; حمد الجاسر .. وطه حسين | مجلة المجتمع

العنوان حمد الجاسر .. وطه حسين

الكاتب الشيخ عبد العزيز بن عمر الربيعان

تاريخ النشر الثلاثاء 30-أبريل-1974

مشاهدات 13

نشر في العدد 198

نشر في الصفحة 46

الثلاثاء 30-أبريل-1974

نشرت جريدة الدعوة في عددها 445 الصادر بتاريخ 9 ربيع الأول 1394هـ مقابلة أجرتها مع الشيخ - حمد الجاسر - صاحب دار اليمامة ومجلة العرب.

وكان من فقرات هذه المقابلة هذا السؤال «أستاذنا حمد أريد إعطاءنا رأيا حاسما شجاعا عن أحسن مؤرخ.. وأديب شاعر» فكان من بين عبارات الجواب قول العلامة حمد الجاسر: أما الدكتور طه حسين فأعتقد أنني لست الوحيد بالنظرة إليه باعتباره قمة في الأدب العربي – هكذا.

وقبل أن أناقش العلامة حمد الجاسر في رأيه بطه حسين أحب أن أسأل الله له العافية لأن من لوازم الإيمان أن يحب لأخيه ما يحب لنفسه، والشيخ حمد الجاسر مبتلي بأمور، منها أنه شغل حياته بأمور لا فائدة منها وهي العناية بتحديد الجبل الفلاني وتعيين الوادي الفلاني من أين يبتدئ وأين ينتهي وأين مكان القبيلة الفلانية قبل ألفي سنة والتصدي للرد على من يعتبره أخطأ في شيء من ذلك، بينما لا نرى له أي مجهود في التصدي لأعداء الإسلام أو تفنيد مزاعمهم الباطلة.

ومنها أنه اختار الإقامة في بلد ترتفع فيه راية الصليب على بلد ترتفع فيه راية لا إله إلا الله محمد رسول الله على الإقامة في بلده التي هي بلاد الإسلام وحكم الإسلام والمجتمع الإسلامي، فلا نملك له إلا أن نقول: اللهم رده إلى رشده واختم لنا وله بالخير.

ثم نقول: يا شيخ حمد ما الذي أعجبك من أدب الدكتور -طه حسين- إلا أنه تقمص عددًا من المستشرقين أعداء الإسلام وتبنى أفكارهم وسلك سبيلهم واستعمل وسائلهم في محاولة هدم الإسلام والقضاء على لغة القرآن؟ إلا أنه يزعم أن القرآن من قول البشر وأنه يشتمل على أساطير ملفقة وأن محمدا صلى الله عليه وسلم خدع العرب بقوله - أنه مرسل من عند الله - وأن إبراهيم وإسماعيل لم يوجدا وليست الكعبة بيتًا لله ولكنها أسطورة خرافية من أساطير العرب استغلها محمد -عليه السلام– لصالحه مع علمه بأنها خرافة؟ أليس طه حسين ينكر أسماء القبائل العربية التي شغلت حياتك بالتعرف على فروعها ومواطنها وما إلى ذلك؟ أليس أدب طه حسين دعوة إلى هجر اللغة العربية -لغة القرآن- واستبدالها بلغة أخرى يونانية أو لاتينية واستبدال الحروف العربية بحروف أخرى فلما يئس من نجاح هذه الدعاية أبدلها بالدعوة إلى استبدال الفصحى بالعامية فلما لم ينجح عدل إلى محاولة إفساد الفصحى بالدعوة إلى تغيير قواعدها النحوية وتطوير أساليبها البلاغية زاعما أن هذه القواعد وتلك الأساليب قديمة ومعقدة لا تساير العصر الحديث مع أنه لا حاجة إليها ولا مبرر للمحافظة عليها هكذا يقول!! وكلما جرب أسلوبًا من أساليب الخداع ضد الإسلام ولغته ثم تبين له عدم انطلائه على المسلمين عدل إلى أسلوب آخر حتى تظاهر بأنه تحول إلى کاتب إسلامي يُعنى بسيرة الرسول وغيرها من الموضوعات الإسلامية مما جعل بعض المغفلين يدافع عنه زاعما أنه تاب مما صدر منه أولا، والواقع أن ما يسمونها إسلاميات طه حسين ما هي إلا تجربة أخرى لخداع أبناء المسلمين وتضليلهم وأسلوب آخر من الأساليب التي خدم بها أسياده الغربيين فكان في مرحلته هذه أكثر إيغالا في الخبث وأقدر على الدس والتضليل.

