العنوان تعقيب «المجتمع»
الكاتب مجلة المجتمع
تاريخ النشر الثلاثاء 06-يوليو-1971
مشاهدات 20
نشر في العدد 67
نشر في الصفحة 17
الثلاثاء 06-يوليو-1971
تعقيب «المجتمع»
اطلع قراء هذه الصحيفة -منذ ثوان- على الوثائق المصورة التي تلقى ضوءًا جديدًا على ما نشرته «المجتمع» عن ثلاثة من أساتذة جامعة الكويت.
ولقد جاءتنا هذه الوثائق بعد الفراغ نهائيًا من إعداد العدد الماضي ودفعه إلى المطبعة.
وإننا نبدي تقديرنا لوزير العدل ووزير التربية بالوكالة السيد جاسم المرزوق، على اهتمامه العاجل بهذا الموضوع الخطير، ومسارعته بالرد على ما كتبته «المجتمع»، ونحمد له عتبه المهذب عليها، وإيجاد العذر لها.
دعوى قضائية ضد «المجتمع»
ومن تطورات هذا الموضوع أن تقدم الدكتور عبد الحي حجازي ورفع دعوى في النيابة العامة ضد «المجتمع»، ونحن يسرنا أن تمحص كل الحقائق أمام القضاء، ويسرنا أن يكون الدكتور عبد الحي حجازي بريئًا، فمهمتنا ليست «تكفير» الناس، فليس أثقل على النفس والضمير من سماع الأنباء التي تتعلق بهذا الموضوع.
إننا نتقرب إلى الله بمقاومة المذاهب الملحدة؛ لأنها تريد تدمير الإيمان في نفوس المسلمين، وعزلهم عن الإسلام، ونتقرب إلى الله بمقاومة التبشير؛ لأنه يحاول «تنصير» المسلمين، ونقلهم من النور إلى الظلمات، ونحاول ما استطعنا توثيق صلة المسلمين بإسلامهم ودعوتهم إلى الأخذ بالكتاب بقوة بتسليم تام ودون حرج. معنى ذلك أن هذه الصحيفة تحرص وتحافظ على «إسلام» المسلمين وعقائدهم وقيمهم.
وبدافع من هذا الحرص ذاته نشرت «المجتمع» تلك الأخبار عن الأساتذة الثلاثة؛ وبالنسبة للدكتور حجازي فقد اختار طريق القضاء، وهنالك ستدلي «المجتمع» بما معها، وتقول كلمتها، وتطلب استدعاء جميع الذين حضروا اجتماع (19/6/71) بقسم القانون الخاص بكلية الحقوق والشريعة؛ للإدلاء بشهاداتهم أمام القضاء، وكذلك جميع من لقي الدكتور علي يونس عقب خروجه من الاجتماع وسمع ما قال.
في الوثائق.. تناقض واضطراب
ولنتناول الآن الوثائق بالمقارنة والدراسة والتحليل.
وأول شيء يلاحظ في هذه الوثائق -أو في كثير منها- هو التناقض الواضح والاضطراب.
• فالدكتور علي يونس ينفي نفيًا قاطعًا حاسمًا جازمًا حدوث أي شيء مما نشرته «المجتمع» في هذا الموضوع، ولأن التزام الموضوعية هو رائد هذه الدراسة والتحليل نذكر -مرة أخرى- نص ما نفاه الدكتور علي يونس، فقد قال: «وقد ذكرت المجلة أني كنت طرفا فيها -في المسألة- في الاجتماع الذي انعقد بقسم القانون الخاص يوم (19- 6- 1971م)، وأني قد توجهت للسيد الأستاذ مدير الجامعة وقدمت له احتجاجًا على ما دار في هذه الجلسة، وأن سيادته قد رد علي ردًا معينًا، وأتشرف بالإفادة بأن كل ما جاء في المجلة في هذا الخصوص ليس له أساس».
والدكتور علي يونس بهذا ينفي وفق التسلسل المنطقي والموضوعي واللغوي لكلامه:
1- انعقاد الاجتماع المذكور يوم (١/٦/١٩٧١م) بقسم القانون الخاص.
