العنوان أمتنا.. في مواجهة مستقبل ملئ بالأخطار والتحديات
الكاتب مجلة المجتمع
تاريخ النشر السبت 03-مايو-2003
مشاهدات 10
نشر في العدد 1549
نشر في الصفحة 9
السبت 03-مايو-2003
الأحداث الجسام التي تمر بها المنطقة والتحديات الكبرى التي تواجهها تفرض على الأمة حكامًا وشعوبًا أن يتدبروا أمرهم ويعيدوا قراءة واقعهم بتأن وحكمة لاستشراف المستقبل والاستعداد لمواجهة ما يلوح في الأفق من أخطار وما ترتب من مخططات تستهدف الأمة في عقيدتها وهويتها وأرضها وأبنائها وثرواتها، ولو أن هذه المخططات والتحديات واجهت الأمة وهي في كامل عافيتها لأشفقنا عليها من التبعات الثقيلة فكيف والأمة اليوم تئن من أمراض وعلل فتكت بجانب مهم من قواها الحية؟!
ولم يعد هناك مجال لكل ذي عينين للشك في أن المنطقة مقبلة على تغييرات محورية وجذرية وإذا لم يكن للأمة بكل قواها حضور حيال هذه التغييرات فسوف يكون للفعل الخارجي الاستعماري النصيب الأكبر، وسيفلت الزمام من أيدينا وستتم إعادة تشكيل المنطقة وترتيبها بأيد أجنبية ووفق المصالح الاستعمارية.
ومن هنا فلا نبالغ إذا قلنا إن الخطر جسيم، ويستدعي انتفاضة ونهضة لبلورة مشروع متكامل يشارك فيه كل أبناء الأمة ويكون على مستوى التحديات والأخطار، بل وعلى قدر الحملة الاستعمارية الدائرة على الأمة... ولكن قبل ذلك يجدر بنا أولًا التذكير والتنبيه على أن ظاهرة الزعامات الثورية والقومية والبعثية التي برزت في نصف القرن الأخير قد أورثت الأمة حالة الضعف والتفكك والهزيمة التي مازلنا نتجرع مرارتها حتى اليوم.
وقد ظلت هذه النظريات والزعامات تخدع الأمة طوال أكثر من خمسين عامًا بشعارات كاذبة براقة مدغدغة لمشاعر الجماهير التواقة إلى التحرر من الاستعمار، ثم تجلت الحقيقة مع الهزائم المتلاحقة والفشل الذريع في الإصلاحات الاقتصادية والاجتماعية والسياسية، وهوت تلك الزعامات الكارتونية. وما روجت له من شعارات وخطط، وبرامج، ومعارك، وهمية في أسفل السافلين، بل إن الوقائع الثابتة والواقع المرير أثبت أن تلك الزعامات بنظرياتها وأيديولوجياتها لم تكن إلا حلقة من حلقات قهر الشعوب التي ألقى بها الاستعمار حول أعناقها لطيها تحت سيطرته بعد أن كادت تخرج من نيره وتنال حريتها، كما أثبتت الوقائع والوثائق التاريخية التي أفرج عنها مؤخرًا أن تلك الزعامات بنظرياتها وأيديولوجياتها لم تكن إلا خادمة للمشروع الصهيوني السرطاني في المنطقة مقابل تحقيق نزواتها.
ومن هنا، فإن الأمة يجب أن تعي جيدًا دروس التاريخ وتجاربه حتى لا تقع في فخاخ زعامات جديدة يمكن أن تخرج علينا بشعارات زائفة لكنها تخلب العقول والألباب بفعل ماكينة الإعلام والدعاية التي تروج لها، وبنظريات وأيديولوجيات توهم بالحرية وتمني بالنهضة.
