; خطيب المسجد الأقصى في الكويت | مجلة المجتمع

العنوان خطيب المسجد الأقصى في الكويت

الكاتب مجلة المجتمع

تاريخ النشر الثلاثاء 08-ديسمبر-1970

مشاهدات 16

نشر في العدد 38

نشر في الصفحة 26

الثلاثاء 08-ديسمبر-1970

خطيب المسجد الأقصى في الكويت

زار صحيفة المجتمع سماحة الشيخ محمد عادل الشريف خطيب المسجد الأقصى سابقًا وهو يعمل الآن مفتيًا في المملكة الأردنية وخطيبًا لمسجد الحسيني الكبير، وكان أثناء وجوده في القدس حتى حرب حزيران سنة ١٩٦٧ أمينًا للفتوى وخطيبًا ومدرسًا للمسجد الأقصى ومديرًا للمعهد العلمي الإسلامي المعروف بتخريج أبنائه لإكمال الدراسات الجامعية، كما أنه كان عضوًا عاملًا في هيئة كبار العلماء وهو اليوم المدير لدار الفقه والحديث في عمان وله جهود مشكورة معروفه ومواقف مشرفة جريئة، مؤثرة في خطبه ووعظه وإرشاده كما له من المؤلفات التي وقع معظمها تحت أيدي العدو الجريح، من هذه المؤلفات حقوق المرأة في الإسلام وعلوم القرآن والشباب عدة المستقبل مما يشهد له بدأبه وحرصه على طلب العلم وإعلاء مكانة العلماء كما كان سماحته في سنة ١٩٦٢ - ١٩٦٣ أستاذًا عاملًا في كلية اللغة العربية بجامعة الرياض في المملكة العربية السعودية، هذا وقد ألقى في مسجد العثمان الكبير في الكويت بمناسبة ليلة القدر درسًا قيًما في تفسير قوله تعالى ﴿سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَىٰ بِعَبْدِهِ لَيْلًا مِّنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ لِنُرِيَهُ مِنْ آيَاتِنَا ۚ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ﴾ (الإسراء: 1)، فأبان مسئوليات عامة المسلمين وحكامهم عن المقدسات الإسلامية والحفاظ عليها بل هي أمانة في أعناق جميع المسلمين في كل قطر من مشرقه إلى مغربه، كان لهذا الدرس الديني الحافل أحسن الأثر وأطيبه في نفوس المسلمين الواعين كما أن إدارة التليفزيون الكويتي والإذاعة قد اغتنمت فرصة وجوده فكلفته إلقاء بعض الحلقات والأحاديث الدينية العلمية مدعمة ببيان فلسفة الإسلام وأهدافه في تحقيق دعوته ورسالته بالاشتراك مع الدكتور التفتازاني المعروف، إننا بدورنا نرحب بضيف الكويت سماحة الشيخ محمد عادل الشريف وأهلًا وسهلًا به بين إخوانه ومعارفه وأصدقائه.

بين ماضينا وحاضرنا

كلفتني جماعة تحرير جريدة المجتمع الإسلامي في الكويت أن أكتب كلمة واقعية معاصرة يشهدها مجتمعنا الحاضر فاخترت موضوعي بعد تفكير وعنونته بهذا العنوان (بين ماضينا وحاضرنا)

قل لي بربك يا أخي ماذا أكتب وماذا أقول لقد فقدنا تراثنا الغالي واتخذناه وراءنا ظهريًا لئلا نبصره ونتبصر به ذلكم هو تشريع السماء ودستور السماء ليتنا درسناه ليتنا قرأناه ليتنا تلوناه ليتنا عملنا بأحكامه أنه كتاب الله الحكيم الذي قال فيه أحكم الحاكمين ﴿لَّا يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِن بَيْنِ يَدَيْهِ وَلَا مِنْ خَلْفِهِ ۖ تَنزِيلٌ مِّنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ﴾ (فصلت: 42).

