العنوان دقت ساعة الحساب .. يا عرفات
الكاتب د.حمزة زوبع
تاريخ النشر السبت 23-فبراير-2002
مشاهدات 9
نشر في العدد 1490
نشر في الصفحة 28
السبت 23-فبراير-2002
كتب توماس فريدمان في جريدة نيويورك تايمز مؤخراً مقالاً بعنوان (رجل ميت يمشي) اعتبر فيه أن مصير القضية الفلسطينية انتقل من المسار الدبلوماسي إلى المسار البيولوجي (الحيوي) أو بالعربي الفصيح أصبحت القضية في يد القضاء والقدر فالكل حسب ما ذكر فريدمان ينتظر ساعة رحيل عرفات أو التخلص منه، وساوى في ذلك بين العرب واليهود، والأمريكيين والفلسطينيين الذين ينتظرون ساعة الرحيل، دون أن يتورطوا في تحديد النهاية.
هكذا ينظر العالم إليك .. انظر حولك أيها الزعيم .. من بقي لك؟
أين طائرتك التي طالما أقلتك إلى خارج الوطن وحملتك إلى البيت الأبيض.. ها هو البيت الأبيض قد أوصد دونك كل الأبواب بل أين مطارك الذي كان شعاراً ورمزاً لدولة فلسطين كما كنت تردد دائماً؟
أين أصدقاؤك الذين كانوا يستقبلونك أو تستقبلهم بالقبلات الحارة وتقبيل الجبين؟
أين رجالك الذين طالما هتفوا بحياتك وهم ينسجون مع اليهود أكفانك ويضعون تصوراتهم الشكل الجنازة التي ستضم نعشك؟
أعرف أنه ليس من المروءة أن أتحدث إليك بلغة كهذه في ظرف كهذا، ولكني لست شامنا مذكراً لك قبل أن تأتيك ساعة الحساب.
ثلاثة شهور مرت وأنت رهين المحبسين لم يستطع أحد إخراجك من عزلتك، لا أصدقاؤك الذين دفعوك في الطريق الملغوم ولا أعداؤك الذين تمنوا عليك أن تغامر وتقامر بمصير القضية.
أكتب إليك وقد عز علي أن أتابع سلسلة تصريحاتك وتنازلاتك وأنت رهين المحبسين محبس العزلة في رام الله، ومحبس العزلة عن ممارسة أي دور سياسي.
كلما أدليت بحديث إعلامي ازددت يقيناً بأن السبب وراء هذه التصريحات هو حرصك على ما تبقى لك من مقام أو مكانة وأتساءل ببراءة: ماذا تبقى لك يا سيدي؟
وأعفيك من الإجابة، وأقول لك لم يتبق لك سوى جموع التلاميذ والعمال الذين يأتونك مأمورين ليعلنوا عن تضامنهم معك، وأنت تعلم أن الذين يسيرونهم هم الذين يتفاوضون مع اليهود على كيفية إحكام الحصار حول عنقك!
لست أول من يحاصر ولن تكون الأخير فهذا صراع أبدي، صراع وجود بين قوى الشر وقوى الخير صراع لن يحسمه التفاوض لا في مدريد ولا أوسلو ولا شرم الشيخ صراع ممتد لن تجدي في وقف مسيرته مساعدات العم سام ولا تهديدات أبناء عمومتك في فلسطين المحتلة وما حولها.
ما ضرك لو أعلنت في حصارك أنك لن تتنازل، وأن كتائب المجاهدين والمقاتلين وحدهم هم أصحاب القرار الأول والأخير؟
ما ضرك لو اكتفيت بالصمت بدلاً من أن ترمي المجاهدين بالإرهاب!
وبعد أن اتهمت واعتقلت وأغلقت وهددت وفعلت ما بوسعك، كم هي مساحة الحرية التي وهبوك نظير جهودك الميمونة؟ لا شيء سوى تصريحات!
تذكر واقعة السفينة وما تلاها من أحداث، وكيف صدق بعض أصدقائك رواية أبناء عمومتك والعم سام وراحوا لا يدافعون عنك كما يقضى الواجب، بل يرسلون إليك الرسل والرسائل من أجل إقناعك بالاعتذار عن فعل مشروع! في الوقت الذي لم يجرؤ فيه أحد على اتهام شارون بارتكاب مذابح يومية ضد الأطفال والنساء والمقعدين من الرجال.
ورغم ذلك استجبت ووقعت خطاب اعترافك بالخطأ (المشروع)!
لماذا وقعت على رسالة اعترافك وتحملك المسؤولية وأي مقابل منحوك؟ لا تقل إنهم سيسمحون لك بزيارة لبنان والتمتع بالجلوس أمام الكاميرات لتعلن أن الدولة قادمة وأن القدس ستكون عاصمتها!
أعرف انك تعرف أنك محاصر من أجل أن توقع على الوثيقة الأخيرة في ملف بيع القضية، يدفعك إلى ذلك نفر من بني جلدتنا يعتقدون أن القضية قد طال أمدها وأنها السبب في كل تخلف تعاني منه شعوبنا.
لا تتعجب إن خرج أحدهم متهماً إياك بأنك وراء انهيار العملات الوطنية أو البطالة أو التخلف أو الانهيار الاقتصادي هنا أو هناك.
تعرف أنك قد سقطت منذ ذلك اليوم الذي حوصرت فيه وسكت الجميع طوعاً وكرها، فلماذا لا تبادر وتعلن على الملأ ماذا يراد منك على وجه التحديد ؟
لماذا لا تكشف- وأنت في هذه الخلوة التي جاءت على غير رضا- عن أوراقك التي تحتفظ بها وأسرارك التي تحملها؟
أرجوك أن تكشف لنا عن بعض العرب واليهود وأمريكا.. عن كامب ديفيد وشرم الشيخ وأوسلو.. عن لقاءاتك المتعددة وتصريحاتك المتناقضة.. افعلها الآن وليس غداً، فربما يعطونك دواء أو عقاراً طبياً يتلف ذاكرتك أو يذهبها، قبل أن تفشي أسرار من ضغطوا عليك وهددوك واحضروا لك على الهاتف من يضغط عليك.
إن الساعة التي تعيشها الآن هي الحساب مع من أعطيتهم الأمان وأعطوك السجن والحصار.. إنها ساعة تصفية الحساب بين ساعة أنك شركاء اتفقوا على أداء أدوار معينة، ويبدو لم تؤد الدور المطلوب أو أن هناك من يمكنه فعل ذلك على وجه أفضل منك.
كم هي صعبة ساعة تصفية الحساب بين شركاء اتفقوا على تصفية القضية في الحياة الدنيا.
ترى كيف ستكون ساعة الحساب في الآخرة؟ مجرد سؤال ربما يدفعك إلى التفكير بطريقة مختلفة.
موضوعات متعلقة
مشاهدة الكل