; ثانوية عبد الله الســالم.. لمـاذا هي الأولى دائمًاً؟! | مجلة المجتمع

العنوان ثانوية عبد الله الســالم.. لمـاذا هي الأولى دائمًاً؟!

الكاتب أبو هالة

تاريخ النشر الثلاثاء 29-يونيو-1971

مشاهدات 20

نشر في العدد 66

نشر في الصفحة 10

الثلاثاء 29-يونيو-1971

ثانوية عبد الله الســالم

لمـاذا هي الأولى دائمًا...؟!

«المجتمع» تنقل التجربة الرائدة في التفوق والنبوغ

تحقيق: أبو هالة

 

· النجاح شيء جميل، وأمنية كل طالب ووالد، وفرحة كل أسرة وبيت، ومع ذلك فهو أمر عادي يمر بفرحته على كل منزل وفرد وأسرة، وكل مدرسة أيضًا!!

ـ لكن التفوق أمر نادر في حياة الفرد والجماعة والمدرسة، لا تمر نسماته الندية إلا على الأكفاء العاملين!!

ـ وحينما يبلغ التفوق مرتبة الأولوية، فهو مرتقى صعب لا يبلغه إلا أولو العزم من القلة الأكفاء الممتازين!!  

· بهذا الشعور قرأت النتائج لامتحانات الثانوية العامة هذا العام، فكان لزامًا

عليّ التوجه إلى المدرسة التي صعدت إلى مرتبة الأولوية، وتربعت على عرش الكفاءة الممتازة سنين متتالية، يجرها التفوق إلى تفوق أكبر، وحرص على المكانة التي انتزعتها بجدارة!

· ولشد ما كانت دهشتي وأنا أصل إلى ثانوية عبد الله السالم في نهاية الأسبوع الماضي، والجميع في عطلة وإجازة، أن أجد ناظرها موجودًا، ومعه عدد من الأساتذة المدرسين بها كأنهم في دوام منتظم!!

«تهنئة المجتمع»

ـ وبدأت الحديث مع ناظر المدرسة الأولى الذي يحمل ليسانس دار العلوم من جامعة القاهرة، ودبلوم معهد التربية من جامعة عين شمس، ودراسات في الإدارة المدرسية ونظم التعليم من لندن.

الأستاذ جمعة محمد ياسين، والذي هوجم في الفترة الأخيرة بسبب تفوق مدرسته وحصولها على المركز الأول.

قلت له: نحمل لكم تهاني مجلة «المجتمع» على النجاح والتفوق الذي أحرزتموه ونود أن تذكروا لنا كيف وصلتم بمدرسة عبد الله السالم الثانوية إلى الأولوية في أعوام متتالية؟ وهل النجاح يجر إلى نجاح أكبر؟

 

جهود الأساتذة والطلاب

قال: بطبيعة الحال ما كانت هذه النتيجة لتكون لولا الجهود التي قام بها الأساتذة والطلاب، فمنذ افتتاح المدرسة في الظروف العصيبة التي تمر بها أمتنا.

- إذ كان افتتاحها في سبتمبر ٦٧ بعد ثلاثة شهور من وقوع الهزيمة في يونيو ٦٧ وقد اتخذت المدرسة لنفسها نهجًا جادًا واضحًا لا غموض فيه ولا لبس، بأن تكون رسالتها موجهة توجيهًا عربيًا إسلاميًا فاهتمت بالجوهر والمخبر دون القشور والمظاهر، وأن تأخذ أبناءها الطلاب بما يتناسب مع رسالتها من الجدية الهادفة، والرجولة المبكرة، في القول والعمل!!

وبدأت الاتصالات بين أعضاء هيئة التدريس وأولياء الأمور والطلاب لتنفيذ هذه السياسة، حتى كانت محصلتها المركز الأول في عام 68، 69، 70، 1971.

ـ وبدون شك فإن النجاح يجر إلى نجاح أكبر حيث إن الطالب الذي تعود على هذا النوع من النظام والمذاكرة لا بد أن يحصل على نجاح دائــم في دراسته وعمله ومستقبله!

ـ ونتائج أبنائنا الذين تخرجوا من المدرسة والتحقوا بجامعاتنا العربية تبشر بذلك، بل أكاد أقول إنهم حصلوا على الأولوية والصدارة!

 

التربية الحديثة

قلت له: لقد قيل إن أسلوبكم أو طريقتكم في معاملة الطلاب تتسم بالقسوة التي تتنافى مع أصول التربية الحديثة!! فما هي فلسفتكم في هذا؟!

قال:

ـ ماذا يقصدون بأصول التربية الحديثة؟!