2- وينفي حضوره لهذا الاجتماع.
3- ينفي أنه خرج من الاجتماع، أو بتعبيره هو: توجه إلى المدير.
• فيرد عليه الدكتور محسن شفيق -وهو أحد الذين حضروا الاجتماع-، فيقول: «أقرر أمام الله أنني حضرت هذا الاجتماع (19/6/1971م) منذ افتتاحه إلى نهايته، ولم أسمع إطلاقًا صدور هذه العبارة أو ما يقرب منها على لسان الأستاذ عميد الكلية، بل لم أسمع ذكرًا للقرآن الكريم في هذا الاجتماع، إذا كان صحيحًا أن الأستاذ الدكتور علي يونس قد غادر هذا الاجتماع قبل انتهائه ثائرًا غاضبًا، فكان ذلك لخلاف يتعلق بتوزيع الدروس، وقد حاولت تهدئته وإعادته إلى الاجتماع فلم أوفق». والدكتور محسن شفيق يثبت بذلك:
1- أن الاجتماع انعقد فعلاً يوم (19/6/1971م) بقسم القانون وهذا ما نفاه الدكتور علي يونس بقوة.
2- ويثبت -بتفاصيل مؤكدة- أن الدكتور علي يونس حضر الاجتماع حقيقةً، وهذا ما نفاه الدكتور علي يونس بصراحة.
3- ويثبت أن الدكتور علي يونس قد خرج من الاجتماع.
ويزيد في التفاصيل فيعلن أنه خرج «ثائرًا غاضبًا»، وأنه حاول تهدئته وإعادته إلى الاجتماع فلم يوفق، وهذا ما نفاه الدكتور علي يونس بوضوح.
• ويرد عليه -كذلك- الدكتور عبد الباسط محمد جميعي، -وهو أحد الذين حضروا الاجتماع- فيثبت «راجع شهادة الدكتور جميعي»:
1- انعقاد الاجتماع في نفس التاريخ (19/6/1971م) بقسم القانون.
2- ويثبت حضور الدكتور علي يونس للاجتماع نفسه.
3- ويثبت خروجه من الاجتماع بقوله: «وأما عن مسألة خروج الدكتور علي يونس من بعض هذه الاجتماعات، فقد يكون بسبب احتدام المناقشة حول توزيع الدروس في مادة القانون التجاري»
الاحتمالات لماذا؟
يضاف إلى هذا التناقض الواضح ضعف آخر هو اختيار التعبيرات المفعمة بالاحتمالات، ووضع أي أمر في دائرة الاحتمالات شيئًا معقول ومقبولً إذا لم تتوفر المعلومات الكافية للجزم بحقيقة ما.
أما مع توفر المعلومات وتوفر الإدراك -خاصةً في أساتذة جامعيين- فإن إخضاع الموضوع للاحتمالات وتعليقه على نتائجها الرجراجة شيءً ليس معقولًا ولا مقبولًا، يضعف حجة صاحبه ويثخنها بالثغرات والجراح.
• إن الاجتماع انعقد بتاريخ (19/6/1971م) هذه حقيقة أكدها رد الرئيس الأعلى للجامعة، وأكدتها شهادة الدكتور محسن شفيق، ومع ذلك يقول الدكتور عبد الباسط جميعي: «لعله كان من بينها اجتماع بتاريخ (19/6/1971م) لماذا يقول «لعله»؟ وهو هو نفسه أمين القسم، ومسجل محضر الاجتماع باعترافه هو ذاته: «وقد كنت باعتباري أمين القسم أنا المتشرف بتسجيل هذه المحاضر».
لماذا التحفظ من الجزم والحسم مع توفر المعلومات الكافية وتوفر الإدراك؟
• وبنفس الطريقة يتناول الدكتور جميعي مسألة خروج الدكتور علي يونس من الاجتماع ويقول: «فقد يكون بسبب احتدام المناقشة حول توزيع الدروس»، قد يكون هكذا، قد يكون، وكأن الرجل لم يحضر الاجتماع، وكأنه لم يعرف سبب الخروج وهو أمين القسم ومسجل محضر الاجتماع.
