; حكم تاريخي لمحكمة مصرية ينتصر لحجاب المرأة المسلمة.. | مجلة المجتمع

العنوان حكم تاريخي لمحكمة مصرية ينتصر لحجاب المرأة المسلمة..

الكاتب مجلة المجتمع

تاريخ النشر الثلاثاء 28-مارس-1995

مشاهدات 16

نشر في العدد 1143

نشر في الصفحة 58

الثلاثاء 28-مارس-1995

رجاء النقاش: وصف الحجاب بالعفريت فأدانته محكمة استئناف المنصورة

المحكمة: «النقَّاش تعدَّى على الإسلام مُجسدًا في فريضة الحجاب الشرعية، وحط من شأنه وأعلن حنقه وسخطه على الحجاب، وقبح النساء الملتزمات به عمدًا وعن قصد....»

أصدرت محكمة المنصورة دائرة الجنح المستأنفة في مصر حكمًا تاريخيًا لصالح حجاب المرأة المسلمة وضد الذين يسخرون منه أو يحاولون المساس به تحت ستار حرية الفكر والرأي.

الحكم الذي أصدرته المحكمة جاء ضد الكاتب الصحفي رجاء النقاش رئيس تحرير مجلة حواء الأسبوعية وهو حكم نهائي ونافذ تأييدًا لحكم المحكمة أول درجة ويقضي بتغريم النقاش مبلغ ٥٠١ جنيهًا على سبيل التعويض المؤقت وعشرة جنيهات أتعاب محاماه وهو ما يتيح لخصم النقاش بمزيد من القضايا ضده.

ماذا فعل رئيس تحرير مجلة حواء المصرية بالضبط مع الحجاب وماذا قال نص الحكم وتفاصيل الحكم ضده؟

في الرابع عشر من شهر سبتمبر ۱۹۹۳ صدرت مجلة الكواكب حاملة مقالًا لرجاء النقاش بعنوان سهير البابلي، ولماذا لم تدخل السجن؟ وصف فيه المحجبات بالعفاريت وقال.... إن سهير البابلي لا تؤمن بهذا الحجاب التقليدي القبيح الذي يجعل من المرأة مثل العفريته التي يخيفها بها الأجداد.

مواطن غيور تصدَّى للقضية

وقد دفع هذا الهجوم على حجاب المرأة المسلمة بأحد المواطنين في المنصورة هو السيد محمد عبد الرحمن بتحريك النيابة العامة التي تضامنت معه في رفع قضية رقم ١٠٤١٦٠ لسنة ١٩٩٣ جنح السنبلاوين- إحدى المدن التابعة لمحافظة الدقهلية، ضد النقَّاش اتهمه فيها بالتحريض على فريضة فرضها الله العظيم ووصفها بالقبح، وسب جميع النساء المسلمات العفيفات، وقال المدعِي إنه باعتباره مسلمًا غيورًا على شرع الله العظيم وفروضه ودينه، وأن أمه وزوجته وأخته وابنته من اللاتي وصفهن النقاش بالعفريتات، وقد أدانت محكمة الدرجة الأولى النقاش مما دفعه للاستئناف فأدانته محكمة الاستئناف أيضًا وذكرت في أسباب إدانتها كلامًا جديرًا بالتسجيل يؤصل النظرة للحجاب ويحدد قيمة وقداسة هذه الفريضة الشرعية التي لا يجب أبدًا ألَّا تكون مزاعم حرية الرأي قنطرة لتسليط السهام عليها والتحقير منها، واستندت المحكمة في حكمها إلى أحكام سابقة ومراجع معتبرة لكبار القانونيين في مصر قالت المحكمة:

حرية الاعتقاد .. ومن يجادل في أصول الدين

وقد استقر القضاء على أنه وإن كانت حرية الاعتقاد مكفولة بمقتضى الدستور، إلا أن هذا لا يتيح لمن يجادل في أصول دين من الأديان أن يمتهن حرمته أو يحط من قدره أو يزدريه عن عمد منه، فإذا تبين أنه كان يبتغي بالجدل الذي أثاره المساس بحرمة الدين والسخرية منه، فليس له أن يحتمي من ذلك بحرية الاعتقاد، وأن توافر القصد الجنائي هنا - كما في كل الجرائم - هو من الأمور التي تستخلصها محكمة الموضوع من الوقائع والظروف المطروحة أمامها، ولا يشترط في الحكم بالعقوبة أن يذكر فيها صراحة سوء نية المتهم، بل يكفي أن يكون في مجموع عباراته ما يفيد ذلك «جلسة 27/1/1941 طعن رقم ٦٥٣ سنة ١١ قضائية، مجموعة الربع قرن ص ۲۹۲».

