني مستقر، لكل من أصيب أو تضرر من هذه الحرب الحق في التعويض، مشيرًا إلى أنه إضافة إلى الجرائم المرتكبة ضد الأشخاص من قتل واغتصاب وغيرهما، هناك عدد من المقدسات والأوقاف والمساجد والأملاك الإسلامية الأخرى التي تم تدميرها في كوسوفا والبوسنة، وستتصل اللجنة بالجهات المسؤولة عن هذه الأملاك، والتي عادة ما تكون للمشيخة وإحصاء كل هذه الأملاك وما تعرض منها للدمار.
وأوضح أن اللجنة تنوي فتح مكتب في لندن للإشراف على هذا المشروع وجمع الأدلة وإعداد الملفات القانونية حيث ستحال بالطرق العادية للتوصل إلى اتفاق ودي لحل المسائل المتعلقة بالأملاك الإسلامية، وفي حال فشل هذا الأسلوب سوف تلجأ إلى القضاء المحلي أو الدولي لاستصدار أوامر.
وقال: إن محامين في الكويت ولندن والقاهرة أبدوا استعدادهم للعمل في هذا المشروع الذي يحتاج إلى الدعم المادي.
ويذكر أن المجلس الإسلامي العالمي للدعوة والإغاثة - الذي يتخذ من القاهرة مقرًا له - قرر تشكيل اللجنة الإسلامية العالمية لحقوق الإنسان في أواسط التسعينيات بناء على اقتراح قدمه كويتيون، وعقدت اللجنة اجتماعها التأسيسي في القاهرة في أغسطس عام 1995 م، ثم عقدت اجتماعًا في مارس عام 1996 م بالكويت، التي اتخذتها مقرًا لها باعتبارها منظمة دولية معترفًا بها.
تفاعلًا مع تحقيق «المجتمع».. الجري يتساءل:
ماذا يجري في «قاعة التشريفات»؟
تفاعلًا مع التحقيق الذي نشرته مجلة «المجتمع» في عددها رقم 1371 تحت عنوان: «إعلان حرب ضد المخدرات»، وجاء فيه أن هناك منافذ لتهريب المخدرات يجب تشديد الإجراءات الأمنية عليها، ومن ذلك: المراكز الحدودية «الصحراوية»، والمنافذ البحرية، والجزر، والمسنات، والشاليهات، إضافة إلى قاعة التشريفات في المطار، باعتبارها غير خاضعة للتفتيش الجمركي، مما جعلنا نحذر من إمكان تهريب الممنوعات كالخمور والمخدرات من خلالها.
فقد تقدم النائب وليد الجري بسؤال برلماني حول حقيقة قاعة التشريفات، ومدى سلطة إدارة الجمارك عليها؟ وهل يخضع القادم للبلاد إلى التفتيش الجمركي؟
ونحن نطرح تساؤلًا آخر هو: ما الجهة المسؤولة عن هذه القاعة؟ وكيف تتم الإجراءات الإدارية والأمنية بداخلها؟ وكيف يمكن تجنب الأوضاع المشبوهة لبعض الأفراد أو ما يحملونه من حقائب وأغراض قد تحتوي على ممنوعات أخلاقية أو أمنية؟ وأخيرًا: ما صحة الخبر الذي يقول إن أحد ضيوف الكويت دخل من قاعة التشريفات ومعه وفد ومجموعة من الحرس الخاص بدون تدقيق حتى على الجوازات، مع أن ذلك إجراء روتيني للتعرف إلى شخصية الذين دخلوا، وكم عددهم؟
مركز للعلاج الإشعاعي بنابلس تقيمه لجنة فلسطين الخيرية
تقيم لجنة فلسطين الخيرية التابعة للهيئة الخيرية الإسلامية العالمية بالتعاون مع اللجنة الكويتية لمكافحة التدخين والسرطان مركزًا للعلاج الإشعاعي المتخصص لعلاج مرض السرطان في مدينة نابلس بالأراضي المحتلة، وصرح خالد الشرف رئيس شؤون الإعلام والمتبرعين في اللجنة بأن تكاليف إنشاء المركز تبلغ مليونًا و370 ألف دينار، وأن لجنة الزكاة في نابلس قد قدمت قطعة أرض مساحتها 1800 متر لإقامة طابقين فوقها للمركز، وذلك للمساعدة في شفاء الآلاف من حالات السرطان المنتشرة في فلسطين المحتلة بمعدل يتراوح بين 2 و 4 لكل 10 آلاف نسمة، مما يعني أن هناك 1100 إصابة بالسرطان سنويًا هناك.
وحث الشرف أهل الخير إلى التبرع لهذا المشروع الإنساني الكبير، خاصة أن هناك تدهورًا في الأوضاع الصحية بالأراضي المحتلة، وتفاقمًا في عدد المصابين بمرض السرطان.
