العنوان النظام القديم يعود لحكم مصر فوق ظهور الدبابات
الكاتب صلاح الإمام
تاريخ النشر السبت 20-يوليو-2013
مشاهدات 14
نشر في العدد 2062
نشر في الصفحة 13
السبت 20-يوليو-2013
- التخطيط للانقلاب بدأ يوم سقوط مبارك في ١١ فبراير ٢٠١١م
- صوروا الملايين المؤيدة للرئيس مرسي في ميدان رابعة بالطائرات على أنها معارضة !
- جاؤوا بلقطات قديمة للملايين بميدان النهضة والشوارع المؤدية إليه في مليونية «الشرعية والشريعة» في الأول من ديسمبر ٢٠١٢ م وادعوا زوراً أنها ضد الرئيس !
- الصراع في مصر بدأ يتجه إلى صراع حول الهوية الإسلامية
تحول المشهد السياسي في مصر إلى حالة من الصراع بين قوتين لا ثالث بينهما، أولاهما قوة النظام القديم الذي قامت ثورة ٢٥ يناير ٢٠١١م للقضاء عليه، والقوة الثانية هي التيار الإسلامي الذي يعتبر تنظيم الإخوان المسلمين هو قلبه وعموده الفقري.
لقد تأمرت دولة «مبارك» الفاسدة المتغلغلة في كل أجهزة الدولة المصرية ضد كل استحقاقات الثورة، ونجحت في إجهاضها فتم حل مجلس الشعب المنتخب بإرادة حرة نزيهة ليس لها مثيل في تاريخ مصر والمنطقة ولاقى الرئيس المنتخب د. محمد مرسي» حربا ضروساً من كل أجهزة الدولة العميقة التي تأسست خلال حكم العسكر على مدى العقود السنة الماضية، خاصة الإعلام والقضاء والداخلية، ووصل الأمر إلى أن كل الأجهزة التابعة للرئيس كانت تتأمر عليه، فإذا ما شرع في تغيير أحد القيادات ليأتي بأهل الثقة يثور الإعلام ضده ويردد مقولة أخونة الدولة.
آخر الفصول
آخر فصول المأساة هو الانقلاب الذي قام به الجيش والداخلية ومعه الإعلام والقضاء ضد النظام الشرعي، والذي بدأ في أول لحظة بتعطيل الدستور الذي وافق عليه ٦٤% من أبناء الشعب، وتعيين رئيس جديد بلا أي صلاحيات، وتم في ذات اللحظة إغلاق الفضائيات والصحف المؤيدة للرئيس واعتقال عدد كبير من رموز التيار الإسلامي المؤيدين للرئيس «مرسي»، وسط تهليل من إعلام كاذب ومضلل يمتلكه رجال الأعمال الفاسدون الذين حققوا ثروات فاحشة خلال عهد «مبارك» بواسطة الرشي والسرقات وجلبهم مطلوبون للعدالة.
ما جرى في مصر من انقلاب هو تتويج للثورة المضادة التي قادها رموز النظام القديم مدعومين بعناصرهم المتغلغلة في كل أجهزة الدولة، خاصة الداخلية والقضاء والإعلام فصنعوا عدة أزمات داخلية وخارجية لإرباك الرئيس المنتخب، وتعويق أي تحرك له في الإصلاح والتطهير وتحقيق خطة النهوض التي قدمها لشعبه في برنامجه الانتخابي فبدؤوا بترويج الإشاعات الكاذبة، التي لا يصدقها من له ربع عقل، ومن ذلك أن الرئيس باع قناة السويس لدولة قطر، وباع سيناء للفلسطينيين، وباع حلايب وشلاتين للسودان، وبدأ رجال الأعمال الذين أثروا في عهد «مبارك» في تعطيش السوق من المواد البترولية، فكانت أزمات السولار والبنزين، وتم نشر بلطجية «الحزب الوطني في الشوارع والميادين يغلقون الطرقات ويعطلون المرور، ويهاجمون المنشآت الحكومية بالمولوتوف، فإذا ما تم القبض على أي منهم متلبسا، تفرج عنه النيابة العامة فورا، ثم يقضي القضاء ببراءته، ليعود من جديد يهدد الأمن العام في الشوارع والميادين.
