العنوان حماس والحكومة الأردنية.. تهدئة الأزمة أم التصعيد والقطيعة؟
الكاتب مجلة المجتمع
تاريخ النشر السبت 03-يونيو-2006
مشاهدات 15
نشر في العدد 1704
نشر في الصفحة 30
السبت 03-يونيو-2006
زيارة سرية قام بها أبو مازن بصحبة أحمد قريع إلى الأردن التقى خلالها شخصيات أردنية رسمية لعبت دورًا مهمًا في تأزيم العلاقة مع حركة حماس أواخر التسعينيات
الأزمة الحادة التي اندلعت بين الحكومة الأردنية وحركة حماس إثر الإعلان عن اتهام حركة حماس بتخزين أسلحة في الأردن من أجل استخدامها في تنفيذ عمليات مسلحة ضد أهداف اقتصادية وأمنية وسياحية في الأردن.. مازالت تداعياتها قائمة، ولم يُعرف بعد هل تسير الأمور إلى التهدئة أم التصعيد! ساعات قليلة كانت قد فصلت زيارة وزير الخارجية الفلسطيني الدكتور محمود الزهار عن توجيه الحكومة الأردنية اتهامات خطيرة.
مصادر في حركة حماس قالت: إن قرار إلغاء زيارة الزهار إلى عمان أتُّخذ في وقت مبكر وقبل ساعات من موعد إعلانه على لسان الناطق الرسمي باسم الحكومة الأردنية. وأضافت أن الجهات الرسمية أتصلت بالزهار. وطلبت إدانة صريحة من الحكومة الفلسطينية للعملية الاستشهادية التي نفذتها سرايا القدس الجناح العسكري للجهاد الإسلامي في تل أبيب. وحين اعتذر الزهار عن ذلك كان الرد بالاعتذار عن استقباله في عمان ومطالبته بأن يبادر هو لإعلان تأجيل زيارته، وهو ما رفضه الزهار الذي قال: إن هذا شأن الحكومة، وأنها إن كانت غير راغبة باستقباله في عمان فإن عليها هي أن تعتذر عن ذلك.
وبعد اتصالات بين الجانبين تم الاتفاق على أن تعلن الحكومة من جانبها تأجيل الزيارة، بمبرر أن وزير الخارجية الأردنية عبد الإله الخطيب سيلتحق بالعاهل الأردني الموجود خارج البلاد. لكن الزهار -بحسب مصادر حماس- فوجئ بعد ساعات بالإعلان عن إلغاء الزيارة بمبرر آخر، وبتوجيه الاتهامات لحركة حماس بالتخطيط لعمليات تخريبية في الأردن!
ورغم أن الحكومة أرادت تأكيد اتهاماتها لحماس -من خلال بث اعترافات منسوبة للمتهمين الثلاثة- إلا أن مردود تلك الاعترافات أثر سلبيًا على مصداقية الرواية الرسمية؛ فالاعترافات كانت ضعيفة وغير مقنعة.
أما السقطة الكبيرة في الرواية فتمثلت بالإشارة إلى أن الخلية قامت برصد رجل أعمال أردني نصراني يدعى سامي حنا خوري، وأن مبرر التخطيط لاستهدافه أنه يهودي. ليخرج خوري على الفضائيات. ويصدر بيانًا صحفيًا يستنكر فيه الزج باسمه في القضية، وليعلن أنه من مؤسسي جمعية مناهضة الصهيونية والعنصرية التي يرأسها المعارض الأردني المعروف ليث شبيلات، وليؤكد أن علاقته جيدة وقوية مع حركة حماس وجبهة العمل الإسلامي في الأردن.
الغريب في الأمر أن وسائل الإعلام الأردنية الرسمية والصحف تجاهلت بصورة مطلقة بيان خوري، باستثناء صحيفة «السبيل» الأردنية التي نشرته كاملًا.
مراقبون قالوا إن الحكومة الفلسطينية شعرت بالاستياء إزاء إصرار الحكومة الأردنية على التعامل معها أمنيًا لا سياسيًا، وكحكومة تمثل حركة لا حكومة تمثل الشعب الفلسطيني، لا سيما أن وسائل الإعلام الرسمية الأردنية تصر على وصفها بـــ «حكومة حماس» وليس «الحكومة الفلسطينية»، وهي نفس السياسة التي تتبعها وسائل الإعلام الفلسطينية الرسمية المسيطر عليها من حركة فتح والتابعة للرئاسة الفلسطينية.
حركة فتح والرئاسة رأتا في الأزمة بين حماس والحكومة الأردنية فرصة مواتية التسديد الضربات لحماس والحكومة الفلسطينية، ولتعزيز العلاقات مع الحكومة الأردنية وتحقيق مكاسب سياسية ميدانية في الأردن.
