العنوان هكذا تُحكم مصر!
الكاتب مجلة المجتمع
تاريخ النشر الثلاثاء 24-أغسطس-1982
مشاهدات 32
نشر في العدد 584
نشر في الصفحة 16
الثلاثاء 24-أغسطس-1982
بدأ الاستقبال الإجرامي في آخر شهر أكتوبر للأفواج الأولى عن طريق صفين من العساكر معهم العصى وكابلات الكهرباء، وقاموا بالضرب العنيف على الرؤوس والظهور والبطون والأقدام وهم معصوبو الأعين، ثم أدخل الكثير محمولًا على الأكتاف مغمى عليهم إلى الزنازين، وظلوا لأكثر من أسبوع ووجوههم إلى الحائط، والويل كل الويل لمن نظر إليه مخبر من الخارج ووجده قد حول وجهه عن الحائط...
وكان الطعام عندما يدخله العساكر كانوا يقومون بإعطاء علقة ساخنة للإخوة داخل الزنزانة لفتح الشهية....
وكذلك عند أخذ تمام الإخوة «حصر عددهم» كالعادة يأخذ العساكر بالضرب المبرح على كل أخ هذا واحد وهذا اثنان؛ بل قد وصل الإجرام أنه مرة فتحوا على أحد الزنانين لأخذ العدد، وكالعادة بالضرب المبرح الشديد، فكان أحد الإخوة وهو الأستاذ محمد زهران البلتاجي «المذيع» في دورة المياه في هذا الوقت، فلم يتورع الشاويش أن يدخل عليه الدورة وهو يقضي حاجته، وضربه على رأسه بالحذاء، ناهيك عن الألفاظ القذرة النابية التي ليس لها حساب، ولم يشفع للأستاذ أنه مذيع بالإذاعة، ولم يشفع له كبر سنه، ثم ظل الإخوة بعد ذلك أربعة أشهر وكان الويل كل الويل لمن يضبط من الإخوة يطل برأسه من الشباك؛ بل أن الزنزانة كلها تعاقب بالضرب الشديد بخطأ ذلك الأخ...
وطبعًا لم تشرف أجساد الإخوة بالشمس أو الماء للاستحمام فقد كان الماء الذي تأخذه الزنزانة يكفي للشرب وقضاء الحاجة فقط؛ مما ترتب على ذلك انتشار الأمراض الجلدية والحشرات الضارة كالقمل وغيره، وكل من قبض عليه في شهر أكتوبر مر بكل هذه الظروف الإجرامية، والتي تعد انتهاكًا كبيرًا لآدمية الإنسان الذي كرمه الله عز وجل. هذا قليل من كثير مما حدث، أما الأمر الثاني فهو الأشد إجرامًا فهو ما حدث من جرائم التعذيب لمعظم الأشخاص الذين شملهم تحقيقات المباحث والتي تمت في سجون القلعة والمرج والاستقبال بطرة، ولقد نتج عن هذه التعذيبات وفاة بعض الإخوة الكبار في السن....
وهذه أمثلة أخرى وهي فقط نماذج قليلة مما حدث مع الكثيرين...
- عمر محمد حنفي إبراهيم
ضرب بالكابلات الكهربائية عدة مرات، وكذلك تم تعليقه على الباب، وهي تؤدي إلى إحداث شلل عضلات الذراعين، كما تم تجريده من الملابس وتهديده بالفاحشة ووضع عصا في الشرج، كما عذب بالكهرباء؛ بل أكثر من هذا أحضروا أمه وأخواته وحرروهم من الملابس أمامه وهددوه بالاعتداء عليهن، وكان ممن قام بالتعذيب مقدم سامي جمال ونقيب محمد سبان.
- ممدوح علي يوسف
طالب بالمعهد الفني التجاري بالروضة عذب تعذيبًا شديدًا بالضرب بالعصى والكابلات، وقد أغمي عليه عدة مرات، وكان يضرب وهو مغمي عليه؛ بل وصل الإجرام أنهم كانوا يعطونه حقنًا حتى يفيق ويعاودون ضربه، كما أنهم أطفأوا أعقاب السجائر في جسمه وأدخلوا عليه الكلاب المفترسة أكثر من مرة، كما قاموا بتعذيبه بالكهرباء؛ حتى أصابه شلل في ذراعيه، وهو الآن يعالج في القصر العيني بالمنيل بعد أن فشل علاجه في مستشفى ليمان طرة.