كما قضت محكمة جنايات مصر بأن الحد الذي يجب أن تقف عنده المساجلة والمناقشة في المسائل الدينية هو دون الامتهان والازدراء وكل ما من شأنه أن يحط من قدر الدين ويسقط من كرامته وكل ما يستمع له لفظ التعدي الذي استعمله المشرِّع وليست الإهانة جزءًا لا يتجزأ من حرية المناقشة العلمية أو الفلسفية إذ إن ميزة هذه المناقشة التي تتميز بها وطابعها الذي تعرف به هو أن تكون رزينة محتشمة، أما السباب والتحقير واللدد والشطط في الخصومة، فلا تتصل بالمناقشة الكريمة بسبب، ولا تؤدي لها أية خدمة بل على العكس تعقد سبيلها وتقلبها من وسيلة إقناع واقتناع إلى ساحة خصومة وذريعة هياج وسبب لإثارة الخواطر، فليس إذن لمن توسل بما وصل إلى حد التعدي أن يتذرع بتلك الحرية، ولا أن يتمحك بالرغبة في البحث العلمي لأن هذا التعدي يثير المسائل ولا يقدم البحث خطوة بل هو يجعل طريقه مظلمًا بما يثيره في نفوس الناس من نار الغضب والتعصب «جلسة 10/5/1939 المحاماة س ۲۰ رقم ٤٥ س ١٠٢» ومشار إليه في مؤلف «المستشار - مصطفى مجدي هرجة» التعليق على قانون العقوبات في ضوء الفقه والقضاء مكتبة رجال القضاء الطبعة الثانية 1991/1992 ص ۷۱۰، وكما أن الدستور المصري قد أقر حرية العقيدة وكفالة تعظيم الشعائر الدينية وبخاصة الدين الإسلامي في المادة ٤٦ والمادة ٤٧، وفي المادة الثانية على أن الإسلام دين الدولة واللغة العربية لغتنا الرسمية ومبادئ الشريعة الإسلامية المصدر الرئيسي للتشريع، كما أن حرية الرأي، وإن لم يطلقها هو لكن أورد عليها قيودًا قانونية تكفل ممارستها دون المساس بحقوق الآخرين، وكما كانت دار الإفتاء قد أفتت بأن سب الدين يعد كفرًا، ومن فعله كان كافرًا مرتدًا عن دين الإسلام بلا خلاف بين أئمة المسلمين، وأن الأمر في ذلك لا يحتاج إلى بيان.

حجاب المرأة.. تزيين للمجتمع بمكارم الأخلاق

ولما كان حجاب المرأة وعدم سفورها أو تبرجها من فرائض الإسلام المعلومة بالضرورة لكل مسلم والثابتة بالكتاب والسنة والإجماع، ولما كان الشارع قد قصد من فرض الحجاب على المرأة المسلمة إلى تجنيب المجتمع الإسلامي رذيلتي الزنا والاغتصاب وما يترتب عليهما من سقوط المجتمع ضحية للفساد وفريسة للموبقات، كما قصد إلى تزيين المجتمع المسلم بمكارم الأخلاق وفضائل القيم والمبادئ وحسن الصلة بين المسلمين وما ينشأ عن هذا من صلاح للمجتمع. 

وقد أجمع المسلمون على هذه الأحكام منذ عهد الرسول صلى الله عليه وسلم وحتى اليوم، ولم ينازع في ذلك أحد من العلماء المعتد بقولهم «رد علماء الإسلام على وزير التربية والتعليم - رد لجنة الفتوى بالجامع الأزهر في شأن فتوى الزي المفروض على طالبات المدارس بقرار وزير التعليم رقم ۱۱۳ الصادر في 17/5/1994.

