العنوان تقرير إخباري من المودودي عن أحداث باكستان الشرقية «الحلقة الأخيرة»
الكاتب أبو الأعلي المودودي
تاريخ النشر الثلاثاء 22-يونيو-1971
مشاهدات 22
نشر في العدد 65
نشر في الصفحة 24
الثلاثاء 22-يونيو-1971
تقرير إخباري من المودودي عن أحداث باكستان الشرقية «الحلقة الأخيرة»
· الهندوس أثاروا سخط القوميين البنغاليين ضد الناطقين بالأردو في باكستان الشرقية
· اختلال الأمن في باكستان الشرقية دفع الرساميل المحلية إلى الهجرة.
· اليساريون العرب يساندون أعداء باكستان ويروجون أضاليلهم.
هذه هي الحلقة الثالثة والأخيرة من التقرير الإخباري الذي بعث به الأستاذ أبو الأعلى المودودي أمير الجماعة الإسلامية في باكستان، وقد تحدّث الأستاذ المودودي في الحلقتين الماضيتين عن ظروف التمرّد في باكستان الشرقية والدوافع الاستعمارية التي تكمن وراءه كما تحدث عن أوضاع باكستان الشرقية الاقتصادية قبل التقسيم وبعده ودور الاستعمار في إذكاء الروح القومية الانفصالية وما فعله لتحطيم المسلمين في العلم والمال والوظائف.
وفي هذه الحلقة يتحدث الأستاذ المودودي لقراء المجتمع عن أسباب الضغائن التي أُذكِيَت بين المواطنين في باكستان الشرقية ودور القوميين الهندوس في إثارة عوامل التفرقة وكرههم للمسلمين والأسباب التي أدت إلى تخلف باكستان الشرقية الاقتصادي وما أنفقته الحكومة المركزية لمعالجة هذا التخلف.
ويعيب المودودي على القوميين العرب انسياقهم مع الدعاية الهندية ضد باكستان مُتَناسينَ موقف الأخيرة من قضايا العرب المصيرية.
ويظهر من هذه التفاصيل أن الذي حصل من عدم المساواة في المجال الاقتصـادي بين الجناحين كان من مخلفات العهد الإنكليزي، ولم يكن للباكستانيين الغربيين فيها أي ضلـع لأن الإنكليز هم الذين تركوا القطرين في أوضاع متباينة من الحياة الاقتصادية.
دعاية هندوسية مسمومة
وجاء الهندوس بعد تقسيم البلاد ينفخون في روع البنغاليين بكل دهاء ومكر وخبث أن الناطقين بلغة الأردو «وهي لغة باكستان الغربية» سلبوكم أموالكم، ونهبوا ثرواتكم، وجعلوكم عبيدًا أذلاء لهـم، ووضعوكم في حالة قاسية من التعاسة والبؤس، وصاروا يثيرون فيهم العصبيات ضد المسلمين غير البنغاليين لمدة طويلة، ونتيجة لذلك انصب سخط القوميين البنغاليين من المسلمين والهندوس في مجموعه على المسلمين غير البنغاليين وظلوا يُكِنُّون لهم العــداء والبغضاء، وكان من النتيجة الطبيعية لهذا الموقف أن صار المسلمون غير البنغاليين الذين لجأوا إلى باكستان الشرقية بأموالهم وثرواتهم ووظفوها في تطوير التجارة والصناعة في باكستان الشرقية وتنميتها.. صاروا يشعرون بالخطر على أموالهم وظنوا أنها غير مصونة في هذا القطر، وهذا الشعور أكبر سبب في عدم استثمار الرساميل في القطاع الخاص في باكستان الشرقية على نطاق كانت استثمرت فيه في باكستان الغربية، وذلك لأن المهاجرين الذين جاءوا إلى باكستان الغربية لم ينالوا أي عصبية أو حقد أو مقاومة من إخوانهم في ذلك القطر، وزد على ذلك أنه كلما اختل ميزان الأمن في باكستان الشرقية وسادت الفوضى وحدثت أحداث السطو على المحلات التجارية والمصانع أو التبرعات الإجبارية كلما حصل ذلك اضطُرَّ التجار والرأسماليون إلى تحويل رساميلهم إلى باكستان الغربية.