إن كانت هي ترك الحبل على الغارب فهي همجية لا تمت إلى التربية بصلة!! وهل من أصول التربية أن نرى الاعوجاج فلا نقومه!! بحجة أن ذلك يتنافى مع ما يسمى بتربية حديثة!!

ـ أي تربية حديثة تلك التي ينادي بها البعض لكي نطبقها في بلادنا، وقد عانى منها أصحابها الذين يريدون تصديرها لنا الأمرين؟!

ـ هل من التربية الحديثة أن يسيء التلميذ الأدب مع أستاذه الذي يسهر الليالي ليعد له مادة تكوينه، وبناء شخصيته، وعضويته النافعة في المجتمع؟!

ـ هل من التربية الحديثة أن نترك الذين يصدرون أصواتًا وضوضاء أثناء شرح الأستاذ لهم ولإخوانهم الدرس؟!

هل من التربية الحديثة أن ندع الذين يسيئون إلى الآداب العامة والأخلاق ممن يعلقون السلاسل الذهبية ويسدلون الشعور «خنفسة» أو تشبهًا بالفتيات!! حتى ولو كانت مصادر هذه الشرور اليهود وعملاؤهم؟!

هل من التربية الحديثة أن نتلهى غافلين عن سموم الأخلاقيات المنحطة التي تنخر في بناء شباب أمتنا المسلمة؟!

أم من التربية الحديثة أن نصنع الصنف الممتاز من الذكور الذين سماهم الله رجالًا فقال سبحانه وتعالى: ﴿مِّنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ ۖ (الأحزاب: 23) والذين وصفهم في سورة النور بقوله تعالى ﴿فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللَّهُ أَن تُرْفَعَ وَيُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ يُسَبِّحُ لَهُ فِيهَا بِالْغُدُوِّ وَالْآصَالِ. رِجَالٌ لَّا تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌ وَلَا بَيْعٌ عَن ذِكْرِ اللَّهِ وَإِقَامِ الصَّلَاةِ وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ ۙ يَخَافُونَ يَوْمًا تَتَقَلَّبُ فِيهِ الْقُلُوبُ وَالْأَبْصَارُ﴾ (النور: 36-37)

ـ هذه فلسفتنا في إعداد أبنائنا الطلاب وتربيتهم، فمن سماها قسوة فقد جار في الحكم، وكفى!

 

الباب مفتوح

قلت له: ما هي طريقة تعاونكم مع المدرسين وتوجيهاتكم لهم؟

قال: سياسة الباب المفتوح، الكل يشعر بأن له حق إبداء الرأي والمناقشة بسبيل البناء لا الهدم والوصول إلى الأحسن، اللقاءات المستمرة أثناء الدوام وبعده.

ولنا اجتماعات تكاد تكون شهرية، والحمد لله الكل متفق ومتفاهم على سياسة المدرسة التي يتم رسمها بمعرفة مجلس إدارتها الذي يجتمع أسبوعيًا، وإذا حدثت معارضة فتعرض وجهة نظرها والرأي للأغلبية، والجميع إخوان في ميدان واحد.

 

 

قلت له: ما مدى اهتمامكم بنشاطات الطلاب أثناء العام الدراسي؟ 

قال: إذا كان مفهوم النشاط المدرسي بعض الرسومات واللوحات والتمثيليات لكي نظهر أمام المسئولين بأننا نعمل، فإن ذلك لم يتم منذ افتتاح المدرسة حتى هذه اللحظة!! أما إذا كان النشاط بالمفهوم الصحيح هو إشباع وتنمية رغبات الطالب البناءة الهادفة، فما عليك إلا أن تحضر في أي وقت بدون موعد سابق لتجد هذا النشاط من ثقافي إلى اجتماعي إلى ديني إلى رياضي، بحيث يقوم الأستاذ بهذا النشاط مع أبنائه الطلاب بدون أمر أو تكليف، ويجمعهم المحبة المتبادلة بين الأستاذ وطلبته.

 

مجلس الآباء

قلت له: هل تعقدون لقاءات مع أولياء أمور الطلاب؟ توثيقًا للروابط والتعاون بين البيت والمدرسة؟

قال: في الواقع منذ سبتمبر ٦٦ عندما كنت ناظرًا لثانوية الجاحظ وظهرت وقتئذ الدعوة إلى إنشاء مجالس الآباء كنا قد بدأنا لقاءاتنا مع أولياء أمور الطلاب، إيمانًا منا بالثمرة والنتيجة الحسنة، حتى أنه لما تغيرت الوزارات وتغير الوضع في كثير من المدارس ظللنا على ما كنا عليه حتى هذه اللحظة، وهذه محاضر مجلس الآباء يمكنك الاطلاع عليها، «وقدم سيادته لنا دفتر محاضر الجلسات ابتداء من أول اجتماع للجمعية العمومية في ديسمبر ١٩٦٦ حتى مارس ۱۹۷۱»

والاجتماعات كل أسبوعين مع أولياء الأمور سارت مع فصل فصل ثم كل ثلاثة فصول ثم كل ستة فصول.

