العنوان تفاقم الطائفية في لبنان «اقتراحات» تعديل «الطائف»
الكاتب فادي شامية
تاريخ النشر السبت 11-أغسطس-2007
مشاهدات 15
نشر في العدد 1764
نشر في الصفحة 16
السبت 11-أغسطس-2007
■ الكيان اللبناني سيصبح ثلاث كتل طائفية تعطل كل منها العمل السياسي
■ «صيغة المثالثة» تنسف الديمقراطية التوافقية... تعطي الشيعة منفردين الثلث وباقي المسلمين الثلث وكل المسيحيين الثلث
في عام ۱۹۸۹ م أنهى اتفاق الطائف الحرب الأهلية في لبنان، على أساس إهمال العدد الراهن للمسلمين والمسيحيين، واعتماد المناصفة بينهم في المواقع السياسية الإدارية، وتوزيع النسب المذهبية، بما لا يمكن أي من المذاهب في لبنان، من امتلاك الثلث منفردا، مقدرا حاجة الجميع إلى التوافق الدائم في إطار نوع مبتكر من "الديمقراطية" هو "الديمقراطية التوافقية".
وخلال الفترة الأخيرة شهد لبنان نقاشاً ساخناً حول «اقتراح» عرضته طهران على الرياض لحل الأزمة في لبنان، يقوم على المثالثة في الصيغة اللبنانية بدلاً من «المناصفة»، في مقابل حل إشكالية سلاح حزب الله.
مخاطر المثالثة
صيغة المثالثة المقترحة تنسف «الديمقراطية التوافقية».. لأنها تعطي الشيعة منفردين الثلث، وباقي المسلمين الثلث، وكل المسيحيين الثلث، ويصبح «الكيان اللبناني» عبارة عن ثلاث كتل طائفية، كل منها يملك حق التعطيل. شريطة اتفاق المذاهب داخل الكتلة الواحدة المسيحية من جهة، والسنة والدروز والعلويين من جهة أخرى، بينما ينال الشيعة الثلث الصافي...
وفي حال عدم الاتفاق بين المسيحيين أو بين المسلمين من غير الشيعة ينفرد الشيعة بحق الفيتو وحدهم، وفي حال تحالفهم مع طائفة أخرى، يملكون الأغلبية المطلقة، فلا ديمقراطية توافقية تقوم في هذه الحالة، ولا نظام فيدرالياً، ولا دولة قابلة للحياة!
واقع ديموجرافي مغاير وتفرض الصيغة المقترحة واقعاً ديموجرافياً مغايراً للواقع، فإذا كانت المناصفة بين المسلمين والمسيحيين المعتمدة في الطائف غير موجودة عددياً على الأرض، فإن عدم تمكين أي من المذاهب في لبنان داخل النصف من تفرده بـ «الثلث» موافق للواقع تماماً، فلبنان الذي يضم ١٨ طائفة رسمياً، سكانه عبارة عن مجموعة أقليات ولا يضم أية طائفة تعدادها منفردة يزيد على 33% من السكان، ما يعني أن اعتبار الشيعة وحدهم 33.3 % فيه إضافة اعتبارية يتراوح قدرها بين ٧,٣% و ۳,۸ % حسب لوائح الشطب أو سجل المواليد..
«الكيان اللبناني» سيصبح ثلاث كتل طائفية تعطل كل منها العمل السياسي
كما أن «الصيغة » المقترحة تتلاعب بحجم السنة على نحو خطير، فإذا حسمنا نسبة الدروز والعلويين والأقليات من نسبة الثلث المخصص للسنة وباقي المذاهب غير الشيعة، تصبح نسبة السنة «الاعتبارية» ۱۸ % فقط من مجموع اللبنانيين، أي بإنقاص نسبة تتراوح بين ۸,۱۵% و ١١,٦%، وفق لوائح الشطب أو سجل المواليد عما هي عليه في الواقع كما تؤدي هذه الصيغة المقترحة إلى تراجع خطير في الحضور المسيحي متعدد المذاهب؛ بحيث يصبح مجموع المسيحيين 33,3% بدلاً من ٥٠% كما جرى التوافق في الطائف، وهم ينقسمون إلى ست فئات كبيرة هي الموارنة والأرثوذكس، والأرمن الكاثوليك، والأرمن الأرثوذكس، والإنجيليين، وباقي الكاثوليك من غير الموارنة منهم.
