العنوان تقويم اللسان (العدد 492)
الكاتب الشيخ يونس حمدان
تاريخ النشر الثلاثاء 05-أغسطس-1980
مشاهدات 17
نشر في العدد 492
نشر في الصفحة 35
الثلاثاء 05-أغسطس-1980
بسم الله الرحمن الرحيم
- يخطئ بعضهم في استعمال كلمة «قُماش»، حيث يقول: «اشتريت قماشًا لأصنع منه جلبابًا»، وهذا خطأ لأن العرب استعملت لفظة «قماش» لنفايات الأرض والناس، وقالوا «قماش» لأراذل الناس وتوافه الرجال، وقالوا: «تقمش الرجل»، إذا كان يأكل مما يجد ولو كان دونًا. والصحيح أن يقال: «اشتريت صوفًا أو قطنًا أو نسيجًا لأصنع منه جلبابًا»، أو نحو ذلك.
- ويخطئون في جمع «مرآة» حين يجمعونها على «مرايا»، والصحيح أن تجمع هذه اللفظة على «مراء» على وزن مراع، لأن واحدة «المرايا» «مري»، وهي الناقة إذا امتلأ ضرعها باللبن فمريت أي حلبت.
- ويقولون «أعمل بحسب ذلك» بإسكان السين فيخطئون في ذلك، والصحيح أن يقال: «أعمل بحسب ذلك» بفتح السين، لأن «الحسب» بفتح السين هو الشيء المحسوب المماثل معنى المثل والقدر، فأما الحسب بإسكان السين فهو الكفاية، وهذا المعنى ليس مرادًا في الكلام، وإنما المراد أعمل عملًا محسوبًا أو عملًا مماثلًا لذلك. ومما يناسب هذا من الألفاظ التي يتغير معناها عند تحريك وسط الكلمة «غَبْن وغَبَن»، فالغَبْن بإسكان الباء يكون في المال، وبالفتح يكون في العقل، و«خَلْف وخَلَف»، فقالوا إن «الخَلَف» بالفتح تعنى الصالحين فقالوا: «رواه الخَلَف عن السلف»، وأما «الخَلْف» بإسكان اللام فتعني الطالحين، قال الله تعالى ﴿فَخَلَفَ مِن بَعْدِهِمْ خَلْفٌ أَضَاعُوا الصَّلَاةَ وَاتَّبَعُوا الشَّهَوَاتِ ۖ فَسَوْفَ يَلْقَوْنَ غَيًّا﴾ (مريم:59)، وقال الشاعر: -
خلفت خَلْفًا ولم تدع خَلَفًا *** ليت بهم كان لا بك التلف
وقال لبيد بن ربيعة- وهو ممن يحتج بأشعارهم: -
ذهب الذين يعاش في أكنافهم *** وبقيت في خَلْف كجلد الأجرب
و«الميل» بإسكان الياء يقع من القلب واللسان، قال الله تعالى: ﴿فَلَا تَمِيلُوا كُلَّ الْمَيْلِ فَتَذَرُوهَا كَالْمُعَلَّقَةِ﴾ (النساء:129)، أي- والله أعلم- لا تميلوا بقلوبكم، وأما «الميَل» بالفتح ففيما يدرك بالعيان، تقول «أرى مَيَلًا في هذا الجدار»، بتحريك الياء. «والقَبْض» بإسكان الباء مصدر «قَبَضَ»، وبفتحها اسم الشيء المقبوض وحكى أبو بكر بن دريد قال: «سمعت الرياشي يفضل بين قولهم أصابه سهم غَرَب بفتح الراء، وسهم غَرْب بإسكان الراء، وقال المعنى في الفتح أنه لم يدر من رماه، وفي الإسكان أنه رمي غيره فأصابه.
فانظر أخي القارئ إلى دقة «لغة الضاد» وكيف أن المعنى يتغير إذا تغيرت حركة واحدة في بنية الكلمة فليس بمستغرب أن يشترط العلماء العلم بالعربية، لمن تمحض للاجتهاد في الفقه، أو السنة، أو التفسير أو غيرها من علوم الإسلام. ولقد كان الشخص يعاب عند العلماء باللحن في العربية حتى قال قائلهم: «كفى المرء عيبًا أن تراه له وجه وليس له لسان».
موضوعات متعلقة
مشاهدة الكل