; خبر بريطاني.. ونداء إسلامي | مجلة المجتمع

العنوان خبر بريطاني.. ونداء إسلامي

الكاتب إبراهيم أحمد يحيى

تاريخ النشر الثلاثاء 06-يناير-1976

مشاهدات 16

نشر في العدد 281

نشر في الصفحة 20

الثلاثاء 06-يناير-1976

تناقلت الصحف العربية في زاوية صغيرة خبرًا عن الصحف البريطانية جاء فيه أن القس البريطاني- الين کلستون- حصل على جائزة قدرها ألف جنيه إسترليني عن كتابه الديني- نعم يا إلهي- ويعد هذا الكتاب أفضل ما كتب عن الصلاة خلال الربع قرن الماضي فقد خرج الكتاب بالصلاة من داخل الكنيسة إلى الشارع وهذه الجائزة تخصصها دار- كولينزا- الإنجليزية للنشر كل عامين لأحسن كتاب يخدم، المسيحية في العصر الحديث. انتهى الخبر.

ويستحق هذا الخبر التعليق من عدة نواح وأن يكون موجهًا إلى فئتين من الناس هما الحكام والأغنياء وللتعليق عدة جوانب:

الأول: التأكيد على أن الدين كمنهج فاعل متفاعل سيبقى له المكان الأسمى في توجيه حياة الناس نحو الأفق الأعلى ولست أحسب أكثر الناس حماسة للدعوة بفصل الدين عن الحياة يتهم الإمبراطورة العجوز- بريطانيا- التي تزين صدرها بكل نياشين الاستعمار اللئيم لا أحد يتهمها بالرجعية في تخصيص إحدى دور نشرها جوائز لأحسن کتاب ديني مسيحي وعن ماذا عن الصلاة ولست بصدد مناقشة الصلاة المسيحية وانعزاليتها في الحياة ولكني أريد الإشارة إلى أنهم يريدون إخراج صلاتهم إلى الشارع بدل أن تكون مصلوبة في الكنائس وهم بالمقابل يخططون لإبقاء صلاة المسلمين في المسجد لفصلها عن الشارع والحياة، والعجب أن بعض الناعقين من أمتي يطالبوننا بالخبث الأجنبي نفسه ويريدون أن يحصروا الإسلام في الصلاة فقط ويحصرون الصلاة في المساجد في محاولة مستحيلة لإقصاء الإسلام عن دوره المنتظر- ﴿ يُرِيدُونَ لِيُطْفِئُوا نُورَ اللَّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَاللَّهُ مُتِمُّ نُورِهِ (الصف: 8).

الجانب الثاني: نطالب به وبإلحاح قوي قوة الحق أن يأخذ الإسلام دوره في قيادة الحياة ليس بالصلاة فقط، بل بالحكم والقانون في إطار العقيدة الصافية نطالب بذلك لا بالعاطفة الدينية القوية، بل أيضًا بالعقل والمنطق وتجارب الدنيا التي لطمتنا على الوجوه بقوة وعنف لسنوات طوال آن لنا بعدها أن نعود لمنبع قوتنا ومصدر عزتنا آن لنا أن نرفع هاماتنا عن الالتصاق بالأرض للالتصاق بالسماء.

والجانب الثالث: في الخبر أن دور النشر الإنجليزية هي التي خصصت الجائزة لأحسن كتاب عن الصلاة وهذا يدعونا للعجب والتساؤل معًا عن طبيعة المهام الموكولة لأغلب دور النشر العربية، هل مهمتها إخراج الحرية الصحفية التي منحت لها وهي مكسوة بهذا الذي تسميه الإعلام باستغلال أدب الجنس الرخيص والفكر التافه بإظهار المتخلفين عن الحياة- عقليًا كالهيبيين ومدخني الحشيش وشاربي الأفيون. أم أن مهمتها إصدار الملاحق الخاصة عن الحياة الساقطة التي تعيشها الطبقة المسماة- بالفنية- التي يندر أن تجد فيها شخصًا واحدًا لا تلفه الفضائح المخزية حتى النواصي، ولا تنسى دور النشر أيضًا عبادتها المعنوية لهذا المسئول أو ذاك. وهذا طبعًا تخصص بالنفاق السياسي لا يتقنه إلا البارعون في فن الرقص على الحبال.

إن على دور النشر العربية أن تلتزم بالفكر الرصين وباتجاه مستقیم ولتجتنب هذه الدور الموقرة نشر الصور الملونة للخليعين والخليعات من الساقطين والساقطات من أجل ربح مادي رخيص إذا ما قيس بالضلال الفكري الذي تشيعه بين الناس وما تشيع إلا جهلًا كالظلمات بعضها فوق بعض.

ويحق لنا أن نوجه اللوم الشديد إلى أثرياء الأمة العربية ونتوجه إليهم- مخلصين لوجه الله- بأننا نريد منهم أن يحترموا أنفسهم، ويقدروا إسلامهم وأوطانهم، نريد منهم أن لا يزكموا أنفسنا بأخبارهم الصحفية في البلدان الغربية التي تتصيد لكل خطأ من أي مسلم لتتخذه حجة على الإسلام نفسه، ثم يأخذون هذه الأخطاء لتصبح عندهم وكأنها حقائق إسلامية لا تقبل الجدل.

نريد، بل يريد الإسلام من أغنيائه أن يتقوا الله في أموالهم لكي لا تهدر في وأنني أحب أن أهمس في آذان الأزقة الخلفية من الحياة بين المقامرة والنساء، وعليهم أن يتجهوا إلى أسباب الحياة لإروائها بما هو نظيف ولطيف وعفيف. إن على أغنيائنا أن يصبوا مالهم الضائع ووقتهم المهدور في- إنعاش- المسلمين أفرادًا ومؤسسات علمية كريمة تعرف حق الله وحق الحياة.

وبمثل هذا وما يضارعه سوف نتصدر المسيرة العالمية من جديد ولو كره المتشائمون والمشككون والمنهزمون. فعندما وعد النبي الكريم أحد المسلمين- سراقة- بأن يلبس سواري کسرى لم يكن مغرقًا في التفاؤل، ولكنه عليه الصلاة والسلام كان مغرقًا في صدق الإيمان، وقمة الإخلاص وذروة التقوى وليس نحن كذلك اليوم مع شديد الأسف.

وليستحي- على الأقل- أغنياء العرب من أغنياء يهود ويغاروا على حقهم كما يغار أولئك على باطلهم.

وإنني أحب أن أهمس في آذان أغنياء العرب لأقول لهم إن لا أوطان تصان وتحفظ كرامتها ولا أموال تبقى بلا إسلام يحفظ ويصان قبل الأموال والأوطان وأن لا مكان للأمة العربية عالميًا دون أن يكون الإسلام قائدًا لها في استراتيجيتها العالمية على المستويين الداخلي والخارجي.

استراتيجية تضم داخلها جميع نواحي الحياة- الإسلامية فكريًا وسياسيًا واجتماعيًا وأمنيًا.

واللهم اشهد أني قد بلغت.

إبراهيم أحمد

الرابط المختصر :