بيد أن هذا التحفظ ذاته يفتح أوسع الأبواب لاحتمالات شتى، فقد يكون سبب الخروج احتدام المناقشة حول توزيع الدروس، وقد يكون غير ذلك.
• ونفس الطريقة نجدها في كلام الدكتور محسن شفيق، حيث يقول: «إذا كان صحيحًا أن الأستاذ الدكتور: علي حسن يونس قد غادر الاجتماع ...الخ».
إذا كان صحيحًا؟ ما هذا الكلام الغريب؟ أن الدكتور محسن حضر الاجتماع وهو يعلم أن الدكتور علي يونس قد خرج من الاجتماع ثائرًا غاضبًا، وأنه هو نفسه حاول تهدئته وإعادته إلى الاجتماع، ومع ذلك يجعل موضوع الخروج متأرجحًا بين الصحة وعدم الصحة.
لماذا هذه التحفظات المتتالية وما هو هدفها؟
الوثائق اعترفات.
بقي موضوعان: موضوع رئيس قسم الجغرافيا وموضوع الدكتور حسام الألوسي.
• بالنسبة لرئيس قسم الجغرافيا، فقد اعترف الرد بأن شكوى من الدكتور محمود عصفور قد رفعت ضده بمضمون ما أوردته المجتمع، بل أثبت الرد تفاصيل جديدةً لم نكن نعلمها، ولننقل الفقرة بنصها:
«وفور ورود الشكوى المشار إليها منذ أكثر من أسبوعين عقد مدير الجامعة اجتماعات ضم أمينها العام وجميع أعضاء هيئة التدريس بالقسم دون حضور طرفي الموضوع بعد موافقتهما؛ حتى تتاح الحرية المطلقة للمجتمعين، وقد نوقشت الشكوى بندًا بندًا، فاتضح عدم صحة دعواه التي أشرتم إليها، وحفظ الموضوع».
وفي ذلك اعتراف واثبات -بتفاصيل أكثر- لما نشرته «المجتمع»، ولنا وجهة نظر في هذه المسألة:
• إن طريقة التحقيق مع رئيس قسم الجغرافيا، ومع مقدم الشكوى ليست سليمةً، إذ كيف يستبعد من قدم الشكوى، ومن قدمت ضده من الاجتماع، وكيف سمعت وجهات نظر الطرفين إذن؟ وإذا قيل بأن الدكتور عصفور قد ضمن وجهة نظر في شكواه، فكيف عرف الاجتماع وجهة نظر رئيس قسم الجغرافيا؟
هل بعث بها كتابة كذلك؟ ولماذا؟ أم أنه أناب عنه أحد الحاضرين؟ أم أن مندوبين كانوا ينتقلون بين طرفي الموضوع وبين الاجتماع المذكور؟، ثم إن مبرر هذه الطريقة -إتاحة الحرية المطلقة للمجتمعين- غير سليم أيضًا، فإن الحرية ستكون مكفولةً للجميع ما دام الهدف هو البحث عن الحقيقة والالتزام بنتائج البحث والتقصي مهما كانت النتائج، أما إذا كان الهدف هو المجاملة والتسوية والمداراة فإن الحرية -وفق المبرر إياه- تكون غير متوفرة للمجتمعين حين يحضر الدكتور عصفورًا ورئيس قسم الجغرافيا.
إن الموضوع غانم؛ ومن ثم نريد أن يعرف الشعب المسلم وأن نعرف معه بالتالي:
1- نص الشكوى التي قدمها الدكتور عصفور.
2- المناقشات التي دارت في الاجتماع.
3- عدم صحة الدعوى.
