; حزب السلامة والانتخابات التركية القادمة | مجلة المجتمع

العنوان حزب السلامة والانتخابات التركية القادمة

الكاتب مجلة المجتمع

تاريخ النشر الثلاثاء 31-مايو-1977

مشاهدات 16

نشر في العدد 352

نشر في الصفحة 10

الثلاثاء 31-مايو-1977

لقد حاول أعداء الإسلام في تركيا وعلى رأسهم الطاغية «أتاتورك» إبعاد الإسلام وإقصاءه عن مسرح الحياة بشتى الوسائل والأساليب، وبالرغم من مرور أكثر من خمسين سنة على حركة أتاتورك ومحاولته هذه، إلا أن الإسلام لا يزال يجد مكانه في نفوس الشعب التركي بل أصبحت هذه النفوس متعطشة للإسلام بعد غيبة طويلة عن الحياة السياسية في تركيا، ولم تشهد تلك السنوات الخمسين الماضية حركات تنادي بالإسلام باستثناء حركة واحدة وهي حركة «سعيد النورسي» التي كانت تحمل المفاهيم الإسلامية السليمة وتتمشى مع المنهج الإسلامي الصحيح، وذاع صيت هذه الحركة في تركيا في بداية نشأتها وقيامها، ولكن للأسف كانت هذه الحركة تعتمد اعتمادًا كليًا على شخصية زعيمها «النورسي»، فبعد وفاته تقلصت وانزوت على نفسها واتجهت نحو الحركات الصوفية والتي لم تستطع بدورها أن تواكب العصر وتقدم الإسلام بالصورة المطلوبة.

ولكن لا يعني ذلك نضوب الحركات الإسلامية في تركيا ففي سنة 1970 استطاع «نجم الدين أربيكان» من تأسيس حزب يرتكز على المنهج الإسلامي وهو حزب النظام التركي، ولكن المناوئين للإسلام وأعداءه حاولوا التصدي لهذه المحاولة بشتى الضغوط والمضايقات وبالفعل تم إغلاق فروع هذه المؤسسة الإسلامية وذلك عندما صرح «أربيكان» بأن من أهداف هذا الحزب هو إعادة تكوين الدولة الإسلامية ولا شك أن هذه المحاولة أزاحت الغبار عن المفاهيم الإسلامية وأكدت من جديد أن الإسلام حي باقٍ وأنه قادر على العودة من جديد إلى الحياة في تركيا ولقد قوبلت هذه المحاولة بإقبال وتأييد منقطع النظير من قبل أبناء الشعب التركي.

وفي سنة 1974 استطاع «أربيكان» أن يتسلم قيادة حزب السلامة التركي الذي أسسه سليمان عارف واستطاع هذا الحزب أن يقود المسيرة الإسلامية من جديد في تركيا فهو الحزب الوحيد الذي يتبنى الإسلام عقيدة وشرعًا واستطاع هذا الحزب الفتي أن يخوض المعركة الانتخابية بعد تأسيسه بفترة وجيزة وحصل على نتائج طيبة ومشجعة تدل دلالة كبيرة على أن الشعب التركي عازم ومصمم على العودة للإسلام.

وبعد أيام قليلة «5-6-1977» سوف يشهد المسرح السياسي في تركيا صراعًا عنيفًا بين الأحزاب السياسية من أجل الوصول إلى السلطة والسيطرة على دفة السياسة في تركيا فكل حزب يسعى في هذه الانتخابات الحصول على أغلبية في البرلمان تؤهله لتولي قيادة تركيا.

وتعود أهمية الانتخابات القادمة في تركيا بالنسبة لنا كمسلمين إلى عدة أمور:

• ففوز حزب السلامة التركي الذي يتخذ تاريخ الأمة المجيد منهجًا سوف يغير صفحة التاريخ في تركيا نحو الإسلام من جديد حيث إن تركيا، بل والعالم الإسلامي أجمع بأمس الحاجة إلى الإسلام اليوم.

• وفوز حزب السلامة التركي يعني التوجه بالسياسة التركية نحو الأفضل حيث ستلغى كل القوانين الجائرة بحق الإسلام والمسلمين وهي تلك القوانين البالية التي وضعها وسار عليها أتاتورك.

• وأيضًا سوف تشكل تركيا بواسطة هذا الحزب ثقلًا إسلاميًا عالميًا وقد تتولى قيادة العالم الإسلامي من جديد لما يتمتع به شعبها من حب للإسلام وتتطلع إلى القيادة الإسلامية بالإضافة إلى التغير في السياسة الداخلية والخارجية والتي سوف تشهدها السياسة التركية من جراء فوز ذلك الحزب.

ونظرًا لأهمية تلك الانتخابات سوف نتعرض في هذه السطور القليلة إلى الوضع الحزبي في تركيا اليوم، وبالأخص وضع حزب السلامة بالنسبة للأحزاب الأخرى ومدى القوة الشعبية التي يتمتع بها.

