العنوان الوفاء
الكاتب الشيخ نادر النوري
تاريخ النشر الثلاثاء 08-ديسمبر-1992
مشاهدات 15
نشر في العدد 1028
نشر في الصفحة 36
الثلاثاء 08-ديسمبر-1992
الوفاء من شيم الكرماء الأبرار، والغدر من أخلاق المنافقين الأشرار والله سبحانه يأمر بالوفاء بجميع العهود والالتزامات، سواء كانت عهودا مع الله أو عقودا مع الناس لقوله تعالى ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَوْفُوا بِالْعُقُودِ ۚ﴾ المائدة وأي تقصير في الوفاء بهذا الأمر يعتبر إثما كبيرا يستوجب المقت والغضب ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لِمَ تَقُولُونَ مَا لَا تَفْعَلُون كَبُرَ مَقْتًا عِندَ اللَّهِ أَن تَقُولُوا مَا لَا تَفْعَلُونَ﴾الصف (٢، ٣).
وكل ما قطعه الإنسان على نفسه منعهد، فيجب الوفاء به ويحرم النكول عنه ﴿وَأَوْفُوا بِالْعَهْدِ ۖ إِنَّ الْعَهْدَ كَانَ مَسْئُولًا﴾ يحاسب عليه الإنسان ويسأل عنه والوفاء جزء من الإيمان «إن حسن العهد منالإيمان» صححه الحاكم وأقره الذهبي ومن أخلاق ﴿وَالَّذِينَ هُمْ لِأَمَانَاتِهِمْ وَعَهْدِهِمْ رَاعُونَ﴾ (المؤمنون/٨) وقد كان لرسولنا صلوات الله وسلامه عليه النصيب الأكبر والحظ الأوفى من هذا الخلق العظيم. فما نقض عهدا مع مسلم ولا كافر وهو يعامل شر ﴿إِنَّ شَرَّ الدَّوَابِّ عِندَ اللَّهِ الَّذِينَ كَفَرُوا فَهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ الَّذِينَ عَاهَدتَّ مِنْهُمْ ثُمَّ يَنقُضُونَ عَهْدَهُمْ فِي كُلِّ مَرَّةٍ وَهُمْ لَا يَتَّقُونَ﴾الأنفال (5٥/56).
وقد شنع الله في كتابه على الناقضين للعهود وخجلهم وحذر المتعاهدين أن ينقضوا الإيمان بعد توكيدها بالحلف وإشهاد الله عليها وجعله عليهم كفيلا، غشا وخديعة أو طلبا للمصلحة والقوة أو درءًا للفساد المحتمل، واتخاذ الإيمان هزوا ولعبا للتخلص من هذا العهد الشديد الذي أكده الإنسان على نفسه بالأقسام عليه والمعاهدة عليه. وحذر من هذا المبرر الواهي والحجة،الداحضة، وابتلاهم بها ليمتحن إرادة الوفاء وكرامة العهد الذي اشهدوا الله عليه ووكل أمر الخلافات التي تنشب بين الناس إلى الله ليفصل بينهم يوم القيامة فيما كانوا فيه يختلفون، لأنه لا يعقب هذا التصرف إلا زعزعة النفوس واضطراب الصف، وزلزلة العقائد والمُسلّمات والتهاون في الارتباطات والمعاملات.
وهذا التحذير يشمل كل عهد على معروف يأمر الله به، والوفاء هو الضمان لبقاء عنصر الثقة في التعامل بين الناس.
قال تعالى ﴿وأوفوا بعهد الله إذا عاهدتم ولا تنقضوا الأيمان بعد توكيدها وقد جعلتم الله عليكم كفيلا إن الله يعلم ما تفعلون وَلَا تَكُونُوا كَالَّتِي نَقَضَتْ غَزْلَهَا مِن بَعْدِ قُوَّةٍ أَنكَاثًا تَتَّخِذُونَ أَيْمَانَكُمْ دَخَلًا بَيْنَكُمْ أَن تَكُونَ أُمَّةٌ هِيَ أَرْبَىٰ مِنْ أُمَّةٍ ۚ إِنَّمَا يَبْلُوكُمُ اللَّهُ بِهِ ۚ وَلَيُبَيِّنَنَّ لَكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مَا كُنتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ﴾ (النحل۹1 /۹2) .
ولا ينقض عهد أو التزام ولا يوفي بعهد ويحترم إلا بشروط وهي ألا يخالف نصا شرعيا فكل شرط ليس في كتاب الله فهو «باطل وإن كان مائة شرط» وأن يتوفر الرضا والاختيار والوضوح حتى لا تكون ثمارا للاختلاف والتنازع ولا تنقض إلا بانقضاء مدته ﴿ إِلَّا الَّذِينَ عَاهَدتُّم مِّنَ الْمُشْرِكِينَ ثُمَّ لَمْ يَنقُصُوكُمْ شَيْئًا وَلَمْ يُظَاهِرُوا عَلَيْكُمْ أَحَدًا فَأَتِمُّوا إِلَيْهِمْ عَهْدَهُمْ إِلَىٰ مُدَّتِهِمْ ۚ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَّقِينَ﴾ (التوبة:٤) أو بإخلال الطرف الآخر ببينة واضحة ﴿كَيْفَ يَكُونُ لِلْمُشْرِكِينَ عَهْدٌ عِندَ اللَّهِ وَعِندَ رَسُولِهِ إِلَّا الَّذِينَ عَاهَدتُّمْ عِندَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ ۖ فَمَا اسْتَقَامُوا لَكُمْ فَاسْتَقِيمُوا لَهُمْ ۚ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَّقِينَ﴾ (التوبة ٧) أو بظهور دلائل الغدر والخيانة ﴿ وَإِمَّا تَخَافَنَّ مِن قَوْمٍ خِيَانَةً فَانبِذْ إِلَيْهِمْ عَلَىٰ سَوَاءٍ ۚ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْخَائِنِينَ﴾ (الأنفال: ٥٨.) في نبذ العهد عند تحقق سببه. والآن وقد وقع ما أخبر الله تعالى به ﴿أَن نَّزَغَ الشَّيْطَانُ بَيْنِي وَبَيْنَ إِخْوَتِي﴾ (يوسف:100)
نريد فئة مخلصة لله مترفعة عن كل معاني الأثرة مستعلية فوق قيود العصبية لتمشى بين الجميع برسالة الوفاء والمحبة لتنقل إلى القلوب التي شابها مس من الحقد وميضا من الحق يجلو الصداء ويبدد الظلم، لتطبع على الشفاه التي. لا تنفرج إلا عن اللمز والغمز بسمة التأخري، وبشر المحبة. نريد من ينذرون أنفسهم لتوحيدالجهود والقلوب فيحولون دون إسراف جماعاتهم في الذاتية والفردية، ويدفعونهم دفعا إلى أن يتكاتفوا مع رفقائهم في قافلة الإسلام، ولا ينبغي أن يكون هؤلاء جماعة جديدة، بل لا يجب أن يفعلوا ذلك ولو جملها في الأنظارأن تقوم على أسس التنسيق والحب، وإنما ينبغي أن يظلوا في. جماعاتهم روحا سارية لا تتجسم فتفقد. شفافيتها، ولا تتحدد فيشل انطلاقتها بل تظل مشعة من وراء الصفوف وداخل التكتلات المختلفة. صافية الروح جليةالسنا.
موضوعات متعلقة
مشاهدة الكلاحتمالات الحرب تتزايد - تزايد القلق في الأردن ومصر.. وتل أبيب تتحدث عن استعدادات سورية
نشر في العدد 1462
10
السبت 04-أغسطس-2001