ولقد شهد بفضل هذا الكتاب دهاقنة الشرق والغرب فهذا (توماس كارليل) يقول
إن الكتاب الذي نزل على محمد صلى الله عليه وسلم فيه صلاح الدنيا كما فيه حل مشكلات الحياة

والفضل ما شهدت به الأعداء كما قيل شهد الأنام بفضله حتى العدا والفضل ما شهدت به الأعداء فأصحاب محمد صلى الله عليه ورضي الله عنهم حققوا دعوة الإسلام وعملوا بأحكام الشريعة الغراء فسعدوا وانتصروا من بعد ما ظلموا وحققوا غايات وفتوحات، لم تكن في الحسبان رائدهم العمل لله وحده وهو فهم نصرة دينه وغايتهم إعلاء كلمة الله فتغلبوا على أكبر وأعتى دولتين في العالم هما دولتا فارس والروم وامتدت رقعة الإسلام في مشارق الأرض ومغاربها مع قلة أنصار الإسلام ومؤازريه ومع وفرة أعدائه ومناوئيه كانوا يحمدون ربهم مع قلة ما في أيديهم وقلة زادهم من حطام الدنيا فلم ينههم الأمل عن العمل، يد تحارب أعداء الله ويد تصنع وتبدع ويد تحرث وتزرع فهذا هو الخليفة الثاني عمر بن الخطاب رضي الله عنه يوم ذهابه للشام يعتقب البعير مع خادمه ولما كان دور الخادم قبيل وصولهما الشام أعطاه الخليفة دوره ولم يقبل تغيير ما اتفقا عليه وقال (الحمد لله الذي أعزنا بالإسلام ودخل الشام كشخص عادي غير معروف).

إننا إذا ما قارنا بين ماضينا وحاضرنا وجدنا أن أبناء الإسلام أصبحوا حربًا على الإسلام بتقاليدهم للفرنجة في زيهم وحلاقتهم وأعمالهم وتصرفاتهم أصبحت لا تعرف المسلم من غيره ترى الشاب في حديثه وتخنثه ما هو إلا لون آخر ونوع آخر وترى نفسك بينهم كأنك غريب الدار كما قيل:

أما الخيام فإنها كخيامهم

وأری نساء الحي غير نسائهم

شباب اليوم.. وموقعهم من المعركة

إن شباب اليوم تركوا سيرة الأولين وتبعدوا بل تنصلوا مما كان عليه أبطالنا الماضون لو استعرضنا شباب محمد عليه الصلاة والسلام وهم شباب الإسلام وقارنا بين شباب الميوعة والانحلال الخلقي في حاضرنا اليوم لوصلنا إلى نتيجة حتمية لازمة كانت سببًا مباشرًا في فشلنا مع عدونا وسببًا في هزيمتنا أمام شرذمة ضربت عليها الذلة والمسكنة وباءت بغضب من الله، إننا إذا ما وجهناهم إلى العمل بكتاب الله وشريعته الصالحة لكل زمان ومكان صمت آذانهم وعميت عيونهم وانماعت مفاهيمهم وظنوا أن الشريعة كانت سببًا في تخلفهم عن ركب المدنية الزائفة والحضارة المضللة.

فأي حضارة أعلى وأسمى من حضارة الإسلام فهذا هو (اللورد هدلي) عند اعتناقه الإسلام يقول (وجدت في تعاليم الإسلام ما يضمن لي سعادتين سعادة في الدنيا لأن الدين الإسلامي يأمر بالعمل والتزود من الدنيا بما يستطاع وسعادة الأخرى لأن الدين الإسلامي يدعو إلى التزود للآخرة فيقول القرآن الكريم ﴿وَتَزَوَّدُوا فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَىٰ ۚ وَاتَّقُونِ يَا أُولِي الْأَلْبَابِ﴾ (البقرة: 197)، هذه حياتنا اليوم هذا واقعنا اليوم تزاحم على الدنيا وتناحر وخصومات في الباطل وحتى اليوم ونحن مختلفون ولا نزال مختلفين ) نتصارع على حصول مكانة دنيوية زائلة ولا نعمل للحياتين فنسعد فليعمل العاملون ولنعمل على استرجاع مقدساتنا وما سلب منا ﴿وَقُلِ اعْمَلُوا فَسَيَرَى اللَّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ ۖ وَسَتُرَدُّونَ إِلَىٰ عَالِمِ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ فَيُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ﴾ (التوبة: 105).      

الرابط المختصر :