غطاء إعلامي كاذب
حتى إذا ما نجح كل جهاز من هؤلاء في تأدية دوره المخطط له، جاء دور الجيش صاحب اليد الطولى، وأعلن عزل الرئيس المنتخب وتعطيل الدستور، تحت غطاء اعلامي كاذب ومضلل ويخطئ من يعتقد أن الانقلاب وقع يوم 3 يوليو الماضي، بل بدأ التخطيط له منذ يوم سقوط «مبارك» في 11 فبراير ۲۰۱۱م بواسطة جهاز الاستخبارات وعدد من السياسيين من رموز دولة «مبارك»، برعاية ومباركة الولايات المتحدة الأمريكية.
حينما تولى الرئيس «د. مرسي» الحكم، بدأت المخابرات في البحث عن بديل يكون بطلا للمرحلة القادمة، فوجدوا ضالتهم في اللواء «السيسي»، ومن هنا بدأ السيناريو ... البداية قاموا بتصدير معلومة للرئيس - مرسي، ولجماعة الإخوان المسلمين وجموع المصريين أن السيسي، حافظ لكتاب الله وأنه قريب من الله ويميل للإخوان، ثم بعدها تم التخلص من المشير طنطاوي: النطاوي»: لأنه ليس - رجل المرحلة القادمة نظراً لكبر سنه، ولعلمهم - برفضه لما سيقومون به، ويجب أن يذهب مع من ذهب، وبدأ المخطط الشيطاني بالتخلص من ١٦ جنديا وقت إفطار رمضان في العام الماضي، ثم تم التخلص ممن قام بتلك العملية بعدها تم التخلص من المجلس العسكري الذي كان يرأسه المشير طنطاوي»، وجاء حافظ كتاب الله اللواء عبد الفتاح السيسي»، إذ تم تعيينه وزيرا للدفاع وقائدا عاما للقوات المسلحة بعدما أنعم عليه الرئيس محمد مرسي، برتبة فريق أول.
أزمات مصطنعة
أكملت أجهزة الدولة العميقة مخططها بتضييق الخناق على كل المصريين باصطناع أزمات البنزين والكهرباء والسولار.. كلما استطاع الرئيس مرسي، حل مشكلة وجد غيرها تطل برأسها، حتى شعر الناس بالضيق والاختناق، وشاركهم في مخططهم الإعلام المشبوه الذي حاز كل ما في قاموس اللغة من قذارة ووقاحة، حيث كان يتحرك وفقا لخطة محكمة، وتم توزيع الأدوار، فمثلا المدعو توفيق عكاشة، كان دوره مخاطبة البسطاء والأغبياء والحمقى.. والباقي عليهم بالمثقفين وأنصاف المتعلمين، كل يقوم بدوره.
الشعب بدأ يثن ويتألم ويضيق صدره مما يحدث له بالنهار من أزمات وما يسمعونه بالليل من الإعلام.. ثم جاءت اللحظة التي بعدها يجب أن تصنع من «السيسي» بطلا مغوارا.. يجب أن نأتي له ببطولة تجعله يتسرب القلوب كل المصريين، فقد عرفه المصريون حافظا لكتاب الله، ويجب أن يرونه الآن بطلا قادرا على مواجهة الصعاب. فكانت عملية خطف الجنود، وتذكروا كلمات الجنود أثناء خطفهم، جميعهم يطالبون السيسي» بإنقاذهم يا سيادة الفريق نحن أبناؤك أنقذنا .. والإعلام يصب جام غضبه على الرئيس مرسي، ويخاطب «السيسي» أن يخلص الجنود، ثم جاء البطل المخلص راكبا جواد الأبطال، ولم يظهر المجرمون، وخرج المدعو أحمد المسلماني، المستشار الإعلامي للرئيس المعين حاليا، يشيع أن هذا أمر طبيعي ألا يقبض على الجناة!