شهادة شكر وعرفان كوسوفية للجنة العالم الإسلامي
تلقت لجنة العالم الإسلامي بالأمانة العامة للجان الخيرية التابعة لجمعية الإصلاح الاجتماعي، شهادة شكر وعرفان من مجلس بلدية بودايف بجمهورية كوسوفا تقديرًا من مجلس البلدية للمساعدات الكبيرة التي قدمتها اللجنة للمسلمين في كوسوفا إبان المحنة التي عاشها المسلمون هناك.
وكانت اللجنة قد بنت 160 شقة لأسر الشهداء الذين اضطروا لمغادرة منازلهم، كما قامت بترميم وحدة الإسعافات والمركز الصحي وإمداده بالأدوية اللازمة، بالإضافة إلى تقديمها المساعدات الغذائية والإنسانية الأخرى، استفاد منها 43 ألف فرد من سكان مدينة بودايف.
وتبنت اللجنة كذلك مشروع ترميم مائة منزل بقيمة ألفي دولار للمنزل الواحد، وقد تم ترميم 90 منزلًا حتى الآن، ويذكر أن إجمالي قيمة المساعدات التي قدمتها اللجنة للمسلمين في كوسوفا بالتعاون مع مؤسسات خيرية إنسانية محلية ودولية بلغت 4 ملايين و154 ألفًا و 710 دولارات أمريكية، وبلغ عدد المستفيدين منها مائة ألف شخص.
.. وثناء من صحيفة كوسوفية على عمل اللجنة بالإقليم
نشرت جريدة البعث الصادرة في بريشتينا عاصمة إقليم كوسوفا مقالًا عن دور لجنة العالم الإسلامي بالأمانة العامة للجان الخيرية الرائد وإسهاماتها البارزة في المساعدات والإغاثات التي قدمت للشعب الكوسوفي المسلم، أثناء المحنة التي اجتاحت أرض كوسوفا المسلمة.
وذكرت الصحيفة أن اللجنة قامت بتقديم مساعدات إنسانية كبيرة للشعب الكوسوفي المسلم، تمثلت في المواد الغذائية والملابس والبطانيات والأدوية والإيواء، وترميم المنازل.
وتضمن المقال شكر أبناء الشعب الكوسوفي المسلم للوقفة الإسلامية الصادقة من اللجنة سائلين المولى عز وجل أن يحفظ الكويت وشعبها من كل مكروه.
لجنة الدعوة تصدر تقريرها لهذا العام
أصدرت لجنة الدعوة الإسلامية بالأمانة العامة للجان الخيرية التابعة لجمعية الإصلاح الاجتماعي تقريرها السنوي الذي يتضمن المشاريع التربوية، والطبية، والاجتماعية التي تبنت اللجنة تنفيذها خلال العام الماضي في مختلف مناطق عملها وهي باكستان، والمهاجرون الأفغان، وكشمير، والطاجيك، وآسيا الوسطى، والشيشان، والصين، والهند، وبنجلاديش، وسريلانكا، ومناطق الأقليات المسلمة.
وصرح عبد اللطيف الهاجري رئيس اللجنة بأن التقرير مزود بالأرقام والإحصاءات الدقيقة فعلى سبيل المثال بلغ إجمالي عدد الطلبة الذين كفلتهم اللجنة 19178 طالبًا، كما بلغ إجمالي عدد ترجمة وطباعة وتوزيع القرآن الكريم 128 ألف نسخة، كما تم افتتاح 127 مركزًا لتحفيظ القرآن الكريم وإقامة 3232 دورة ومسابقة ومخيم تربوي.. أما من ناحية المشاريع الطبية فقد بلغ إجمالي عدد المستوصفات والوحدات الصحية في مناطق عمل اللجنة 48 مستوصفًا ووحدة صحية وعدد المستشفيات 9 مستشفيات.. وضمن المشاريع الاجتماعية بلغت قيمة الإغاثات العاجلة التي قدمتها اللجنة للمتضررين 9168356 د. ك استفاد منها 3188863 شخصًا بالإضافة إلى الكثير من الإحصاءات التي جاءت بالتقرير.
.. وتنفذ 68 مشروعًا تربويًا
من جهة أخرى بلغ عدد المشاريع التربوية التي قامت اللجنة بتنفيذها خلال العام الحالي (1420 هــ - 1999 م) 68 مشروعًا في مختلف مناطق عمل اللجنة إيمانًا منها بأهمية الجانب التربوي، ودوره البارز في توجيه الأفراد، وتقويم سلوكهم.
وعن الميزانية التشغيلية قال رئيس اللجنة إنها بلغت 531509 د. ك، منها ما يتم صرفه للمدرسين والدعاة البالغ عددهم 690 مدرسًا وداعية، ومنها ما تتحمله اللجنة من التكاليف على أعداد الطلاب البالغة 19193 طالبًا بالإضافة إلى تكاليف البرامج، والأنشطة المختلفة للمشاريع التربوية.