مصادر سياسية في الأردن أشارت إلى أن تحالفًا نشأ عقب نتائج الانتخابات الفلسطينية بين الحكومة الأردنية وحركة فتح والرئاسة الفلسطينية، المواجهة استحقاقات فوز حماس بالانتخابات التشريعية وتشكيلها الحكومة الفلسطينية. وبحسب المعلومات فإن تنظيم فتح عاد في الآونة الأخيرة لينشط بصورة علنية في المخيمات الفلسطينية في الأردن تحت سمع الحكومة الأردنية وبصرها، في الوقت الذي تم فيه إبعاد قادة حماس عن الأردن قبل سنوات؛ بحجة عدم السماح لفصيل فلسطيني بممارسة نشاطات سياسية على الأراضي الأردنية.
وبحسب إسلاميين أردنيين فإن التحالف بين الحكومة الأردنية وفتح ومحمود عباس، يهدف إلى مواجهة نفوذ الحركة الإسلامية في الأردن، في الوقت ذاته الذي يستهدف فيه مواجهة تأييد حماس في الأوساط السياسية والشعبية الأردنية؛ بخاصة في المخيمات الفلسطينية.
أمين عام حزب جبهة العمل الإسلامي زكي بني رشيد أتهم الحكومة الأردنية صراحة بالتحالف مع حركة فتح المواجهة الإسلاميين، وأكد أن لديه معلومات موثقة عن أشكال التعاون والتنسيق بين الطرفين.
وكانت معلومات تسربت عن زيارة سرية قام بها رئيس السلطة محمود عباس ورئيس الوزراء السابق أحمد قريع إلى الأردن بتاريخ ۱۲ مايو، ألتقى خلالها شخصيات أردنية رسمية وأخرى شغلت مواقع حكومية في وقت سابق، ولعبت في حينه دورًا مهمًا في تأزيم العلاقة مع حركة حماس أواخر التسعينيات، وبصورة خاصة رئيس وزراء أردني أسبق قاد الحملة ضد حركة حماس عام ١٩٩٩م.
بحسب المعلومات التي تسربت عن القاءات عباس وقريع غير المعلنة في الأردن، فإن «عباس» شكا من أن الخطوات التي اتخذتها حركة فتح والرئاسة الفلسطينية لمواجهة نفوذ حماس ومحاصرتها، أدت إلى نتائج عكسية ورفعت شعبية حركة حماس في الشارع الفلسطيني، فيما ظلت شعبية فتح في تراجع مستمر.
وأضاف عباس أنه لم يعد قادرًا على القيام بمزيد من الخطوات، معتبرًا أن إقدامه على حل حكومة هنية سيكون شكلًا من أشكال الانتحار السياسي، ففضلًا عن التأثيرات السلبية لذلك، فإنه لن يؤدي إلى إنهاء المشكلة مع حماس، لكون الرئيس لا يملك حق حل المجلس التشريعي الذي تسيطر عليه الحركة، وبالتالي لا يستطيع تمرير أي حكومة بديلة، الخلاصة التي أراد عباس تأكيدها خلال اللقاء أن الرئاسة وحركة فتح استنفدتا الخطوات لمواجهة حماس، وأن المطلوب دور عربي لتحقيق ذلك، وهو ما اعتبرته أوساط سياسية أردنية تحريضًا مباشرًا من السلطة للأردن والأطراف العربية ضد حماس.
ويتوقع المراقبون أن تتعزز حالة التحالف بين الحكومة الأردنية وحركة فتح في الفترة المقبلة، نتيجة التخوفات التي يشعر بها الطرفان إزاء تصاعد قوة حماس في الأراضي الفلسطينية، الذي تعتبره حركة فتح تهديدًا لنفوذها وهيمنتها في الساحة الفلسطينية، وترى فيه الحكومة الأردنية خطرًا محتملًا؛ نتيجة ما يمكن أن يتركه من تأثيرات غير مرغوبة على توجهات الحركة الإسلامية في الأردن وتطلعاتها السياسية.
الحركة الإسلامية في الأردن التي شعرت بقلق إزاء التصعيد الحكومي ضد حركة حماس، أعلنت بوضوح رفضها السياسة الحكومية إزاء الوضع في الساحة الفلسطينية لا سيما التعامل مع حماس. المراقب العام لجماعة الإخوان المسلمين سالم الفلاحات أكد أن الحركة طلبت رسميًا لقاء العاهل الأردني الملك عبد الله الثاني، للتعبير عن استيائها من الطريقة التي تعاملت بها الحكومة مع الأزمة الأخيرة مع حماس، ولطلب وضع حد للأزمة التي تؤكد الحركة الإسلامية في الأردن أنها لا تخدم مصالح الأردن أو فلسطين.
المعلومات التي حصلت عليها المجتمع من مصادر الحركة الإسلامية أشارت إلى تغيير طرأ على الموقف الرسمي الأردني تجاه الأزمة في الأيام الأخيرة، وإلى رغبة رسمية بالتهدئة مع حركة حماس وإنهاء حالة التصعيد معها.