; تحليل سياسيِّ: مخطط الشاه للخليج تحبطه السعودية | مجلة المجتمع

العنوان تحليل سياسيِّ: مخطط الشاه للخليج تحبطه السعودية

الكاتب المحرر السياسي

تاريخ النشر الثلاثاء 24-يناير-1978

مشاهدات 12

نشر في العدد 383

نشر في الصفحة 14

الثلاثاء 24-يناير-1978

إيران مسؤولة مسؤولية مباشرة على منطقة العمل الواقعة على شريط يمتد من الكويت شمالًا حتى رأس الخيمة جنوبًا

السعوديون يشعرون أنهم ضحايا مؤامرة وضحايا خدعة

نقلًا عن الديار - العدد ١٨٨ بتاريخ ٢٢-12-١٩٧٨م

• الولايات المتحدة ترى أنه لم يعد من الملائم لمصلحتها، ومع المصالح الإقليمية للمنطقة بقاء مجموعات من النظم الحاكمة المتنافرة والصغيرة وغير المؤهلة في موقع المسؤولية، على منطقة غنية في بطنها أكبر سلعة استراتيجية في العالم، وهي النفط.

• الوجود الإيراني الكثيف في منطقة الخليج ليس من أهدافه فرسنة تلك المنطقة العربية، بقدر ما هو إسناد مخططات الشاه المقبلة، والقائمة على أساس تفكيك الكيانات السياسية في منطقة الخليج.

تقول:

معلومات دقيقة واردة إلى الخليج أن الدور الإيراني على مستوى القضية الفلسطينية، وعلى مستوى الصراع الراهن، هو دور لا يتكامل أو لا يتأمن بمعزل عن الدور الإيراني الخليجي الصرف.

وفي تفصيل ذلك تقول هذه المعلومات ما يلي:

أولًا: إن الدول الخليجية كلها والواقعة على شريط يمتد من الكويت شمالًا حتى رأس الخيمة جنوبًا، تعتبر من الآن فصاعدًا منطقة عمل مسؤولة عنها إيران مسؤولية مباشرة، أما كيف ستكون تفاصيل هذا العمل، وما هي أهدافه، فلذلك تفصيلات أخرى.

فالولايات المتحدة ترى أنه لم يعد من المتلائم مع مصالحها ومع المصالح الإقليمية للمنطقة بقاء مجموعات من النظم الحاكمة المتنافرة والصغيرة، وغير المؤهلة، في موقع المسؤولية على منطقة غنية في بطنها تختزن أكبر سلعة استراتيجية في العالم، وهي النفط، لذلك لا بد من إعادة النظر في هذا الواقع.

ويقال حسب ما تورده المعلومات أن إيران ستكون مسؤولة عن إجراء عمليات إعادة النظر، بحكم ما تأمن لها من قوة عسكرية، وذلك حتى يتأمن لظروف استخراج النفط، وتسويقه مقدار من الأمن تطمئن له الإدارة الدولية بشتى مستوياتها.

وكما هي إيران نقطة مركزية راسخة فإن نموذجها يجب أن يتأمن في الضفة الغربية من الخليج.

وما يعادل إيران في هذا المركز هي سلطنة مسقط وعمان.

المدخل لذلك هو تفكيك دولة الإمارات العربية المتحدة.

وعمليات التفكيك هذه انطلقت بالفعل منذ مدة، وهي تتصاعد وتتنامى الآن استنادا إلى الوقائع التالية:

أولًا: زعزعة الثقة بالاقتصاد، فالمعروف أن البنوك العاملة في دولة الإمارات قد تعرضت لأزمة سيولة امتنعت بموجبها عن الدفع، الأمر الذي أدى إلى خضة مالية لا تتناسب مع سمعة دولة بترولية ذات عائدات كبيرة.

ثانيًا: إغراق هذه الدولة في سلسلة من المشاريع الاتفاقية بلغت تكاليفها أرقامًا تفوق ما يتحقق لهذه الدولة من عائدات.