شهد الدكتور محمد عبد الهادي أبا ريدة، رئيس قسم الفلسفة الاجتماع، لصالح الدكتور حسام الألوسي بالنيابة عنه، وإذا كان طابع الوثائق الخاصة باجتماع قسم القانون الخاص (19/6/1971م) هو التناقض والاضطراب، وإذا كانت وثيقة رئيس قسم الجغرافيا يلفها الغموض في طريقة التحقيق وفي الإحجام عن نشر نص الشكوى والمناقشات والحجة التي أبطلت الدعوى وأدت إلى حفظها، فإن الوثيقة الخاصة بالدكتور الألوسي قد انفردت بطابع معين هو الجرأة في توكيد آراء الألوسي في إيثار تدريس الأساطير على الثقافة الإسلامية.
تقول شهادة الدكتور أبو ريدة: «ونظرًا لأن خطة الدراسة في القسم تشتمل على علوم بأكملها من العلوم الإسلامية مثل: «علم الكلام» و«الفلسفة الإسلامية» و«التصوف الإسلامي»، فإن بعض الزملاء اقترح الاستغناء عنها، أي مادة الثقافة الإسلامية». ومنهم الدكتور الألوسي».
ودارت مناقشة فوجهت أنا شخصيا للدكتور الألوسي، هذا السؤال:
• أنك ترى تدريس الأساطير القديمة في مخطط الدراسة، فكيف لا توافق على تدريس الثقافة الإسلامية؟
• فأجاب: «أن دراسة الأساطير خرجت منها أشياء ذات قيمة علمية ولم يكمل كلامه، فتبادر إلى ذهن البعض ومنهم الدكتور أبو الوفاء التفتازاني أن الدكتور الألوسي يقارن بين فائدة دراسة الأساطير القديمة وفائدة دراسة الثقافة الإسلامية، واعترض بشدة».
وفي هذه الوثيقة:
• رفض الدكتور الألوسي للثقافة الإسلامية واستبعادها من خطة الدراسة.
• إشادته بالأساطير وأنها تحتوي على أشياء ذات قيمة علمية.
• أن الدكتور أبو ريدة أثبت تفضيل الدكتور الألوسي للأساطير القديمة على الثقافة
الإسلامية، ومن ثم سأله: «أنك ترى تدريس الأساطير القديمة في خطط الدراسة،
فكيف لا توافق على تدريس الثقافة الإسلامية؟».
• أن هناك تيارًا معاديًا للثقافة الإسلامية «فإن بعض الزملاء اقترح الاستغناء عنها»، وأن الدكتور الألوسي كان يتزعم هذا التيار بدليل تركيز الدكتور التفتازانيّ عليه، وبدليل توجيه السؤال إليه بالذات من قبل الدكتور أبو ريدة.
• وأن عداء الدكتور الألوسي للثقافة الإسلامية كان واضحًا، ولقد أدرك ذلك الدكتور التفتازانيّ وغيره من الحاضرين، إذ تقول الوثيقة: «فتبادر إلى ذهن البعض ومنهم الدكتور أبو الوفاء التفتازاني أن الدكتور الألوسي . . .إلخ».
ولنأخذ في مناقشة هذه النقاط واحدةً واحدة.
1- أثبتت الوثيقة أن الدكتور حسام الألوسي رفض تدريس الثقافة الإسلامية والرفض -كالقبول- يعني موقفًا محددًا من الإسلام، وهذا الموقف المحدد تنبثق عنه تصرفات عملية تجاه الإسلام، منها اقتراح استبعاده من خطة الدراسة بقسم الفلسفة والاجتماع.
إن الموقف العدائي للإسلام في مثل هذه الشئون الفكرية والثقافية لا صورةً له إلا بالاستغناء عن ثقافته واستبدالها بفكر مستورد أو بالأساطير.
2- في الوقت الذي يرفض فيه الدكتور الألوسي تدريس الثقافة الإسلامية يرشح تدريس الأساطير القديمة.
أي أن الأساطير أولى من الإسلام بالتدريس وأحق بالاهتمام والعناية، وهذه المقولة تنبثق من مقدمات في منتهى الخطورة.