لحظة الحسم
استمر المسلسل حتى جاءت لحظة الحسم.. وهنا جاء دور رجال الحزب الوطني، والكنيسة، كان دورهم في تلك المرحلة هو حشد الناس ليوم ٣٠ يونيو، وقد كان ما أرادوا .. احتشد المسيحيون مع رجال الحزب الوطني، وبلطجية الداخلية، مع غطاء سياسي للمعارضة الكارهة للإخوان والمستعدة لعمل أي شيء للقضاء على الإخوان، وقام المخرج خالد يوسف بالتعاون مع أجهزة الجيش بتصوير الآلاف من المتظاهرين بطائرة عسكرية، وتمكن بالخدع السينمائية من صنع فيلم يوحي للمشاهد بأن مصر كلها في الشوارع، وكذلك عن طريق استعانته بالحشود الحقيقية الكبيرة المؤيدة للرئيس «مرسي» على أنها معارضة له، ومنها حشود رابعة العدوية التي قدرت يوم ٣٠ يونيو با ملايين متظاهر، وأيضا جاء بلقطات قديمة مصورة بالطائرة المليونية الإسلاميين في الأول من ديسمبر ٢٠١٣م المؤيدة للإعلان الدستوري الذي أصدره . د . مرسي، في شهر نوفمبر ۲۰۱۳م والتي احتشد فيها 7 ملايينجاؤوا بلقطات قديمة للملايين بميدان النهضة والشوارع المؤدية إليه في مليونية الشرعية والشريعة، في الأول من ديسمبر ٢٠١٢ م وادعوا زوراً أنها ضد الرئيس، مؤيد للرئيس في ميدان النهضة والشوارع المؤدية له وعلى الكباري العابرة فوق النيل حتى التحمت مع المتظاهرين المعارضين للإعلان الدستوري في ميدان التحرير وادعى الإعلام كذبا أنها حشود معارضة للرئيس مرسي»، وأنها حشود حالية، وكذلك حشود مؤيدي «مرسي» في جميع المحافظات تم تصويرها بالطائرات على أنها معارضة ... رغم أن البث المباشر لكل القنوات يدحض ما شاهدناه في فيلم خالد يوسف: لأن الأعداد التي خرجت معارضة كانت بالآلاف، وكل من خرجوا في جميع أنحاء الجمهورية لا يكملون المليون، لكن الإعلام العميل أشاع أن من خرج بالشوارع كانوا ٣٣ مليونا.
بداية الانقلاب
وجد «السيسي» أن الملعب قد بات مهيئاً فخرج ببيانه الذي يقول بعض المحللين: إن الذي كتبه له محمد حسنين هيكل. رجل المخابرات الأمريكية الأول في الشرق الأوسط، وألقى السيسي، بيانه يوم 1 يوليو يطلب من كل الأطراف الاتفاق على حل خلال ٤٨ ساعة، وكان هذا البيان هو بداية الانقلاب على القيادة السياسية: لأنه خرج بدون علمها، وفي اليوم التالي خرج الرئيس. محمد مرسي، وألقى كلمة طرح فيها رؤيته للخروج من الأزمة المفتعلة، بتشكيل حكومة كفاءات وتشكيل لجنة مصالحة وطنية. ولجنة تعديل الدستور ، لكن «السيسي» رمى بذلك عرض الحائط، وتحفظت قواته على الرئيس بعد هذه الكلمة بساعات، وعقد مجلس حرب مع كل مسؤولي الصحف والفضائيات، أطلعهم خلاله على ما سوف يتم، وأعطاهم تعليمات بألا يتم استضافة أي أحد من القائمة المعدة مسبقا للحديث في الفضائيات، وكانت هذه القائمة بها أكثر من مائة اسم ممنوع على التلفزيون المصري أو فضائيات الفلول استضافتها، وأن يلتزموا بكل ما سوف يملى عليهم من قبل قيادة الانقلاب وهلل كل الحضور، لأنهم اعتادوا على هز ذيولهم لمن يطعمهم ويضربهم بالكرباج.