  1. حزب الشعب الجمهوري

تأسس بصورة رسمية في 19 أيلول 1923 وهو أقدم الأحزاب وحكم تركيا لفترة طويلة وتزعمه في البداية «عصمت أينونو»، وانقسم هذا الحزب على نفسه إلى تيارين يميني يحاول التمسك بتقاليد الحزب القديمة ويساري وينادي بتحقيق الاصلاحات الاجتماعية. وحاول زعيمه «أینونو جاهدًا تكوين ما يسمى سياسة يسار الوسط للمحافظة على وحدة الحزب، وقد فقد هذا الحزب مركزه كثيرًا في الوقت الحاضر لعدم وضوح برنامجه في السياسة الخارجية والداخلية وعجزه في إحراز تغير اجتماعي جذري في سیاسته الداخلية، مما أدى إلى ضعف دوره في صنع القرار السياسي ويتزعمه اليوم «بولنت أجاويد» وأيد هذا الحزب دخول تركيا في الأحلاف الغربية في البداية ولكنه عاد وغير موقفه هذا بعد دخول تركيا في حلف الأطلسي. 

  1. حزب العدالة:

تأسس في شباط 1961 بزعامة «راغب كوموشي» وأسندت زعامته بعد وفاته إلى «سليمان ديميريل»، ويستقطب هذا الحزب الريف والشارع والجامعة ويؤيد سياسة الأحلاف العسكرية مع الدول الغربية.

له نقل في المجلس الوطني التركي وبالتالي له دور في صنع القرارات السياسية الخارجية، وله صلة وطيدة بالماسونية العالمية، ويعاني اليوم من انشقاقات كبيرة في جسمه بدأت منذ سنة 1969.

  1. الحزب الديمقراطي الجديد: 

تأسس سنة 1970 نتيجة انشقاق الجناح الداخلي اليميني لحزب العدالة وينادي بتطبيق مبادئ الحزب الديمقراطي المنحل ورئيسه الحالي «فاروق بوزبيلي»، ويؤيد هذا الحزب أيضًا سياسة الأحلاف العسكرية وعدم التدخل في شئون الدول الأخرى.

  1. حزب الثقة القومي:

تأسس سنة 1967 نتيجة للانشقاق الذي حصل داخل حزب الشعب هذا الحزب يمثل الجمهوري، وكان الجناح اليمني في حزب الشعب الجمهوري، ويعارض فكرة اليسار الوسط التي انتهجها «عصمت أينونو» وهو يعمل شد الإسلام وضد اليسار ويؤيد سياسة الأحلاف العسكرية مع الغرب، وزعيمه الحالي «توران فوزي أوغلو».

  1. حزب الحركة القومي:

تأسس سنة 1965، وهو يعتمد على القواعد الطلابية ويقف بصلابة وعنف ضد الشيوعيين في تركيا ويتبنى الصراع التركي ضد الاتحاد السوفيتي ويؤيد الانضمام إلى الأحلاف العسكرية الغربية لضرب الاتحاد السوفيتي انطلاقًا من مصلحة تركيا ويؤيد بالتالي بقاء تركيا في حلف الأطلسي وزعيمه «ألب أرسلان نورکشي»

  1. حزب العمل التركي:

وهو حزب يساري متطرف ساهم في تأسيسه أتاتورك سنة 1920 ويحمل المبادئ الشيوعية والبلشفية حصل على حقوقه السياسية سنة 1962 وفقًا لقانون الحريات الذي منحه دستور 1961 وبموجبه أصبح له حق التمثيل في المجلس الوطني التركي الكبير، وتوقف نشاطه بسبب الاضطرابات التي اجتاحت تركيا 1968 وجمدت الحكومة أعمال هذا الحزب واعتبرته المسؤول عن تلك الاضطرابات، وهو يرفض الأحلاف العسكرية الغربية ويعمل على التقرب للمعسكر الشرقي ويعادي الإسلام بشكل كبير.

أما حزب السلامة التركي فقد تناولنا في البداية ظروف تأسيسه وأما عن القاعدة الشعبية التي يملكها الحزب فهي كبيرة وتبشر بالخير فقد استطاع هذا الحزب عن طريق مبادئه الإسلامية ومنجزاته الاقتصادية أن يستقطب العديد من فئات الشعب التركي، فهي اليوم تقف وراءه وتسانده ونود الإشارة هنا إلى أن جميع الأحزاب المذكورة سابقًا يمينية وتميل للمفكر الغربي ما عدا حزب العمل الشيوعي، وحزب الشعب. 

وهذه الأحزاب كلها تحاول إزالة البساط من تحت أقدام حزب السلامة وتعمل على تلافي وصوله للسلطة لأنه يشكل خطرًا كبيرًا على وجودها ولكن ﴿وَيَمْكُرُونَ وَيَمْكُرُ اللَّهُ ۖ وَاللَّهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ﴾ (الأنفال: 30).

فنسأل الله له التوفيق.

الرابط المختصر :