• أن الإسلام ليس أفضل من الأساطير، ولو كان أفضل منها لكانت له الأسبقية في الترشيح والتأكيد والاهتمام وفق العقل والمنطق والمصلحة.
• وأن الإسلام ليس متساويًا مع الأساطير، ولو كان كذلك لأخذ من الاهتمام مثل القدر الذي تأخذه الأساطير، وفي هذه الحال يفسح المجال لتدريس الموضوعين على قدم المساواة دون تعصب لأحدهما ضد الآخر.
إن الدكتور الألوسي في الوقت الذي يرفض فيه تدريس الثقافة الإسلامية يشيد بالأساطير القديمة؛ لأن دراستها أنتجت أشياء ذات قيمة علمية، وهذا تعريض بالإسلام واتهام له بأنه لا يحتوي على أشياء ذات قيمة علمية.
إن رفض الثقافة الإسلامية في ذاته يشكل خطرًا ماحقًا، وموقفًا يشاقق الإسلام، وهذا وحده كافيًا لإثبات وتوضيح عرام الحملة الرهيبة المركزة على مطاردة الإسلام، ودفن ثقافته وقيمه.
إن هذا البلد ليس مجتمعًا لا دينيًا حتى يسمح فيه لبعض الناس بتقديم اقتراحات للاستغناء عن الثقافة الإسلامية، وجامعة الكويت لم تنشأ وتجهز من أجل استقدام أساتذة يعتبرون الإسلام أقل منزلة من الأساطير القديمة.
إن رفض تدريس الثقافة الإسلامية قضيةً جديدةً يجب أن تتحمل الجامعة تبعتها ومسئوليتها، أما أن يمر الموضوع وكأنه شيء عادي، فذلك تستر على المستخفين بالإسلام، وحماية لهم وتشجيع.
إن إسرائيل وقفت ضد بعض مواد الثقافة الإسلامية في هيئة «اليونسكو»، واستطاعت أن تحذف بعض المواد المنبثقة عن تصورنا ومفاهيمنا الإسلامية، فلماذا ولمصلحة من يتخذ موقفًا مماثلًا في جامعة الكويت ومن المسؤول عن هذا؟
3- ويتضح من الوثيقة أن هناك تيارًا معينًا يقف ضد الثقافة الإسلامية، وهذا واضح من كلام رئيس قسم الفلسفة والإجتماع الدكتور أبو ريدة، حيث يقول: «فإن بعض الزملاء اقترح الاستغناء عنها ومنهم الدكتور الألوسي».
ما الذي جمع بين مجموعة من الأساتذة ليتكاتفوا على رفض تدريس الثقافة الإسلامية؟ وهل الإسلام أصبح شيئًا من الكماليات حتى تتوحد أفكار مجموعة من الأساتذة على رفض ثقافته؟
لقد كنا نعلم أن الدكتور الألوسي هو الذي يفعل هذا، لكن الوثيقة أكدت لنا أن تيارًا من الأساتذة يتبنى هذا الاتجاه، ويتزعم هذا التيار الدكتور الألوسي، ومن هنا يصبح الآن أكثر خطورةً، وأوخم عقبى، ولنا أن نسأل من هم الأساتذة الذين رفضوا تدريس الثقافة الإسلامية مثل ما فعل الدكتور الألوسي؟
4- وبطبيعة الحال يعتبر رفض الثقافة الإسلامية عداءً واضحا لهذه الثقافة، ولذلك أدرك الدكتور التفتازانيّ على عجل هذه الحقيقة كما أدركها أساتذة غيره من الذين حضروا الاجتماع.
ولنا أن نسأل أيضًا من هم الأساتذة الذين تصوروا حقيقة كلام الدكتور الألوسي مثل تصور الدكتور التفتازانيّ؟ نريد أن نعرف أن الجوّ العام للموقف كله يقيم في الذهن عشرات التساؤلات، ولابد من تحقيق دقيق مجدد في القصة برمتها ولا ينبغي أبدًا أن يؤخذ الأمر بنفس الشعور ونفس التفكير الذي تؤخذ به مخالفات إدارية روتينية. فلعقيدة الأمة وزنها الذي لا يعادله وزن آخر، وحرمتها التي لا ترقى إليها حرمة أخرى.
