العنوان دور المنافقين في المعارك التي خاضها الرسول - الحلقة الأخيرة
الكاتب عبد القادر طاش التركستاني
تاريخ النشر الثلاثاء 04-ديسمبر-1973
مشاهدات 17
نشر في العدد 178
نشر في الصفحة 33
الثلاثاء 04-ديسمبر-1973
دور المنافقين في المعارك التي خاضها الرسول
الحلقة الأخيرة
بقلم: عبد القادر طاش تركستاني
* المنافقون هم الذين يخافون القتال.. لأن أعماقهم خاوية من الإيمان الحق.. والشجاعة الكريمة.
أما المؤمنون الصادقون.. فيقدمون على المعارك.. بعزم صادق.. وصبر عند اللقاء.
أمتنا أجمعت -في روعة متناهية- على قتال العدو اليهودي في فلسطين المحتلة.
وما أن توقفت الحرب بغتة حتى هب المنافقون يطيلون ألسنتهم بكلام فارغ عن أيام الاستقرار والوداعة.. ويغرون الأمة بخفض سلاحها وإغماده استعدادًا للصلح مع العدو.
هذا تخذيل للأمة.. وهي حالة حرب.
ومن قبل فعل المنافقون مثل ذلك.
وهذا المقال الجيد يستعرض بعض مواقف المنافقين في الغزوات التي دارت في عهد الرسول عليه الصلاة والسلام.
الدور الأول:
هو بذر الفتنة والشقاق بين المهاجرين والأنصار وتوسيع شقة الخلاف بينهم لسبب تافه؛ فقد اختلف اثنان من المسلمين أحدهما من الأنصار والآخر من المهاجرين، حتى اقتتلا فصرخ الأنصاري: يا للأنصار، وصرخ المهاجري: يا للمهاجرين، فغضب عبد الله بن أبي واستغل هذه الفرصة ليكيد كيده ويخرج ضغنه وحقده، فقال: أو قد فعلوها، قد نافرونا وكاثرونا في بلادنا! والله ما أعدنا وجلابيب قريش إلا كما قال الأول: سمن كلبك يأكلك، أما والله لئن رجعنا إلى المدينة ليخرجن الأعز منها الأذل. ثم أقبل على قومه فقال لهم: هذا ما فعلتم بأنفسكم، أحللتموهم بلادكم وقاسمتموهم أموالكم، أما والله لو أمسكتم عنهم أيديكم لتحولوا إلى غير داركم.. وهنا تظهر القمة السامقة التي رفع الإيمان إليها أتباعه فقد انبرى من بـين المسلمين عبد الله بن عبد الله بن أبي؛ مثال المؤمن المتجرد الطائع الذي شقي بأبيه وضاق بأفاعيله وخجل من مواقفه، فطلب من الرســــــــــــول صلى الله عليه وسلم -إن كان يريد قتل أبيه- أن يأمره هو بقتله. وهو لا بد مطيع.. كي لا يتولى ذلك غيره، فلا يطيق أن يرى قاتل أبيه فيقتله، فيقتل مؤمنًا بكافر فيدخل النار. ولكن الرسول صلى الله عليه وسلم -وهو الرحيم الرءوف الحكيم- يقول له: «بل نترفق به ونحسن صحبته ما بقي معنا». وأراد رسول الله صلى الله عليه وسلم قطع الفتنة قبل استفحالها، فأمر بالرحيل في ساعة لم يكن يرتحل فيها لشدة الحر؛ ولكنه أراد أن يشغل الناس بالرحيل والسفر عن كثرة القيل والقال التي أثارها رأس النفاق.
والدور الثاني الذي لعبوه في هذه الغزوة هو «حديث الإفك»، فقد حدث أثناء رجوع المسلمين من غزوة بني المصطلق أن أذن المؤذن بالرحيل، وكانت عائشة رضي الله عنها في الجيش، فذهبت بعيدًا لقضاء حاجتها، فلما عادت افتقدت عقدًا لها فذهبت للبحث عنه، فلما عادت وجدت الركب قد سار وقد ظنوا أنها في هودجها لخفتها فحملوها، فظلت في مكانها وذهبت في النوم، فمر بها صفوان بن المعطل فعرفها، فأيقظها وأناخ لها، ثم سار بها إلى المدينة، فلما رأى ابن أبي ذلك قال: فجر بها ورب الكعبة! ما نجا منها ولا نجت منه. وصار يقول أيضًا: امرأة بينكم باتت مع رجل حتى أصبح وراح.. يشيع ذلك في المدينة ويفشيه ويحركه، ولا يدعه يخمد. واشترك معه المنافقون بكل وسائلهم الملتوية، حتى بلغ من خبث هذه الفتنة أن ماجت المدينة بالفرية التي لا تصدق أبدًا، ولاكتها ألسنة المسلمين وأصبحت موضوع حديثهم لشهر كامل. ولقد كلف ذلك الحادث وهذا الحديث قلب الرسول صلى الله عليه وسلم آلامًا شديدة، وكلف الأمة المسلمة تجربة شاقة. «وعلق قلب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقلب عائشة التي يحبها، وقلب أبي بكر الصديق وزوجه، وقلب صفوان بن المعطل، شهرًا كاملًا، علقها بحبال الشك والقلق والألم الذي لا يطاق» «۲۱».