ـ هذا ما كانت عليه باكستان الشرقية عندما تأسست باكستان وسردت لكم بشأنه مجموعة من الحقائق، رجاء أن تدرسوا في ضوئها مزاعم القوميين البنغاليين بأن باكستان الغربية أعملت يد النهب والسلب في باكستان الشرقية، وأتساءل: أي شيء كانت تملكه باكستان الشرقية حتى ينهبه أحد؟ بل عكس ذلك أسرد لكم فيما يلي الحقائق بلغة الأرقام أيضًا يتجلى لكم بدراستها مدى إسهام باكستان الشرقية في دخل الحكومة المركزية ومدى إسهام باكستان الغربية فيه ثم نسبة توزيع هذا الدخل بين الجناحين، وأقول: إذا لم تكن باكستان الغربية اختارت طريق الإيثار والتضحية فمن أين جاءت لباكستان الشرقية هذه الأموال الطائلة؟ هل انهمرت من السماء انهمار المطر أو انفجرت عيونها من الأرض؟
ومن الحق، والحق يُقال، أن كل ما نالته باكستان الشرقية من تقدم وازدهار وتطور وتنمية في كافة المجالات يرجع الفضل فيه إلى باكستان الغربية:
هذه هي الأرقام
كانت باكستان الشرقية في دخل الحكومة المركزية في أول ميزانية قررت بعد تأسيس باكستان ما بين ١٦ و١٧% ثم ارتفعت هذه النسبة خلال مدة ٢٣ سنة ماضية إلى ٢٦,٢٥%.
وكما قلت إن نصيب باكستان الشرقية في دخل الحكومة المركزية ليس بأكثر من ٢٥ و٢٦ في المائة والبقية تغطيها باكستان الغربية، كما أن الأرقام التالية تُصرّح بنسبة كل من باكستان الشرقية وباكستان الغربية في الدخل المركزي ونسبة توزيعه بينهما: كان الدخل المجموع للحكومة المركزية من عام 61- 1960 لغاية 69-1968م يقدر بـ: ٢٢٠٩٠٠٠٠٠ ٣٠ روبية باكستانية، فكان نصيب باكستان الشرقية في هذا الدخل: 00000 ۲۱ ۷۹۰ روبية، وكان نصیب باكستان الغربية فيه: 21,228,800,000 روبية أي أعطت باكستان الشرقية الحكومة المركزية 26,4% بينما أعطتها باكستان الغربية 73,6 %.
أما النسبة التي وزّع بموجبها هذا الدخل المركزي بين الإقليمين فهي كالآتي: أعطيت باكستان الشرقية مبلغًا قدره: ٣,٦٧0,٨۰۰,۰۰۰ روبية وأعطيت باكستان الغربية مبلغًا قدره: 3,900,300,000 روبية أي نالت باكستان الشرقية من هذا الدخل 48,7% ونالت باكستان الغربية منه 51,3%.
بعد قیام باكستان شرعت الحكومة المركزية منذ عام 51 - ١٩٥٠م في دعم الأقاليم ماديًّا في القطاع غير الإنمائي.
كما كانت بدأت في دعم القطاع الإنمائي في الأقاليم في عام 49 – 1948 م. أما القطاع غير الإنمائي فأعطيت فيه باكستان الشرقية لغاية عام 71 - ۱۹۷۰ م ما قدر ب: ٧٢٦,٧٠0,00٠ روبية وأعطيت باكستان الغربية ما قُدّر ب: ٦٤٦,٩٠٠,00٠ روبية، وأما القطاع الإنمائي فأعطيت فيه باكستان الشرقية لغاية عام ۷۱ - ۱۹۷۰م ما قدر ب: 5۱,۷۰0,0۰۰ ۱۷3 روبية بينما أعطيت باكستان الغربية ما قدر بـ: 14565800000 روبية باكستانية.