- إسماعيل الرفاعي «ترزي»
تم تعذيبه بسجن استقبال طرة، وهو الآن بالقصر العيني يعالج من الشلل الذي أصاب ذراعه اليمنى بسبب تعذيبه.
- عاطف غريب
طالب بطب البيطري المنصورة، عذب كذلك بسجن استقبال طرة، يعالج الآن في مستشفى القصر العيني بسبب شلل في ذراعه اليسرى.
- محمد محمود صالح الأسواني
تعرض أيضًا لوابل من العذاب:
- تم تعليقه على الباب مع الضرب المتواصل على الأقدام وثني الذراعين عكس الاتجاه، وكانوا يقومون بعملية شد الكف من ناحية وعظمة الساعد من ناحية أخرى؛ حتى يكاد يفصل الكف عن الساعد.
- أوقفوه عاريًا في البرد لمدة أربعة أيام متواصلة، هذا عدا الليالي الأخرى التي أوقفوه فيها لدرجة أنه قضى خارج الزنزانة أكثر مما قضاه داخلها.
- وضعوا العصا في مكان حساس له؛ حتى دمى ونزف نزيفًا حادًا، كما هددوه باللواط، وذلك في مكتب باشا السجن محمد عبد الفتاح.
- أحضروا أمه العمياء وضربوها بعد أن مزقوا خمارها وجردوها من الملابس أمام أخته الصغرى التي مزقوا ثيابها أيضًا، وأوسعوها ضربًا، وممن قام بالإشراف على التعذيب عقيد طاهر -محسن حفظي- نبيل صيام- محمود هشام.
- أحمد سلامة مبروك
عذب بالتعليق على الباب حتى تمزقت عضلات ذراعه، وأصبحت يداه غير قادرتين على الحركة، وأثناء التعليق كان هناك بعض الأعمال المهينة بالشرف، فلقد طلب من العسكري وضع عصا غليظة في مكان حساس، ولم يكتف بذلك؛ بل أمره بوضع يده، كما أطفأت أعقاب السجاير في أماكن حساسة من جسده وقام بهذا باشا القلعة محمد عبد الفتاح + عقيد طاهر مسؤول أمن الدولة في الحوامدية، كذلك الوقوف في البرد بدون ملابس لأكثر من يومين متواصلين...
- مصطفى السيد محمد عوض
تم تعليقه من الركبة مع الضرب المتواصل لمدة طويلة على القدم، وما زالت أثار الضرب، كذلك الضرب على الرأس والوقوف مدة طويلة أكثر من يومين، والضرب بالكرباج على الظهر وعلى الوجه؛ مما أدى إلى جرح بجانب العين اليسرى، كما هددوه بفعل الفاحشة معه ثم أحضروا والدته وأخوته الأربعة..
- بركات فهيم علي
ضرب ضربًا مبرحًا على كل جزء من جسده تارة بالعصا الغليظة، وتارة بالكابل الكهربائي، وضرب على باطن قدمه؛ حتى أدمت وتكسرت عظام قدمه، وأوقفوه في الغرفة مكتوف الأيدي عاري الثياب فترات طويلة..
- محمد عبد الرحيم محمد شرقاوي
مهندس كان تعذيبه في مبنى مباحث أمن الدولة بلاظوغلي بواسطة مجدي الفار كما عذب بالقلعة، وكان يضرب بالكابل الكهربائي على قدميه؛ حتى أصيب بجرح غائر في قدميه امتد لمساحة كبيرة على ظاهر القدمين، ونقل على إثر ذلك إلى مستشفى الشرطة لمدة شهر كامل، ثم مستشفى الليمان بطرة لمدة شهرين ولم يلتأم جرحه.
- محمد عصام عبد الرؤوف
تم تعذيبه في مبنى مباحث أمن الدولة بلاظوغلي، وضرب بالكابل الكهربائي على قدميه بشراسة أدت إلى إصابة قدميه بجراح غائرة، ثم أجريت له عدة عمليات في مستشفى الشرطة؛ حيث مكث بها أكثر من أربعة أشهر ولم تلتئم جراحه بعد....
- محمد بيومي عبد الغفار
فقئت عينه اليسرى وهو الآن بالقصر العيني، كما كسرت أسنانه، ومزقت الكلاب جسده في استقبال طرة...