تحت راية القرآن
حامد عبد الله العلي
الصراع دائمًا بين الوحي والمتمردين عليه.. حقيقته واحدة غير أنه يتجدد في كل عصر.
قال تعالى: ﴿ وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ نُوحٍ إِذْ قَالَ لِقَوْمِهِ يَا قَوْمِ إِن كَانَ كَبُرَ عَلَيْكُم مَّقَامِي وَتَذْكِيرِي بِآيَاتِ اللَّهِ فَعَلَى اللَّهِ تَوَكَّلْتُ فَأَجْمِعُوا أَمْرَكُمْ وَشُرَكَاءَكُمْ ثُمَّ لَا يَكُنْ أَمْرُكُمْ عَلَيْكُمْ غُمَّةً ثُمَّ اقْضُوا إِلَيَّ وَلَا تُنظِرُونِ فَإِن تَوَلَّيْتُمْ فَمَا سَأَلْتُكُم مِّنْ أَجْرٍ ۖ إِنْ أَجْرِيَ إِلَّا عَلَى اللَّهِ ۖ وَأُمِرْتُ أَنْ أَكُونَ مِنَ الْمُسْلِمِينَ﴾ (يونس: 71-72).
بهذا القول الجزل والكلام الفصل واجه نوح عليه السلام قومه معلنًا مبادئ دعوته رافعًا راية الإسلام - دين الأنبياء جميعًا بمعناه العام - بعدما وقف الملأ من قوم نوح محاربين لدعوته، والملأ اسم سماه القرآن لتلك الطبقة التي ترفض الانقياد للوحي خوفًا على مكانتها وشهواتها ومنافعها، وإن كانوا - في قرارة أنفسهم - قد يعلمون صدق ما جاءت به الرسل.
وكان نوح عليه السلام أول الرسل الذين بعثهم الله تعالى للبشرية بعد انحرافها من التوحيد إلى الشرك، بعدما بقيت البشرية على دين التوحيد دين أبيهم نبي الله آدم عليه السلام الذي علمه الله أسماء كل شيء، وأنزل عليه الهدى لما هبط به إلى الأرض.
كان صراع نوح عليه السلام مع الملأ، بمثابة إعلان بدء المواجهة بين الوحي المنزل من الله تعالى لهداية البشرية، والمتمردين عليه، وكانت المعركة في تلك البداية في الماضي السحيق شرسة جدًا، فقد جاء في كتب التفسير أن نوحًا عليه السلام كان يغدو من بيته فيطوف على أندية قومه يدعوهم بالحسنى إلى إتباع ما يوحى إليه، فلا يزال كذلك إلى آخر يومه، يدعوهم، وهم يسخرون منه ويضربونه، حتى يلقي بجسده الشريف في بيته منهك القوي حزينًا على انحراف أمته، ثم يصبح من غده منطلقًا إلى قومه فيصنع بهم ويصنعون به مثل ما كان بالأمس، ويستمر على ذلك ألف سنة إلا خمسين عامًا، والمعركة هي هي، المعركة بين القلة التي آمنت بالوحي المنزل الذي يتجلى في النبوة، والمتمردين عليه.
وبعد قوم نوح عليه السلام، تستمر المعركة في تاريخ البشرية، وكلما تمرد الملأ من القرون المتطاولة على الوحي الذي جاء به الأنبياء عليهم السلام مستكبرين متمسكين بما ألفوا عليه أباهم خوفًا على مكانتهم واستعبادهم للعباد وشهواتهم، كلما تمردوا على الوحي، أرسل الله تعالى إليهم رسله تترى، كلما جاء أمة رسولها كذبه المكذبون، حتى بعث الله تعالى الرحمة المهداة والنعمة المسداة، سيد الأولين والآخرين وإمام المرسلين، وخاتم النبيين محمدًا صلى لله عليه وسلم، بعثه بهذا الكتاب العزيز، بالقرآن العظيم، وأمره أن يجاهد بهذا الوحي الأخير المتضمن للرسالة الأخيرة للبشرية، أمره أن يجاهد به كل من خالفه قائلًا ﴿ فَلَا تُطِعِ الْكَافِرِينَ وَجَاهِدْهُم بِهِ جِهَادًا كَبِيرًا﴾ (الفرقان: 52).
ويعيد التاريخ نفسه، ويعود الصراع، ويبقى، وسيبقى إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها، تدور رحاه تحت راية القرآن، حقيقته واحدة، غير أنه يتجدد في كل عصر فيتشكل بأشكاله، ويتلون بالوانه، وفي هذا العصر أيضًا هو هو، بين الذين يقولون ﴿آمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِّنْ عِندِ رَبِّنَا﴾ (آل عمران: 7)، يقولون ﴿ وَلَا يَصُدَّنَّكُمُ الشَّيْطَانُ ۖ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُّبِينٌ﴾ (الزخرف: 62).