وأضافت المحكمة: لقد دأب بعض أعداء الإسلام ممن اتخذوا من هواهم إلهًا، ومن أوكار الرذيلة قِبلة، ومن الانحراف والغواية شعيرة الذين يكفرون بالله ويؤمنون بالطاغوت ويفصلون بين الدين والدنيا زاعمين ألا مكان للدين سوى المساجد ولو كان بأيديهم لهدموا المساجد.. كما خربوا نفوسهم، ويفرحون بازدياد الضلال بين الناس وينزعجون لعودة الضالين إلى حظيرة الإسلام، دأب هؤلاء على انتقاد أحكام الدين الإسلامي الحنيف وإنكارها والتشكيك فيها، وعلى التمييز غير المشروع بين مصادرها للتحلل من الالتزام به وعلى تشجيع الأخذ بالبدع والاستعانة بغير الله والتصدي لمن يتمسك بالكتاب والسنة وعلى السخرية من الشباب والرجال الملتزمين دينيًّا والمسلمات المحجبات العفيفات وإرهابهم وقد قال الله سبحانه وتعالى عن هؤلاء: ﴿يُخَادِعُونَ اللَّهَ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَمَا يَخْدَعُونَ إِلَّا أَنْفُسَهُمْ وَمَا يَشْعُرُونَ* فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ فَزَادَهُمُ اللَّهُ مَرَضًا وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ بِمَا كَانُوا يَكْذِبُونَ* وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ لَا تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ قَالُوا إِنَّمَا نَحْنُ مُصْلِحُونَ*أَلَا إِنَّهُمْ هُمُ الْمُفْسِدُونَ وَلَكِنْ لَا يَشْعُرُونَ* وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ آمِنُوا كَمَا آمَنَ النَّاسُ قَالُوا أَنُؤْمِنُ كَمَا آمَنَ السُّفَهَاءُ أَلَا إِنَّهُمْ هُمُ السُّفَهَاءُ وَلَكِنْ لَا يَعْلَمُونَ* وَإِذَا لَقُوا الَّذِينَ آمَنُوا قَالُوا آمَنَّا وَإِذَا خَلَوْا إِلَى شَيَاطِينِهِمْ قَالُوا إِنَّا مَعَكُمْ إِنَّمَا نَحْنُ مُسْتَهْزِئُونَ* اللَّهُ يَسْتَهْزِئُ بِهِمْ وَيَمُدُّهُمْ فِي طُغْيَانِهِمْ يَعْمَهُونَ* أُولَئِكَ الَّذِينَ اشْتَرَوُا الضَّلَالَةَ بِالْهُدَى فَمَا رَبِحَتْ تِجَارَتُهُمْ وَمَا كَانُوا مُهْتَدِينَ﴾ (البقرة: 9-١٦). 

ما يفعله أعداء الإسلام يولد الضغينة في نفوس المسلمين

ولا شك أن ما يفعله أعداء الإسلام من شأنه أن يولد الضغينة والكراهية في نفوس المسلمين الملتزمين بأحكام دينهم وقواعد القانون ويدفعهم إلى مقابلة أفعالهم بأفعال أخرى ويلقي بذور الفتنة والعداوة بين أبناء المجتمع الواحد ويقسمهم إلى مجموعات- متعارضة متناحرة، الأمر الذي يشكل ضررًا بالغًا باستقرار المجتمع ونظامه العام ومصالحه الحيوية، مما يلقي على عاتق الدولة واجب التصدي بشدة لهؤلاء الأعداء والحيلولة بينهم وبين تنفيذ مخططاتهم. 

ولما كان المتهم، قد عبر عن شديد عدائه للإسلام وكراهيته له - إذ إنه في مقالهِ المذيل بتوقيعه والمنشور بمجلة الكواكب المصرية في عددها (رقم ۲۱۹۸) الصادر في الرابع عشر من شهر سبتمبر لسنة (۱۹۹۳م) وقد تعدَّى على الدين الإسلامي مجسدًا في فريضة الحجاب الشرعية عن طريق إحدى الوسائل العلنية، بأن امتهن حرمته وأذراه وحط من شأنه وأعلن سخطه وحنقه عليه، وقبح النساء الملتزمات به عن قصد وعمد وسابق تخطيط وتدبير، إذ إنه يعلم يقينًا أن حجاب المرأة من فرائض الشرع الإسلامي، ولما كان هذا فإن التهمة موضوع الطعن تكون ثابتة تمامًا قِبَلَهُ، الأمر الذي يتعين معه على المحكمة أن تقضي برفض الطعن بالاستئناف موضوعًا وبتأييد حكم محكمة أول درجة..

 

الرابط المختصر :

موضوعات متعلقة

مشاهدة الكل

ربيع الخير والضياء

نشر في العدد 97

17

الثلاثاء 25-أبريل-1972

أكثر من موضوع (98)

نشر في العدد 98

23

الثلاثاء 02-مايو-1972