«وعندما تصل الآلام إلى ذروتها على هذا النحو يتعطف عليه ربه فيتنزل القرآن ببراءة عائشة الصديقة الطاهرة، وبراءة بيت النبوة الطيب الرفيع، ويكشف المنافقين الذين حاكوا هذا الإفك، ويرسم الطريق المستقيم للجماعة المسلمة في مواجهة مثل هذا الشأن العظيم» «۲۲». وهكذا لعب المنافقون في هذه الغزوة هذين الدورين الخطرين، وكان هدفهم: القضاء على الإسلام بدافع الحقد والحسد والضغينة، ولكن الله أبطل كيدهم وكذب افتراءاتهم. ﴿لِكُلِّ امْرِئٍ مِّنْهُم مَّا اكْتَسَبَ مِنَ الْإِثْمِ ۚ وَالَّذِي تَوَلَّىٰ كِبْرَهُ مِنْهُمْ لَهُ عَذَابٌ عَظِيمٌ﴾ (النور: 11) «۲۳».
«في غزوة تبوك»:
في رجب سنة تسع من الهجرة أمر الرسول صلى الله عليه وسلم أصحابه بالتهيؤ لغزو الروم، وذلك في زمان من عسرة الناس وشدة من الحرب وجدب من البلاد، وحين طابت الثمار والناس يحبون المقام في ثمارهم وظلالهم ويكرهون الشخوص على الحال من الزمان الذي هم عليه، وكان الرسول صلى الله عليه وسلم قلما يخرج في غزوة إلا كنى عنها وأخبر أنه يريد غير الوجه الذي يصمد له؛ إلا ما كان من غزوة تبوك فإنه بينها للناس.
لبعد الشقة وشدة الزمان وكثرة العدو ليتأهب الناس لذلك أهبته فأمر الناس بالجهاز وأخبرهم أنه يريد الروم.
وكعادة المنافقين في كل غزوة قد كانت لهم في هذه الغزوة مواقف نجملها فيما يأتي:
1- الاستئذان في التخلف وانتحال الأعذار لذلك: فقد استأذن بعضهم في التخلف مخافة الفتنة ببنات الروم وفيهم نزل قوله تعالى: ﴿وَلَا تَفْتِنِّي أَلَا فِي الْفِتْنَةِ سَقَطُوا وَإِنَّ جَهَنَّمَ لَمُحِيطَةٌ بِالْكَافِرِينَ﴾ (التوبة: 49) وقد عاتب الله سبحانه رسوله على إذنه لهم ﴿عَفَا اللَّهُ عَنْكَ لِمَ أَذِنْتَ لَهُمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكَ الَّذِينَ صَدَقُوا وَتَعْلَمَ الْكَاذِبِينَ﴾ (التوبة: 43).
2- تثبيط الهمم: فإنهم كعادتهم لم يكتفوا بالتخلف والقعود، بل راحوا يثبطون همم العامة بوسائل متعددة: الاستهزاء والتهكم والسخرية والتخويف ﴿وَقَالُوا لَا تَنْفِرُوا فِي الْحَرِّ﴾ (التوبة: 81) وكان بعضهم يقول لبعض: أتحسبون أن جلاد بني الأصفر كقتال العرب بعضهم بعضًا والله لكأنا بكم غدًا مقرنين في الحبال. وكانوا يستهزئون بالمسلمين ويسخرون منهم حتى قالوا: ما رأينا مثل قرائنا هؤلاء أرغب بطونًا ولا أكذب ألسنًا ولا أجبن عند اللقاء ... وكان جماعة منهم يجتمعون في بيت سويلم ... يثبطون الناس عن رسول الله فبعث إليهم صلى الله عليه وسلم طلحة بن عبيد الله في نفر من أصحابه وأمره أن يحرق عليهم بيت سويلم ففعل.
ثم سار المسلمون بعد أن فشل المنافقون في دعاياتهم وأراجيفهم.
هذه الحقيقة تعطينا صورة واضحة لجامعة التآمر في الظلام التي تجمع بين المنافقين ومن بقي من اليهود في المدينة وتؤكد الارتباط الوثيق بين الفئتين.