ومهما حاول الذين يهتدون بغير هدي الله تعالى تزويق الخطاب، وزخرفة القول، فإن القضية برمتها ترجع إلى هذه النقطة، وتأوي إلى هذه الراية، وهذه هي سنة الله تعالى الماضية في الحياة، يريد بها أن يبتلي المؤمنين ويتخذ منهم شهداء، شهداء بقولهم كلمة الحق التي جاء بها القرآن، وشهداء بوقوفهم مع كلمة الحق التي جاء بها القرآن، وشهداء يموتون من أجل كلمة الحق التي جاء بها القرآن، ويريد بها أن يقيم لواء الجهاد فتتجلى في ساحاته آثار معاني أسمائه الحسنى وصفاته العليا في عباده، ويريد بها أن يزهق كلمة الباطل بجهاد عباده الصالحين ليرفع درجاتهم ويبلغهم ما في نفوسهم من الرجاء فيما عنده، تحقيقًا منه لوعده: ﴿ فَإِذَا لَقِيتُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا فَضَرْبَ الرِّقَابِ حَتَّىٰ إِذَا أَثْخَنتُمُوهُمْ فَشُدُّوا الْوَثَاقَ فَإِمَّا مَنًّا بَعْدُ وَإِمَّا فِدَاءً حَتَّىٰ تَضَعَ الْحَرْبُ أَوْزَارَهَا ۚ ذَٰلِكَ وَلَوْ يَشَاءُ اللَّهُ لَانتَصَرَ مِنْهُمْ وَلَٰكِن لِّيَبْلُوَ بَعْضَكُم بِبَعْضٍ ۗ وَالَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَلَن يُضِلَّ أَعْمَالَهُمْ, سَيَهْدِيهِمْ وَيُصْلِحُ بَالَهُمْ, وَيُدْخِلُهُمُ الْجَنَّةَ عَرَّفَهَا لَهُمْ, يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِن تَنصُرُوا اللَّهَ يَنصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ﴾ (محمد: 4-7).
وما على الذين يقفون مع القرآن من بأس، مهما قال الناس فيهم، لأن النصر الحقيقي هو أن تقف مع الحق، وإن سخط الخلق، فهم لم ولن يرضوا عن كل أحد، وكل الذين عند الناس، يحيط به رب الناس، إله الناس، ملك الناس «.. لو اجتمعت على أن ينفعوك بشيء لم ينفعوك إلا بشيء قد كتبه الله لك، وإن اجتمعوا على أن يضروك بشيء لم يضروك إلا بشيء قد كتبه الله عليك، رفعت الأقلام وجفت الصحف» (رواه الترمذي، وقال حديث حسن صحيح).
وإني بحمد الله لا ثوب غادر *** لبست ولا من غدرة أتقنع
والحمد لله على كل حال، الحمد لله رب العالمين، حسبنا الله ونعم الوكيل.
حذار من اللجوء للبنك الدولي
يبدو أن الحكومة ماضية قدمًا في إقرار المزيد من الرسوم على الخدمات وزيادة الرسوم الحالية، والأعجب من ذلك، أنها ستشن حملة إعلامية القصد منها تقبل هذه الزيادة، وشرح مبررات قراراتها التي أبرزها تردي الوضع المالي للدولة، وعجز الميزانية!.
وكما هو معروف فإن مثل هذه المبررات والمعاذير ليست وليدة اليوم، ولا نعتقد أن المواطنين والمقيمين هم السبب المباشر في تردي هذا الوضع، فالسياسة المالية للدولة غير واضحة المعالم أصلًا، والهيكل الاقتصادي لها يعاني من الكثير من المشكلات الإدارية والقانونية، والظروف المحلية والخارجية لها أثر كبير كذلك على الاقتصاد، والسؤال: لماذا لا يسهم القطاع الخاص في معالجة هذا الوضع المالي المتردي أو يشارك في الحد من العجز الذي تعاني منه الميزانية.
لقد سبق أن كتبنا - وكتب غيرنا - مؤكدين أن اللجوء إلى جيوب المواطنين والمقيمين ليس هو الحل الأمثل للمشكلة الاقتصادية، كما أن الأخذ بالتوصيات الصادرة من البنك الدولي ليس هو العلاج الشافي لما نعانيه، إذ سبق أن تدخل هذا البنك في الكثير من دول العالم بقصد دعم اقتصاداتها، ومع مرور الوقت ظهرت النتائج السلبية لتوصياته، بل تدهورت تلك الاقتصادات، وزاد الفقر والبطالة في دولها، وتعقدت الحياة المعيشية لمواطنيها.
خالد بورسلي
مختبر لغوي للقرآن الكريم باللجنة النسائية بجمعية «الإصلاح»
ضمن خطة مركز القرآن الكريم التابع للجنة النسائية بجمعية الإصلاح الاجتماعي للموسم الجديد، تم إنشاء مختبر لغوي وسمعي للحفظ اللغوي المجود للقرآن الكريم لإتقان الحفظ، والنطق الصحيح لكتاب الله، حسب قواعد التجويد، وأصوله المقررة.