نهاية الكيان
بالمعطيات الرقمية السابقة، يمكن تصور مقدار الغين الذي يلحق بعدد من الطوائف والمذاهب لصالح أخرى، إضافة إلى الصراعات التي يمكن أن تنشأ على النسب داخل الكتلتين المسيحية، والمسلمة من غير الشيعية، كما يمكن تخيل النزاعات التي ستنشب كلما تغيرت النسب الكثيرة بين الكتل وداخل الكتلة الواحدة، كما يمكن تقدير مقدار الهجرة والخوف واليأس من التجربة اللبنانية الفريدة، ما يعني نهاية لبنان الرسالة. وتحوله إلى شيء آخر، منقطع الصلة عن الأسس التي قام عليها، عند إعلان دولة لبنان الكبير في ٣١ أغسطس ۱۹۲۰م.
نظرة إلى العدد
في نظرة سريعة على الديموغرافيا اللبنانية، اعتماداً على لوائح شطب الانتخابات الأخيرة عام ٢٠٠٥م. يظهر الجدول (۱) عدد الناخبين حسب الطوائف، وتالياً نسبة كل طائفة من التعداد العام للناخبين، ومتوسط التمثيل بين الكتلة الناخبة وعدد النواب في البرلمان اللبناني:
وإذا قصدنا سجل المواليد الذي تعتمد عليه لوائح الشطب باعتباره يشمل من لا يحق لهم الانتخاب أيضا نسبًا قريبة من تلك التي تظهرها لوائح الشطب، وقد أظهرت الدراسة المهمة التي أعدها يوسف الدويهي ونشر ملخص عنها في صحيفة «النهار اللبنانية» بتاريخ ١٢ /١١/٢٠٠٦م
| جدول (۱) عدد الناخبين حسب الطوائف | ||||
| الطائفة | العدد | النسبة | المقاعد | متوسط التعليل |
سنة شيعة دروز علويون موارنة أرثوذكس كاثوليك أر من أرثوذكس أرمن كاثوليك إنجيليون أقليات إجمالي | 795223 783903 169293 23696 667556 226406 156521 ٩٠٦٧٥
20217
17409 47018
3007927 | 26,44 26,06 5.63 0,79 22.19 7.86 5.2 3.01
0.67
0.58 1.56
100 | 27 27 8 2 34 14 8 5
1
1 1
128 | 29453 29033 21162 11848 19693 16886 19565 18135
20217
17407 47078 ------- |
(جدول ۲) أن عدد المسجلين الأحياء في دوائر النفوس حتى سبتمبر ٢٠٠٦م هو ٤,٨٥٥,٠٧٦ لبنانياً،
| جدول (۲) لوائح الشطب وسجلات النفوس | ||
| الطائفة | النسبة وفق اللوائح الانتخابية | النسبة وفق سجل النفوس |
السنة الشيعة الموارنة إجمالي المسلمين إجمالي المسيحيين | 26,44% 25,06% 22.19% 60% تقريبا 40% تقريبا | 29.6% 29,5% 19,47% 64,5% 35,5 |
تبلغ نسبة المسيحيين منهم ٣٥,٣٣% والمسلمين ٢٩ ,٦٤ %.
ويتوزع المسيحيون بين الموارنة ١٩,٤٧%، والأرثوذكس ٦,٨٥%، وبقية الكاثوليك ٤,٥٥ %، والأرمن الأرثوذكس ۲,۲۷ % ويتوزع المسلمون بين السنة ٢٩,٦ % والشيعة ٢٩,٥ % والدروز ۵,۳۸ %.