وحتى نكون اليوم على مستوى التحدي الحضاري والأخطار المحدقة، فإنه ينبغي أن تتضافر الجهود وتتحد صفوف كل الوطنيين المخلصين في ضوء المبادئ التالية:
أولًا: إن الإسلام - الدين العالمي دين الحضارة والعقيدة والشريعة. هو الكفيل وحده ليكون أساس أي مشروع يحفظ للأمة كيانها ويحقق لها استقلالها الكامل ويصون مقدراتها وثرواتها ويجعلها عزيزة بين الأمم. وليس جديدًا أن نؤكد في هذا الصدد أن الإسلام أقام نظامه الشامل، وأسس منهجه لا على قوة الآلة العسكرية وبطشها وإنما على قوة الحق والعدل، ومن هنا فقد تمكن هذا الدين من مواجهة النظم والإمبراطوريات التي عرفها العالم عبر التاريخ وقهرها، بل وأدخلها في حوزته. كما أنه ليس جديدًا. أن الإسلام يحمل بمبادئه وقيمه العلاج الناجع والدواء الشافي لكل ما تعانيه الأمة من أمراض اجتماعية وأخلاقية وسياسية والتي كانت من الأسباب الرئيسة في هزيمتها أمام عدوها وانهزامها في التعامل مع الحياة. ومن هنا فإننا نعيد التأكيد على أن الأمة إذا أرادت أن تواجه ما يحاك لها من مستقبل مظلم فإن عليها أن تقف على أرض الإسلام الصلبة القوية المنيعة، فهو الكفيل بإبرائها من أمراضها الذي أنهكتها، والكفيل بإعادة صياغة قوتها لترد القوى الاستعمارية بفضل الله سبحانه وتعالى. ولا شك في أن أولى خطوات العودة للإسلام تكمن في تطبيق الشريعة الإسلامية والعمل الجدي على إقامة المجتمع الإسلامي المتكامل، مرضاة لله سبحانه وتعالى، ثم تجنبًا لمصائر السوء التي أصابت المجتمعات الأخرى.
ثانيًا: الكف عن سياسة الإقصاء والتهميش للقوى والتيارات الوطنية المخلصة وفي مقدمتها التيار الإسلامي صاحب التاريخ الوطني الناصع في الحفاظ على هوية الأمة وعقيدتها ومقدراتها، فلا يجادل عاقل في أن التيار الإسلامي كان صاحب الموقف التاريخي حين أدرك منذ البداية حقيقة الأيديولوجيات القومية والبعثية والاشتراكية، بينما انخدع بها السذج، ولم يجار الزعامات الثورية أو يسلم لها بشعاراتها وبرامجها الخادعة البراقة ولذلك فقد دفع هذا التيار. وما زال. ثمن هذا الوعي والإدراك من حريته ودماء أبنائه، والسعي الحثيث لإزاحته من الساحة، ولكن قدر الله سبحانه أن ازداد هذا التيار قوة وانتشارًا، صانعًا صحوة إسلامية راشدة أخذت منذ عقود تقود الأمة إلى بر الأمان.
ولذلك فإن تهميش هذا التيار واستمرار ملاحقته واضطهاده، يمثل جريمة كبرى في حق الأوطان، ويمثل أكبر خدمة للاستعمار العالمي، فالتيار الإسلامي قوة كبرى يمكن أن تستند إليها الأمة، وهو يمثل حائطًا منيعًا ضد حملات الغزو الفكري التي تسبق الغزوات العسكرية.
فهل يفيق أولئك الذين يواصلون شن حملات الاضطهاد والكبت والعسف ضد هذا التيار من غفوتهم وينتصرون على أنفسهم، ويعترفون بالحقائق التي ينطق بها الواقع شاهدة بالحق لهذا التيار الوطني المخلص
ثالثًا: لابد من أن يسعى المخلصون من أبناء الأمة حكامًا وشعوبًا لصياغة عقد اجتماعي جديد يحقق العدالة الاجتماعية والتكافل بين أبناء الأمة ويذيب كل الفوارق المصنوعة التي ترفع أناسًا وتخفض آخرين، فيكون الجميع في الحقوق والواجبات أمام العدالة سواء... فلا كبت ولا اضطهاد ولا انتهاك لحقوق الإنسان ولا تفرقة أو تمييز بين العباد، وإنما عدل وعدالة، فالله سبحانه كما يقول الإمام ابن تيمية ينصر الدولة العادلة ولو كانت كافرة ولا ينصر الدولة الظالمة وإن كانت مؤمنة.
وفي كل الأحوال، فإننا نؤكد أن الشعوب المسلمة والحكام المخلصين لن يقبلوا يومًا بانتزاع الأمة من دينها وعقيدتها وسيكونون - إن شاء الله - صفًا واحدًا ضد كل ما يبيت للأمة من مخططات عدوانية استعمارية، وسيكون النصر حليفهم بإذن الله تعالى، ويومئذ يفرح المؤمنون بنصر الله.
موضوعات متعلقة
مشاهدة الكل
عقب التصديق عليه.. خبراء ينتقدون قانون الجمعيات الأهلية بمصر ويعتبرونه عقاباً للفقراء
نشر في العدد 2109
27
السبت 01-يوليو-2017