- محمد السيد حجازي
الوقوف عاريًا، والضرب بالسياط، والحرق بالنار، ونتف اللحية بالكماشة...
- يسري خليفة جار الله
كسرت 24 سنًا له بالتعذيب، وكسرت عظمة الأنف، ومزقت الأمواس جسده...
- كل من: محمود أمین محب + أشرف محمد + عبد المنصور محمد:
مزقت الكلاب أجسادهم، وشد شعرهم، وخلعت أظافيرهم، ونتف لحيتهم، وضربوا بالسوط...
- كل من عبد الحق أحمد فؤاد حسن + محمود محمد محمود شحاتة:
التعذيب بالكهرباء، وتركهم عرايا فترات طويلة، ورش الماء البارد عليهم، والتعليق على الباب، والضرب بالسياط، والتهديد باللواط.
- هشام حسن عبد الفتاح
التعليق على الباب مع وضع أنبوبتي بوتاجاز في القدمين- كسر الذراعين- فعل اللواط به والتهديد بإتيان النساء في القلعة.
- محمود محمد إسماعيل
التعليق على الباب، وكسر الذراع الأيمن، والتهديد باللواط، وكسر إصبعه.
- عاطف الخضري
مزقوا جسده بالسياط، وقطعوه بالأمواس- خلعوا أظافره- سلطوا عليه الكلاب- عذبوه حتى فقد عقله.
- عبد المنعم عبد الهادي أبو الفتوح
كان رئيسًا لاتحاد طلاب جامعة القاهرة أيام أحداث 18 و19 يناير الشهيرة، ووقف يعترض أمام السادات سياسته وبعده عن الدين واضطهاد علماء الدين أصحاب كلمة الحق، ولم ينس النظام له هذا، فكان من بين المتحفظ عليهم بتهمة إثارة الفتنة الطائفية، وهي التهمة التي كانت تكال لكل صاحب صوت معارض؛ سواء كان مسلمًا أو غير ذلك- ثم بعد ذلك جاؤوا به وحاولوا إلصاق تهم باطلة له عقب وفاة الرئيس السابق، وظلوا يضربوه أيامًا عديدة حتى نزفت كليتاه، وأصبح يبول دمًا لفترة طويلة، وحرموه من النوم أيامًا طويلة..
- د. عصام الدين محمد العريان و د. حلمي الجزار
هذان الأخوان هما التي اهتمت وسائل الإعلام الفاسدة عقب التحفظ تشويه صورتهما وصورة الجماعات الإسلامية، نالا أيضًا قسطهما الوافر من التعذيب؛ إذ ظلوا يضربونهما لمدة شهر متواصل يوميًّا حتى كادا يهلكا، ولم يشفع لهما إلا الإصابة بالكوليرا مما أوجب العزل الطبي، فكان المرض الفتاك سببًا من أسباب رحمة الله بهم من أيدي الجلادين.
كما حدثت وفاة الأستاذ كمال السنانيري وهو من دعاة الإخوان المسلمين أثناء تعذيبه في استقبال طرة، وقد ذكر أثناء التحقيق معه عند المدعي الاشتراكي أنه معرض للموت من قبل مباحث أمن الدولة، ولم يحرك أحد ساكنًا؛ بل أنه توفي بعدها بأربعة أيام أثناء استكمال تعذيبه، وكان تقرير الطبيب الشرعي أنه مات مكتوف الأيدي وفي فمه منديلان...
ومن العجيب أن سلطات الأمن أخطرت أهله بوفاته، واشترطت عليهم لكي يسلموهم الجثة ألا يفتحوها حتى تدفن.
وحتى تطمئن سلطات الأمن إلى تحقق هذا الشرط أوفدت مندوبًا عنها حتى يشرف بنفسه على إجراءات الدفن ويطمئن إلى أن أحدًا لم يفتح الجثة حتى دفنها....
كما توفي تحت التعذيب كل من:
- رفاعي أحمد صادر.
- محمد عبد الفتاح القطبي.
هذا قليل من كثير.. من ينصر هؤلاء المظلومين.. من يثأر لهم من الطغمة الطاغية التي يقودها الطاغوت حسني مبارك «لا بارك الله فيه»..
إننا نطالب بالتحقيق الجماعي في هذه الوقائع وغيرها حتى يعرف التاريخ الإنساني ما يرتكب في هذا العصر..