وخرج في المساء وسط مشهد مسرحي بين شيخ الأزهر ورأس الكنيسة، يلقي بيان الانقلاب ويطرح خارطة الطريق التي لم تأت بأكثر مما طرحه الرئيس «مرسي» في آخر كلمة القاها للشعب، لكنه كان مصمما على عزل الرئيس، وتجهيز عدة تهم لتلفيقها له، وتصور السيسي، أن الإخوان سيصرخون في الشوارع يوما أو يومين ثم بعدها سيقبلون بالأمر الواقع.. فإذا بالواقع غير ذلك.
احتشاد الملايين
احتشد الإخوان في الميادين وأقسموا أنهم لن يعودوا إلى بيوتهم إلا والرئيس «مرسي» جالس على كرسيه، وبدأت أطياف من الشعب تنضم إليهم..
ويوما بعد يوم تعود شعبيتهم، ثم استيقظ الناس من غفوتهم ... فقرر السيسي، أن يفكر منفردا، فاستخدم عقله المحدود وقرر إنهاء المشهد بعمل مجزرة ظناً منه أنه قادر على احتواء ما سيحدث من خلال التعتيم الإعلامي وبمساعدة الإعلام المسرحي، فكانت مجزرة الساجدين في صلاة الفجر صباح يوم الثامن من يوليو وقبيل بدء رمضان بثمانية وأربعين ساعة فكان التعاطف غير المحدود مع الرئيس محمد مرسي.
يبرز في صدارة المشهد المصري الآن عدة وجوه، أولهم محمد البرادعي الذي أتى بأمريكا إلى العراق فدمرها وعمرو موسى، الوزير السابق للخارجية في عهد «مبارك» والمعروف بعلاقاته الوطيدة مع الموساد. الصهيوني، وحمدين صباحي، الرجل الأول لإيران في مصر، ثم المتطرفون من النصارى الذين أشعلوها لأجل أن الإسلام سيحكم مصر العربية، ويضاف إلى ذلك فلول النظام القديم الذين يمسكون بزمام الإعلام الإباحي الفاسد والمال الذي تهيوه من لقمة الشعب المصري المسكين.
إن ما يجري في مصر وتركيا هو محاولة من تل أبيب وعملائها لإعادة القاهرة وأنقرة إلى المعسكر الصهيوني أو الإطاحة بهما: لأنهما سارا في سياسة بناء القوة الاقتصادية المستقلة التي تمهد لعز العرب والمسلمين. وهو ما أشارت إليه تسيبي ليفني، وهددتهما لأنهما شبا عن الطوق وخرجا من معسكر »إسرائيل « .
دراسة ميدانية
لقد قام المركز المصري لدراسات الإعلام والرأي العام تكامل مصر بإعداد دراسة ميدانية حول مدى قبول المجتمع المصري للانقلاب العسكري على الرئيس، وأسباب تأييد هذا القرار أو معارضته، مع وضع خريطة ديموجرافية للمؤيدين والمعارضين.
وأوضحت الدراسة أن الرافضين للانقلاب العسكري وعزل الرئيس «مرسي» يبلغون ٦٣ من المجتمع المصري مقابل ٢٦ فقط يؤيدون عزله و ١١ يفضلون الصمت تجاه هذه القضية، مشيرة إلى أن الرافضين للانقلاب على الرئيس وعزله يقاربون النسبة التي صوتت لصالح الدستور، ما يدل على أن هناك ثباتا في الكتلة الحرجة غير القابلة للحشد الإعلامي الذي كان ضد التصويت على الدستور، والذي يؤيد الآن عزل الرئيس.
وتابعت الدراسة، أن من نتائجها يتضح أن الرافضين للانقلاب العسكري وعزل الرئيس أكثر من ضعفي مؤيدي العزل، وهو ما يخالف المزاعم التي يروجها الإعلام بشأن تأييد المجتمع المصري لعزل الرئيس مرسي ...