وسوف يتم استخدام المختبر في دراسة علوم شرعية أخرى كعلم تفسير القرآن الكريم، والفقه، وأصوله، والسيرة النبوية، وغيرها، وقد لاقى المختبر إقبالًا كبيرًا من كثير من النساء اللاتي يجدن صعوبة في حفظ القرآن، أو تجويده.
الهيئة الخيرية الإسلامية العالمية تختتم معرضها «ضد المخدرات»
اختتمت الهيئة الخيرية الإسلامية العالمية سوقها الخيرية لمكافحة التعاطي والإدمان التي نظمتها تحت عنوان: «معًا ضد الخدرات» في الفترة من 13 إلى 21 أكتوبر الجاري على أرض المعارض بمشرف تحت رعاية الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح النائب الأول لرئيس جلس الوزراء وزير الخارجية.
حظيت السوق بإقبال كبير من المواطنين, وافتتحها كبار المسؤولين تقدمهم عبد الوهاب الوزان وزير التجارة والصناعة والشؤون الاجتماعية والعمل، وشارك فيها: الهيئة الخيرية الإسلامية العالمية، والهيئة العامة للشباب والرياضة، واللجنة الوطنية لمكافحة المخدرات، والجمعية الكويتية لمكافحة التدخين والسرطان، والمنظمة الإسلامية للعلوم الطبية، ولجان: فلسطين الخيرية، وبشائر الخير، ومسلمي آسيا، إضافة إلى شركة المشروعات السياحية، وسوق شرق.
وقد شهدت السوق سحبًا يوميًا للجمهور على كوبنات الشراء، علمًا بأن ربع السوق سوف يذهب لجهات التوعية ضد المخدرات داخل الكويت.
حول لقاء الأوربت مع البغدادي!!
بقلم: د. عبد الرزاق الشايجي
العميد المساعد بكلية الشريعة - جامعة الكويت
العالم في عيون البغدادي: الناس لا تفهم.. التيار الديني لا يفهم.. القانون لا يفهم.. وحتى الليبراليون أنفسهم لا يعرفون الليبرالية.. هو وحده الذي يفهم ويقرأ!
الحس النقدي هو الشيء الوحيد المقدس عند د. أحمد البغدادي، إنه يقول في لقاء الأوربت الذي أذيع يوم الخميس قبل الماضي إن أئمة المسلمين في العلم كالطبري والشافعي وحتى البخاري «حسب تعبيره» ليسوا علماء، لأنك لا تجد عندهم الحس النقدي، إذن سوف يكون مقالنا اليوم في تطبيق الحس النقدي على لقاء الأوربت مع الدكتور البغدادي، إنه رجل يعشق الحرية والنقد إلى درجة نقد ما أسماه «الممارسة الدعوية» للرسول صلى الله عليه وسلم، إذن لنمارس معه ما يعشقه، ولا أظنه ولا أي أحد من أنصاره سيعاتبنا على دراسة نقدية علمية له، بما أنهم أعطوه الحق في نقد كل شيء حتى الممارسة الدعوية للرسول صلى الله عليه وسلم.
لقد تابعت اللقاء كاملًا ووضعت - تمشيًا مع ما يعشقه البغدادي - دراسة نقدية له، أقدمها لعشاق الحرية، وعلى رأسهم البغدادي ولجنة حرية التعبير عن الرأي، فتابعوا معنا.
قد تقول أيها القارئ: إنك سوف تشوه سمعة المفكر البغدادي بهذا النقد، وسأقول لك حينئذ: إني مطمئن أنه لن يتأثر بذلك، لأنه لم يتأثر أبدًا عندما حاول تشويه سمعة الرسول صلى الله عليه وسلم باتهامه بالفشل، فإذن نحن أمام شخصية عاشقة لا يمكن أن تخاف من رد فعل متشنج تجاه نقدها أبدًا.
والآن إلى الدراسة النقدية:
أولًا: اعترف د. البغدادي - من حيث لا يشعر - أنه بدأ تجنيده لمهمة محددة هي مهاجمة الإسلام في الكويت، في بريطانيا، هناك عندما ذهب لدراسة الدكتوراه، يقول البغدادي «قلت لأستاذي هاورد، الله يرحمه - ومرة قال - الله يذكره بالخير!!!، أريد أن أدرس عن العلمانيين في الكويت فقال أنت في العالم الثالث وستواجه مشاكل أنت في غنى عنها اكتب في موضوع تقليدي.. وقال لي ارجع أقرأ ما قبل الماوردي وما بعده».
أما نقدنا هنا فهو: استنتجت من هذا الكلام أن البغدادي كان يوجه في أثناء دراسته من أستاذه «هاورد» - الذي يكن له البغدادي كل احترام - إلى درجة الترحم عليه! كان يتلقى التوجيه منه، فهذا يفتح لنا بابًا يدل على بداية الرحلة، رحلة البغدادي مع حملته المتواصلة للتشكيك والطعن في التراث الإسلامي.