ولقد أثمرت هذه الاجتماعات وآتت أكلها في التعاون التام بين البيت والمدرسة حتى كانت النتائج المشرفة، ولا يمكن أن نبخس الآباء والمعلمين والطلاب الذين تخرجوا العام الماضي وما قبله مساهمتهم في هذه الاجتماعات التي كانت حصيلتها المراكز المتقدمة في الشهادات.

وقدم سيادته جدول النتائج كالآتي:

مدرسة عبد الله السالم الثانوية

يونيو 1968                                        يونيو 1969

100%           أدبي                                     94.2%    

63.2%           علمي                                       65.4%

يونيو 1970                                                  يونيو 1971

94.2%           أدبي                                   91.7%

65.4%           علمي                                    83.9%

 

فهذه الثمرة نتيجة التعاون القائم بين البيت والمدرسة واهتمام المدرسين بأولادهم كفلذات أكبادهم حتى كانوا يعطون الطلاب دروسًا إضافية بدون مقابل مادي!!

 

تدليل الشباب

قلت له: تردد في الآونة الأخيرة اتهام لبعض الشباب الكويتي بالتدليل وقد أيد هذا الاتهام الأستاذ حسين يوسف العبد المحسن ناظر مدرسة الصليبخات فيما نشرناه بعدد سابق من المجلة، وعزا الأستاذ عبد الوهاب الزواوي مدير إدارة النشاط المدرسي هذه الظاهرة إلى الفرص السخية المتاحة لهؤلاء الطلاب، فما رأيكم؟

قال: أي إنسان إذا وجد كل شيء ميسرًا له والحصول عليه بدون تعب ونصب وأن الطريق معبد ممهد له مفروش بالبسط، لماذا لا يتدلل؟! ولماذا يتعب نفسه؟! إذا كان يأكل بملاعق من ذهب!! هذا منطق الطبيعة البشرية، ومن ثم يرجع الأمر كله إلى المجتمع ككل وسياسة الدولة والبيت، فلماذا نعيب على الشباب وحده؟! لماذا بعث الله رسله إلى الناس؟ ولماذا هدى أصحاب الفكر، والرأي، والحنكة، والدراية؟ على هؤلاء جميعهم أن يشمروا عن سواعدهم ويكونوا من أولي العزم ويعلنوها للملأ بأن هذه الطرق والاتجاهات ستؤدي بنا إلى واد سحيق، وإذا كان بإمكاننا الآن أن نتحاشى الكارثة قبل وقوعها، فعلى مدار تعاقب السنين سوف لا نستطيع الإنقاذ، إذ كلما طال بنا الأمد عششت هذه الأفكار والعادات في الأذهان وأخدت صفة الحقوق المكتسبة، غشًا وخداعًا.

فهذا الاتهام صحيح إذا تركنا الأمور على ما هي عليه!

وغير صحيح إذا ما رعينا الشباب وكنا له نعم الرعاة، «وقدم لنا استفتاء مما تجريه المدرسة مع طلابها، نوعًا من الإحصاء لدراسة الظواهر ومواجهتها بما يتناسب معها»

 

التعليم للجميع حق

قلت له: طالب الأستاذ «حسين» علاجًا لهذه الظاهرة:

1- عدم تعيين أي فرد في أي وظيفة إلا مؤهلًا.

۲ - تحديد السن ومرات الرسوب.

3-رفع المجانية عن التعليم.

4-منع القبول في الجيش للأميين.

فهل توافقونه في ذلك أم تخالفونه؟

تعاون أجهزة الإعلام

قال: أولًا:

قضية انشغال أولياء الأمور مبالغ فيها!! فكلنا أولياء أمور وحريصون على الاهتمام بأولادنا، ولكن مطالبون بالتذكرة ﴿وَذَكِّرْ فَإِنَّ الذِّكْرَىٰ تَنفَعُ الْمُؤْمِنِينَ (الذاريات: 55) ومجال التذكرة يتم عن طريق الاجتماعات والاتصالات والمناقشات واستغلال جميع الأجهزة الإعلامية في هذا الشأن من إذاعة وتلفزيون وصحافة واجتماعات الجمعيات التعاونية وخطب المساجد، ونحن مع ذلك لا يمكن أن نطلب من الآباء بين عشية وضحاها أن يكونوا كما نحب!!