ثالثًا: ضعف السلطة المركزية المتعلقة بسيطرة حكومة الاتحاد المركزية على مرافق الدولة، فالمعروف أنه حتى الآن ما تزال كل إمارة من إمارات الاتحاد السبع - باستثناء الشارقة - تتمتع بأجهزتها العاملة المستقلة من إذاعة إلى تليفزيون إلى شرطة إلى جيش، هذا الوضع دفع بالسلطان قابوس الأسبوع الماضي إلى حشد قواته على الحدود الجنوبية لدولة الإمارات، فما كان من رئيس هذه الدولة الشيخ زايد إلا أن طار إلى مسقط واجتمع بالسلطان، ليقال بعد ذلك أن الرجلين تباحثا في أمور تتصل بالحدود المشتركة بينهما.

وتضيف هذه المعلومات قولها إن الوجود البشرى الإيراني الكثيف في منطقة الخليج ليس من أهدافه – فرسنة - تلك المنطقة العربية بقدر ما هو إسناد مخططات الشاه المقبلة، والقائمة على أساس تفكيك الكيانات السياسية في منطقة الخليج.

والهدف النهائي من هذه الخطة الأميركية الموكل بها الشاه الإيراني هو جعل منطقة النفط الواقعة في الكتف الشرقي لشبه الجزيرة العربية، منطقة لا تسمح بتسرب الاضطرابات إليها عبر نظم غير متماسكة، ولا تتمتع بخلفيات حكم تاريخية تسمح لها بالبقاء والاستمرار، وتأمين هذه المنطقة بواسطة هذا الأسلوب، سيسمح باستخراج النفط في ظروف آمنة، كما سيسمح بتأمين طريق مواصلاته التي تواجه ثغرة فظيعة عند مضيق هرمز الذي تعتبره إيران خاضعا لدائرة أمنها الخاص.   

وهي الدائرة التي وسعها الشاه لتشمل المحيط الهندي عند بدايات بحر العرب. 

والشاه عندما عاد من أسوان، ووصل الرياض الأسبوع الماضي، واجه السعوديين بمفاجأة مذهلة. 

فبعد أن قدم للسعوديين كل مساندته لمخططات الرئيس المصري، قال لهم بصراحة: إن اقترابكم من موقف السادات، ومن الموقف الأميركي سيعني بالنتيجة مصلحة ثابتة لكم ولنا جميعًا، وللأمن البترولي الذي يجب أن يترسخ، فوقوفكم إلى جانب منظمة التحرير وإصراركم على قيام الدولة الفلسطينية، هو دعوة مفتوحة من قبلكم لقدوم السوفيات. أما القدس، فأنا أتكلم بشأنها كزعيم إسلامي، القدس وعودتها للسيادة العربية مطلب لا يجب أن تتمسكوا به، ورأيي بالموضوع هذا أن تتولى إدارة المقدسات الإسلامية فيها عناصر إسلامية نتفق عليها، ولا مانع عندي أن يتولى المصريون هذه المهمة عروبة القدس دعوها، فهي عقدة شائكة، ولنعمل جميعًا على إبعاد السوفيات الذين هم في الواقع الخطر الحقيقي الذي يتهدد أمننا البترولي، وبالتالي أمن العالم.

وطبعًا غادر الشاه الرياض بعد إطلاقه لهذه الآراء ليترك السعوديين في حالة ذهول.

فالسعوديون أساسًا لم يرضوا عن تدخل الشاه العسكري في مسقط وعمان بحجة مكافحة ثوار ظفار الشيوعيين، وهم لم يرضوا قبل ذلك عن احتلاله لجزر عربية واقعة على مضيق هرمز، هي طنب الكبرى، والصغرى، وجزيرة أبو موسى، إضافة إلى أنهم لن يقبلوا بجعل المسؤولية الأمنية الإيرانية تشمل الضفة الغربية للخليج العربي.

