; رؤى ثقافية: الثقافة والسلطان | مجلة المجتمع

العنوان رؤى ثقافية: الثقافة والسلطان

الكاتب جمال الدين شبيب

تاريخ النشر الثلاثاء 08-ديسمبر-1992

مشاهدات 10

نشر في العدد 1028

نشر في الصفحة 52

الثلاثاء 08-ديسمبر-1992

موضوع طرقه باحثون ليسوا بقليل.. ولكن الزوايا إخالها لا يزال فيها متسع لرؤية مختلفة.. تضيف جديدًا أو تبعث قديمًا .. تجمع شتاتًا أو توسع مجملًا.

 ذلك أن مفهوم «السلطان» هو بحد ذاته ثقافة لها خصائصها وسماتها والثقافة كذلك فيها نوع سلطان يسحر الألباب ويبهر العقول ويشبع نهم الناس من المجهول والمطلق واللامحدود أو من السفاسف والصغائر وترهات الأمور. بعض الناس رأى في القلم سلاحًا أخطر من ألف ألف قنبلة .. فحاول اغتيال القلم... عندما اتخذه البعض الآخر سلاحًا يشهره في وجه ضده ونقيضه، ولكن القلم لم يكن يومًا بآلة حربية عند جميع العقلاء.. من فلاسفة ومدنيين على الأقل.

 فالأفكار .. ميدانها وساحتها واسعة جدًا وعمرها أطول مما يتخيله البعض عندما يفكر بحبسها أو تحديد إقامتها، أو إعدامها، إن استطاع .. لأنها العلامة الوحيدة على بقاء نوع حياة عند الرجل المريض على مذهب من قال أنا افكر إذن أنا موجود والأفكار لا تقال كالرصاص بل تحيي وتبعث وتستمر عندما ينتهي الآخرون.

طلقة الرصاص تهمة ما لم تكن شرعية ورسمية كذلك الفكرة عند بعض السلاطين. لذلك نراهم يفتتحون في كل يوم مدرسة لتصدير هذه الفكرة، أو "تطويبها" أو تثويبها على قلة طرق.

لكن الطلقة هي الطلقة، جامدة باردة فاتكة ببرود ولكن بغير هدوء.

 قصتنا نحن أهل الثقافة حافلة بالطلقات وأكوام القمامة البشرية مثل أكداس الورق الشفاف تترنح متثاقلة عندما ينخرها الرصاص كما ينخر الفكر صفحة الورق والمشكلة إن كان هناك من مشكلة هي: كيف للسلطان والثقافة أن يجتمعا.. بعضهم يقول إذا اجتمعا افترقا وإذا افترقا اجتمعا ولكنني أقول ما زال في العمر بقية.. وسأشهد يومًا سلطانًا للثقافة كما شهدنا ثقافة للسلاطين.

لكنني بدوري أشهد القلم أني لن أكون يومًا مثقفًا لسلطان، بل سأجتهد دومًا أن أدرب نفسي لأكون سلطانًا للمثقفين بالرأي وغلبته لا بالتغلب والرأي.

والأمر برسم أهل الثقافة... وجمهور المثقفين.

الرابط المختصر :