طبعًا نحن هنا لا نقول إن هذا التجنيد تم بناء على قصد من الطرفين، أو مؤامرة على الكويت، وليس بالضرورة أن يكون كذلك بما أن النتيجة واحدة، فقد حصل «هاورد» في النهاية على من يتولى مهمة التشكيك والطعن في كل موروث الأمة من قلب الأمة نفسها ومن داخل الجزيرة التي هي مهبط الوحي.
ثانيًا: يوجد عند البغدادي سمة واضحة في الاعتداد بالنفس والتعالي وسهولة توجيه الطعن إلى كل الذين حوله.. وهذه هي الأدلة:
يقول عن الإمام الطبري الذي يسميه علماء الإسلام «شيخ المفسرين» وهو مع ذلك إمام مجتهد في الفقه وحافظ محدث، يقول عنه البغدادي بعد أن اعترض عليه الأستاذ يوسف الجاسم مقدم البرنامج عندما طعن في الشافعي والطبري والبخاري، قائلًا: «أليس هذا حكمًا مبالغًا فيه؟» قال البغدادي: «لو كان الطبري يفكر، لا لا يفكر، لأكتفى بمجلد واحد».
يقول عن نفسه إنه من سنة 1981 م بدأ يقرأ بحصيلة هائلة فانتقل من المحافظة إلى النقد، ثم صار أكثر نقدًا ثم صار أكثر نقدًا وتدرج في هذه العملية، إذن الرجل يرى في نفسه الناقد العام الكبير، الذي يزداد كل يوم نقدًا.
يقول بالحرف: «في الكويت يوجد ليبراليون، ولا توجد ليبرالية، أنا أشوف الليبراليين لا يطرحون قضايا أنا أتكلم عن الفكر».
وواضح هنا أنه لا يرى في أي أحد في الكويت أنه يستحق أن يحمل فكرًا ليبراليًا إلا شخصًا واحدًا هو أحمد البغدادي، وأنه الوحيد الذي يطرح القضايا التي تستحق.
قال في المقابلة أيضًا هذه العبارة: «أنا أتحدث عن ممارسة؟ لماذا الناس ما تبطل عقولها وتفهم» وهنا داخله الأستاذ الجاسم قائلًا: «عالية شعيب أيضًا قالت مشكلتي أن المجتمع لا يفهمني.. أليس هذا فيه شيء من العلوية على فهم الناس» هنا يقول البغدادي: «هل درسوا ؟ هل كتبوا؟ هل قرأوا؟ من الظلم أن يساوى بين من تشبع من هذه القراءات وبين إنسان لا يقرأ».
قال أيضًا في المقابلة: «اثنين من المناطق الخارجية ما أدري وين، عمرهم ما عرفوا نشرة جامعية ولا قرأوا» قال الأستاذ الجاسم: «لكن هذا اتهاما للمناطق الخارجية بالجهل أيضًا، وما عندنا في الكويت مناطق خارجية، كلها عشرة دقائق المسافات» قال البغدادي: «لا، يوجد مناطق خارجية وفيها التيار الديني يرتع ويلعب كما يشاء وما تلقاه في المناطق الداخلية».
عندما ذكره الأستاذ الجاسم بفتوى الأوقاف قال: «فتواهم من باب العداوة الشخصية... ليس الحرص على الدين».
وقال عما أسماه التيار الديني «المشكلة أن هذيله ما يفهمون»، قال الأستاذ الجاسم في هذه اللحظة: «أنهم سيسمعون منك هذا الإتهام» قال البغدادي حينها: «خل يسمعون، ما يفهمون».
هذه النقول تدل على شيء واحد وواضح هو: أن الرجل يشعر بالتعالي الكبير على الجميع، ولهذا يعاند عنادًا يوقعه في المشكلات، ولهذا يقول في أول البرنامج: «أنا تأذيت، أهلي تأذوا، أشعر بضغط هائل» ويقول أيضًا: «من عام 81 وايد جرجروني إلى النيابة».
ثالثًا: يعاني البغدادي من غبش في فهم العبارات العلمية:
يقول مثلًا عندما قال له الأستاذ الجاسم إنك اقتربت من المقدسات، ولهذا جاء رد الفعل عليك من الناس قال: «نسبة الفشل كانت إلى الممارسة وليس إلى الرسول صلى الله عليه وسلم، ولا أدري ما الفرق بين نسبة الفشل إلى ممارسة الرسول صلى الله عليه وسلم لمهمته الرئيسية وهي الدعوة في العهد المكي، وبين نسبة الفشل إليه، فلو قال قائل مثلًا: الوزير الفلاني فشل في وزارته في فترة توليه الوزارة، ثم يقول أنا قلت فشل في ممارسة الوزارة، ولم أقل أنه فشل في الوزارة فسوف، تضحك عليه الثكلى بهذا الفرق العلمي الدقيق.