3- وعندما يئس البائس عبد الله بن أبي بعد فشل دعايته جمع الناس حتى احتشد نفر منهم تحت لوائه وظن أنه يستطيع خداعهم.
وكان غرضه من ذلك أن يجمع قومه ومن في قلوبهم مرض والمتشككين ويرجع بهم إلى المدينة وفعلًا خطب فيهم ثم رجع بهم إيماناً أنه قد يؤثر عمله ذاك في بلبلة الصف المسلم ولم يدر أن خروج المنافقين مع المسلمين لا يزيدهم إلا ضعفًا وصدق الله ﴿لَوْ خَرَجُوا فِيكُمْ مَا زَادُوكُمْ إِلَّا خَبَالًا وَلَأَوْضَعُوا خِلَالَكُمْ يَبْغُونَكُمُ الْفِتْنَة﴾ (التوبة: 47).
4- الإرجاف في المدينة واستغلال الفرصة لبث الفتنة: فقد خلت المدينة من الرسول صلى الله عليه وسلم وذهب معه المسلمون الأشداء فخلا بذلك الجو لهم فعملوا على ملء المدينة بالأراجيف والدعايات الكاذبة حتى أصبحت المدينة تئن من أذاهم وسفهم ومن ذلك: إن الرسول صلى الله عليه وسلم كان قد خلف علي بن أبي طالب على أهله وأمره بالإقامة فيهم فما كان من المنافقين إلا أن أرجفوا بعلي وقالوا ما خلفه إلا استثقالًا له وتخففًا منه فلما سمع رضي الله عنه ذلك أخذ سلاحه ثم خرج حتى أتى الرسول وهو نازل بالجرف وقال يا نبي الله زعم المنافقون أنك إنما خلفتني لأنك استثقلتني وتخففت مني. فقال: كذبوا، ولكن خلفتك لما تركت ورائي فارجع واخلفني في أهلي وأهلك أفلا ترضى يا علي أن تكون مني بمنزلة هارون من موسى إلا أنه لا نبي بعدي فقال علي رضيت ثم رضيت ثم رضيت ورجع إلى المدينة. وقبل مقدم الجيش إلى المدينة بعد المعركة أطلق المنافقون إشاعة بأن محمدًا صلى الله عليه وسلم وأصحابه قد جهدوا في سفرهم وهلكوا ...
5- التآمر لاغتيال الرسول صلى الله عليه وسلم: فقد اتفق جماعة من المنافقين على الغدر برسول الله صلى الله عليه وسلم وطرحه من العقبة التي بين تبوك والمدينة وذلك عند رجوعه من الغزوة وأعلم رسول الله صلى الله عليه وسلم بما تآمروا عليه فأمر الناس بالمسير من الوادي وصعد هو العقبة وسلكها مع أولئك النفر وقد تلثموا وأمر صلى الله عليه وسلم عمار بن ياسر وحذيفة بن اليمان أن يمشيا معه فبينما هم يسيرون إذ سمعوا بالقوم قد غشوهم فغضب رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبصر حذيفة غضبه فرجع إليهم ومعه محجن فاستقبل وجوه رواحلهم بمحجنه فلما رأوا حذيفة ظنوا أن قد ظهر على ما أضمروه فأسرعوا حتى خالطوا الناس وأقبل حذيفة حتى أدرك رسول الله فأمرهما (حذيفة وعمار) فأسرعا حتى قطعوا العقبة ووقفوا ينتظرون الناس ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لحذيفة «هل عرفت هؤلاء القوم؟».
قال: ما عرفت إلا رواحلهم في ظلمة الليل حين غشيتهم ثم قال: علمتما ما كان من شأن هؤلاء الركب.
قالا: لا فأخبرهما بما كانوا تمالأوا عليه وسماهم لهما واستكتمهما ذلك فقالا: يا رسول الله أفلا تأمرنا بقتلهم فقال أكره أن يتحدث الناس أن محمدًا يقتل أصحابه. قال ابن كثير في البداية والنهاية: وقد ذكر ابن إسحاق هذه القصة إلا أنه ذكر أن النبي صلى الله عليه وسلم إنما أعلم بأسمائهم حذيفة بن اليمان وحده. وهذا هو الأشبه والله أعلم.