مناخ مشجع
وهناك حقيقة ينبغي التركيز عليها جيدًا وهي أن في الجامعة مناخًا يشجع على ظهور هذه الأفكار ورواجها، فلا الألوسي ولا غيره يستطيع أن يرفض الثقافة الإسلامية لو أن المناخ العام في الجامعة يخنق مثل هذه الأفكار، وفي نفس الوقت ينعش الأفكار الإسلامية الأصيلة، فتتفتح وتنمو وتزدهر فينسخ نورها الظلام، وينفي جوهرها الأصيل كل زيف وكل فكر دخيل.
• إن التضييق على الإسلام في كلية الحقوق والشريعة -كما جاء ذلك في تقرير مفصل من رئيس قسم الشريعة ونشرته المجتمع في عددها (64) الصادر بتاريخ (15/6/1971م)- هذا مناخ يشجع على استئساد الأفكار المزيفة وتنمرها.
• وتستقدم جامعة الكويت -مثلاً- أستاذًا زائرًا كـ«سار جنت»، فيعتلي منبر الجامعة ومن هناك يوجه أحقاده ضد الإسلام، ويشكك في نبوة النبي -صلى الله عليه وسلم- ويمر الموضوع وكأن شيئًا لم يحدث، بل يكافأ «سار جنت» على براعته في سب الإسلام ومكره في التشكيك في رسالة الرسول عليه الصلاة والسلام، هذا مناخ يشجع على تقليد «سار جنت»، وعلى الاستخفاف بعقيدة الأمة والثقافة الإسلامية، ويجرئ أصحاب الأفكار الهدامة على مطاردة الإسلام وحربه.
• والذي دار في قسم الفلسفة والاجتماع نفسه ورفض فيه الدكتور الألوسي وبعض الأساتذة الآخرين تدريس الثقافة الإسلامية وقبول الجامعة بهذا الوضع واحتفاظها بهؤلاء رغم أنهم يحملون هذه الأفكار، كل ذلك مناخ مشجع لظهور المزيد من الأفكار المعادية للإسلام.
إن حماية الإسلام حمايةً لكيان هذا البلد ومقوماته ومقدراته، ذلك أننا نعلم تمامًا أن خلخلة العقيدة وضربها ليس إغاظةً للمؤمنين بأفكار نظرية استفزازية، إن الهدف أبعد من ذلك وأعمق وأكبر، إن خلخلة العقيدة هو تمهيد ماكر لزعزعة كيان الأمة وغزو خصائصها ومقوماتها، وهذا بدوره تمهيد للسيطرة على مقدرات هذا البلد والعبث بسيادته واستقراره.
إن الإلحاد لم يعد قضية نظرية محبوسة في الذهن، إنه مناطق نفوذ ومواقع متقدمة للتخريب والهدم أمام زحوف المصالح والأطماع المطلية بالأفكار والأيدلوجيات.
الدكتور علي يونس: كل ما جاء في المجلة في هذا الخصوص ليس له أساس.
الدكتور محمد شفيق: لقد تم اجتماع يوم 19/ 6 / 1971 م وخرج منه الدكتور علي يونس ثائرًا غاضبًا.
· «غضب الدكتور الفاضل محمود محمد عبد اللطيف عصفور وقدم شكوى لمدير الجامعة» («المجتمع» العدد 65)
«وفور ورود الشكوى المشار إليها نوقشت بنداً بندًا، وحفظ
الموضوع» «مقتطفات من الرد»
«فإن بعض الزملاء اقترح الاستغناء عنها ومنهم الدكتور
الألوسي.»
«المجتمع»: الضمير في عنها عائد إلى الثقافة الإسلامية!!
الثقافة الاسلامية.. لا!!
الأساطير.. نعم!!
في العدد القادم: نحو إصلاح جذري في جامعة الكويت
موضوعات متعلقة
مشاهدة الكل