كذلك يقول عن آية سورة التحريم وهي قوله تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ لِمَ تُحَرِّمُ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكَ ۖ تَبْتَغِي مَرْضَاتَ أَزْوَاجِكَ ۚ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ﴾ (التحريم: 1) يقول البغدادي: «لو أن إنسان حرم ما أحل الله تعالى ماذا نقول له» وطبعًا يقصد البغدادي أن معنى الآية هنا: «أن الرسول صلى الله عليه وسلم حرم الحلال بمعنى غير الشريعة التي أنزلت إليه»، لأن هذا هو معنى أن يأتي الإنسان ويحرم الحلال هذه الأيام، بينما من المعلوم أن الرسول صلى الله عليه وسلم أقسم ألا يأكل العسل عند بعض زوجاته فقط لا من باب تحريم الحلال وتغيير الشريعة، ولكنه غضب وأراد أن يعاقب زوجته - صلى الله عليه وسلم ورضي عن أزواجه أمهات المؤمنين وأصحابه أجمعين - فعاتبه الله تعالى، فظن البغدادي أن الرسول صلى الله عليه وسلم وقع منه ذلك كما يقع ممن يحرم الحلال من باب تغيير الشريعة، فتعجب أيها القارئ من فهمه للموضوع وقس على ذلك عمقه في البحث.
كذلك يقول في المقابلة: «لا يوجد في الشرع الإسلامي جريمة اسمها جريمة التعرض للذات الإلهية والذات النبوية» هذه المقولة في غاية الخطورة، لأن مقتضاها أنه لا يرى أنه ارتكب خطأ عندما تعرض للرسول صلى الله عليه وسلم بل لا يرى بأسًا في التعرض لذات الله تعالى.
حاول البغدادي أن يدافع عن فعلته التي أدانه فيها القضاء بحكم القانون لكويتي، بأن «نسبة الفشل إلى الرسول صلى الله عليه وسلم» موجودة في كتابين من بين آلاف الكتب المتكدسة في البلاد، أنه يتخذ هذا الخطأ مبررًا لأن يقول الكلمة نفسها في حق الرسول صلى الله عليه وسلم، ثم يدعي أنه استعمل لفظًا شائعًا، وحكم على كونه شائعًا لمجرد وروده في كتابين من الكتب التي غفلت عنها الأعين، فيا للعجب من المنهج العلمي، ونحن بدورنا نطالب فورًا بتنظيف المكتبة الكويتية من الكتابين المذكورين، ونحذر من الاستهانة بمثل هذه الأمور.
رابعًا: البغدادي مستعد أن يطعن في القضاء ويطعن في وطنه إذا ما لم يقتنع الناس برأيه.
يقول: «أنا أتحدث عن الكرامة، عندما يوضع إنسان في السجن لا لشيء، وإنما يعتقد طرف أنه أجرم.. أنا بالنسبة لي كرامتي فوق وطني، إذا وطني لا يحفظ كرامتي، أشوف لي مكان آخر» هنا قال الأستاذ الجاسم: «حتى لو كان ما يحصل لك أساسًا يتم ضمن مؤسسات الدولة التي هي القضاء» قال البغدادي: «اسمح لي.. قانون غير دستوري يطبق على الرأي.. أنا أعتقد أنه حط للكرامة».
وهذا يعني بوضوح أن البغدادي يرى أن حكمه ومنطقه وقراره ونظرته الشخصية هي المعيار الوحيد الذي يؤمن به، إنه لا يرى أبدًا أن يقول له القضاء في الكويت لقد أخطأت في فعلك، وأن يقول له الناس هذا وطنك وعليك أن تتقبل كونك جزءًا منه يجري عليك نظامه، حينئذ يقول البغدادي، ليذهب كل ما تقول يا وطني، أنا فقط الذي له الحق أن يحكم فإذا خالفت حكمي ونظرتي فإن كرامتي أولى من وطني.
لقد مكنا اللقاء من أن ندرس البغدادي دراسة نقدية شاملة وتوصلنا إلى النتيجة التالية: البغدادي شخصية لا ترى إلا البغدادي: فالناس لا تفهم، والتيار الديني لا يفهم، والقضاء الكويتي لا يفهم، والقانون لا يفهم، وحتى الليبراليون ليسوا ليبراليين في الحقيقة لأنهم لا يعرفون الليبرالية، والمناطق الخارجية لا تفهم، وهو فقط - أي البغدادي - الذي يفهم ويقرأ وله بحوث وإطلاع واسع وقدرة على النقد إلى درجة نقد البخاري والشافعي والطبري ثم الصحابة ثم أخيرًا ممارسة الرسول صلى الله عليه وسلم لمهمته وهي الدعوة.
