; ثروة علمية على الرف أو رهينة الأدراج! | مجلة المجتمع

العنوان ثروة علمية على الرف أو رهينة الأدراج!

الكاتب أ. د. زيد بن محمد الرماني

تاريخ النشر الأحد 01-أكتوبر-2023

مشاهدات 1802

نشر في العدد 2184

نشر في الصفحة 66

الأحد 01-أكتوبر-2023

 

إن العديد من البحوث والدراسات ثروة علمية لم يتم استثمارها الاستثمار الأمثل في معالجة العديد من المشكلات التنموية التي نعاني منها في واقعنا المحلي، إذ بمجرد تخرّج الطالب يستحيل هذا الجهد العلمي المتقن بنتائجه الدقيقة إلى مجموعة من الأوراق التي تستودع إما درجاً أو رف مكتبة.

ولقد تم التوصل من خلال دراسة بحثية بعنوان «تعظيم الاستفادة من مخرجات الدراسات العليا في خدمة قضايا التنمية والتطوير» إلى أنه لا توجد استفادة حقيقية من 9 آلاف رسالة، وذلك حتى عام 1421هـ، تمثل إجمالي نتائج الدراسات العليا من الرسائل العلمية حينذاك، وقد قدرت تكلفتها التقريبية بحوالي مليارين وسبعمائة مليون ريال سعودي، وهذا يوضح مقدار الهدر والفاقد الناتج عن عدم الاستفادة من تلك الرسائل.

وتشير الإحصاءات إلى أن عدد الجامعات في الدول العربية ارتفع من 12 جامعة في عام 1945م إلى أن أصبح يفوق 240 جامعة، كما بلغ عدد كليات الدراسات الجامعية أو العليا أكثر من 600 كلية، في حين بلغ عدد طلاب التعليم العالي 6 ملايين طالب وطالبة في عام 2010م؛ ما يعني أن ثمة ملايين الرسائل الجامعية الغنية بالأفكار الجديدة والإحصاءات الدقيقة والتوصيات النافعة لم يستفد من أكثرها، حيث لم تسهم هذه الرسائل الإسهام الأمثل في دعم خطط التنمية والتصدي للمشكلات والتحديات التي نواجهها في واقعنا العربي.

إن الجامعات تعلن باستمرار عن أعداد الحاصلين على درجة الماجستير أو الدكتوراة، وتحتفي بتخرجهم كل عام، ولكن تبقى قضية البحوث العلمية معلقة، حيث لا تزال هناك مئات الدراسات والأبحاث رهينة الأدراج.

ولقد أكد أكثر من باحث أكاديمي أن هناك جهات تنفق الملايين على دراساتها من دون تفعيل؛ لأن تفعيلها يحتاج إلى إمكانات مالية غير متاحة، وفي الوقت نفسه ربما تنفيذ بعض الدراسات قد يحتاج إلى تغييرات إما هيكلية وإما جذرية في بنية المؤسسات، أو يحتاج إلى إصلاحات كبيرة، على الرغم مما بذل فيها وصرف عليها، سواء كانت جهوداً مالية أو ذاتية، فهذه مشكلة.

بل إن هناك دراسات مؤسسية ودراسات موجهة تم الصرف عليها لمواجهة مشكلة معينة؛ إذاً هناك قصور في الوقت الراهن في تبني بعض الدراسات والأبحاث العلمية.

إن البحث الأصيل والموجه الذي يعالج مشكلة معينة هو البحث الذي يمكن أن يستفاد منه، فبعض البحوث تعمل لمتطلبات معينة؛ إما الحصول على درجة علمية وقد لا يحقق هذا البحث مردوداً فعلياً على المجتمع، أو على المشكلة التي يناقشها، وإنما هو لإجراء البحث كمتطلب أكاديمي، ومثل هذه الأبحاث لا تكون جيدة أو أن يكون لها مردود جيد.

إن معظم الأبحاث العلمية في العالم العربي أبحاث غير موجّهة، وغير مطلوبة، وللأسف لا توجد بحوث موجهة لتشخيص المشكلات والتحديات أو تحديد الاحتياجات التي تواجه التنمية أياً كان نوعها، بمعنى أن الأبحاث غير مطلوبة من الوزارات والأجهزة المختلفة، بل إن بعض هذه الجهات تستعين بجامعات أجنبية، رغم أن لديها باحثين في جامعات الوطن وتتجاهلهم؛ ما يضطرهم إلى التركيز في أبحاث بقصد الترقية العلمية، فالكل يسبح في عالم مختلف.

إن هناك كثيراً من الأبحاث الجيدة التي لم يتم نشر نتائجها في الدوريات أو حتى المؤتمرات، وهنا يكمن الخلل؛ حيث ستبقى هذه البحوث حبيسة الأدراج والأرفف والملفات ولن يطلع عليها أحد.

في كل عام يتم إنجاز العديد من الأبحاث العلمية داخل وخارج المملكة عن المملكة وشؤونها، ويشارك العديد من الأفراد والجهات في تنفيذها ولأهداف مختلفة، وغالبية هذه الأبحاث يتم نشر نتائجها، ويتم إثبات عدد من التوصيات ذات العلاقة بالنتائج التي تم التوصل إليها في ضوء أهداف البحث ومتغيراته.

ومع ذلك، لا نجد لهذه الأبحاث التي يتم القيام بها نتائج كبيرة في حل العديد من المشكلات التي تواجه المجتمع، أو ليست لها نتائج كبيرة يكون لها عامل تأثير على المستوى المحلي أو الإقليمي، وهذه الأبحاث بالإمكان أن تكون رافداً قوياً لتنفيذ دراسات لها قيمة علمية، ويمكن توجيهها بما يخدم المجتمع.

 

الرابط المختصر :

موضوعات متعلقة

مشاهدة الكل

المجتمع المحلي (العدد 475)

نشر في العدد 475

76

الثلاثاء 25-مارس-1980

رسالة أمريكا (401)

نشر في العدد 401

78

الثلاثاء 27-يونيو-1978