وتظهر كل من لوائح الشطب وسجلات النفوس، أن السنة هم أكبر طوائف لبنان يليهم الشيعة بفارق ضئيل، وإذا أخذنا في الاعتبار معدل الهجرة لكل طائفة على حدة كـ «متغير إضافي»، بهدف أخذ صورة عن حجم المقيمين، تبقى النسبة نفسها تقريباً بين المسلمين، لكنها تتغير الصالح المسلمين عموماً في المقارنة بينهم وبين المسيحيين. أما إذا أدخلنا متغير. معدل التوالد الطائفي أي معدل النمو السكاني الطائفي، فإن السنة مرشحون مبدئياً ليحافظوا على تصدرهم باقي الطوائف حتى العام ٢٠١٥م على أقل تقدير، وفق دراسة أعدها الدكتور حسان حلاق، ونشرتها صحيفة «اللواء» في١٣/٧/٢٠٠٦م.
موقف حزب الله
لم يعلق حزب الله، رسمياً على صيغة "المثالثة" المقترحة من إيران، إلا أنه يمارس بالفعل أداء سياسياً أكثر من هذه الصيغة، فالحزب الذي يقود الطائفة الشيعية اليوم، لا يشاركه أي طرف غير شيعي بتسمية النواب والوزراء الشيعة وكذلك رئيس مجلس النواب، رغم أن خصمه السياسي فريق ١٤ آذار، يملك الغالبية لتحديد اسم رئيس المجلس الذي يريد من الشخصيات الشيعية القليلة المنضوية في صفوفه، كما أن الحكومة لم تستطع تجاهل رأي الحزب حتى في أوقات الضغط العسكري عليه وتالياً لم توافق على مشروع القرار (۱۷۰۱) إلا بعد أن وافق هو عليه، ولم تستطع فتح مجلس النواب من خلال نائب الرئيس «الأرثوذكسي» بعدما تقاعس رئيسه « الشيعي» عن القيام بدوره.
الخلاصة: أن "حصة" الشيعة الصافية في اتفاق الطائف محفوظة ومحترمة ومهابة في كل المراحل كما أظهرت الأحداث، لكن ما يريده الحزب هو الإمساك بالسلطة كاملة، من خلال احترام الحصص الطائفية التي جاء بها الطائف في الشكل، وخرقها بالجوهر عبر تسمية من يوافق هو عليه في المواقع المخصصة للطوائف الأخرى، بدليل إصراره على أن يحصل ممثلوه وحلفاؤه على الثلث المعطل والمحرر من أي أرضية سياسية مشتركة، وإلا فتغيير الحكومة والإتيان برئيس حكومة سني آخر من الصنف الذي يرضى هو عنه، لا الذي يرشحه التيار الذي يمثل غالبية السنة أي تيار المستقبل.
أما في حال تمنع الحكومة عن الرضوخ لإرادة حزب الله، واحترامها المواعيد الدستورية في انتخابات رئاسة الجمهورية الموقع المسيحي الأول، فإن الحزب، مستغلاً عطش حليفه «ميشال عون» للسلطة، يعلن بوضوح أنه سيعطل جلسة الانتخاب من خلال تعطيل نصاب الانعقاد، بمعنى آخر: إما أن يأتي حليفه «ميشال عون» أو لا رئاسة، والأنكى من ذلك أن «حزب الله» لا يقبل بأن «تناط صلاحيات رئيس الجمهورية بالوكالة إلى مجلس الوزراء في حال خلو سدة الرئاسة»، كما تقول المادة ٦٢ من الدستور على اعتبار أن الحكومة الحالية من وجهة نظره غير شرعية وغير دستورية وغير ميثاقية، فضلاً عن كونها «حكومة غير وطنية»، وأنها حكومة السفير «فيلتمان» وبناء عليه فلدى حزب الله المبررات الكافية لإنشاء الحكومة التي يرضى هو عنها لحكم لبنان، في ظل غياب مجلس النواب بسبب قرار إغلاقه، وغياب رئيس للبلاد بسبب تعذر الاتفاق عليه!
بناءً على ما تقدم فإن جوهر رؤية «حزب الله» المعلنة للحل في لبنان هي الاحتفاظ بـ «الصيغة الرقمية» التي جاء بها اتفاق الطائف، مقابل التنازل في «النوعية»، وقدر لبنان أن يدفع ثمناً باهظاً قبل أن يقتنع «حزب الله» بأن التلاعب بـ «الصيغة الرقمية» أو «النوعية»، كلاهما مدمر للبنان.
موضوعات متعلقة
مشاهدة الكل