فماذا كان رد فعلهم، والمخطط الإيراني قد وضع موضع التشغيل في منطقة الخليج؟

لقد آثر السعوديون الهجوم على الأصحاب الحقيقيين للمخطط، أي على الأمريكيين.

فيوم الأربعاء الماضي، وبعد مغادرة الشاه للرياض، شن السعوديون هجومًا على الأميركيين في اتجاهين:

الاتجاه الأول نفطي، فقد بدأوا حملة في أوساط دول أوبيك لاستبعاد الدولار كقيمة احتسابية للعائدات النفطية، واحتساب هذه العائدات بدلًا منه بوحدة السحب الخاص المشكلة من سلة عملات دولية متغيرة.

الاتجاه الثاني سياسي: فقد بدأوا حملة تعد مهذبة وراقية جدًا على مبادرة السادات، قالوا بهذا الصدد أنهم مع السادات في البحث عن السلام، ولكن موقفهم هذا لا يعني بالضرورة تأييدهم لأساليبه في الوصول إلى هذا السلام، ثم إن السادات لم يستشرهم فيما ينوي عمله، وهذا التصرف أساء إليهم كثيرًا كدولة، وقفت إلى جانبه في ظروف مالية واقتصادية حالكة، وقول السادات إنه لم يستشر حتى زوجته فيما ينوي عمله، دليل آخر على وجوب الامتعاض منه، وليس مبررًا لاستفراده بخطواته.

وتقول معلومات إضافية خارج هذا النطاق الرسمي إن السعوديين يشعرون الآن صدقًا أنهم ضحايا مؤامرة، وضحايا خدعة.

فيما يختص بالخدعة أن السادات باعتماده لسياسات اقتصادية ليبرالية «الانفتاح»، إنما فعل ذلك لمعرفته برضى السعوديين عن هذه السياسات.

أولًا: ولاستدراج الرساميل السعودية والخليجية للعمل في مصر من أجل إنعاشها، وإذا كان هذا هو دافع السعوديين في الإقدام المالي على مصر، فإن حسابات السادات كانت قائمة على غير هذه النية، فهو استدرج هذه الأموال ليستدر بها مواقف سعودية تتلاءم مع مواقفه، فبدا كمن يحتفظ برهينة مالية يساوم عليها، والذي يعرف أخلاقية التعامل العربي السعودي والخليجي، يعرف أن سلوك السادات يتنافى كلية مع هذه الأخلاقية، ويتعارض معها. 

أما فيما يختص بالمؤامرة، فإن السعوديين باتوا على ثقة أن تعامل السادات مع الأميركيين، وإدخال شاه إيران في نطاق هذا التعامل إنما يهدف إلى إزالة التأثير السياسي السعودي على مجريات الأمور في المنطقة، وإلى إلغاء الدور السعودي الأساسي القائم على حماية عروبة الخليج، وجعل المسائل الأمنية فيه مسؤولية عربية مئة بالمائة. 

وبناء على هذا الموقف السعودي، فإن ردة فعل عنيفة مضادة للشاه قد بدأت تتبلور في الخليج انطلاقًا من كونه معاديًا لعروبة هذه المنطقة، وساعيًا للهيمنة عليها، والتدخل في شؤونها.

فالذين تصوروا أن المخطط الأميركي الموضوع للخليج، والذي توسل المركب الإيراني، سيبحر في مياه دافئة سيقعون في خطأ التقدير، إذ مقدر للموقف السعودي ألا يكون متساهلًا بعد اليوم في مسائل لا تهم فقط مستقبل شبه الجزيرة العربية وحدها، بل مستقبل العرب كلهم في جميع أقطارهم.

والأمور لا تزال حتى الآن في بداياتها. 

الرابط المختصر :

موضوعات متعلقة

مشاهدة الكل

البترول العربي وقضَايا المصير

نشر في العدد 2

115

الثلاثاء 24-مارس-1970

مجلس الأمة - عدد 7

نشر في العدد 7

32

الثلاثاء 28-أبريل-1970