العنوان تقويم اللسان .
الكاتب الشيخ يونس حمدان
تاريخ النشر الثلاثاء 24-مارس-1981
مشاهدات 16
نشر في العدد 521
نشر في الصفحة 48
الثلاثاء 24-مارس-1981
• من الأخطاء التي تتردد في تضاعيف أحاديث بعض المتحدثين وتدور على مقاول بعض المتكلمين، وترد في كتابات بعض الكتاب، قولهم: «رصدت الحكومة مبلغًا من المال لإنفاقه في كذا وكذا...»، وهذا خطأ فإن استعمال رصد في هذا الموضع لا يوافق الصحيح الفصيح، ولا المعروف المألوف من كلام العرب، والصحيح أن يستعمل في مثل هذا أرصد فتقول «أرصدت الحكومة مبلغًا من المال لإنفاقه في كذا وكذا...» وذلك لأن معنى الفعل رصد أي قعد له على طريقه ليوقع به، ورصده: راقبه، يقال ترصد النجم. أما أرصد فمعناها أظهره وأحصاه نقول أرصدت الحساب أو المال، وتأتي بمعنى نصب له في الطريق لقوله: ﴿وَإِرْصَادًا لِمَنْ حَارَبَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ مِنْ قَبْلُ﴾. ومن المجاز أرصد له خيرًا أو شرًّا أي أعد له ليكافئه. والمرصاد والمرصد: موضع الرصد والمادة موضوعة للاستعداد والترقب.
• ومنها ما يقوله بعضهم «أرعبه العدو» فهذا لا يكاد يصح، وقد أنكر كثير من علماء اللغة وجود «أرعب»، ومن أنكر هذا الفعل صاحب التاج وصاحب اللسان وابن الأعرابي في نوادره وثعلب في فصيحه والجوهري في صحاحه؛ فقد قال هؤلاء إن الصواب رعبه يرعبه ولم يجز استعمال أرعبه. أما صاحب متن اللغة فقد قال صراحة لا تقل أرعبه وإنما رعبه، وقد أشار إلى أن أرعبه لغة قليلة، وهكذا يرى بعض العلماء أن أرعبه لم تستعمل في العربية إلا قليلا، فقد جاء في حاشية المحيط للفيروزأبادي ما ملخصه أن بعض العرب يستعملون أرعبه وهم قليل. وخلاصة القول إن الفصيح الشائع من كلام العرب «رعب» وأما أرعب فهي لغة قليلة.
وهناك معاني أخر لرعب تقول رعبت الحوض: ملأته ماءـ ومنها قوة الصوت وتطريبه، ومن ذلك حمام قولهم حمام راعبي: يروع بصوته أو يملأ به مجاري صوته. والمادة موضوعة للخوف والفزع تقول العرب: هو في السلم تلعابه وفي الحرب ترعابه، أي أنه في السلم كثير اللعب والهزل وفي الحرب يخاف ملاقاة العدو ويفرق في الحرب.
• ومنها قول بعضهم «طبّق على نفسه منهجًا صعبًا» وهذا لا يوافق الفصيح الصحيح في استعمال هذه الكلمة، والصحيح أن يقال: «اتبع منهجًا صعبًا»؛ وذلك لأن حقيقة التطبيق إصابة الطبق وهو موصل ما بين العظمين.
ولطبّق معاني كثيرة فمن معانيها:
(1) طبق الأمر: عم واشتهر، ومن ذلك قولهم طبقت شهرته الآفاق.
(2) وتأتي بمعنى التغطية فنقول طبقت الإناء إذا غطيته.
(3) وتأتي بمعنى الإصابة التامة فنقول «طبق السيف»، أي أصاب المفصل فأبان العضو.
(4) ومنها قطع المسافة مع الاستقامة والانضباط في السير تقول «طبقت الإبل الطريق»، أي قطعته دون جور عن القصد.
(5) وتأتي بمعنى الإصابة في الحكم والفتوى، تقول «طبق الحاكم والمفتي»، أي أصاب الأول في حكمه والثاني في فتواه.
(6) ومن المجاز طبق الغيم تطبيقًا إذا أصاب عينه جميع الأرض المغاثة.
وأما الطبق فعلى ما قاله المفسرون الحالة والمنزلة قال تعالى: ﴿لَتَرْكَبُنَّ طَبَقًا عَن طَبَقٍ﴾ (الانشقاق: 19)، أي منزلة عن منزلة وحالا بعد حال.
وبات يرعى طبق النجوم أي يرقب حالها في مسيرها.
والطبق العالم المعروف بعلمه، وقال الشاعر:
ينتقل من صلب إلى رحم
إذا مضى عالم بدا طبق
موضوعات متعلقة
مشاهدة الكل