; تقويم اللسان | مجلة المجتمع

العنوان تقويم اللسان

الكاتب الشيخ يونس حمدان

تاريخ النشر الثلاثاء 21-يوليو-1981

مشاهدات 32

نشر في العدد 537

نشر في الصفحة 41

الثلاثاء 21-يوليو-1981

من الصَّيغ التعبيرية التي يستعملها بعض الناس خطأ قولهم: «تفوق محمد على إخوانه في الامتحان» فاستعمال تفوق هاهنا خطأ لا يوافق المعروف الذي جرت به ألسنة العرب من معاني هذه الكلمة، والصحيح أن يستعمل الفعل «فاق» فنقول: «فاق محمد إخوانه في الامتحان». لا «تفوق»، وذلك لأن الفعل «تفوق» له معان أخر فمنها: تفوق الفَصيِل الناقة: رضَعها فواقًا فواقًا، والفُواق: ما بين الحلبتين من الوقت. وتفوق على قومه: ترفع عليهم وافتخر، وتفوق فلان ناقته: حلبها بين الحلبتين، وتفوق فلان الشراب: أي شربه على مهل، وفوق السهم: جعل لوتر في فوقه عند الرَّمْي. ومن المجاز تفوقت ما لي: أنفقته على مهل، وقال الشاعر:

تَفَوَقَّتُ مالي من طريف وتالدِ

تفوقي الصَّباء من حَلب الكَرم

وتفوقت وردي: أخذته قليلًا قليلًا، وأتيته فيقة الضحى يعني مَبْعَثَه، وخرجنا بعد أفاويق من الليل: أي بعد أطراف منه. وتقول العرب أرْضعني أفاويقَ بِرَّه. وما لبثت عنده الأَفواق ناقة، يريدون وقتًا قليلًا مقدار ما بين الحلبتين، وله سهم ذو فوق: أي حفظ كامل ويقال للرجل إذا أخذ في ذرب من الكلام: خذ في فوق غير هذا، ويقولون: ارجع إن شئت في فوقي -أي إلى ما كنا عليه من المؤاخاة- قال الشاعر:

هل أنتِ قائلةُ خيرًا وتاركةُ

شرًّا وراجعةُ إن شئت في فوقي

ويقال: كان فلان أول فوق -أي في أول من رُميَ فهلك- قال الشاعر:

دار قومي منزل غير ظلك

من يُردنا يكن لأوَّلي فُوقِ

وخلاصة القول: إنه لا يصح أن يقال «تفوق فلان على أترابه» وإنما يقال «فاق فلان أترابه» وهو فائق في العلم أي متقدم فيه على غيره، والفائق: الخيار من كل شيء، وفاق قومه إذا سبقهم بالفضل، ولا عبرة بما قاله المعجم الوسيط من جواز استعمال هذه الكلمة بمعنى فاق، لاسيما وأن المجامع اللغوية -كما نعلم- لم توافق على ذلك.

واستخولهم أي اتخذهم خولًا أو خدمًا ومنه الحديث الصحيح «إخوانكم خولكم» أي إن أرقاءكم كإخوانكم أو هم إخوانكم في الدين، والخَوْل جمع خائل، يقال فلان خائل مالي، أي راعيه ومصلحه. وقد خال ماله يخوله، أي يرعاه، ومنه ولا تحسبني أني لأمك خائل.

وكان رسول الله- صلى الله عليه وسلم- يتخول أصحابه بالموعظة أي يتعهدهم بها، وقال في الأساس: ومن المجاز قولهم «جاءوا الأول فالأول ثم تفرقوا أخول أخول» وكان أصله في الرعاة يتفرقون في الكلأ في العشب فيأخذ هذا في شق وهذا في شق وكلهم يقول: أنا أخول من الآخرين -أي أحسن رعية وتعهدًا للمال.

الرابط المختصر :