العنوان دور المرأة: رؤية إسلامية (الحـلقة 6)- تقييم تجربة المرأة في الكويت
الكاتب د. عبد الله فهد النفيسي
تاريخ النشر الثلاثاء 25-أغسطس-1987
مشاهدات 3
نشر في العدد 831
نشر في الصفحة 50

الثلاثاء 25-أغسطس-1987
لا يعيب الإنسان ولا يشينه أن يراجع بين الفينة والأخرى أفكاره وآراءه ومواقفه وسلوكياته وعلاقاته الاجتماعية ومجمل حياته بغية الترشيد والتصحيح والتقويم. ولا يعيبه ولا يشينه إذا تبين له أنه أخطأ هنا أو أخطأ هناك طالما توفرت لديه إرادة التصحيح والتقويم والترشيد. ولا يعيب الإنسان ولا يشينه -بعد المراجعة المخلصة مع النفس والمحاورة الدافئة مع قرناء الخير- أن يغير الإنسان أفكاره وآراءه ومواقفه وسلوكياته وعلاقاته الاجتماعية ومجمل حياته في اتجاه الأصح والصحيح والقويم والرشيد من الأفكار والآراء والمواقف والسلوكيات والعلاقات الاجتماعية وغير ذلك؛ فالحكمة ضالة المؤمن يأخذها أنى وجدها.
وما ينطبق على الإنسان الفرد ينطبق أيضًا على الإنسان الجماعة أي المجتمع بعمومه فلا يعيب مجتمعًا من المجتمعات أن يراجع نفسه في أفكاره وآرائه ومواقفه وسلوكياته وأنظمته وأنسقة حياته بالإجمال بغية الترشيد والتصحيح -والتقويم ولا يعيب المجتمع ولا يشينه- أي مجتمع كان إذا تبين له أنه أخطأ هنا أو أخطأ هناك طالما توفرت لديه إرادة التصحيح والتقويم والترشيد. بل لا يعيبه ولا يشينه أن يغير حتى أنظمته العامة -إذا توفرت قناعته العامة- لأنظمة أخرى وأنسقة أخرى يرى أنها وبعد التجربة والمحك- أقرب إلى الصحة والاستقامة والرشاد.
في مطلع الخمسينيات وبعد أن ظهرت في الكويت وإلى السطح الاجتماعي آثار الثروة النفطية ومن خلال الاحتكاك الثقافي مع المجتمعات الأخرى العربية والأجنبية ومع توافد الخريجين الجدد «والخريجات على قلتهن يومذاك» وما يحملون من أفكار واتجاهات حول أبنيتنا الاجتماعية بدأت تنطرح قضايا كثيرة للحوار من ضمنها قضية المرأة... وذهب نفر من إخواننا وأخواتنا في الكويت يومذاك إلى نقد الطبيعة المحافظة للمجتمع الكويتي لدرجة أن مجموعة من الفتيات الكويتيات تظاهرن وأحرقن العباءات ونادين بالسفور واحتججن على استمرار الحجاب في الكويت وكان هذا التيار يومذاك -بمرفقاته السياسية العربية- قويًا وكاسحًا لدرجة أنه أثر كثيرًا على وضعية المرأة الكويتية من حيث مكانها ودورها ووظيفتها الاجتماعية. ولسنا هنا في مجال محاكمة هذا التيار الاجتماعي أو ذاك بقدر التأكيد على أن التيار الذي كان سائدًا في الخمسينيات كان له الأثر الكبير في إخراج المرأة الكويتية من البيت إلى سوق العمل الكويتي أي نقول مر الآن على خروج المرأة الكويتية من البيت إلى سوق العمل -بشكل جماعي وكثيف- ما يقارب الثلاثين عامًا.
بعد هذا المشوار الذي مرت به المرأة الكويتية أليس مطلوبًا تقييم هذه التجربة الاجتماعية؟ وطرح الأسئلة الكبيرة حولها: ما أثر خروج المرأة الكويتية من البيت إلى سوق العمل على تربية النشء «الأطفال والصبيان بالذات» وعلى استقرار الأسرة الكويتية «وعلاقة ذلك بنسبة الطلاق المرتفعة في الكويت» وعلى فرص العمل للرجل الكويتي وعلى ظاهرة الخدم والمربيات في المجتمع الكويتي وعلى النمط الاستهلاكي الاستنزافي لميزانية الزوج والأسرة برمتها؟ وهل بالفعل كان لخروج المرأة الكويتية من البيت إلى سوق العمل الكويتي آثار اجتماعية إيجابية، وإذا كان كذلك فما هي؟ وهل تعليم المرأة -من حيث هو حق إنساني وإسلامي- يستلزم بالضرورة أن يكون دورها الأساسي خارج البيت؟ وهل للمرأة -الكويتية وغيرها- وظيفة أساسية في البيت وإذا كان كذلك فما هي؟ وهل استطاعت المرأة الكويتية التوفيق بين العمل خارج البيت ووظيفتها داخل البيت؟ وهل هذا التوفيق ممكنًا؟
لا أزعم أني أملك أجوبة واضحة ودقيقة لتلك الأسئلة الكبيرة، لكني أستطيع القول إنه بات لزامًا علينا في الكويت أن ندرس هذا الأمر لخطورة آثاره على المستقبل الكويتي، فهل تتحرك الجمعيات النسائية لدراسة هذه الأسئلة وغيرها المثارة في هذا الصدد وهل تتحرك الجهات الرسمية المعنية بهذا الأمر في اتجاه دراسته؟ أرجو ذلك.
موضوعات متعلقة
مشاهدة الكل

