; دور المرأة: رؤية إسلامية- الحلقة ٧ | مجلة المجتمع

العنوان دور المرأة: رؤية إسلامية- الحلقة ٧

الكاتب د. عبد الله فهد النفيسي

تاريخ النشر الثلاثاء 01-سبتمبر-1987

مشاهدات 5

نشر في العدد 832

نشر في الصفحة 50

الثلاثاء 01-سبتمبر-1987

ماکو مَهَر بسْ هالشَّهَر والقاضي نذبّه بالنهر

سنة ١٩٥٩ وعندما جثم على بغداد كابوس الشيوعية، سيّر الحزب الشيوعي العراقي آنذاك مظاهرة صاخبة تتصدرها عضوات الحزب وهن يهتفن: «ماكو مهر بس هالشهر والقاضي نذبه بالنهر». أي بعد شهر فقط لن يتعين على من يريد الاقتران بامرأة اتباع القوانين الإسلامية «مهر وشهود ومأذون ووثيقة شرعية»، فقد كان الحزب الشيوعي العراقي آنذاك في قلب السلطة ووجدانها وكان بالفعل قد أعد مشروعات قوانين تلغي التعامل تمامًا بالقوانين الإسلامية في الزواج وغيرها، ويترك العلاقة الجنسية بين المرأة والرجل دون أية قيود أو ضوابط. والذين وقفوا من المارة على جانبي الطريق ورواد المقاهي في «ساحة الأمين» و«شارع الرشيد» المنهمكون بالتهام «الباقلا والكاهي» ورشف الجاي «أبو لكة»، ربما لم يدركوا المعاني البعيدة للهتاف، لكن من يقرأ ماركس وأنجلس لا يحتاج لكثير ذكاء لكي يتبين له أن ذلك الهتاف كان تلخيصًا دقيقًا للأساس الفكري لموقف عموم الشيوعيين من المرأة والأسرة والزواج والطفولة والأمومة، ومن المهم -لغرض المقارنة- التعرف على الأساس الفكري الماركسي إزاء قضية المرأة قبل أن تتعرف على الأساس الفكري الإسلامي لذات الموضوع؛ حتى ندرك الغلو والتطرف الذي تتميز بهما المدرسة الماركسية.

• من أفضل المراجع الماركسية التي تعرضت لقضية المرأة هما: أولًا- «البيان الشيوعي» ١٨٤٨، وثانيًا- بحث كتبه أنجلس بعنوان «أصل العائلة»، وهو مضمن في «مختارات ماركس وأنجلس» ٤ أجزاء- دار التقدم موسكو- طبعة ۱۹۷۰ والبحث في الجزء الثالث ص ۱۷۰- ٤١٩.

فمن أراد أن يتعرف على النظرية الماركسية في المرأة والطفولة والأمومة والزواج، فلا بأس أن يستعين بهذه المراجع الرئيسة. فماذا تقول هذه المصادر التي يروجها الشيوعيون في كل مكان في هذا العالم عن المرأة والطفولة والأمومة والزواج والأسرة؟

• يستند أنجلس في بحثه «أصل العائلة» على كتاب باهوفن ‏BACHOFEN والمعنون «حق الأم» والذي يؤكد فيه أن الزواج الفردي -من حيث هو مؤسسة اجتماعية- إنما هو تنظيم جديد على حياة المجتمعات البشرية التي كانت تعيش في حالة عفوية من الشيوعية الجنسية، «التي لم يكن فيها الرجال وحسب يدخلون في علاقات جنسية مع بضع نساء، بل كانت فيها النساء أيضًا يدخلن في علاقات جنسية مع بضعة رجال دون أن يشكل ذلك مخالفة للعادة» (۱). ويؤكد ماركس أن التناقض الموجود بين المرأة والرجل في الأسرة أساسه اقتصادي وشبيه بالتناقض بين البرجوازي والبروليتاري، الرجل هو البرجوازي والمرأة هي البروليتاري في هذه الحالة، ويضيف مسَفهًا العائلة وداعيًا لإلغائها: «إن العائلة العصرية لا تنطوي على جنين العبودية وحسب، بل أيضًا على جنين القنانة» (۲). ويؤكد أنجلس أن الزواج تكمن دائمًا وراءه دوافع النفعية من الطرفين والاستغلال الاقتصادي، وهو لا يختلف في مضمونه عن البغاء. وكل الخلاف -يقول أنجلس- بين الزوجة والبغية «أن الزوجة لا تختلف عن البغية الممتازة الذكاء والأناقة إلا بكونها لا تؤجر جسدها بالقطعة كما تؤجر العاملة عملها، بل تبيعه دفعة واحدة وإلى الأبد كالعبدة» (۳). والشرط الأول -عند أنجلس- لتحرير المرأة هو خروج المرأة من البيت إلى سوق العمل لكي تزول العائلة بوصفها وحدة اقتصادية في المجتمع (٤). ماذا يحدث للأطفال؟

الأطفال «الشرعيون وغير الشرعيين نظرًا للحرية الجنسية المطلقة التي ينادي بها ماركس وأنجلس» يقول: «مع تحول وسائل الإنتاج إلى ملكية عامة اجتماعية، لا تبقى العائلة وتغدو العناية بالأطفال وتربيتهم من شؤون المجتمع، فإن المجتمع سيعني بالقدر ذاته بجميع الأطفال سواء أكانوا شرعيين أو غير شرعيين، وبفضل هذا يزول هم العواقب الذي يشكل في الوقت الحاضر أكبر سبب اجتماعي أخلاقي اقتصادي يمنع الفتاة من الاستسلام بلا تحفظ للرجل الذي تحبه، ألن يكون هذا سببًا كافيًا لكي يقوم تدريجيًّا مزيد من الحرية في العلاقات الجنسية، ولكي يتكون بالتالي رأي عام أكثر تساهلًا حيال شرف العذارى وحشمة النساء؟» (٥). ونسأل: أليست هذه دعوة صريحة للشيوعية الجنسية والإباحية المطلقة؟ يجيب علينا «البيان الشيوعي»:

«قصارى ما يمكن أن يتهم به الشيوعيون إذًا هو أنهم يريدون كما يزعمون الاستعاضة عن إشاعة النساء المستترة بالرياء والمغطاة بالمداجاة بإشاعة صريحة رسمية» (٦).

• ماكو: لا يوجد

نذبّه: نلقيه

(۱) «مختارات ماركس وأنجلس»، ج ۳ ص ۱۷۹.

(۲) نفس المرجع، ج ٣، ص ٢٤٤.

(۳) نفس المرجع، ج ۳، ص ٠٢٦٤

(٤) نفس المرجع، ج ۳، ص ٢٦٨.

(٥) نفس المرجع، ج ۳، ص ۲۷۰.

(٦) «البيان الشيوعي»، دار التقدم، موسكو، د. ت ص ٦٤.

الرابط المختصر :