والبغدادي يلاقي بسبب هذه القدرات الكبيرة التي يتمتع بها عناء عظيمًا مع المجتمع الذي يعيش فيه، ولهذا يعيش في ضغط هائل وتعب وجرجرة إلى المحاكم.. هذه الصفة توجد بكثرة في الكتاب العلمانيين الذين يسمون أنفسهم ليبراليين هذه الأيام، إن الصفة المشتركة بينهم الشعور بالتعالي على المجتمع.
هذا هو نقدنا للدكتور البغدادي على ضوء لقائه في الأوربت، ونظرًا لأنه يحب النقد ويعشق الحرية جاءت هذه الدراسة المختصرة وليعذرنا القارئ على تضييع وقته في مناقشة أمور مسلمة بدهية يعد الجدل مع أصحابها مضيعة للوقت، لكنها رغمًا عنا صارت قضية الساعة، فماذا نصنع؟
نحن نقدم هذه الدراسة من باب البحث العلمي والتواصل والتفاعل الثقافي والحوار الحضاري مع المخالفين، لأننا ننتقد هنا بشرًا ولا ننقد وحيًا يوحي، فهل سيزعل علينا دعاة الليبرالية؟؟؟ سوف نرى!.
حاولت أن أفهم.. ولكن
كانت الحقبة الماضية التي شهدت تداعيات قضية البغدادي مليئة بالتناقضات ممن نصبوا أنفسهم أوصياء على حرية الرأي ومن ذلك:
أنني حاولت أن أفهم دعوة البعض السلطة السياسية للتدخل لإطلاق سراح البغدادي، مع مناداتهم في الوقت نفسه بضرورة فصل السلطات واحترام كل سلطة لاختصاصات السلطة الأخرى فلم أستطع.
وحاولت في الوقت نفسه أن أتفهم مدى دعوة البعض لاحترام السلطة القضائية وإيمانهم بنزاهة القضاء مع المطالبة بإطلاق سراح من أدانه القضاء بعد أن أخذت القضية مجراها عبر القضاء الذي استغرق نظره فيها أكثر من ثلاث سنوات حتى صدر الحكم النهائي بالإدانة والحبس.. ولكنني احترت جراء هذا التناقض الصارخ.
أتفهم - بتشديد الهاء - معنى تضامن أي نقابة مع زميل لهم إذا كانت قضيته عادلة، ولكني لم أفهم سر ذلك التصعيد اللا مبرر من جمعية أعضاء هيئة التدريس مع البغدادي، باعتباره سجين رأي - على حد تعبيرهم - ولم أفهم أيضًا عدم اهتمام الجمعية بإدانة أو شجب كلام زميلهم بإساءته للذات النبوية ولو بإصدار بيان، فهل مقام زميلهم الدكتور أسمى في نظرهم من مقام النبوة؟!
وأيضًا أعملت فكري وكددت ذهني لعلي أصل إلى جواب عن تساؤل داخلي عن سكوت من ملأوا الدنيا ضجيجًا في الأيام السابقة مطالبين بحرية الرأي ولم ينبسوا ببنت شفة عن سجن المرشح العربيد الذي أحيل للحبس مدة ثلاثة أشهر، فهل الدعوة لحرية الرأي مفصلة على مقاسات خاصة تتسع للبعض ولو كان على حساب المقام النبوي، وتضيق على غيره بحجة عدم الانتماء الفكري فزادت حيرتي تجاه ذلك مع حزب التناقضات الفكرية وأيقنت أن المسألة فزعة لا قناعة.
حاولت أن أجد مبررًا لسبب تدخل اتحاد الكتاب العرب، ومطالبته أمير البلاد بالتدخل.. وسكوتهم في الوقت نفسه على الآلاف من سجناء الرأي في بلدانهم والتي ضاقت سجونهم وزنازينهم على المعتقلين فيها، فلم أهتد لجواب واضح سوى أن القوم أهل ملة فكرية واحدة وينطلقون من نفس المنطق الذي ذكرناه في النقطة السابقة.
حز في نفسي اجتهاد القوم في تسمية الأشياء بغير أسمائها وإصرارهم العجيب على اعتبار قضية الاعتداء على مقام النبي صلى الله عليه وسلم مجرد حرية رأي.
ازداد تعجبي من امتعاض البعض حول زيادة دعاوى الحسبة من قبل مواطنين أخذتهم الغيرة ضد كل طاعن في الدين، مع أن الممتعضين كثيرًا ما يشيدون بنزاهة القضاء، فإذا كان القضاء كذلك فلماذا يتناقضون مع أنفسهم ويتخوفون من أحكام القضاء، وصدق من قال: «من وضع نفسه مواضع الشبهات فلا يلومن إلا نفسه»، ثم من الذي خولهم بمصادرة حق أي مواطن في رفع أي دعوى قضائية تحت كفالة القانون الذي يطبل له البعض حين تساير أحكامه أهواءهم ويطعنون فيه حين تأتي الرياح على خلاف ما يشتهون.
علي تني العجمي
موضوعات متعلقة
مشاهدة الكل