; حركات تصحيحية لتكريس الخطأ | مجلة المجتمع

العنوان حركات تصحيحية لتكريس الخطأ

الكاتب مجلة المجتمع

تاريخ النشر الثلاثاء 21-ديسمبر-1982

مشاهدات 20

نشر في العدد 600

نشر في الصفحة 49

الثلاثاء 21-ديسمبر-1982

  • ولي عمر بن عبد العزيز- رضي الله عنه- أمر المسلمين والفقير مقهور والسائل محروم والضعيف مغلوب، فكان لا بد لعمر من تصحيح الأوضاع بإعادة الحق إلى نصابه فماذا فعل؟ 

‏احتجب الناس ثلاثة أيام متواليات لا يدخل عليه أحد وكان عمر خلال هذه الأيام يعمل ليلًا ونهارًا مع وزيره مزاحم يجمعان سجلات قطائع الأمراء وعهود عطاياهم والأموال التي تجرى عليهم ويدرسانها دراسة دقيقة على ضوء التشريع المالي في الإسلام وكم كان عجب عمر كبيرًا عندما أحصى مجموع القطائع والأعطيات للأمراء فبلغت عنده نصف ما في بيت مال المسلمين أو ثلثيه، فما كان منه إلا أن نادى بالناس «الصلاة جامعة» فاجتمع الناس وخرج إليهم وصعد المنبر فحمد الله وأثنى عليه ثم قال: أما بعد فإن هؤلاء «أي الخلفاء قبله»، أعطونا عطايا ما كان ينبغي لنا أن نأخذها وما كان ينبغي لهم أن يعطوناها وإني قد رأيت ذلك ليس علي فيه دون الله محاسب وإني قد بدأت بنفسي وأهل بيتي.

اقرأ يا مزاحم فجعل مزاحم يخرج سجلًا سجلًا وعهدًا عهدًا وكتابًا كتابًا ثم يقرؤه فيأخذه عمر وبيده آلة حادة فيمزقه، وما زالا حتى حان الظهر ونادى المؤذن للصلاة ورد جميع هذا إلى بيت مال المسلمين.

  • حركة عمر- رضي الله عنه- حركة تصحيحية جادة قولًا وفعلًا خالية من الخطب الحماسية والتصفيق واللافتات والمزايدات نفذت بسرعة دون قرارات ومراسيم تشريعية زائفة في جو هادئ سكين بعيد عن البهرجة والزيف.

  • في عالمنا العربي والإسلامي حركات تصحيحية بدأت بإزاحة الحاكم السابق بالقوة، أو بالسلم حسب ظروف نشأة هذه الحركة وما لبث القادة الجدد أن قاموا بنشر الماضي والتشهير بأعمال السلف مع العزم الأكيد على تأمين العيش الكريم لكل مواطن! كل ذلك كان يتم في اجتماعات حاشدة ترفرف فيها الأعلام واللافتات وتنطلق فيها الشعارات والبيانات وتلتهب فيها الأكف بالتصفيق لقادة التصحيح الجدد!

‏ويبدأ المواطن المسكين رحلته مع الزيف والدجل والبهتان وما عليه إلا أن يبارك ويؤيد! وخلال هذه الرحلة التي قد تطول، أو تقصر يزداد الفساد وتكثر الرشوة ويستمر الإثراء على حساب الشعب المسكين ويتهافت الأنصار والأعوان على قادة التصحيح الجدد تهافت الأكلة إلى قصعتها، وتبدأ المحسوبيات ويدور المواطن في حلقة مفرغة لا يجني منها سوى الدوار وخيبة الأمل!! وكأن هذه الحركات التصحيحية جاءت لتكرس الخطأ وتعمقه خوفًا من انحرافه عن خطه المرسوم؟!

الرابط المختصر :