العنوان خاطرة.. كوني زوجة عصرية
الكاتب مجلة المجتمع
تاريخ النشر الثلاثاء 29-يونيو-1971
مشاهدات 18
نشر في العدد 66
نشر في الصفحة 26
الثلاثاء 29-يونيو-1971
الأسرة
خاطرة.. كوني زوجة عصرية
لا أقول كل نسائنا ولكن أغلب نسائنا يعشن في عالم غير عالم الرجال، وأنا لا أدعو نساءنا ليصبحن رجالًا أو كالرجال فذلك مخالفة لمقتضى الفطرة التي فطر الله الناس عليها، ولكنني أدعو النساء ليعشن عصرهن متفهمات لهذا العصر بالقدر الذي يعيشه الرجال ويفهمونه ولا أقول كل الرجال ولا كل النساء، فبعض الرجال متخلفون عن عصرهم كثيرًا وأكثر النساء متخلفات عن عصرهن أكثر.
قد يبدو هذا الكلام غريبًا في صفحة المرأة في مجلة المجتمع فظاهره دعوة إلى العصرية قد يفهم منها الانفلات على حضارة هذا العصر بخيرها وشرها، ولكن ضرب مثل قد يقرب ما نقصده إلى الأذهان.
البيت هو المكان المناسب لفطرة المرأة رضي الناس بهذا أما غالطوا أنفسهم وسكنت فيه المرأة أم تمردت عليه، فلن يغير ذلك من سنة الله في خلقه شيئًا.
ولنفترض وجود أسرة فـي بيت تعيش حياة طبيعية، زوج وزوجة وأولاد، الزوج في عمله، والمرأة في تدبير شئون الأسرة والبيت، والأولاد في مدارسهم أو في حضانة أمهم.
وحديثنا عن الزوجة، والزوجة في هذا الحال قد تكون عصرية وقد تكون متخلفة.
حين تكون المرأة عصرية فهي لا تعيش منعزلة عن العالم وما يحدث فيه متقوقعة في منزلها، ووسيلتها الوحيدة إلى ذلك الكتاب والصحيفة ووسائل الإعلام الأخرى فإذا كانت هذه المرأة تعرف كيف ترتب منزلها وتنظمه بفن وذوق وتعرف كيف تعتني بصغارها بحكمة وعلم وتفهم كيف تعامل أبناءها الكبار وتحملهم على سلوك الطريق الخير والمفيد.
ثم هي «وهذا هو أهم ما في الموضوع» تفهم زوجها وتفهم عمله وتشاركه علم ما في هذه الدنيا ومعرفة حقائقها فإذا قرأت كتابًا أهداه إليها أو صحيفة جلبها معه أو استمعت إلى إذاعة أو شاهدت تلفازًا كان لها في كل ما تقرأ أو تسمع رأيًا عرضته في وضوح وناقشته في وعي واستوعبته في عمق وبادلت زوجها حجة بحجة.
فإذا كانت الزوجة على هذا المستوى من التفهم استطعنا أن نقول: إنها تعيش عصرها وإنها تفهم دنياها، ومن الطبيعي بعد ذلك أن نراها تدفع زوجها إلى العمل المفيد والإنتاج المثمر وتقف وراءه تشجعه وتسانده وتدفعه ليكون عظيمًا من العظماء.
وفي الجانب الآخر نرى زوجة أخرى قد تكون موظفة أو غير موظفة تحمل شهادة أو لا تحمل، هذا لا يهم ولكنها لا تقرأ كتابًا ولا ترى من الصحف إلا التصاوير وأخبار النساء والحفلات وقصص نجوم السينما وصور الأزياء، تعشق شراء الأشياء الثمينة فتضعها في بيتها بطريقة منفرة لا تنم عن معرفة أو ذوق.
وتلهث وراء أحدث الأزياء والموديلات وأغلاها فتلبس وتتبرج ناسبها ذلك أم لم يناسب انسجم مع شكلها أم لم ينسجم.
وهي في بيتها ومع صغارها عصبية تصرخ وتصخب ولتوجيههم مهملة تتركهم للزمن، للجيران، للشارع يوجههم كيفما اتفق.
ثم هي « وهذا هو الأهم » لا تحاول أن تفهم زوجها أو طبيعة عمله، إذا استقبلته كانت شاكية ما وجدته من الصغار باكية لما تلاقيه من تعب وعناء وإذا جلست معه كان حديثها عن الجارة وجارة الجارة وما حدث لهما وأحدث ما اشترته كل منهما والفستان التي خرجت به فلانة أو علانة وإذا رأت زوجها يقرأ كتابًا أو يطالع صحيفة اعتبرت ذلك اعتداء عليها وانتقاصًا من حقها لا تسأل زوجها عن عمله أو مشاكله فيه ولا يهمها مشاريعه أو تطلعاته إلى المستقبل، المهم أن تحصل على ما تريد إذا عرض عليها رأيًا استخفت به دون وعي وإذا سمعت أو قرأت شيئًا بالمصادفة نظرت إليـه باستخفاف وبلا مبالاة هذه المرأة تنتج جيلًا تائهًا ضائعًا وتدفع زوجها إلى الخمول والقعود عن المكارم.
إنها زوجة متخلفة تعيش في عصر سحيق من التفاهة والابتذال.
أما الزوجة الأولى فهي الزوجة العصرية التي يسعد بها أولادها وزوجها ومجتمعها وأمتها هي الزوجة التي تصنع الرجال وتبني الأبطال.
كانت السيدة خديجة زوج رسول الله صلى الله عليه وسلم مثالًا للزوجة التي تتحدث عنها فهمت زوجها فهمًا حقيقيًا وآمنت برسالته وصدفته ووقفت خلفه تشجعه وتواسيه وتنفق عليه من مالها ولم تخذله يومًا ولم تثبط همته ولم تتخلف عنه ساعة وتحملت معه صلف قریش وسخافاتها حتى توفاها الله وزوجها رسول الله عنها راض حتى أنه كان يذكرها دائمًا بعد موتها مما دفع عائشة رضي الله عنها إلى الغيرة منها.
إلى مثل خديجة ندعو نساء اليوم
إلى صناعة الرجال وتوجيه الأبطال
ولیكن زوجات عصریات
موضوعات متعلقة
مشاهدة الكل