 

شعب ملول

ثانيًا: نحن شعب ملول إلى أقصى حد، إذا بدأ البعض بعمل ما ثم وجد معارضة أو احتجاجًا أو نقدًا، ضاق بذلك وأخذته العزة بالإثم وتقاعس مرددًا: «دع الأمور تجري في أعنتها»!!

مع الفهم الخاطئ لقوله تعالى ﴿عَلَيْكُمْ أَنفُسَكُمْ ۖ لَا يَضُرُّكُم مَّن ضَلَّ إِذَا اهْتَدَيْتُمْ ۚ    (المائدة : 105 )

ثالثًا: المؤهلات تكون حسب الوظيفة واحتياجاتها.

رابعًا: مع موافقتي لتحديد السن ومرات الرسوب إلا أني أرى ألا نتركهم عبئًا على المجتمع، بل نؤهلهم بالمعاهد التدريبية صناعية أو زراعية أو تجارية حسب ميولهم واستعدادهم بحيث يكونون أعضاء نافعين.

خامسًا: لا أرى رفع المجانية مطلقًا عن التعليم فهو حق للقادرين والعاجزين على سواء وتكفي مساهمة الآباء في تكاليف النشاطات المختلفة بالمدارس.

سادسًا: نحن ما زلنا في بداية الطريق، وحذار من وضع العقبات فبرنامج محو الأمية وتعليم الكبار عمره عندنا ست سنوات وفي ظرف عشر سنوات بإذن الله لن يلتحق بالشرطة أو الجيش أو سواهما إلا المتعلمون، وتقوم حاليًا وزارة الداخلية والدفاع برعاية هذا البرنامج بين العاملين فيها.

 

نظم الامتحانات

قلت له: هوجمت نظم الامتحانات بوضعها الحالي وأنها لا تعطي التقييم الصحيح عن الطالب، فما رأيكم؟

وهل هناك وسيلة أخرى بديلة؟

قال: الكل يهاجم نظم الامتحانات الحالية ونحن انتقدناها في مرات متعددة لأنها تسلب

المدرسة حريتها في إعطاء التقييم الصحيح للطالب لكنها شر لا بد منه حتى نحصل على البديل، وهناك وسائل مختلفة لعلها تكون خير بديل منها:

1 - رأي المدرس مع ملاحظة أن كثيرًا من ذوي النفوس الضعيفة لن يرضوا بها لأمور معروفة.

2- رأي الأساتذة ككل في استحقاق الطالب للنجاح من عدمه.

3- رأي مجلس إدارة المدرسة.

وقد يبدي البعض حججًا مخالفة لهذا الرأي تبدو لأول وهلة مقبولة لكني لست بحاجة إلى القول بأنه لا يمكن الإجماع على تقدير خاطئ فلو كان لمدرس رأي لأي اعتبار فلا يمكن أن يمر على بقية مدرسي المواد ويمكن في حالة الاختلاف وغالبًا ما يكون نادرًا يعقد امتحان خاص للطالب من لجنة محايدة، وهذا النظام يحتاج إلى مرحلة طويلة وجرأة في تنفيذه!!

 

شغل أوقات العطلة

سؤال شخصي وأخير...

 كيف تشغل سيادتك أوقات العطلة الصيفية؟ وهل لديك هوايات تشبعها فيها؟

قال الأستاذ جمعة:

أسأم شيء على الإنسان أن يكون بدون عمل، وفي الوقت الذي يشعر فيه كثير من الناس بأنهم أخذوا إجازة ليتمتعوا بالعطلة بعيدًا عن أماكن عملهم، أظنك وجدتني وبعضًا من العاملين معي بالمدرسة!!

واليوم الذي أجد فيه متسعًا ساعة أو اثنتين أقضيها مع زملائي بالوزارة للمناقشة في أمور التعليم، هذا فضلًا عن أني أطلع على غالبية الصحف ومكتبتي فيها كتب مختلفة أسعد بأوقات وجودي فيها، وإن كنت أهوى كذلك كرة القدم التي كنت أمارسها مع زملائي المدرسين بالمدرسة.

ـ وبدأت أخطو خطواتي خارج المدرسة الحديثة في مبناها، العريقة في محتواها، السامقة في نتائجها، الأولى على مدارس الكويت أرقب من بعيد خلاصة شباب الأمة وهم يضربون المثل في الكفاءة والجدية، ويحملون الأمانة بقوة وعزم، ليصعدوا بأمتهم إلى أمجادها السابقة، وكلي أمل ورجاء أن تظل ثانوية عبد الله السالم المصنع العتيق لتخريج الرجال.

                                                                                        أبو هالة

 

الرابط المختصر :