6- الاعتذار: ولما قدم صلى الله عليه وسلم إلى المدينة بعد الغزوة أقبل عليه المخلفون يعتذرون وكان منهم ﴿وَآَخَرُونَ اعْتَرَفُوا بِذُنُوبِهِمْ خَلَطُوا عَمَلًا صَالِحًا وَآَخَرَ سَيِّئًا عَسَى اللَّهُ أَنْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ﴾ (التوبة: 102) أما المنافقون فقد جاءوا يعتذرون بالحمى والأسقام وغير ذلك من الأعذار وجعلوا يحلفون للنبي صلى الله عليه وسلم وكان النبي قد أمر أصحابه بألا يكلموا أحدًا ممن تخلف فلما حلفوا له وسمع أعذارهم فكأنه رحمهم فاستغفر لهم ووكل سراءهم إلى الله ويظهر أن طائفة منهم أرادت أن تظهر توبتها وإنها مستعدة للخروج فقال الله تعالى لرسوله ﴿فَإِنْ رَجَعَكَ اللَّهُ إِلَى طَائِفَةٍ مِنْهُمْ فَاسْتَأْذَنُوكَ لِلْخُرُوجِ فَقُلْ لَنْ تَخْرُجُوا مَعِيَ أَبَدًا وَلَنْ تُقَاتِلُوا مَعِيَ عَدُوًّا إِنَّكُمْ رَضِيتُمْ بِالْقُعُودِ أَوَّلَ مَرَّةٍ فَاقْعُدُوا مَعَ الْخَالِفِينَ﴾ (التوبة: 83).
7- مسجد الضرار: كان أبو عامر الراهب (أحد زعماء المنافقين) إلى ملك الروم يستنصره على الرسول صلى الله عليه وسلم فوعده ومناه فكتب إلى قومه بذلك وأمرهم أن يتخذوا له معقلًا منعزلًا ليستقبلوا فيه رسله وكتبه وليكون مرصدًا له إذا أقدم عليهم بعد ذلك فبنوا لهذا الغرض مسجدًا بجوار مسجد قباء وصاروا يعقدون فيه اجتماعاتهم وقد دفعهم حرصهم على التستر والتمويه والخداع أن أرسلوا خمسة منهم إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يتجهز إلى تبوك فقالوا: يا رسول الله إنا قد بنينا مسجدًا لذي العلة والحاجة والليلة المطيرة والشاتية وإنا نحب أن تأتينا فتصلي لنا فيه وتدعو لنا بالبركة. ولكن الرسول اعتذر إليهم بسبب خروجه إلى تبوك ووعدهم بالصلاة فيه حين رجوعه وعندما رجع صلى الله عليه وسلم أتاه فريق المنافقين بدعوته إلى الصلاة في مسجدهم فيجهز رسول الله لذلك فنزل قوله تعالى ﴿وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا مَسْجِدًا ضِرَارًا وَكُفْرًا وَتَفْرِيقًا بَيْنَ الْمُؤْمِنِينَ وَإِرْصَادًا لِمَنْ حَارَبَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ مِنْ قَبْلُ وَلَيَحْلِفُنَّ إِنْ أَرَدْنَا إِلَّا الْحُسْنَى وَاللَّهُ يَشْهَدُ إِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ (107) لَا تَقُمْ فِيهِ أَبَدًا لَمَسْجِدٌ أُسِّسَ عَلَى التَّقْوَى مِنْ أَوَّلِ يَوْمٍ أَحَقُّ أَنْ تَقُومَ فِيهِ فِيهِ رِجَالٌ يُحِبُّونَ أَنْ يَتَطَهَّرُوا وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُطَّهِّرِينَ (108) أَفَمَنْ أَسَّسَ بُنْيَانَهُ عَلَى تَقْوَى مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانٍ خَيْرٌ أَمْ مَنْ أَسَّسَ بُنْيَانَهُ عَلَى شَفَا جُرُفٍ هَارٍ فَانْهَارَ بِهِ فِي نَارِ جَهَنَّمَ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ (109) لَا يَزَالُ بُنْيَانُهُمُ الَّذِي بَنَوْا رِيبَةً فِي قُلُوبِهِمْ إِلَّا أَنْ تَقَطَّعَ قُلُوبُهُمْ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ﴾ (التوبة: 107-110) عند ذلك دعا صلى الله عليه وسلم نفرًا من أصحابه وقال لهم انطلقوا إلى هذا المسجد الظالم أهله فاهدموه وحرقوه فذهب النفر فحرقوا المسجد وهدموه حتى وصل الهدم إلى الأرض ...
وبعد هذه الحادثة بقليل هلك رأس المنافقين عبد الله بن أبي بن سلول وكان موته إيذانًا باندحار عصبة المنافقين وانكسار شوكتهم بعد أن تبددت آمالهم وانكشفت ألاعيبهم، وفضحهم الله سبحانه في تنزيله الكريم.
عبد القادر طاش التركستاني
الرياض
موضوعات متعلقة
مشاهدة الكل