ومرة أخرى نقول لحمد جاسر : هل أعجبك من طه حسين مزاعمه التي لا تروج لي أجهل الناس وأشدهم تفعيلا والتي منها زعمه أن العرب كانوا قبل الإسلام أمة راقية وشعبا متحضرا ذا علم ومدنية وأنهم قد أعدوا العدة لغزو فارس والروم قبل أن يولد محمد -عليه السلام- وأن الإسلام لم يأتهم بجديد؟ أهل هذه في نظر فضيلتكم أدب عربي يستحق صاحبه أن يوصف بأنه في القمة؟ 

هل أعجبك من عميد الأدب العربي دعوته المصريين إلى نقض أيديهم من العرب وأن يتنصلوا من كل ما يربطهم بالشرق وأن يعتبروا أنفسهم دولة غربية محضة؟ فلما لم ير لهذه الدعاية نجاحا عدل إلى قوله: ينبغي علينا نحن دول البحر المتوسط أن نكون مجموعة دولية خاصة أساس تجمعها وتعاونها البحر المتوسط ثم نشترك في بقية الأمور .

لم أنتقل إلى أسلوب آخر وهو دعوة المصريين إلى اعتبار تاريخهم الفرعوني وحضارتهم الفرعونية، وقال لهم إن ما أنتم فيه من جميع أساليب الحياة امتداد للحضارة الفرعونية والحياة الفرعونية التي تأسست قبل سبعة آلاف سنة وأن الغزو والاستعمار الغربيين لم يأتيانكم بجديد فأنتم أنتم بكل شيء اليوم وقبل ألف وآلاف السنين.

أليس طه حسين يقول في أدبه: ينبغي علينا أن نأخذ الحضارة الغربية حلوها ومرها وخيرها وشرها ونفعها وضرها؟

كيف يسوغ لمسلم قد قارب الثمانين من العمر أو قد بلغها وعنده من الثقافة والمعرفة والتجارب والخبرة ما لا يوجد بعضه إلا عند القليل من الناس كيف تسوغ له هذه الأمور أن يعتبر صاحب هذه الأفكار قمة في الأدب العربي إلا أن يكون الأدب العربي في نظره هو العمالة لأعداء الإسلام ولغته وأمته وتسخير القلم والعقل والذكاء في هذا السبيل؟ وأخيرا نقول وننشد قول القائل: 

إن كنت لا تدري فتلك مصيبة 

وإن كنت تدري فالمصيبة أعظم 

ونتلو قول الباري تعالى: ﴿رَبَّنَا لَا تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا وَهَبْ لَنَا مِن لَّدُنكَ رَحْمَةً ۚ إِنَّكَ أَنتَ الْوَهَّابُ﴾ (آل عمران: 8).. ونردد قول المصطفى صلى الله عليه وسلم: یا مقلب القلوب ثبت قلوبنا على دينك.

وختاما نوجه النصيحة للعلامة حمد الجاسر فنقول: يا شيخ حمد أنت رجل تشرف الآن على نهاية حياتك فنصيحتنا إليك أن تتوب إلى الله وأن تقف من طه حسين وأمثاله موقف المسلم الغيور الواعي ممن حاول جاهدا طوال حياته أن يقضي أو يفتح الطريق للقضاء على الإسلام ولغته وتراث أمته، فإن صاحبك يقول بكل صراحة: إن التراث الإسلامي مجرد خيالات لا تثبت أمام البحث العلمي الواقعي بما في ذلك كثير من نصوص القرآن، فهل هذا أدب في القمة أم عمالة لأعداء دينك وأمتك ولغتك، كما ألفت نظر القارئ المسلم إلى أن حمد الجاسر يوافق طه حسين وأساتذته المستشرقين في زعمهم أن الشعر العربي الجاهلي مزيف منحول هذا الشعر الذي اعتمد عليه العلماء المسلمون في فهم كثير من معاني كتاب الله علمت ذلك من مقابلة معه أجرتها قافلة الزيت عام 1388هـ.

الرابط المختصر :