وبخصوص العملة الخارجية الصعبة فإن باكستان الشرقية كسبت العملة الصعبة من عام ١٩٤٧م لغاية ۱۹۷۰م بتصدير بضائعها إلى الخارج بما قدر ب: 23,844,000,000 روبية كما كسبت باكستان الغربية خلال هذه المدة العملة الصعبة بقدر: ١٩٨٦٦٠٠٠0٠٠ روبية.
والسبب في هذا الفرق أن باكستان الشرقية ظلت تصدر المواد الخام إلى الخارج لأن المصانع فيها كانت قليلة جدًّا بينما لم تصدر باكستان الغربية المواد الخام إلا قليلًا لأنها استهلكت المواد الخام في الإنتاج المحلي وإنشاء المصانع.
وبفضل ذلك صارت باكستان الغربية تنتج النسيج والأحذية مثلًا، كما أن باكستان الغربية ظلت تُصدّر المواد الغذائية إلى باكستان الشرقية بدلًا من أن تُصدرها إلى الخارج وتكسب منها العملة الصعبة، ويتضح هذا الفرق جيدًا بالبيان التالي:
استوردت باكستان الشرقية من باكستان الغربية خلال أعوام ١٩٥٩م و۱۹۷۰م البضائع بما قدر ب: 10,68,47,00,000 روبية بينما استوردت باكستان الغربية من باكستان الشرقية البضائع بما قدر ب: 65,15,79,00,000 روبية.
ومن أهم موارد العملة الصعبة ما يكسبه الباكستانيون الذين يقيمون في الخـارج لأغراض شتى من المبالغ يرسلونها إلى باكستان.
وإليكم نظرة عابرة على هذا المورد:
كسب الباكستانيون الشرقيون من عام ١٩٦٣ لغاية ١٩٦٩م مبلغًا من العملة الصعبة قدره ٤٧0٨۰۰۰۰۰ كما كسب الباكستانيون الغربيون من العملة الصعبة ما قدر بـ: 1,10,49,00,000 ويظهر من ذلك أن العملة الصعبة التي كسبتها الحكومة المركزية من الباكستانيين في الخارج كان للباكستانيين الغربيين فيهـا نسبة ٧٠% وللباكستانيين الشرقيين ٣٠%.
وإذا حاسبنا جميع الموارد التي تأتي منها إلى باكستان العملة الصعبة رأينا أن نسبة باكستان الشرقية فيهـا ٢٦٠٠٠٠٠ ٣٢ روبية أي ٤٧,٢% ونسبة باكستان الغربية فيها 0٣٠٠٠٠٠ ٢٦ روبية أي ٥٣%.
جزاء باكستان
ـ وآلمني كذلك ما علمت من مصادر موثوقة أن القوميين واليساريين العرب ينزعون منزع الدعاية الكاذبة التي يثيرها أنصار مجیب الرحمن تحت رعاية السفارات الهندية في البلدان العربية وتشجيعها وتخطيطها، ولا أتمالك في هذا المقام إلا أن أقول لهم: أيها الناس ما تنقمون منا إلا أن أيدناكم ووقفنا بجانبكم في قضيتكم ضد إسرائيل دائمًا وبصفة مستمرة وهل يجزي جزاء الحسنة بالسيئة إلا من لا يعرف الخبيث من الطيب ولا يحب أن يكون له أنصار في الدنيا يأخذون بيده إذا دهته الداهية وقارعته القارعة.
هذا، وختامًا ندعو الله تعالى أن يوفقنا لما فيه خير الإسلام والمسلمين وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.
أبو الأعلى المودودي
موضوعات متعلقة
مشاهدة الكلحَياة شودَري غلام محمد.. سيرة عَلم من أعلام الإسلام في بَاكستان
نشر في العدد 1
851
الثلاثاء 17-مارس-1970